نقلت العائلات السورية الوافدة من بلدة تلكلخ السورية والقرى المحيطة بها الى منطقة وادي خالد اللبنانية ومنها الى عدد من المدن والبلدات، ان اجواء من الترقب والقلق والحذر المشوب بالخوف هي المسيطرة على واقعها.
وقال النازحون عن هذه البلدة، وهم بغالبيتهم من النساء والاطفال والاولاد، أن ليلة الاربعاء - الخميس شهدت اطلاق نار كثيف من دون ان يتبينوا تفاصيل مجريات الامور. وهذا ما رتب تداعيات وفق الاهالي انفسهم، منها احراق مركز خفر الحدود عند الجسر الغربي في منطقة البقيعة السورية القريبة من بلدة تلكلخ وهو المعبر غير الشرعي على مجرى النهر الكبير الذي تعبره العائلات السورية حاليا الى داخل منطقة البقيعة اللبنانية في وادي خالد، بعدما هجرته العناصر الامنية السورية. وقد تبنى اهالي بلدات وادي خالد استقبال العائلات الوافدة اليها "وهم بالقسم الاكبر منهم انسباء واقرباء لهذه العائلات، وإسكانهم في منازلهم مع عائلاتهم او توفير سيارات وحافلات ركاب لنقلهم الى حيث لديهم اقرباء وانسباء في مناطق لبنانية عدة وفق ما افاد اهالي وادي خالد الذين تعاملوا مع هذا الامر من وجهة نظر انسانية مقدمين كل ما يلزم. ويشار الى ان عناصر القوة الامنية المشتركة لضبط الحدود ومراقبتها المتمركزة عند نقطة الحدود على الضفة اللبنانية لجسر البقيعة الغربي، قد افسحوا في المجال امام هذه العائلات لدخول الاراضي اللبنانية بعد سؤالهم عن اوراقهم الثبوتية والتدقيق في ما يحملونه من امتعة. واشارت مصادر حدودية لبنانية الى ان اكثر من 200 عائلة سورية دخلت حتى الآن الاراضي اللبنانية عبر هذا المعبر غير الشرعي، بالاضافة الى عدد من العائلات التي دخلت عبر المعابر الشرعية الاخرى ولكن بنسبة قليلة جدا قياسا بمعبر الجسر الغربي في البقيعة. ولفت الاهالي الى ان هذا العدد مرجح للازدياد مع تخوف العائلات السورية مما قد يحدث اليوم الجمعة، "جمعة الشهداء".
ويشار الى ان صلة النسب بين ابناء القرى والبلدات الحدودية على ضفتي مجرى النهر الكبير شجعت القسم الاكبر من العائلات السورية ولا سيما من بلدة تلكلخ والقرى الحدودية المجاورة لها على اللجوء وان موقتا الى منازل اقربائهم في عدد من القرى اللبنانية القريبة، وخصوصا بلدات وادي خالد ومشتى حسن ومشتى حمود وغيرها من القرى الحدودية القريبة. واللافت ان وادي خالد خلت تماما من حضور اي جمعيات انسانية للاهتمام بأوضاع العائلات الوافدة. اما التعزيزات العسكرية التي كان الجيش قد استقدمها ليل الاربعاء - الخميس الى منطقة وادي خالد فقد اعيدت الى مراكزها التي استقدمت منها مع الابقاء على حال التشدد في مراقبة كل النقاط الحدودية على طول الحدود التي تمتد من العريضة الى نقطة النبي بري في منطقة بيت جعفر بطول يزيد على المئة كيلومتر تقريبا. ويشار ايضا الى ان منطقة وادي خالد باتت محط انظار وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمحطات الفضائية، اذ قصدها عشرات المراسلين لاستطلاع ما هو قائم فيها من باب متابعة اوضاع العائلات السورية الوافدة.
ونقلت "وكالة الصحافة الفرنسية" عن بعض الذين عبروا سيرا نحو الاراضي اللبنانية صباح امس الخميس، ان حركة النزوح بدأت خفيفة منذ مساء الاربعاء مع عبور عدد من العائلات، لكن منذ الثامنة صباح امس الخميس، بلغ عدد العابرين نحو 700". وقال محمود خزعل الرئيس السابق لبلدية المقيبلة الواقعة في منطقة وادي خالد، والذي كان ينتظر اقرباء واصدقاء عند المعبر "ان غالبية القادمين لهم اقرباء في منطقة وادي خالد من خلال المصاهرة". وأوضحت الوكالة "ان معظم الواصلين من النساء والاطفال وبعض كبار السن، وهم يحملون الاكياس والحقائب والفرش والاغطية. وكانت السيارات تنزلهم قبل المعبر الترابي من الجهة السورية ويقطعون المسافة على الاقدام وصولا الى الاراضي اللبنانية".
يشار الى ان البقيعة ليس معبرا رسميا، ويستخدمه حصرا اهالي وادي خالد لدخول سوريا والخروج منها، وهو محظور عادة على السوريين، الا ان عددا من الواصلين افادوا انهم لم يتمكنوا من سلوك معبر جسر قمار الرسمي المخصص للسيارات والواقع على بعد كيلومتر من البقيعة بسبب اقفال الطريق المؤدية اليه بالحجارة والاطارات. وسجل انتشار كثيف للجيش اللبناني مع سيارات عسكرية وناقلات جند في محيط المعبر، وجلس عناصر من الجيش من الجهة اللبنانية للمعبر يدونون اسماء الواصلين. وقال يحيى مرعي (50 عاما) القادم مع زوجته وطفليه، ان "الجيش السوري يفرض طوقا امنيا على كل مخارج تلكلخ ويسمح للمواطنين بالخروج منها، لكن الدخول ممنوع". واضاف: "سارت تظاهرة عصر امس في المنطقة تدخلت على اثرها القوى الامنية وحصل اطلاق رصاص ادى الى سقوط عدد من الجرحى من ابناء المنطقة. وخلال الليل، سمعنا اطلاق نار كثيفا في الشوارع وعند مداخل تلكلخ لم نعرف مصدره، وقررنا المغادرة خوفا من تجدد الاشتباكات". وقالت "ام احمد" صوان (60 عاما): "هربت مع زوجة ابني واحفادي الثلاثة، وبقي ابني داخل تلكلخ لان الاطفال كانوا يبكون طوال الليل"، مشيرة الى انها تقصد مع افراد عائلتها منزل شقيقتها في وادي خالد.
|