TUE 26 - 11 - 2024
 
Date: May 26, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
لبنان يسعى إلى ضبط تهرب ضريبي يفوق الـ4.5 مليار دولار
التفاؤل يطغى على التشكيك بإقرار الموازنة اللبنانية بصيغتها النهائية
بيروت: بولا أسطيح
اعتمدت الحكومة اللبنانية في موازنة العام 2019 سلسلة تدابير وإجراءات للحد من التهرب الضريبي الذي يبلغ سنوياً نحو 4.5 مليار دولار. ويرجح خبراء في حال تطبيق المقررات الجديدة بحزم أن يتم ضبط نسبة كبيرة من هذا التهرب تصل إلى 70 أو 80 في المائة.

ويتوزع مبلغ الـ4.5 مليار دولار ما بين تهرّب من ضريبة الدخل يبلغ ملياري دولار وتهرب من الضريبة على القيمة المضافة TVA يتراوح ما بين 1.3 و1.5 مليار دولار سنويّاً، وفق ما تؤكد دراسة لصندوق النقد الدولي. كذلك يُسجل تهرب ضريبي تبلغ قيمته 500 مليون دولار في الجمارك، و200 مليون دولار في العقارات إضافة إلى أبواب أخرى كما في مجال رسوم الكهرباء وغيرها.

ويمكن اختصار التهرب الضريبي بعدم قيام المكلَّف الخاضع للضريبة بدفع الضرائب المستحَقة للدولة والمترتبة على دخله أو ثروته أو تخفيض المبالغ الخاضعة للضرائب من خلال استعمال طرق وأساليب غير مشروعة بحكم القانون.

وبمسعى لخفض العجز وزيادة الواردات، لجأت الحكومة في موازنتها الجديدة إلى جملة إجراءات للحد من التهرب الضريبي وأبرزها: خفض رقم الأعمال الذي يفرض على المكلف التسجيل في الضريبة على القيمة المضافة من 100 مليون ليرة إلى 50 مليون ليرة، اعتماد الشركات والأفراد الموازنات المصدّقة من وزارة المال كي تتمكن من الحصول على قروض من المصارف، اتخاذ تدابير مرتبطة بالتخمين العقاري، إلزام البلديات بالتصريح لوزارة المالية عن كلّ المؤسسات التجارية أو مؤسسات الأعمال التي تفتح في نطاقها البلدي لكي تتمكن الوزارة من متابعة موضوع التهرب الضريبي. كذلك تم اتخاذ سلسلة إجراءات بموضوع التهرب الجمركي، ترتكز بشكل أساسي على ضبط التهريب عبر المعابر غير الشرعية. وفيما اعتبر الوزير السابق فادي عبود أن الإجراءات المتخذة في هذا المجال غير كافية وغير فعالة أو جدية وأن المطلوب أكثر من ذلك بكثير، أكد المستشار الاقتصادي لـ«التيار الوطني الحر» شربل قرداحي أن النقاط المقترحة في موازنة العام 2019 بالإضافة إلى المقترحات الإضافية التي تقدم بها وزير الخارجية جبران باسيل تعالج جزءاً كبيراً من مسألة التهرب الضريبي كونها تتطرق إلى أهم الأبواب وهي: التهرب الضريبي عبر الحدود، التهريب والتهرب من الجمارك، تهرب الشركات والمهن الحرة وغيرها. ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه إذا أقرت مقترحات باسيل بالإضافة للبنود الموجودة أصلاً في الموازنة التي تقدم بها وزير المال يكون قد تم ضبط ما بين 70 أو 80 في المائة من التهرب الضريبي، شرط أن تلتزم القوى الأمنية والجمارك وغيرها من الأجهزة المعنية بتطبيق القانون من خلال إقفال المعابر غير الشرعية ومراقبة المتهربين من الضرائب بكل الوسائل القانونية المتاحة.

من جهته، أشار عبود إلى مجموعة مسائل كان يجب أن تلحظها الموازنة الجديدة لمكافحة التهرب الضريبي وأبرزها تفعيل عملية مراقبة الفواتير المخفضة والحرص على ملاحقة كل متلكئ عن دفع الضريبة على القيمة المضافة خاصة بعدما تبين أن 75 في المائة من دخل الدولة في هذا المجال محصور بالمعابر والنقاط الحدودية وأن نحو 60 في المائة من عمليات البيع والشراء التي تتم في الداخل اللبناني لا تخضع للـTVA. وأضاف عبود لـ«الشرق الأوسط»: «كذلك في موضوع العقارات يتوجب الاستغناء عن لجان التخمين كلياً واعتماد التخمين المركزي، إضافة لاعتماد تخفيض أكبر لرقم الأعمال الذي يفرض على المكلف التسجيل في الضريبة على القيمة المضافة ليصبح 15 مليون ليرة».

وأقر قرداحي بأن «وضعنا في لبنان بمسألة التهرب الضريبي أسوأ من الدول الغربية بحيث يتم هناك تطبيق القوانين، ويُعتبر التهرب من الضريبة جريمة يحاسب عليها القانون ويدخل المتورطون بها إلى السجن، بينما في لبنان تقر الحكومة كل مدة إجراءات تعفي المتهربين أو المتأخرين أو المتلكئين عن دفع الضرائب من كل الغرامات المتوجبة عليهم، مما سمح للكثير من المواطنين والشركات بالتمادي في مجال عدم دفع الضرائب المستحقة بانتظار الاستفادة من إعفاءات لاحقة»، مشدداً على وجوب الحد أو التوقف من إعطاء الإعفاءات وتطبيق القانون بشكل مستدام وليس بشكل استثنائي «حتى نتمكن مع الوقت من خلق التزام بدفع الضريبة وعدم التهرب منها».

وفعليا، أصدرت الحكومة أخيراً إعفاءات جديدة على غرامات مستحقة، وأشار النائب بلال عبد الله إلى أنه «بحجة تحصيل أموال للخزينة، يلحظ مشروع الموازنة عدداً هائلاً من الإعفاءات على الغرامات المستحقة، خاصة على المؤسسات والشركات ذات الرساميل والمداخيل الكبيرة، أو تخفيضها للحد الأدنى». وأضاف: «بكلام آخر، نقول للذي التزم وسدد إنك غبي، وللذي تمنع وتهرب برافو (أحسنت عملاً)».

التفاؤل يطغى على التشكيك بإقرار الموازنة اللبنانية بصيغتها النهائية

بيروت: يوسف دياب
ينتظر أن تقرّ الحكومة اللبنانية موازنة العام 2019 بصيغتها النهائية، في جلسة تعقدها غداً الاثنين في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، وتحيلها على المجلس النيابي، قبل سفر رئيس الحكومة سعد الحريري لتمثيل لبنان في القمتين العربية والإسلامية اللتين تعقدان في مكة المكرمة، وسط توقعات بأن يصادق عليها مجلس الوزراء من دون تعديلات جوهرية.

وعكس انتهاء الحكومة من دراسة الموازنة ارتياحاً في الأوساط السياسية، بالنظر لنجاح مجلس الوزراء في تخفيض العجز من 11.5 في المائة إلى ما دون الـ7.5 في المائة، وهو أمر إيجابي يتوافق مع الشروط التي وضعها البنك الدولي والدول المساهمة في مؤتمر «سيدر» والتي اشترطت أن يكون العجز دون الـ8 في المائة، بما يحفّز تسريع إطلاق ورشة «سيدر» فور صدور قانون الموازنة عن البرلمان. لكنّ ارتياح الطبقة السياسية لا ينسحب على موظفي القطاع العام الذين يتوجسون من أن يأتي تخفيض العجز على حساب رواتبهم وتقديماتهم الاجتماعية.

ورغم الانطباع الإيجابي الذي يسبق جلسة الحكومة، غداً الاثنين، ثمة تخوّف من طرح أفكار جديدة تعيد النقاش إلى بداياته، وهو ما لمح إليه وزير المال علي حسن خليل، في ظلّ ما سُرّب عن اعتراض وزير الخارجية (رئيس التيار الوطني الحر) جبران باسيل على عدم الأخذ بكل الورقة التي قدّمها خلال المناقشات السابقة. لكنّ مستشار رئيس الحكومة سعد الحريري النائب السابق عمّار حوري أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الموازنة باتت منجزة، وستقرّ الاثنين في القصر الجمهورية بشكل نهائي»، مستبعداً إغراقها في نقاشات جديدة. وأوضح أن «كافة البنود أقرّت بتوافق كل مكونات الحكومة، ومجلس الوزراء سيّد نفسه، ولا داعي لإدخال أي تعديلات عليها، إلا إذا كانت ثمة حاجة لبعض (الروتوش) وليس أكثر».

وعن خلفيات إقرارها في القصر الجمهوري، وما إذا كان ذلك يدخل أعرافاً جديدة، أو يشكل انتقاصاً من موقع رئاسة الحكومة، أشار حوري إلى أنه «عندما يعقد مجلس الوزراء جلسة له في قصر بعبدا ويحضرها رئيس الجمهورية حكماً يترأس الأخير الجلسة، وهذا لا يشكّل عرفاً جديداً». وتابع: «القصد من إعلان الموازنة من القصر الجمهوري، يهدف إلى إظهار الإجماع السياسي حولها، وعدم تنصل أي فريق منها، لا سيما في مرحلة مناقشتها في المجلس النيابي»، مؤكداً أن «لا انتقاص من صلاحيات رئيس مجلس الوزراء». وأكد قيادي في «التيار الوطني الحرّ» أن الأجواء الإيجابية تسمح بالانتهاء من الموازنة غداً. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الموازنة «بلغت نهايتها السعيدة، بعد 18 جلسة لمجلس الوزراء أشبعت فيها درساً ونقاشاً، وهي أقرت بصيغة اتفق عليها كلّ الأطراف». واستبعد حصول أي تغييرات فيها، أو إدخال تعديلات «إلّا إذا وجد رئيس الجمهورية أن هناك بنوداً تطال الطبقة الفقيرة». وأوضح القيادي في «التيار الحرّ» أن الموازنة «مقبولة إلى حدّ كبير، ونجحت في تخفيض العجز بنسبة تصل إلى حدود الـ7 في المائة للمرّة الأولى».

وفي خطاب أمس، بمناسبة مرور 19 عاماً على تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، قال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله: «إننا لن نعرقل إصدار الموازنة رغم أن هناك نقاطاً نرفضها لأنها تمس بالشعب اللبناني وذوي الدخل المحدود».

وأشاد، من جهة أخرى، بموقف «الدولة والرؤساء الثلاثة بتمسكهم بكامل حقوق الأرض والمياه والثروات في إدارة التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية» مع إسرائيل. وأكد أن حزبه سيواجه «صفقة العصر»، منتقداً عقد مؤتمر في المنامة الشهر المقبل لمناقشة الجانب الاقتصادي من خطة السلام الأميركية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ودعا إلى «لقاء سريع لا يحتاج إلى طاولة حوار أو مؤتمرات، يضم المسؤولين الفلسطينيين والمسؤولين اللبنانيين لمواجهة خطر التوطين الزاحف».


 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
Long-term recovery for Beirut hampered by lack of govt involvement
Lebanon to hold parliamentary by-elections by end of March
ISG urges Lebanese leaders to form govt, implement reforms
Lebanon: Sectarian tensions rise over forensic audit, election law proposals
Lebanon: Adib faces Christian representation problem in Cabinet bid
Related Articles
The smart mini-revolution to reopen Lebanon’s schools
Breaking the cycle: Proposing a new 'model'
The boat of death and the ‘Hunger Games’
Toward women-centered response to Beirut blast
Lebanon access to clean drinking water: A missing agenda
Copyright 2024 . All rights reserved