TUE 11 - 3 - 2025
Declarations
Date:
Mar 11, 2018
Source:
جريدة الحياة
إحياء «العداء لإسرائيل» - حازم صاغية
لا يسيء أحد إلى «العداء لإسرائيل» كما يسيء فرسانه. إنّهم يراكمون الإساءات فيحوّلونها نظاماً للإساءة لا يُطلّ إلاّ على المسخرة.
مثلاً: لا يجرؤ لبنانيّ واحد على القول: إسرائيل ليست عدوّاً. وهذا علماً بأنّ لبنانيّين كثيرين، بغضّ النظر عـن الرأي برأيهم، لا يرون أنّها عدوّ. مع ذلك، وخوفاً من تخوين فرسان العداء لهم، ترتفع نسبة ممارسيه لتزيد عن 99 في المئة.
بماذا يذكّرنا هذا الرقم الجليل؟ إنّه يذكّر بالنسبة التي كانت «تقترع» لجمال عبد الـــناصر أو حـــافظ الأسد أو صدّام حسين كي يُنصَّبوا رؤساء مدى الحياة.
وحين «يتّفق» الجميع، أي النسبة التي تقارب الـ100 في المئة، على موقف ما، وعلى إسباغ القداسة عليه، فهذا يعني أنّ ذلك الموقف فاسد. أنّه كاذب. وكم يبدو هذا الكذب صارخاً حين نسمعه على لسان سياسيّ أو مثقّف لبنانيّ يردّد تلك العبارة المبتذلة: «لا يزايد علينا أحد في موضوع إسرائيل».
النسبة التي تزيد عن 99 في المئة هي إعلان صريح بأنّ هذا الموقف يقع خارج السياسة.أنّه يقع في مكان ما بين القمع والسحر.
هذه دائماً حال العواطف المفروضة والإجماعات المعلنة: الأفكار، والحال هذه، تتحوّل إلى حديد، والقناعات تتحوّل إلى خشب، فيما الحديد يخترقه الصدأ والخشب منخور.
والأمر دائماً كان هكذا وهكذا يبقى: فبين أكثر الأسباب التي قوّت الرأسماليّة أنّ الأنظمة الشيوعيّة حرّمت كلّ كلام إيجابيّ عنها. ولم يسىء إلى نقد الشيوعيّة كما أساءت المكارثيّة في مناهضتها المَرَضيّة لها. وعندنا، ما أن تُشتمّ رائحة رأي مغاير، حتى تهبّ العبارات السقيمة عن «أنسنة العدوّ» وأنّ «الخيانة ليست وجهة نظر» مرفقةً بالوشاية والتحريض.
والحال أنّ الاختلاف ليس صعلكة تُخرِج صاحبها من القبيلة فيما العفن والتفسّخ يُنشبان مخالبهما في هذه القبيلة.هكذا تكون النتيجة فاسدة وفضائحيّة سلفاً، كتلفيق تهمة الخيانة والعمالة لزياد عيتاني، والتعامل مع هذه التهمة تالياً كأنّها من حواضر البيت.
إنّ إحياء «العداء لإسرائيل» شرطه ترشيق هذا المبدأ عبر إدخاله في السياسة، إذ تتناقش الناس فيه وتنقسم حوله. هذا يعني إخراجه، كمثل أيّ موضوع في الشأن العامّ، من العتم إلى الضوء ومن التحريم الخشبيّ إلى التداول الحرّ. لكنّ الشرط هذا مشروط بدوره: مشروط بفكّ الارتباط بين العداء لإسرائيل والأفكار والسياسات والحركات التوتاليتاريّة وشبه التوتاليتاريّة التي صدر عنها فرسان العداء.
فهل يتمكّن هؤلاء من إعادة اختراع العداء هذا عبر ربطه بالسياسة بدل المنع، وبالديموقراطيّة بدل الاستبداد؟ المعرفة بهم لا تشجّع كثيراً.
The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
Readers Comments (0)
Add your comment
Enter the security code below
*
Can't read this?
Try Another.
Related News
UN calls on Arab world for more solidarity against pandemic
Virus impact could kill over 50,000 children in MENA: UN agencies
Virus cases surpass 200,000 in Gulf states
Mideast economies take massive hit with oil price crash
Trump says US will destroy any Iranian gunboats harassing U.S. ships
Related Articles
From hope to agony, what's left of the Arab Spring?
Democracy in the digital era
Reopening the peace factory
Tackling the inequality pandemic: a new social contract
Global wake-up call
Copyright 2025 . All rights reserved