TUE 26 - 11 - 2024
Declarations
Date:
Feb 17, 2018
Source:
جريدة الحياة
الإقليميّ الذي يسابق الدوليّ ويسبقه - حازم صاغية
هناك في المنطقة مواجهتان عسكريّتان لم تتطوّرا إلى حربين، مع أنّهما تملكان الكثير من مواصفات الحروب وشروطها. واحدة في الأجواء السوريّة– الإسرائيليّة، بين إسرائيل وإيران، فوق رؤوس السوريّين واللبنانيّين، وبالاستفادة من الفراغ السوريّ وإمعاناً في تفريغه. والثانية في عفرين السوريّة والكرديّة، بين الأتراك الهاجمين والأكراد المدافعين، وأيضاً بالاستفادة من الفراغ السوريّ وإمعاناً في تفريغه.
ثمّة إجماع بأنّ روسيا لعبت الدور الأكبر في عدم تحوّل المواجهتين إلى حربين. هذا، بالطبع، لا ينمّ عن تعلّق بالسلام يستولي على فلاديمير بوتين، بقدر ما يشير إلى حرص لدى موسكو على إبقاء الأولويّة لخطّتها السوريّة، ومن ثمّ عدم السماح بالتشويش عليها أو سرقة الأضواء منها. فوق هذا، هناك الموقف الأميركيّ الذي يتداخل فيه الغموض والغرابة، جاعلاً المعنيّين جميعاً ينتظرونه، كلٌّ منهم يمنّي النفس بأن يتبلور لمصلحته.
هذا ما يتيح القول إنّ الوضع الإقليميّ أسرع من الوضع الدوليّ، وأشدّ قابليّة للاشتعال. لا الحسم الروسيّ يستطيع، إلى ما لا نهاية، إطفاءه، ولا التردّد والغرابة الأميركيّان. والآن، بدأت الأكلاف تظهر، أقلّه في حالة روسيا: إسقاط السوخوي في إدلب، ثمّ إقرار موسكو بمقتل خمسة روس «على ما يبدو حتّى الآن» وبجرح آخرين.
إنّ تركيّا لا ترى في شمال سوريّة إلاّ «حزب العمّال الكردستانيّ»، ولا ترى في أيّ انتصار يحقّقه الأكراد السوريّون إلاّ هزيمة لها حيال أكراد تركيّا. لهذا يُستبعَد أن تقف عند أطراف عفرين، أو أن لا تحاول التقدّم في وقت لاحق إلى منبج. إنّها يوميّاً تكبح هذه الإغراءات، مكتفيةً بـ «محاولات توغّل».
والأكراد، بدورهم، لا يستطيعون أن يطووا صفحة فتحوها حين أحسّوا أنّ فرصة تاريخيّة لاحت لهم ولحقّهم وحرّيتهم.
تركيّا استثمرت في احتضان «داعش»، والأكراد استثمروا في قتال «داعش». الطرفان اليوم يستكثران التفريط بما استثمروه.
وإيران بدورها استثمرت في الدم السوريّ، مباشرةً أو عبر ميليشياتها الشيعيّة اللبنانيّة والعراقيّة. وهي، فيما يتحوّل المشرق إلى أطلال وخرائب، طوّرت إستراتيجيّة يراد لها أن تربطها بلبنان، وربّما بغزّة (يلاحظ، بالمناسبة، أنّ «داعش» وإيران هما الطرفان الوحيدان اللذان تمثّل إزالة الحدود الوطنيّة جزءاً عضويّاً من سياستهما). وهذا ما لن يكون من السهل التراجع عنه. القادة الإيرانيّون، بين وقت وآخر، يذكّروننا بعواطفهم هذه.
وإسرائيل، من ناحيتها، تعتبر أنّ أيّ وجود عسكريّ إيرانيّ، أو تابع لإيران، في الجنوب السوريّ، جبهة أخرى تُفتح في وجهها وتهديد آخر لأمنها. هذا ما لن تتراجع فيه، على ما يردّد سياسيّوها وقادتها الأمنيّون بلغة من الوعيد ألفوها وتخصّصوا فيها. خسارة طائرة مقابل عشرات الضربات الجوّيّة الناجحة أمر مشجّع. إنّها تعلّمهم الحذر في توخّي أهدافهم التوسّعيّة لكنّها لا تردعهم عن المضيّ فيها.
وبين احتقان الدول والجماعات في المنطقة، وكلّها مأزومة على نحو أو آخر، ومطامع الدول الكبرى التي تتطلّب التهدئة طوراً والتصعيد طوراً، يُستبعَد أن تُحرم المواجهات «فرصة» التحوّل إلى حروب، ربّما كانت حروباً مفتوحة.
إنّ الأعقل والأشدّ حكمة بيننا هو من يستعدّ للأسوأ.
The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
Readers Comments (0)
Add your comment
Enter the security code below
*
Can't read this?
Try Another.
Related News
UN calls on Arab world for more solidarity against pandemic
Virus impact could kill over 50,000 children in MENA: UN agencies
Virus cases surpass 200,000 in Gulf states
Mideast economies take massive hit with oil price crash
Trump says US will destroy any Iranian gunboats harassing U.S. ships
Related Articles
Democracy in the digital era
From hope to agony, what's left of the Arab Spring?
Reopening the peace factory
Tackling the inequality pandemic: a new social contract
Global wake-up call
Copyright 2024 . All rights reserved