TUE 26 - 11 - 2024
 
Date: Apr 13, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
باريس «المتهمة بمساندة حفتر» تريد إبراز موقفها المتوازن في ليبيا
باريس: ميشال أبو نجم
لا يمضي يوم إلا وتكيل فيه الصحافة الإيطالية اتهامات لفرنسا بسبب دورها المزعوم في ليبيا. ففي بداية الأسبوع اتهمت صحيفة «الجورنالي» الرئيس إيمانويل ماكرون بأنه «أعطى الضوء الأخضر» للمشير خليفة حفتر لإطلاق هجومه على العاصمة طرابلس. وأول من أمس كتبت صحيفة «لا ريبوبليكا» أن ماكرون نفسه أجهض مشروع بيان كان يفترض أن يصدر عن القادة الأوروبيين بمناسبة اجتماعهم الليلي في بروكسل في 10 و11 أبريل (نيسان) الحالي لمناقشة ملف «بريكست». وأفادت الصحيفة الإيطالية، بأن «المناورة» الفرنسية تبين ميل باريس إلى دعم العملية العسكرية ضد طرابلس؛ إذ إنها عمدت إلى «منع صدور بيان كان يفترض أن يطلب من حفتر إيقاف هجومه».

وبالطبع سارعت السلطات الفرنسية إلى نفي الخبر قطعياً، معتبرة أنه «ادعاء باطل»، وقالت الخارجية في بيان رسمي: إن فرنسا «طلبت تدعيم هذا النص «المقترح» بشأن ثلاثة موضوعات، يعتبرها الاتحاد الأوروبي أساسية، وهي: مسألة المهاجرين «غير الشرعيين»، وانخراط مجموعات وأشخاص في المعارك مدرجة أسماؤهم في قائمة عقوبات الأمم المتحدة لتورطهم بأعمال إرهابية، وضرورة التوصّل إلى حلّ سياسي بقيادة الأمم المتحدة، يتوافق مع الالتزامات التي قطعها الطرفان الليبيان على نفسيهما في باريس وباليرمو وأبوظبي.

وما حصل خلال اجتماع القادة الأوروبيين، حدث أيضاً في اجتماع وزراء الخارجية الذي سبقه بيوم، حيث انتهى من غير بيان رسمي. وكان لافتاً أن «وزيرة» الشؤون الخارجية فدريكا موغيريني «اعترفت» بوجود «تباينات» في وجهات النظر، في إشارة إلى الخلافات الفرنسية – الإيطالية؛ الأمر الذي حال دون صدور بيان جماعي. لكن الأمور تغيرت أمس، حيث قرأت موغيريني بياناً باسم الأعضاء الـ28 بالاتحاد الأوروبي، دعت فيه «الجيش الوطني الليبي وكل القوات التي انتقلت إلى طرابلس وضواحيها «في إشارة واضحة لتلك التي جاءت إلى طرابلس لمساندة حكومة الوفاق الوطني ورئيسها فايز السراج» إلى الانسحاب، واحترام الهدنة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة. وواضح أن ما طلبته باريس وجد طريقه إلى البيان، الذي لم يقتصر تحذيره على الجيش الوطني الليبي، بل شمل القوات الأخرى، وهو ما كانت تريده فرنسا المتهمة بالوقوف وراء حفتر، وبمحاولة «حمايته» على المسرح الدولي.

حتى اليوم، لم تنفع محاولات الدبلوماسية الفرنسية لـ«محو» هذه التهمة، رغم الاتصال الهاتفي الذي قام به الرئيس ماكرون بالسراج، وتأكيد مصادر الإليزيه أن باريس «ليس لها أجندة سرية» في ليبيا، وأنها «لم تكن على علم» بهجوم حفتر. ومن جانبه، حرص وزير الخارجية جان إيف لودريان على تأكيد أن «لا حل عسكرياً» للنزاع الليبي، وتوجيهه كلاماً مباشراً إلى القائد العسكري، دعاه فيه إلى إعلان قبوله الوساطة الأممية، والعمل من أجل إنجاحها.

لعل السبب الأول في الشبهات التي تحوم حول باريس أنها ساندت حفتر في السابق، عسكرياً وأمنياً؛ لأنها اعتبرته الشخص الذي يمكن «التعويل عليه» للوقوف بوجه التنظيمات الإرهابية، التي تتخوف باريس من تمددها باتجاه دول شمال أفريقيا والساحل، أي إلى منطقة النفوذ الفرنسي التقليدي. كما أن باريس مدت يد العون لحفتر ليصبح شخصاً مقبولاً على المسرحين الإقليمي والدولي، عن طريق دعوته إلى قمتين ضمتاه إلى السراج. وبكلام آخر، فإن باريس وفرت لحفتر «الشرعية»، التي يحتاج إليها ليتحول من زعيم مجموعة، إلى محاور رئيسي، وقد وصفه ماكرون، بعد قمة الإليزيه بأنه «يمثل الشرعية العسكرية»، في حين يمثل السراج «الشرعية السياسية».

لا أحد يجهل أن لباريس مصالح رئيسية في ليبيا وفي الإقليم، وأنها تسعى للدفاع عنها. لكن مشكلة فرنسا أنها أرادت أن تكون إلى جانب القائد العسكري، وأن تتقارب في الوقت عينه مع السراج، الذي يحظى بدعم دولي. ووفق مصادر رسمية، فإن حفتر تخطى مرحلة قيادة مجموعة عسكرية، أو ميليشيا محدودة، بل أصبح قائداً عسكرياً «يسيطر على 70 في المائة من الأراضي الليبية، وبالتالي لم يعد المشكلة، بل جزءاً لا يمكن تخطيه من الحل». وفي المقابل، فإن لفرنسا «تحفظات» على بعض القوات والميليشيات، التي تقاتل إلى جانب حكومة الوفاق الوطني، والتي ترى أن ارتباطاتها «إسلاموية جهادية».

يضاف إلى ذلك، أنه ينظر إلى حفتر على أنه «رجل أمن ونظام»، وبالتالي فقد يكون مفيداً في موضوع الهجرات غير الشرعية، التي تنطلق من السواحل الليبية باتجاه الشواطئ الأوروبية. ومن هنا، فإن هذه العوامل كافة تجعل باريس «أقرب» إلى حفتر منها إلى السراج. لكنها نجحت في أن تكون على تواصل مع الطرفين. كما سعت للضغط عليهما من أجل أن يتفاهما وهي راغبة في إنجاح مهمة المبعوث الدولي غسان سلامة.

حتى الآن، تبين المعارك الأخيرة أن هدفاً كهذا ما زال بعيداً جداً من أن يتحول إلى واقع. وما تتأسف له باريس هو أن الوعود، التي أغدقها الطرفان في أكثر من مناسبة، بقيت وعوداً، وأن الهوة بينهما ما زالت عميقة، ما يترك الباب مفتوحاً على المجهول.


 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
Down but not out, Haftar still looms over Libya peace process
Turkey's Erdogan meets with head of Libya's UN-recognized govt
Media watchdog urges Libyan gov't to release reporter
Key Libyan interior minister suspended amid protests
Russia and Turkey agree to push for Libya ceasefire, says Moscow
Related Articles
Divisions over Libya are now spreading across the Mediterranean
Erdogan wades into Libya quagmire
It’s time to tackle inequality from the middle
Haftar’s rebranded Libya coups
Russia’s mediation goals in Libya
Copyright 2024 . All rights reserved