TUE 26 - 11 - 2024
 
Date: Feb 9, 2018
Source: جريدة الحياة

Folder: انتخابات
الأحلام الانتخابيّة للمجتمع المدني في لبنان - حسام عيتاني
تذهب التقديرات المتفائلة الى التنبؤ بفوز عشرة مرشحين عن لوائح المجتمع المدني في الانتخابات التشريعية اللبنانية في أيار (مايو) المقبل. يُرجع أصحاب التقديرات هذه تفاؤلهم الى احتواء القانون الانتخابي الجديد على المكون النسبي الذي يتيح للمستقلين وللمجموعات غير الحزبية الاستفادة من الهامش المتاح والانضمام الى الندوة البرلمانية اعتماداً على أصوات مواطنين بلغ استياؤهم من الوضع القائم مبلغه وباتوا على استعداد لتقبّل التغيير.

وفيما تركز برامج المجموعات المدنية على السمات «العصرية» و «الحديثة» و «البراغماتية» في تناولها رؤيتها للعمل العام، يحدد تحالف نشأ أخيراً ما يؤمن به بـ» دولة مدنية ديموقراطية عادلة وقادرة، وبالسيادة والاستقلال، وبسلطة الدستور وحكم القانون، بالإضافة الى التعددية والعدالة والحريات الفردية والعامة والتشاركية والشفافية والمساءلة والمحاسبة».

جيد. لكن كل كلمة من تلك الواردة أعلاه تحتاج الى شرح طويل للاتفاق على معانيها، وهذا ليس تفصيلاً عابراً في بلد أصيب بالشلل مرات عدة بسبب خلافات على كلمة واحدة في البيان الوزاري، على سبيل المثال. فماذا يعني «التغيير»؟ التغيير من أي حال نحو أي حال؟ ما هو تصور أصحاب البرامج هذه لدور النظام الطائفي الراسخ منذ قرن على الأقل في «الدولة المدنية» المرجوة؟ ما معنى الدولة «القادرة»؟ هل تتناقض «قدرة» الدولة مع الدستور وحكم القانون؟ وهل يتحمل حكم هذين الدستور والقانون وجود قوة مسلحة أهلية رديفة لقوة الدولة، ما يتعارض رأسياً مع أسس بناء الدولة الديموقراطية بوضعه إمكان اللجوء الى العنف والإكراه في يد فئة خارج أطر الدولة؟ وهل «التشاركية» ضمن الديموقراطية المطلوبة هي تَشَارُك الطوائف في السلطة على حساب الفرد؟.... ثمة شعور بأن هناك من فتح قاموس المنظمات غير الحكومية ونهل منه ثم رصف تلك المصطلحات قرب بعضها من دون أن يقدم تفسيراً وافياً لمعانيها أو أن يعود الى التجارب السياسية اللبنانية القديمة والحديثة والتي أوصل إخفاقها الى ما نشهد اليوم.

قبل ذلك، ما المقصود باستخدام كلمات «العصرية» و»الحداثة» من حزب يقدم نفسه كنقيض للعقائد التقليدية التي عفا عليها الزمن. ماذا يقصد هؤلاء الشباب بـ»البراغماتية»؟ هل هي مرادف للانتهازية التي تبرر التحالف مع أي جهة والتغاضي عن كل قضية شائكة من أجل إيصال نائب لا طعم ولا رائحة له الى البرلمان؟

نصل هنا الى لبّ المسألة: كيف يتصور هؤلاء الحداثيون والبراغماتيون مكافحة الفساد وعدم الارتهان للخارج؟ يبرز هنا انطباع بأن هؤلاء الشبان إما مفرطو السذاجة أو بالغو الخبث. ذلك أن المراقب العادي للشأن اللبناني يدرك أن الفساد، على سبيل المثال، عنصر مكون للنظام السياسي الطائفي، وأن محاولة لنقل الحرب عليه من حيز القتال ضد طواحين الهواء الى حيز السعي الى نتائج فعلية وملموسة سيعني حكماً الاصطدام بمصالح تبلغ قيمتها عشرات بلايين الدولارات تتقاسمها القوى السياسية. إن القوى هذه تستخدم الفساد ليس لإثراء قادتها فحسب، بل لإدامة حكم الزعامات السياسية الطائفية التي ستقاتل بأسنانها ومخالبها ضد كل سعي لتفكيك منظومة الفساد القائمة.

وإذا قررنا أن نؤيد قول مرشحي المجتمع المدني بأنهم يملكون ما يكفي ويزيد من الشجاعة والحكمة لخوض هذه المعارك، نصل الى السؤال الأخير: ما هو اتساع القاعدة الاجتماعية التي ستقبل بتدمير شبكات الأمان التي أنشأتها الأحزاب الطائفية لمؤيديها مقابل رهان على مؤسسات دولة ستنفق عائداتها على المدارس والمستشفيات وحل مشكلة النفايات والحفاظ على ما تبقى من جبال وغابات؟ القول بضرورة تعيين القاعدة الاجتماعية «للمنتج» التي يريد مرشحو المجتمع المدني التوجه إليها، قبل طرح أفكارهم على الجمهور، ينبغي أن يكون الدرس الأول في التسويق. أما الرهان على الهوامش وعلى حسن إدارة التحالفات فهو رهان على وهم.

The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Inside: انتخابات
Related News
Long-term recovery for Beirut hampered by lack of govt involvement
Lebanon to hold parliamentary by-elections by end of March
ISG urges Lebanese leaders to form govt, implement reforms
Lebanon: Sectarian tensions rise over forensic audit, election law proposals
Lebanon: Adib faces Christian representation problem in Cabinet bid
Related Articles
The smart mini-revolution to reopen Lebanon’s schools
Breaking the cycle: Proposing a new 'model'
The boat of death and the ‘Hunger Games’
Toward women-centered response to Beirut blast
Lebanon access to clean drinking water: A missing agenda
Copyright 2024 . All rights reserved