TUE 26 - 11 - 2024
 
Date: Apr 10, 2018
Source: جريدة النهار اللبنانية
عُدْ إلى تكفيرنا - سالم مشكور
السياسة فن وحكمة وتدبير، والسياسي الناجح هو الذي يتقن فن التعامل مع الاضداد ليخرج منها ما ينفع بلده وشعبه. ليس في السياسة عداوات دائمة، فأسباب العداوة تتغير وقد تتحول الى أسباب صلح ووئام. المهم أن يركن الاضداد الى "لا جدوى" العداء، ويذعن الباكي على الماضي أن لا عودة اليه، وإن عاد فسينتج واقعاً كالحاضر ولو طال الزمن، فالركون للحاضر وتحسين ظروفه وشروطه أكثر نفعاً للبلاد والعباد. وأن يطمئن مظلوم الامس الى ان الماضي لن يعود وإن الشريك شريك وليس متوغلاً ليعرقل أو يهدم. أقول هذا وسط مؤشرات واضحة بان كثيراً من أهل الماضي، أو أبنائهم، مندفعون في السباق نحو البرلمان وربما الى مواقع وزارية أو أقل قليلاً. تخلّى هؤلاء عن خطاب طائفي يستبطن دوافع سياسية، اعتادوا استخدامه خلال السنوات الماضية، استبدلوه بخطاب "وطني" يحتاج الى تطمينات عملية بانه ليس "حصان طروادة" للانقضاض والتفرد تدريجياً، فقد ولّى ذلك العهد وتغيرت الظروف على الأرض ولا مجال للعودة الى الماضي. في المقابل على مهمّشي الامس ألا يلبسوا ثوب إقصائيي الأمس حيال من يحسن النية والعمل. والمعيار في التعامل هو خطوط الوطن الحمراء وهي: أمن الناس ومعيشتهم وكراماتهم وحقوقهم، ومن ينتهكها يستحق ما يقرره القانون مهما كانت هويته السياسية أو القومية أو الطائفية. جميعنا نحتاج الى الركون الى الوطن والتفاهم بين أبنائه فقط. ولان الداخل غير بعيد عن تأثير الخارج عليه، ولان العراق يعيش وسط منطقة ملتهبة، فإن التعاطي الذكي والبراغماتي في علاقاتنا الخارجية مطلوب بشدة. عقودنا الماضية من العلاقات مع الجيران ومن هم أبعد مثقلة بالكراهية والعداء. في السياسة لا عداء ثابتاً ولا صداقة ثابتة. المصالح هي الثابتة، وبقدر ما تجعل للآخرين مصالح لديك، ستضمن صداقتهم، أو على الأقل، عدم عداوتهم لك. نظام صدام حسين قاتل إيران ثماني سنوات، لكنه بادر الى التنازل والعودة الى علاقات ودية والاعتراف باتفاقية الجزائر التي شن حربه المجنونة إثر تمزيقه لها. الحكومة السورية كانت هدفاً لمحاولات حكومة أردوغان للإطاحة بها، لكنها تسكت عن تقدم القوات التركية ودخولها مدينة عفرين، لأن ذلك يحقق مصلحة مشتركة وهي كبح محاولات كردية ترى دمشق انها ضمن خطة أميركية لإقامة كيان كردي داخل سوريا. 

نحتاج الى موضوعية وواقعية في التفكير والتعامل. الذي كان يكفّرنا ويدعم قتلنا ضمن معادلة سياسية كانت قائمة عنده، لا يمكن رفض اقباله علينا وتأكيده بأن المعادلة تغيرت وان ما حدث في الماضي كان "طعماً بلعناه". رفضنا له كأننا نقول له: عُدْ الى قتلنا وتكفيرنا وتفجيرنا.

The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
'Not a good idea:' Experts concerned about pope trip to Iraq
In sign of frustration, US shortens sanctions waiver to Iraq
US plans further troop reductions in Iraq by November
Trump to meet Iraqi PM as ties rebound
US general sees Iraq troop drawdown as Daesh threat dims
Related Articles
The Iraqi people cry out for unity
The stalled effort to expel United States troops from Iraq
Could Turkey Moderate Iran's Influence Over Iraq?
Iraqi Kurdistan’s saga of executive offices in transition
A fractured Iraqi Cabinet: Abdel-Mahdi facing uphill battle
Copyright 2024 . All rights reserved