TUE 26 - 11 - 2024
 
Date: Oct 14, 2015
Source: جريدة الحياة
لبنان: حدود الحوار شراء الوقت لتمديد الانتظار
بيروت - محمد شقير 
تتعامل قيادات في قوى «14 آذار» مع الحوار الذي يرعاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري على أنه الطريقة المناسبة لشراء الوقت لتمرير مرحلة الإنتظار الى حين الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي بانتخاب رئيس جمهورية بأقل قدر ممكن من الأضرار على البلد. وتعتقد أن هناك حاجة ماسة الى الحوار في ظل وجود حكومة يمكن أن تصبح حكومة تصريف أعمال لأن عدم وجودها يعرض الاستقرار الى انتكاسة.

وتنقل مصادر عن هذه القيادات قولها إن الحوار يشكّل شبكة أمان سياسية للبلد ويضبط الفلتان السياسي ما أمكن وأن لا مبرر في المدى المنظور لفرطه طالما أن الحوار بين تيار «المستقبل» و «حزب الله» قائم برعاية رئيس المجلس النيابي.

وتؤكد المصادر في «14 آذار» لـ «الحياة» أن لا بديل من الحوار أكان ثلاثياً أم موسعاً وأن الحوار بين «المستقبل» و «حزب الله» هو الوحيد في المنطقة العربية في ظل الإحتقان المسيطر عليها، لا سيما بين السنّة والشيعة. ومع أن هذه المصادر لا تراهن على كل أشكال الحوار لإنتاج حلول للأزمة في لبنان، فإنها تتعاطى معها من زاوية أنها تسهم في تنفيس الاحتقان وخفض منسوب التوتر السنّي - الشيعي على رغم أن التدخل العسكري الروسي الى جانب النظام في سورية ضد معارضيه، يضع المنطقة بأسرها أمام مرحلة جديدة من السابق لأوانه التكهن بتداعياتها الأمنية والسياسية على لبنان، بصرف النظر عن لجوء أطراف لبنانية حليفة للرئيس بشار الأسد الى الاستقواء به والرهان عليه لقلب موازين القوى في الداخل لمصلحة قوى «8 آذار» ومن خلالها رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» ميشال عون الذي بدا منتعشاً حياله باعتباره يعيد حظوظه الرئاسية.

وتلفت المصادر الى أن هناك حاجة لمواكبة التدخل العسكري الروسي انطلاقاً من مضاعفاته عربياً ودولياً من ناحية، ولاستقراء حقيقة الموقف الإيراني منه في ظل ما يتردد عن توجس طهران منه على خلفية أنه جاء ليخفف من دورها في القتال في سورية في ضوء عجزها عن حسم الوضع العسكري لمصلحة النظام. وترى أن لا ضرورة للهروب الى الأمام كما تفعل بعض أطراف «8 آذار» التي تحاول القفز فوق إخفاق إيران في إنقاذ الأسد وتقدم التدخل على أنه سيكون على قياس عون.

وتتوقف هذه المصادر أمام ما يحكى عن وجود نية لدى بري في توجيه الحوار في اتجاه البحث عن سلة متكاملة يسهل الاتفاق عليها، انتخاب الرئيس العتيد. على غرار ما حصل في مؤتمر الحوار الوطني الذي استضافته قطر في أيار (مايو) 2008، تقول إن حوار الدوحة جاء بعد توفير الشروط الدولية والعربية والإقليمية لإنجاحه وهذا ما يتعذر تأمينه حالياً. ومع أن بري يعتقد - كما تقول المصادر - إن الاتفاق على هذه السلة سيكون ملزماً لرئيس الجمهورية فإنها تسأل في المقابل إذا كان الوضع الملتهب في المنطقة يوفر الدعم لاتفاق من هذا القبيل؟

وفي المقابل تعترف مصادر أخرى أن الظروف الخارجية ليست مواتية لإطلاق الضوء الأخضر لتطبيق مثل هذا الاتفاق، لكنها ترى أن على المشاركين في الحوار التفاهم أولاً على السلة السياسية وثانياً الانتظار لتكون هذه الأطراف جاهزة لتطبيقه فور أن تسمح الظروف للبنان بأن يستعيد عافيته.

وتضيف هذه المصادر أن جلسة الحوار الأخيرة انتهت الى طرح الأطراف ما لديها في شأن مواصفات رئيس الجمهورية وبالتالي لا بد من الانتقال الى البنود الأخرى في جدول أعماله بدءاً بقانون الانتخاب ومروراً باللامركزية الإدارية الموسعة وانتهاء باستعادة الجنسية.

إلا أن إدراج كل هذه البنود يقود حتماً الى السؤال عن موقف «14 آذار» منها وما إذا كانت على استعداد للبحث فيها أم انها ما زالت على موقفها بإعطاء الأولوية لانتخاب الرئيس، لشعورها بأن مجرد الغوص فيها يعني أنها لا تعارض تمديد الشغور الرئاسي. فهل ستغامر بموقفها المبدئي وهي تدرك سلفاً أن لا إمكان للتفاهم على سلة المواضيع في جدول الأعمال؟

14 آذار واتفاق الطائف

ومع أن «14 آذار» استجابت لدعوة بري الى الحوار، باستثناء حزب «القوات اللبنانية»، فإنها ستكون بالمرصاد لأي محاولة يراد منها اللعب باتفاق الطائف على رغم ملاحظاتها على سوء تطبيقه، لأن الانجرار الى البحث في تعديله سيدفع في اتجاه تسويق البعض لتحويل الحوار الى هيئة تأسيسية لوضع نظام سياسي جديد يريده البعض في «8 آذار» على قياس ما ستؤول إليه الحرب الدائرة في سورية. وهذا ما ينطبق أولاً على «حزب الله» الذي لن يسلّم بوجوب انتخاب رئيس قبل أن يصار الى تظهير أي مستقبل ينتظر سورية!

وعليه، فإن طرح النسبية كأساس في قانون الانتخاب الجديد - بحسب ما قاله بري في جلسة الحوار الأخيرة - يفتح الباب أمام السؤال عن إمكان تسويق قانون انتخاب يجمع بين النظامين النسبي والأكثري، وعن أسباب تراجع عون عن قانون الانتخاب الأرثوذكسي وعن سحبه من التداول اقتراحه الذي ينص على أن يُنتخب الرئيس مباشرة من الشعب؟

وعلمت «الحياة» أن لـ «حزب الله» دوراً في إقناع حليفه عون أن يقول وداعاً لـ«الأرثوذكسي» وأيضاً لانتخاب رئيس من الشعب لأن تمسكه بهما سيلحق به ضرراً من قبل حلفائه الذين ليسوا في وارد مراعاته في هذا الطرح.

لذا، فالمشهد السياسي للحوار المنتظر في 26 الجاري لن يتعدى الرغبة في شراء الوقت لتبرير استمرار الحوار ولن ينتج اتفاقات، ويراد، حتى إشعار آخر، الإبقاء عليه كحاضنة للإنطلاق الى الحلول فور أن تسمح الظروف الخارجية وأي كلام آخر لن يصرف ويبقى في إطار تبادل الآراء.

قانون الانتخاب

وهكذا، فإن بري يحسن في إدارته للحوار، تدوير الزوايا لكسب المزيد من الوقت لتبرير استمراره لأن لا بديل منه فيما نصح «حزب الله» عون بأن يمشي من دون أي تحفظ بقانون انتخاب فيه الغلبة للنظام النسبي على أساس أنه سيؤدي الى ضرب كتلة نيابية هي الأكبر حالياً في البرلمان أي «المستقبل»، لأن تقليص نفوذها يجعل منه المرشح الأقوى لرئاسة الجمهورية.

إلا أن الاتفاق على قانون الانتخاب دونه صعوبات أولها أنه لا يمكن التوصل إليه في ظل تعذر انتخاب الرئيس الذي يفترض أن تكون له كلمة الفصل في القانون لأنه وحده الذي يجيز له الدستور أن يطلب رده الى البرلمان إذا كانت له ملاحظات عليه قد يأخذ بها أو لا. لكن في النهاية لا يمكن حرمانه مثل هذا الحق. وثانيها أن الخلاف يكمن في تقسيم الدوائر الانتخابية بين نسبي وأكثري إضافة الى توزيع المقاعد النيابية عليها.

أما إذا كان المقصود من هذا القانون تقليص نفوذ «المستقبل» من دون المسّ بأحجام الآخرين، استثناء رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط الذي يصرّ على جمع قضاءي الشوف وعاليه في دائرة انتخابية واحدة، فإن طرح هذا القانون على طاولة الحوار في حال لقي موافقة «14 آذار» ما هو إلا «طبخة بحص» أشبه بالطبخات السابقة التي انتهت الى طريق مسدود في اللجنة النيابية الفرعية التي كانت شكلت لهذه الغاية.

كما أن اعتماد مثل هذا القانون سيدفع بكل طرف الى شد البساط الانتخابي لمصلحته في ظل عدم قدرة أي طرف على الفوز بأي مقعد انتخابي من التحالف الشيعي في مناطق نفوذه في الجنوب والبقاع وبالتالي فإن تكبير جدول أعمال الحوار يصب في خانة تمرير الوقت بأقل الأضرار على البلد. خصوصاً أن النسبية كما يقترحها البعض تبقى الغلبة فيها - كما تقول مصادر في «14 آذار» - للعددية طالما أن هناك صعوبة في تحقيق حد أدنى من التعددية في مناطق النفوذ الشيعي.


 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
Long-term recovery for Beirut hampered by lack of govt involvement
Lebanon to hold parliamentary by-elections by end of March
ISG urges Lebanese leaders to form govt, implement reforms
Lebanon: Sectarian tensions rise over forensic audit, election law proposals
Lebanon: Adib faces Christian representation problem in Cabinet bid
Related Articles
The smart mini-revolution to reopen Lebanon’s schools
Breaking the cycle: Proposing a new 'model'
The boat of death and the ‘Hunger Games’
Toward women-centered response to Beirut blast
Lebanon access to clean drinking water: A missing agenda
Copyright 2024 . All rights reserved