FRI 29 - 11 - 2024
Declarations
Date:
Dec 20, 2019
Source:
جريدة الشرق الأوسط
ملايين السودانيين يملأون شوارع المدن احتفالاً بالثورة ودعماً لحمدوك
الخرطوم: محمد أمين ياسين
خرج شعب السودان عن بكرة أبيه إلى الشوارع والساحات العامة في الخرطوم وعواصم ومدن ونجوع وقرى البلاد، في حشد يعد الأكبر من نوعه على الإطلاق في تاريخ البلاد، احتفالاً بانتصار الثورة التي أسقطت نظام المعزول عمر البشير في ذكراها الأولى، وتأييداً ودعما للحكومة الانتقالية بقيادة رئيس الوزراء «عبد الله حمدوك».
ووافق أمس 19 ديسمبر (كانون الأول)، ذكرى انتفاضة مدينة عطبرة العمالية شمال السودان، والتي مثلت علامة فارقة في تاريخ الحراك الشعبي الذي هزم نظام البشير المعروف باسم «الإنقاذ»، وخلاله طردت الجماهير الثائرة القوات الأمنية التابعة للنظام من المدينة بعد مواجهات دامية، وأحرقت دار الحزب الحاكم وقتها «المؤتمر الوطني»، وقدمت العديد من الشهداء، لتعلن بداية العد التنازلي لسقوط النظام الحاكم.
ورداً لجميل المدينة المدونة في تاريخ الثورات، تحرك قطار من الخرطوم، وعشرات الباصات السفرية وهي تحمل الآلاف من الثوار إلى عطبرة، للالتحام بسكان المدينة التي أحرقت النظام المعزول حين ارتفعت ألسنة اللهب من داره المحترقة، وحين تخضبت شوارعها بدماء الشهداء، والاحتفال بالذكرى الأولى للثورة هناك.
ورغم مغادرة عشرات الآلاف إلى عطبرة، فإن الخرطوم تقاطرت جموعها من كل الأنحاء إلى مركز المدينة، لتبدأ حفل انتصاراتها بتحية لأسر شهداء الثورة، في دارهم بشارع البلدية جوار المحكمة الدستورية.
وبعد أداء فروض الولاء للشهداء، توجهت المواكب الحاشدة القادمة من المدن الثلاث «الخرطوم، الخرطوم بحري، أم درمان» وتقدر أعدادها بالملايين، وامتدت على طول شارع «أفريقيا» إلى منصة الاحتفال بساحة «الحرية»، ولحقت بهم مواكب قادمة من أحياء غرب وجنوب وشرق الخرطوم، لترسم لوحة تعد الأكبر في تاريخ البلاد التي لم تشهد تجمعاً بهذا الحجم من قبل.
ليست الخرطوم وحدها من جمعت ملايينها للاحتفاء بالثورة، فقد انتظمت الحشود المحتفلة بالثورة في كل السودان، واستهلت المهرجان مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان، التي خرج سكانها عن بكرة أبيهم، ومنذ الصباح الباكر إلى الشوارع، يرددون الهتافات التي تمجد صمود الشعب وتضحياته.
وخرجت الملايين في مدن «كسلا، بورتسودان، القضارف، مدني، سنار، الدمازين، وولايات دارفور بأكملها»، إلى الشوارع مهللة وفرحة بالنصر العظيم الذي تحقق للشعب في ثورته المجيدة.
وحملت الجماهير الهادرة في شوارع الخرطوم والولايات لافتات تطالب بالقصاص لشهداء الثورة السودانية، وبتفكيك مراكز نفوذ النظام السابق في الدولة، ومحاكمات عاجلة لرموزه، وتشكيل المجلس التشريعي، وتؤكد في الوقت نفسه دعمها لحكومة رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك.
وسلمت الجماهيرية الكبيرة مذكرة «أسر الشهداء» لوزير مجلس الوزراء عمر مانيس، والذي أكد بدوره التزام الحكومة بإنفاذ القصاص وتقديم المتورطين في دم وأرواح الشهداء للعدالة.
وقال مانيس في كلمته للجماهير: «أعضاء حكومة الثورة يعلمون أنهم خدام لهذا الشعب العظيم»، وأضاف: «ثورة ديسمبر المجيدة كانت ملحمة وطنية ساهمت فيها جميع شرائح الشعب السوداني، بما في ذلك ذوو الاحتياجات الخاصة».
وأكد مانيس أن دماء الشهداء من أبناء السودان، لن تضيع سدى، وأن تأخذ العدالة مجراها، وأن القصاص من القتل سيكون عادلاً بحق أسر الضحايا، وأضاف: «الثورة لن تخبو نارها، طالما هنالك شباب يسكب روحه زيتاً كقنديل الأمل الذي يضيء سديم الجراح».
وبدأ الحراك الشعبي في 13 ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، واستمر أشهراً متواصلة، تنقلت فيها مواكب الاحتجاجات بكل مدينة وحي في السودان، حتى حاصرت الجماهير النظام في معقله أمام قيادة الجيش في الخرطوم، وقيادات القوات في الولايات 6 أبريل (نيسان) الماضي، معلنين اعتصامهم السلمي الشهير الذي هز ضمير العالم، وضجت شوارع البلاد بمطالبات بإسقاط النظام الذي حكم البلاد ثلاثين عاماً، ومطالبين بالانتقال لحكم مدني.
ودُوّنت الهتافات التي نادى بها الثوار في سجل تاريخ البلاد، وأبرزها: «حرية سلام وعدالة الثورة خيار الشعب، تسقط تسقط بس، يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور»، وغيرها من الهتافات والشعارات التي ابتكرها الخيال الثوري، فهزت مراقد رموز النظام وقادته.
وتدخل الجيش في 11 أبريل وأعلن عزل رأس النظام عمر البشير، وأعلن تنحية البشير من الحكم وتكوين مجلس عسكري انتقالي برئاسة نائب البشير عوض بن عوف، لكن الثوار اعتبروه «انقلاب اللجنة الأمنية»، وواصلوا احتجاجهم واعتصامهم، واضطروه للتنحي في اليوم الثاني، ليتدون في تاريخ البلاد أقصر فترة حكم، ويتكون مجلس عسكري جديد برئاسة عبد الفتاح البرهان وعضوية آخرين، ودخل في تفاوض متطاول مع قيادات قوى إعلان الحرية والتغيير من أجل تسليم السلطة للشعب وتكوين حكومة مدنية.
وواجه المعتصمون ببسالة نادرة مدعومين بضباط برتب صغيرة من الجيش، محاولات «كتائب الظل» التابعة للنظام «فض الاعتصام»، إلى أن اضطرت قيادة الجيش للانحناء لمطالب الجماهير، بيد أن المعتصمين واصلوا اعتصامهم، وتعهدوا بعدم فضه قبل تكوين الحكومة المدنية.
بيد أن قوات مكونة من الجيش والدعم السريع والشرطة والأمن، هاجمت المعتصمين عشية عيد الفطر المبارك 3 يونيو (حزيران) الماضي، وفضت الاعتصام مستخدمة القوة المفرطة ضد المعتصمين السلميين، وشهد الميدان فظائع تضمنت قتل أكثر من 130 من المعتصمين، وجرح المئات، واغتصاب النساء والرجال، ما وسع الهوة بين الجيش والمواطنين بشكل عام، وتوقف التفاوض بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير.
ثم تدخلت وساطة أفريقية إثيوبية، أعادت الأطراف لمائدة التفاوض، وتم توقيع الوثيقة الدستورية والإعلان في 17 أغسطس (آب) الماضي، وتم تشكيل حكومة مدنية برئاسة عبد الله حمدوك ومجلس سيادة من 11 عضوا مناصفة بين العسكريين والمدنيين، وشخصية متوافق عليها، إيذانا بفترة انتقالية طولها ثلاث سنوات وثلاثة أشهر.
Readers Comments (0)
Add your comment
Enter the security code below
*
Can't read this?
Try Another.
Related News
Sudan's former PM Sadiq al-Mahdi dies from coronavirus in UAE
Sudan reshuffles government in bid to appease protests
Sudan says over 120 arrested before going to fight in Libya
Sudan moves against Bashir loyalists after assassination attempt
ICC trial in The Hague one option for Sudan's Bashir: minister
Related Articles
An appeal to the world for Sudan’s future
Sudan’s chance for democracy
Moscow’s hand in Sudan’s future
The Fight to Save Sudan from the Counterrevolution
As Sudan uprising grew, Arab states worked to shape its fate
Copyright 2024 . All rights reserved