FRI 29 - 11 - 2024
 
Date: Aug 11, 2015
Author: Ziad Majed
Source: nowlebanon.com
سوريا: تسريبات وتسوِيات ولا حلول
سرّبت إحدى الصحف اللبنانية الموالية لحزب الله والنظامين السوري والإيراني، خبراً حول اجتماع جرى في السعودية بين وليّ وليّ العهد السعودي ورئيس مكتب الأمن القومي السوري علي مملوك برعايةٍ روسية.

ونقلت الصحيفة المُحتفية باللقاء عن "مصادرها" أن مملوكاً عاتب السعوديين على دعمهم الإرهاب وسيرهم خلف قطر، وأنه ذكّرهم بتاريخ التحالف السوري السعودي المصري وأهمّيته بالنسبة للمنطقة بأسرها.

عقب التسريب المذكور، انبرى صحافيّون لبنانيّون من وسائل إعلام محسوبة على أطراف سياسية موالية للنظام السعودي ومخاصِمة للنظامين السوري والإيراني لنفي الخبر والسخرية منه واعتباره فبركةً ونفاقاً.

بعد ذلك بأيّام، أكّدت صحيفة عربية واسعة الانتشار خبر الاجتماع، لكنّها نقلت عن مصادر سعودية روايةً مختلفة عن فحواه، إذ قالت إن وليّ ولّي العهد السعودي طلب من مملوك إخراج الميليشيات الأجنبية من سوريا، أي تلك التي زجّت بها إيران للدفاع عن الأسد، وإنه عرض ما كانت الرياض قد بحثته مع موسكو من ضرورة الوصول الى حلّ سياسي يتضمّن انتخاباتٍ بإشراف الأمم المتّحدة بعد انسحاب إيران وحزب الله وسائر المقاتلين الذين جنّدتهم.

ويَظهر من صيغة خبر المصادر السعودية أن الأمور لم تتطوّر إيجاباً بعد الاجتماع، إذ زعمت مقالات علّقت لاحقاً على الموضوع أن الرياض أرادت أن تُثبت لموسكو أن الأسد لا يريد حلّاً، وأنّ انسحاب إيران من سوريا يعني سقوطه...

ما الذي يمكن استخلاصه من الخبر المُسرّب بنسختيه وبعض ردود الفعل عليه؟

أوّلاً، من وجهة صحافية، يمكن القول إن مصداقية مسّربي خبر الاجتماع الأوائل ومن تنطّحوا (بتكليف أو من دون تكليف) لِنفيه مفقودة، تماماً كما هي مفقودة مصداقية التبريرات اللاحقة للإقرار بصحّة حدوث الاجتماع. ذلك أنه لا يمكن لضابط أمن "استُدعي" إلى الرياض وأتى بمعيّة وسيطٍ دولي أن يتحدّث بفوقيّة مع مستقبليه، تماماً كما لا يمكن لاجتماع من هذا النوع أن يتمّ فقط لإحراج النظام الأسدي أو للبحث مع ممثّله في سبل إنهاء نفوذ منقذه الوحيد! بهذا المعنى، لا يستقيم الخبر بروايتَيه صحافياً، بل هو على الأرجح تسريب مخابراتي في حالة النشر الأولى جرى الردّ عليه سياسياً وبارتباك شنيع في حالة النشر الثانية.

ثانياً، ومن وجهة سياسية – بروتوكولية، يُظهر الخبر إحدى مفارقات "الممانعة" الدائمة، تلك القائمة على سياسة شتم السعودية ثم الاحتفاء بقبولها لقاء "ممانعين" واعتبار الأمر نصراً. ويُظهر كذلك مدى الحرج الذي صار يُصيب كلّ من يتواصل مباشرةً مع "ممانعة" البراميل والكيماوي إذ يُضطر لإخفاء الأمر أو قول ما يظنّه تخفيفاً من شأنه.

ثالثاً، والأهمّ، أن الخبر بنسختيه وبما رافقه وتبعه من معطيات حول اجتماعات في الدوحة وطهران وموسكو وعُمان ومن معلومات حول تفاوض إيراني مباشر مع قوى عسكرية سورية إسلامية معارضة، ومن جلسة مجلس أمن لمناقشة استخدام الأسد للكلور ضد المدنيين، يعكس حراكاً سياسياً إقليمياً ودولياً متسارعاً، ويُظهر أن مفاوضات واستعدادات لتسويات يجري البحث عن تسويقها. غير أنها لا تبدو قادرة على تغيير الكثير من المعادلات، لأنها تؤجّل الحسم في مصير الأسد كأولوية، ولأنها تحاول إغفال اللاعب الإقليمي الثاني في سوريا بعد إيران، أي اللاعب التركي، الذي لا تبدو أولويّاته والعمليات العسكرية التي يخوضها وتلك التي يتقدّم فيها من يدعمهم من قوى سورية معارضة في مناطق استراتيجية في الشمال متوقّفةً على الحراك السياسي المستجدّ هذا.

بكلام آخر، يمكن القول إن الاتصالات والمبادرات بصيغها المختلفة ما زالت بعيدة حتى الآن عن التأثير العميق في مسارات الأمور في سوريا. فلا حلّ جدّياً ولا حرب على الإرهاب الداعشي ممكنة مع بقاء بشار الأسد في السلطة أو على مقربة منها. كما لا حلّ متاحاً في ظلّ استمرار موسكو وطهران بتأجيل تخلّيهما عن الأسد.

وهذا يعني أن التطوّرات الميدانية هي ما سيكون له التأثير الأكبر في المقبل من الأيام على رسم المواقف وحدود التسويات ومفاعيل التوازنات التي يجري البحث في أُطرها، بمعزل عن التسريبات من هنا والردود من هناك.

The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Articles for the same author
Le paradoxe palestinien
Une nouvelle «question d’Orient»?
Face au silence des intellectuels, il faut rompre la solitude du peuple syrien
The Apathy of a Hodgepodge of many Leftists & Arab Nationalists
"El-Assad contrôle toujours Damas, mais ne s'y sent plus en sécurité"
Related News
Syrian army says Israel attacks areas around southern Damascus
Biden says US airstrikes in Syria told Iran: 'Be careful'
Israel and Syria swap prisoners in Russia-mediated deal
Israeli strikes in Syria kill 8 pro-Iran fighters
US to provide additional $720 million for Syria crisis response
Related Articles
Assad losing battle for food security
Seeking justice for Assad’s victims
Betrayal of Kurds sickens U.S. soldiers
Trump on Syria: Knowledge-free foreign policy
Betrayal of Kurds sickens U.S. soldiers
Copyright 2024 . All rights reserved