عمان - تامر الصمادي

يسيطر الغموض على شخصية رئيس الوزراء الأردني الجديد الذي يتوقع الإعلان عنه خلال الساعات القليلة المقبلة كاستحقاق دستوري، بعد صدور قرار ملكي بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة مطلع العام المقبل. ورجحت مصادر سياسية تحدثت إليها «الحياة» رحيل حكومة فايز الطراونة مساء اليوم أو غداً على أبعد تقدير، في حين توقع مصدر وزاري إقالة الحكومة مع نهاية الأسبوع الحالي.
 
ولا تبدو خيارات رئيس الحكومة المقبلة واضحة رغم صعوبة التحديات التي يواجهها، بحسب سياسيين ومحللين حاورتهم «الحياة» في عمان. وانضم رئيس الوزراء السابق، رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري أمس إلى قائمة المرشحين لتولي المنصب الجديد، إلى جانب رئيس الوزراء السابق فيصل الفايز، والوزير السابق مازن الساكت، وفق ما يتم تداوله داخل أروقة الديوان الملكي والصالونات السياسية، رغم تكتم صاحب القرار عن التفاصيل المتعلقة بذلك.
 
وكان المصري دعا خلال مقابلة مع «الحياة» أول من أمس إلى تشكيل حكومة جديدة «يتحلى رئيسها ووزراؤها بالقبول لدى الشارع». لكنه نفى تلقيه أي عروض ملكية لتولي المنصب حتى اللحظة، وهو النفي الذي قدمه الفايز للمحيطين به.
 
ويبدو أن التكتم الشديد على شخصية الرئيس المقبل ترك الساحة السياسية مفتوحة أمام المعلومات المتضاربة والتحليلات والتكهنات. وبموازاة ذلك، يجمع سياسيون ومحللون على أن المرحلة المقبلة حافلة بالتحديات السياسية والاقتصادية، في ظل حال من «الاستقطاب المتصاعد» بين الدولة والمعارضة الإسلامية، إلى جانب حراكات شعبية وعشائرية، وفي ظل عجز حاد في الموازنة يصل إلى نحو 21 بليون دولار. ويؤكد هؤلاء ضرورة أن تكون الحكومة المقبلة قريبة من الشارع بهدف تهدئة الأجواء، وصولاً إلى إعادة ترميم قنوات الحوار الرسمية مع الأطياف المختلفة.
 
في هذا الصدد، قال فيصل الفايز لـ «الحياة» إن «المرحلة المقبلة من أهم المراحل في تاريخ المملكة، لذا يجب على الحكومة المقبلة تهدئة الشارع والتمهيد لإجراء انتخابات نيابية غاية في النزاهة والشفافية».
 
ويرى الكاتب والمحلل السياسي حسين الرواشدة أن العلاقة مع جماعة «الإخوان» ستكون «حاضرة عند التفكير بتركيبة الحكومة الجديدة»، قائلاً: «على الحكومة المقبلة فتح ما يلزم من قنوات حوار مع الإسلاميين، إن لم يكن من أجل تحسين عروض المشاركة في الانتخابات والوصول إلى تفاهمات وطنية، فمن أجل الحفاظ على درجة حرارة المزاج العام وفق معدلاتها الطبيعية، وتجنب الدخول في صدامات غير محسوبة».
 
وغير بعيد عن شخصية الرئيس المقبل، يبحث رواد النوادي السياسية «مأزق» السؤال الخاص باليوم التالي للتظاهرات التي نفذها «الإخوان» الجمعة الماضية. وانشغل هؤلاء أمس في تحليل تصريحات مثيرة للجدل أطلقها الرجل الثاني في الجماعة زكي بني أرشيد في اليوم ذاته قال فيها إن «قواعد اللعبة السياسية تغيرت، وإن الإخوان يتجهون إلى إعلان برنامج تصعيد في المحافظات المختلفة (ذات الثقل العشائري)». وأضاف أن «الإعلان عن ربيع أردني بلا إسلاميين يعني أن هناك من يريد استنبات البذور في الهواء».
 
لكن مثل هذه التصريحات «لن تؤثر شيئاً في قرارات الدولة»، بحسب مصادر رسمية رفيعة المستوى جددت تأكيدها لـ «الحياة» انه «لن يتم تقديم أي تنازلات إضافية لصالح الإسلاميين». وأكدت شخصية سياسية بارزة لـ «الحياة» أن تظاهرات «الإخوان» الأخيرة «لم تحدث أي فرق يذكر في ميزان القوى، وأن مسار الانتخابات لايزال قائماً بمن حضر، وفي جعبة الدولة أكثر من مليوني مسجل للانتخابات».
 
ويبدو أن مثل هذا الطرح دفع قيادات «المجلس الأعلى للإصلاح» المنبثق من جماعة «الإخوان» إلى «المناورة» قليلاً، بحسب مقربين منهم، إذ أصدر هؤلاء بياناً لافتاً أمس أكدوا فيه أن «باب الحوار سيبقى مفتوحاً على قاعدة إصلاح النظام وإنقاذ الوطن، شرط أن يكون جاداً ومنتجاً».
 
ويطالب الإسلاميون الذين قاطعوا الانتخابات النيابية عام 2010، بقانون انتخاب «عصري» يفضي إلى حكومات برلمانية منتخبة. لكن الملك عبدالله الثاني أكد في أيلول (سبتمبر) الماضي أن «الإخوان يسيئون تقدير حساباتهم بشكل كبير» عبر مقاطعتهم الانتخابات. وأضاف: «لا يمكن تفصيل قانون على مقاس حزب سياسي واحد أو مجموعة تشكل أقلية، لكن صوتها هو الأعلى».