THU 17 - 10 - 2024
 
Date: Apr 27, 2011
Source: جريدة النهار اللبنانية
 
النساء العربيات في الصفوف الأمامية للثورات: معركة ضد الأنظمة السياسية والاجتماعية

سوسن أبو ظهر 

 

الثورات التي تعصف ببلدان عربية عدة تحمل بذور التمرد، ليس على الحكام فحسب، بل على الأنظمة الاجتماعية. إذ تعالت هتافات النساء في البحرين واليمن، وتعرضن لقنابل الغاز المسيل للدموع في مصر. اعتُقلن، قُتلن أو اغتُصبن. ويكاد يكون لكل ثورة عربية وجه نسائي.


في تونس كانت منوبية البوعزيزي، والدة محمد، أيقونة لشعب مقهور، وشقيقته ليلى رمزاً لوعي سياسي ثائر.
وفي مصر اعتُبرت أسماء محفوظ (26 سنة) "زعيمة" للثورة. إنها شابة محجبة مارست السياسة في العالم الافتراضي بانضمامها إلى مجموعة "6 أبريل" في موقع "فايسبوك". وعشية تظاهرات "25 يناير"، وضعت على "اليوتيوب" شريط فيديو. قالت :"سننزل للمطالبة بحقنا كبشر، هذه الحكومة كلها فاسدة، الرئيس فاسد، أمن الدولة فاسد. أنا سأنزل إلى ميدان التحرير... وكل من يقول إنه رجل، فلينزل".


وأقر ناشطون كثر بأن صرختها دفعتهم إلى التظاهر، إذ كيف يمكن الشبان التلكؤ ومحجبة تحضهم على التحرك، ولا تخشى قمع الشرطة أو شبح التحرش الذي تتعرض له 83 في المئة من الفتيات، استنادا الى المركز المصري لحقوق النساء.
خُمس المتظاهرين في ميدان التحرير كان من نساء، في مشهد رأت مجلة "الاكسبرس" الفرنسية أنه استعادة لعام 1919، تاريخ الثورة المصرية الأولى ونزول النساء إلى الشارع تتقدمهن صفية، زوجة الزعيم الراحل سعد زغلول، وهدى هانم شعراوي التي نزعت غطاء الرأس.


وصارت للثورة المصرية رموز نسائية أخرى، شهيداتُها. أشهرهن سالي زهران التي ضربها أحد "البلطجية" على رأسها، فأصيبت بنزف داخلي وفارقت الحياة في 28 كانون الثاني. تحولت اسماً لشارع في رام الله ومشروعاً لفيلم سينمائي. وهناك أخريات، بينهن ليزا محمد حسن، التي دهستها سيارة للشرطة. أميرة محمد حسن، التي قتلها ضابط شرطة. وفتاة قبطية تدعى كريستين.


أما في البحرين، فقد تدفقت النساء إلى دوار اللؤلؤة، بالعباءات والجينز. وبعضهن نمن في العراء غير عابئات بالمحظورات الاجتماعية. وإذا كانت ثمة تقارير غير مؤكدة عن وفاة اثنتين برصاص رجال الأمن، فإن الاعتقالات طالت 30 امرأة على الأقل، وثمة روايات عن تعذيبهن واغتصابهن. وهن في معظمهن طبيبات وممرضات أو مدرسات، وبينهن سُنيات تولين علاج محتجين جرحى. ومنهن الشاعرة آيات حسن يوسف القرمزي (20 سنة) وجريمتها قصيدة تشيد بالثوار. وهوجم منزلا السياسية المعارضة منيرة فخرو والصحافية لميس ضيف بزجاجات حارقة.


والناشطة سهير الأتاسي والمدونة طل الملوحي باتتا رمزاً إعلامياً غربياً للثورة السورية. كما وجهت شابة تدعى إيمان رسالة انتقاد لاذع إلى الرئيس السوري بشار الأسد عبر "اليوتيوب"، وخرجت تظاهرات نسائية في البيضا وبانياس.


الاغتصاب والاختلاط
وفي ليبيا ناطقة باسم الثوار هي هناء الجلال (40 سنة)، وهي مطلقة وأم لولدين. قالت لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" إن "المجلس الوطني الانتقالي" يضم ثلاث نساء، اثنتان بلا حجاب.
ولئن كانت المحاميات في بنغازي في طليعة المتظاهرين ضد نظام العقيد معمر القذافي، فقد تعرضت النساء لعنف منظم، الاغتصاب بسلاح عقار "الفياغرا" على أيدي كتائب القذافي والمرتزقة. ورصدت "الصنداي تايمس" حالات عدة في مصراتة، واختبأت الضحايا خلف كنية مستعارة. وحدها إيمان العبيدي كسرت جدار الصمت لتجاهر أمام صحافيين غربيين بتعرضها لاغتصاب وحشي. تخطى والدها عاراً كان ليطارد الأسرة لو حصل الاغتصاب في ظروف مختلفة، معلناً اعتزازه بابنته التي تسابق الشبان في التقدم لخطبتها. صار جسدها الذي استبيح رمزاً لوطن مضطهد، مبدلاً مفهوم "الشرف".


وليست إيمان وحدها من تجاوزت سدود التقاليد.
فالناشطة اليمنية توكل كرمان التي دعت إلى التظاهر في صنعاء غداة سقوط الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، تخلت عن النقاب منذ سنوات واكتفت بغطاء للرأس. تجد تحقيقات عنها في "الغارديان" و"تايم" و"النيويوركر" و"الواشنطن بوست"، وصفحة في "فايسبوك" ترشحها للرئاسة. امرأة رئيسة لليمن؟ حيث سوق العمل لا تضم أكثر من37٫5 في المئة من النساء والفتيات يُزوجن في سن اللعب؟


تقول إن "المتطرفين يكرهونني. يرددون اسمي في المساجد ويوزعون مناشير تتهمني بمناهضة الإسلام. يعتقدون أنني أحاول أخذ النساء من منازلهن".
والواقع أن توكل تعتبر الثورة اجتماعية وليست فقط سياسية، وستكون لها انعكاسات على أوضاع النساء. وتكتب المدونة أفراح ناصر أن "الثورة مضاعفة، في منازلنا، كما في ساحة التغيير". ولكن ها هو الرئيس علي عبد الله صالح يندد بـ"الاختلاط" في الاحتجاجات، فتهب نساء يطالبن المدعي العام عبد الله العلقي بمقاضاته.


ما بعد الثورات
وصفت الكاتبة نوال السعداوي ميدان التحرير خلال الثورة بأنه المكان الوحيد الذي تساوت فيه النساء بالرجال. غير أن ذلك تبدد، فلا ائتلاف شباب الثورة ولا لجنة التعديلات الدستورية ضما سيدات. وتصدى رجال بعنف لمسيرة نسائية في يوم المرأة العالمي في الميدان. وبرزت مطالب لـ"الاخوان المسلمين" بفصل الجنسين في وسائل النقل العام، واختبار عذرية الفتيات المعتصمات، وإلغاء ما يسمى تهكماً "قوانين الهانم"، وهي التعديلات التي أدخلتها سوزان مبارك على تشريعات الأحوال الشخصية لإنصاف النساء وحظر الختان.
تقول المعلقة السودانية في "الغارديان" نسرين مالك إن حقوق النساء في المجتمعات العربية كالأمواج، مد وجزر، بحسب المزاج السياسي والديني والاقتصادي، ولا يُنظر إليها بعد على أنها حقوق سياسية أساسية. ومع تغذي الأصوليات الدينية من روح الثورات وتغلغلها فيها، نسأل كيف تنجح ثورة تواصل تهميش نصف أبنائها؟
 


The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Copyright 2024 . All rights reserved