WED 27 - 11 - 2024
 
Date: Apr 13, 2018
Source: جريدة الحياة
أميركا في سورية: تغيير في الاستراتيجيا؟ - وليد شقير
كان من الطبيعي أن تتمهل واشنطن في الرد العسكري على استخدام نظام بشار الأسد السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية السبت الماضي، لأن عليها أن تحسب جيداً ما بعد أي ضربة في حال تنفيذها، والأسباب لا تحصى.

إدارة دونالد ترامب تأتي إلى العمل العسكري من مكان بعيد، أبرز تعبيراته أن الرئيس المتقلب كان رغب بسحب الألفي جندي من قوات النخبة المتواجدين في شمال شرقي سورية، بحجة انتهاء مهمة القضاء على «داعش»، في ما بدا تناقضاً كاملاً بين هذا التوجه وبين إعطائه الأولوية لإخراج إيران و «حزب الله» من سورية في إطار سياسته الحد من زعزعة طهران الاستقرار الإقليمي، فضلاً عن التناقض بين الانسحاب وبين منطق جنرالات البنتاغون الذين يشددون على أن المهمة لم تنته لأنه وجب العمل على «استقرار المناطق التي اندحر منها «داعش» وتعزيز المكاسب الأميركية»، كما قال قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل.

مع ازدحام السفن والغواصات والبوارج الحربية الأميركية (9) والبريطانية (1) والفرنسية (1) والروسية (6)، فضلاً عن الوجود الإسرائيلي، في البحر الأبيض المتوسط في الأيام الماضية، تفرض أي ضربة عسكرية تحديد استراتيجية جديدة غير تلك التي وصفت بـ «اللاخطة هي الخطة». وسواء كان العمل العسكري الذي يمكن أن تقدم عليه واشنطن أكبر من ضربة وأقل من حرب، قد يستمر لأيام عدة، أم يهدف إلى شل قدرات جيش النظام على القصف الجوي كما تسرب من السيناريوات، أم يأخذ بطريقه بعض مواقع النفوذ الإيراني، فإن الاحتياط لما سيكون عليه الرد الروسي سواء كان مباشراً أم بالواسطة عبر الوجود الإيراني، يوجب تصور اليوم التالي، واحتمال توسع مسرح العمليات بحيث يشمل لبنان بين طهران وتل أبيب، كما يرغب في ذلك حكام دمشق.

تأتي واشنطن من مكان بعيد نحو العمل العسكري رداً على استخدام الكيماوي في الغوطة، لأنها تساهلت في السنوات السابقة مع هذا الاستخدام لمرات لا تحصى وثقتها غير جهة محايدة أو سورية في أنحاء مختلفة من بلاد الشام، مع علمها المسبق بأن ما تتهم به موسكو لجهة أنها لم تقم بما عليها للتخلص من الأسلحة الكيماوية السورية، كان معلوماً لديها منذ زمن. الجانب الأميركي، ومعه الغرب، تحول أضحوكة عند الناشطين السوريين، تارة لأنه كان يرى أن استخدام «الكلورين» لا يخرق الخط الأحمر كما «السارين»، وأخرى لأن موت 10 أو أكثر بقليل من المدنيين، بهذا السلاح، لا يتطلب رداً مثلما يفرضه موت العشرات! غياب المعايير أطلق العنان للإجرام الأسدي بلا رادع وسوّغ استمرار الخرق الفاضح للقانون الدولي وتغطية موسكو له.

فتح التساهل الغربي في سورية الباب لاستهزاء موسكو بالشراكة الدولية في سورية وغيرها من الأزمات، مقابل المراهنة الأميركية على فعالية العقوبات الموجعة ضدها، بينما هي مراهنة قد تصلح على المدى الطويل. أظهرت مناقشات مجلس الأمن حول مشروعي القرارين اللذين عرضا عليه مدى الاستهزاء القيصري بالغرب الذي اكتشف فجأة أن الغاز المحرم بات سلاحا روسياً (كما هي الحال في شأن تسميم الجاسوس سكريبال وفي حالات أخرى) لا سورياً فقط. إزاء افتقاد وحدة المعايير الغربية، لم يأبه المندوب الروسي السفير فاسيلي نيبينزيا، بتناقض أقواله: تارة يقول إن لا أثر لاستخدام المواد السامة في الغوطة، وأخرى يتهم مسلحي المعارضة و «الخوذ البيضاء» باستعماله بعد أن دربهم الأميركيون. وليس مجافياً للحقيقة القول إن موسكو اقتبست الخبث الأميركي في التعاطي مع الإجرام الإسرائيلي حيال الفلسطينيين، بالتصرف بمثله حيال إجرام النظام ضد شعبه في سورية. والمثل ينطبق أيضاً على ضرب موسكو رقماً قياسياً بالنسبة إلى استعمالها الفيتو في مجلس الأمن إزاء المشاريع المتعلقة بسورية، وتجاهلها سائر قرارات الحل السياسي فيها...

تكثيف الاتصالات بين العسكريين الروس والأميركيين يندرج أيضاً في إطار تعداد عوامل تأخير الضربة الأميركية. فأي منهما لا يريد المواجهة المباشرة، ويحتاج إلى «تنظيم» الرد الأميركي من جهة، وإلى إبلاغ الحلفاء بالحدود التي يمكن أن يذهب إليها العمل العسكري، إذا كان مطلوباً ضبط العنتريات الإيرانية وتهديدات بنيامين ناتنياهو، فضلاً عن أن التنسيق بين الحلفاء الغربيين يحتاج إلى بعض الوقت.

العنتريات الروسية، وتبجح ترامب عبر «تويتر» قد يخفيان تفاوضاً يجرى على طبيعة الضربة، أو على تنازل ما من موسكو بعد أن استفحل انفرادها بالمسرح السوري على رغم ضعف هذا الاحتمال. وقد يكون اختبار «ذكاء» الأسلحة الروسية قياساً إلى الأميركية، أو العكس، إحدى النتائج.

The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
Syrian army says Israel attacks areas around southern Damascus
Biden says US airstrikes in Syria told Iran: 'Be careful'
Israel and Syria swap prisoners in Russia-mediated deal
Israeli strikes in Syria kill 8 pro-Iran fighters
US to provide additional $720 million for Syria crisis response
Related Articles
Assad losing battle for food security
Seeking justice for Assad’s victims
Betrayal of Kurds sickens U.S. soldiers
Trump on Syria: Knowledge-free foreign policy
Betrayal of Kurds sickens U.S. soldiers
Copyright 2024 . All rights reserved