TUE 26 - 11 - 2024
 
Date: Jun 23, 2018
Source: جريدة النهار اللبنانية
راية الاستسلام في الميناء لا تُقنع التحالف... معركة الحديدة إلى أين؟
موناليزا فريحة
في الشكل، يبدو تلميح الزعيم الحوثي عبدالملك الحوثي الى امكان تسليم ميناء الحديدة للامم المتحدة مؤشراً لانفراجة محتملة في معركة أثارت مخاوف من أزمة انسانية قاتلة، ولكن عملياً قد لا يغير هذا الاقتراح كثيراً وخصوصاً أن التحالف العربي يصر على تسليم المرفأ كاملاً لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي والانسحاب من مدينة الحديدة كلها.

 يوم الاربعاء، سيطر جنود يمنيون مناهضون للحوثيين تتقدمهم قوات اماراتية من التحالف العربي بقيادة السعودية، على مطار الحديدة، وبدأوا تعزيز سيطرتهم عليه بقصف تحصينات الحوثيين القريبة والتقدم نحو الميناء تمهيداً للسيطرة على مدينة الحديدة، لحرمان الحوثيين من مصدر دخلهم الرئيسي ومنعهم من ادخال صواريخ وأسلحة. 

 ويسكن الحديدة نحو 600 ألف شخص، وهي تعد ميناء رئيسياً تدخل منه غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجهة الى ملايين اليمنيين في بلد يعاني من أزمة انسانية كبيرة ويهدد شبح المجاعة نحو ثمانية ملايين شخص من سكانه.

وأطلقت القوات الموالية للحكومة اليمنية مدعومة من التحالف العربي عملية "النصر الذهبي" في 13 حزيران، بهدف اقتحام المدينة الواقعة على ساحل البحر الأحمر، في أكبر هجوم تشنه هذه القوات ضد المتمردين الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات.

وكانت الامارات حددت الثاني عشر من حزيران موعداً نهائياً للامم المتحدة للتوصل الى حل واقناع الحوثيين بالتخلي عن الحديدة دون قتال.

وأصر التحالف العربي على انسحاب كامل للحوثيين من الحديدة كشرط مسبق لاي اتفاق.

وقال وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش أمس إن "انسحاباً كاملاً وسلمياً وغير مشروط لميليشيا الحوثي من المدينة ومرفأ الحديدة هو السبيل الوحيد لتجنب زيادة الوضع سوءاً في المدينة وحولها".

ولا ينوي التحالف العربي التراجع عن ممارسة الضغط العسكري، وهو يعول خصوصاً على أن تحرير الحديدة سيسرع التسوية السلمية لليمن والشعب اليمني.

اقتراح الحوثي

وكان غريفيث غادر صنعاء بعد أيام من اللقاءات مع الحوثيين فشل خلالها في اقناعهم بتسليم الحديدة، مصرين على ادارة مشتركة للمرفأ مع الامم المتحدة وانسحاب جزئي من المدينة.

ولكن زعيم جماعة "أنصار الله" عبد الملك الحوثي، أفاد الاربعاء أن الجماعة عرضت على الأمم المتحدة الإشراف على إيرادات ميناء الحُديدة الاستراتيجي، غرب اليمن.

وقال في خطاب بثته قناة "المسيرة" الناطقة باسم الجماعة: "عرضنا على الأمم المتحدة أن تشرف على إيرادات ميناء الحديدة، لوقف مزاعم التحالف بقيادة السعودية أن إيرادات حكومة الإنقاذ التابعة للحوثيين في صنعاء تأتي من الميناء".

وأمس، نسبت "رويترز" الى مصادر أن الحوثيين لمحوا إلى أنهم سيقبلون بسيطرة الأمم المتحدة الكاملة على إدارة الميناء وعمليات التفتيش فيه

ووافق الحوثيون على تسليم الأمم المتحدة الاشراف على إيرادات الميناء والتأكد من إيداعها في البنك المركزي اليمني. ويقضي التفاهم ايضاً بأن يظل موظفو الدولة اليمنية يعملون إلى جانب الأمم المتحدة.

ونسبت "رويترز" الى ديبلوماسي غربي أن "السعوديين أعطوا بعض الإشارات الإيجابية في هذا الصدد، وصدرت عن الإماراتيين أيضا همهمات إيجابية لكن لا يزال الطريق طويلا أمام الاتفاق".

ولكن المصادر حذرت من أن الخطة ما زالت بحاجة لموافقة كل أطراف الصراع، ولن تؤدي في مراحلها الأولية على الأقل إلى وقف فوري لإطلاق النار.

ومن شأن هذا الاتفاق اذا أنجز أن يجنب الميناء خسائر كبيرة قد تلحق ضررا ببناه التحتية وتسبب بمفاقمة الازمة الانسانية. فمنظمة الصحة العالمية تحصي 8.4 ملايين يمني يواجهون الجوع، مع مليون اصابة بالكوليرا وتدمير أكثر من نصف المنشآت الطبية وشبكات الطرق .

  ويعتقد على نطاق واسع أن الحوثيين الذين سيطروا على الحديدة منذ 2014، استخدموا الميناء للحصول على عشرات ملايين الدولارات سنوياً من الضرائب والرشى، إضافة الى استخدامه مخزناً لواردت الاسلحة من ايران.

ولكن السياسي والكاتب اليمني علي البخيتي لا يبدو متفائلاً بالعرض الحوثي، ويقول لـ"النهار": "عرض التحالف العربي هذا الاقتراح قبل أكثر من سنة ووافق عليه حزب لمؤتمر الشعبي العام في حينه، الا أن الحوثيين رفضوه وانتقدوا الحزب". لذا يرى أن "عرض الحوثيين يأتي متأخراً، والتحالف العربي لم يقبله وهو يطالب بتسليم الميناء والمدينة والانسحاب من كامل الشريط الساحلي".

وفي كل الحالات، يقول مايكل ديمبسي، الباحث في شؤون الامن القومي في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن إن المعارك ستتواصل في الحديدة في الاسابيع المقبلة، مع احتمالات قوية لسيطرة التحالف العربي على المدينة. ولكن "في افضل الحالات، يتم تحقيق هذا الانتصار في وقت سريع ويجنب الميناء ضرراً كبيراً كما المدينة التي يعاني أهلها أصلاً". أما السيناريو الاسوأ في رأيه فيفترض أن يقرر الحوثيون القتال حتى النهاية، مما يزيد احتمالات تعرض الميناء لأضرار كبيرة ونزوح الالاف من السكان البالغ عددهم 500 الف عن منازلهم. وفي هذه الحالة، سيكون على السعوديين الاستعداد للتحرك سريعاً لوقف حصول كابوس انساني أسوأ.

الواضح أن فرص الحل السياسي تتراجع سريعاً بالنسبة الى الحديدة. ويقول البخيتي إن التحالف العربي والشرعية اليمنية حسمت أمرها بالنسبة الى الحل العسكري، لا في الحديدة فحسب، وإنما أيضاً في البيضاء وصنعاء، معتبراً أن السياسة تتناقض أصلاً والقناعات الدينية للحوثيين، وهم يلجؤون اليها كتكتيك للتمكن من تحقيق اهداف عسكرية.

 ثمة اقتناع واسع بقدرة التحالف العربي على السيطرة على المدينة، وهو ما يزيد الضغط على الحوثيين للجلوس الى طاولة المفاوضات لانهاء الحرب، أو على الاقل تقليص حمام الدم. ولكن الاستيلاء على الحديدة بحسب ديمبسي لا يضمن للتحالف بالضرورة استعادة صنعاء قريباً أو إقناع الحوثيين بسحب مسلحيهم الى الشمال. ومع ذلك، لا يستبعد أن يضطر الحوثيون نتيجة خسارتهم الموارد التي يوفرها لهم ميناء الحديدة، الى التفاوض لتثبيت موقع سياسي واقتصادي طويل الامد لهم.


 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
UN warns of mass famine in Yemen
War turning Yemen into broken state, beyond repair: UN
UN Yemen envoy says Houthi assault on Marib 'must stop'
Yemen rebels mark 2,000 days of 'resistance' with stacks of cash
More than 20 killed in clashes in northern Yemen
Related Articles
If Paris cash went to Yemen women
Yemen war can be breaking point in EU arms sales to Gulf
The Houthi-Tribal Conflict in Yemen
Yemen peace hanging on fragile truce
Diplomats strive to forge peace in Afghanistan, Yemen
Copyright 2024 . All rights reserved