القاهرة: محمد نبيل حلمي أنقرة: سعيد عبد الرازق- فيالوقت الذي تترقب فيه أطراف إقليمية ودولية الزيارة التي أعلن عنها مسؤولون أتراك وتتضمن وصول وفد رسمي من بلادهم إلى القاهرة للقاء مسؤولين مصريين بهدف إحراز تقدم في مساعي «التفاهم» بين الجانبين، تواصلت انعكاسات ذلك الاتجاه على صفوف جماعة «الإخوان» التي تصنفها السلطات المصرية «إرهابية»، وأظهرت قيادات في الجماعة تبايناً كبيراً بشأن المسؤولية عن «تردي الأوضاع «داخلها».
وفجر بيان أصدره نائب المرشد العام للجماعة إبراهيم منير على خلفية لقاء عدد من قيادات التنظيم مع رئيس «حزب السعادة» المعارض غضبا واسعا وعمق من صراع الأجنحة داخل صفوف التنظيم وحالة التخبط التي أعقبت التقارب التركي مع مصر. وتسبب البيان في استياء واسع بعدما وصف الإخوان المقيمين في تركيا بـ«اللاجئين».
وجاء بيان منير، غداة الكشف عن لقاء قيادات من الإخوان مع رئيس حزب تركي معارض، وهو ما حاول القائم بأعمال المرشد تفنيده، وقال إن قيادات من «الإخوان» و«قوى أخرى» كانت تستهدف «الالتقاء مع بعض المؤسسات التركية المجتمعية، لتوضيح أحوال المصريين اللاجئين إلى تركيا». وواصل متعهداً: «مع واجب الاعتراف بالفضل لأصحاب الفضل في تركيا، رئيسا وحكومة وشعبا، نؤكد باسم (الإخوان) الوفاء الكامل لكرم الضيافة والالتزام بواجباتها واحترام كل القوانين والنظم والأعراف وعدم المساس باستقرار وأمن هذا البلد». وأبدى جناح «شباب الإخوان» ردة فعل غاضبة على البيان الذي حمل عنوان «شكر وتقدير» لتركيا ووصفوه بأنه «خزي وعار». وأعلنوا تبرؤهم من البيان الذي لا يمثلهم كما هاجموا منير واتهموه بترسيخ نهج الخضوع والاستجداء، الذي اتبعه منذ الإطاحة بحكم الإخوان في مصر عام 2013.
وفي منتصف الشهر الماضي، قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، إن «وفداً من بلاده سيزور مصر مطلع مايو (أيار)، وأنه سيلتقي بنظيره المصري سامح شكري عقب ذلك»، ولم تنف القاهرة أو تؤكد الزيارة بشكل رسمي، لكن شكري كان اعتبر أن «مساعي أنقرة لتصويب العلاقات (مع القاهرة) مقدرة». وتوالت تعليقات شباب الإخوان، عبر حساباتهم الرسمية، بين التعليق عليه بعبارات غاضبة، أو السخرية من البيان الذي عكس كيف تتعامل معهم القيادات، على أنهم قرابين لخدمة مصالحهم، ووصفوا البيان بـ«المنبطح» و«المستسلم» وبأنه بيان «خزي وعار» صدر عن نفوس منهزمة نزع التوفيق من تفكيرهم ومواقفهم، معتبرين أن «الإصرار على حصر المصريين أصحاب القضية وأصحاب الحق في خانة اللاجئين، رغم أننا هنا لنتلقى ضيافة فقط، هو تصدير لفكرة العجز وأننا غير قادرين على العمل والحركة».
من جهته، قدر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، أن هناك «انعكاسات حقيقية وكبيرة ستظهر إقليمياً حال المضي في محاولات التقارب بين القاهرة وأنقرة، أما على مستوى تنظيم «الإخوان» فإنه ثمة اهتمامات رئيسية تشغل القائمين على الجماعة ومنها؛ أولاً: التواجد الإعلامي الذي يشغل الإخوان والإدارة التركية، لأن المنصات المصنفة معادية بالنسبة لمصر كان لها دور في الهجوم على الدولة المصرية والتحريض عليها». وعلى مستوى آخر قال فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «إشكاليات أخرى تتعلق بالقيادات التي حصلت على الجنسية التركية، والعناصر التي تقدمت بطلب لنفس الهدف وفي انتظار الحصول عليها، فضلاً عن تأثير التقارب على الدعم المالي لعناصر الجماعة والتنظيم الدولي، والتي كانت تتم على الأراضي التركية بلا ممانعة من السلطات».
وذهب القيادي السابق في «الجماعة الإسلامية» عاصم عبد الماجد، الهارب إلى تركيا، إلى أن هناك جناحا من تنظيم «الإخوان» فتح الباب {للمواجهة مع إردوغان وحزبه (العدالة والتنمية الحاكم)، تحسباً لغدر السلطات التركية وإردوغان». وقال عبر صفحته على «فيسبوك» إن «الرئيس التركي يكاد ينفجر غيظاً من تصرفات قيادات الإخوان في تركيا، وتحديداً مجموعة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة»، متهماً تلك المجموعة بـ«الخيانة».
|