FRI 29 - 11 - 2024
 
Date: Oct 11, 2015
Source: جريدة الحياة
أوروبا والهمّ المغاربي - محمد الأشهب
لم تخفض أزمات بلدان الشمال الأفريقي منسوب الثقة لدى شركائها الأوروبيين، في إمكان معاودة بناء فضاء مغاربي، يكون محاوراً مقبولاً ومتفاعلاً في إطار التقارب بين أوروبا وبلدان المتوسط. ولولا أن الطرف الأوروبي في منظومة 5+5 التي تجمع دول حوض البحر المتوسط شمالاً وجنوباً، ذكّر نظراءه المغاربيين بأهمية هذا الخيار، على مستوى مواجهة التحديات، لما تنبّه المعنيون إلى أنهم في صدد تبديد فرصة تاريخية، لم يعرفوا كيف يصونونها.

صحيح أن الأوروبيين يستحضرون الهاجس المغاربي في ذكرى الأحداث، من قبيل 17 شباط (فبراير) تاريخ إبرام المعاهدة التأسيسية في قمة مراكش، أو من خلال الالتفات إلى بعضهم في العزاء والمواساة ووطأة الكوارث الطبيعية. إلا أن الثابت أن الأمر لا يتجاوز معايدة مشروع يرقد على سرير الإنعاش.

وحين تأتي المبادرة على مستوى الإشعار بأن التطورات العلمية التي ابتكرها الإنسان تقيه أخطار الاستسلام للوهن والألم، وتنسحب في بعدها الاستشرافي على التطورات السياسية والاقتصادية، فالإيحاء الأقرب أن الشركاء الأوروبيين ينظرون إلى البناء المغاربي كمشروع متكامل، كون استقرار المنطقة المغاربية يضمن تدفق المصالح الأوروبية عند أهم مدخل نحو قارة أفريقيا. وبالتالي، انتفت ضرورات سياسات متجاوزة، كانت تعتمد التفرقة والتجزئة وإذكاء الخلافات. ويبقى الإقرار بهذا التطور النوعي فرصة سانحة لمعاودة النظر في معايير العلاقات بين الشمال والجنوب، على صعيد المصالح المتبادلة.

بالوقائع الملموسة، لم يبقَ من الاتحاد المغاربي غير هذه الاجتماعات الدورية المنتظمة التي تعكس حرص الأوروبيين أكثر من المغاربيين. فالقمة التي تعتبر مصدر القرارات توقفت في محطتها الأخيرة قبل أكثر من عقدين، بسبب التأثير السلبي للخلافات السياسية وآليات التنفيذ ومناهج العمل المتمثلة في اللجان التي اهتمت بالملفات والتحديات الاقتصادية والمالية. فيما الأمانة العامة واقعة بين فكي الخلافات، ولا يزيد دورها عن التدبير الروتيني لاتحاد مغاربي يوجد في العقول والقلوب، من دون أي امتداد عملي.

لئن كان المنظور الأوروبي ينطلق من بديهيات أمنية وسياسية واقتصادية، وهو يعاين تدفق أكبر موجة نزوح جماعي من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ففي السوابق أن المقاربة الأمنية لم تكن يوماً بعيدة من الانشغال الأوروبي. وأخفق المغاربيون في استنساخها عبر مفهوم تلازم الأمن والتنمية، ليس على صعيد علاقاتهم بالجار الشمالي فحسب، لكن تحديداً في نطاق العلاقات البينية والمتعددة الأطراف.

إن الخطة التي تبناها الاتحاد الأوروبي، لناحية التصدي لقوارب ومنظمات الإتجار في الهجرة غير الشرعية، لا تنفصل عن نظرته إلى الإمكانات الواعدة التي يحملها المشروع المغاربي، في حال أصبح فضاء مندمجاً للتكامل الاقتصادي والتعاون السياسي. وكما أن من حق الشركاء الأوروبيين تأمين شروط مشجّعة لاستيعاب تحديات الهجرة وتنامي العنف والإرهاب، فمن واجب البلدان المغاربية الانخراط في سياسة بناءة، تضمن استقرارها وتعزز روابط التعاون بين أطرافها.

سواء كانت دعوة الأوروبيين تنطلق من الحرص على تأمين الحدود والمعابر وتطويق مضاعفات تمدد الهجرة والنزوح واللجوء، أو كانت بدافع حماية أسواقهم في المنطقة الجنوبية من أخطار التفكك واللاستقرار عند أقرب نقطة إلى جنوب القارة الأوروبية، فالمشكلة تخص البلدان المغاربية بالدرجة الأولى. فهي التي ترغب في إقامة شراكات سياسية واقتصادية متكافئة مع الاتحاد الأوروبي، وهي التي تتطلع إلى حذو التجربة الأوروبية في الوحدة والتفاهم.

وفي الوقت الذي تزيد خشية الأوروبيين من احتمالات دخول الشمال الأفريقي مناطق الاهتزاز واضطراب الأجواء التي قد تشجع نزوحاً آخر أكثر تدفقاً، لا يبدو أن البلدان المعنية مهتمة باستقراء التطورات المحتملة. فهل يكمن الفارق في الرقعة البحرية التي تفصل بين قارتين، أم في منهجية الاستقراء السياسي التي يسودها التقوقع خارج متطلبات العصر؟

The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
Morocco arrests over 4,300 for breaching emergency rules
Moroccan YouTuber arrested for 'public insults'
Morocco: Journalist’s abortion sentence stirs rights protest
Morocco journalist's trial for alleged abortion postponed after protest
Morocco’s King Mohammed VI: Between monarchy and modernity
Related Articles
EU, Morocco and the stability myth
Morocco’s Party of Authenticity and Modernity under pressure
Morocco, Western Sahara issue back at AU
Record gains for Morocco’s Islamist party usher in new political era
It’s truth time for Morocco’s Islamists
Copyright 2024 . All rights reserved