WED 27 - 11 - 2024
 
Date: Jul 21, 2015
Source: جريدة النهار اللبنانية
"مجموعة الأزمات" عن لبنان: الدولة تنحلّ في شكل بطيء و... أكيد انخراط "حزب الله" في دور إقليمي عمّق الانقسام الطائفي
 ر. ص.
"يحافظ لبنان على وجوده بفضل جهازه المناعي الاستثنائي. غير أن هذه القدرة على البقاء تحوّلت ذريعة لتعطيل طبقته السياسية وهو ما يمكن أن يؤدي إلى انهيار البلاد".

هذا الاستنتاج وغيره، شكّل مادة تقرير "مجموعة الازمات الدولية" عن لبنان والذي صدر امس متضمناً "جردة" لتداعيات الصراع السوري والانفتاح على ايران على الواقع اللبناني، ودعا الى اتخاذ خطوات ملموسة تخفف التوتر، محذرا من "الانحلال البطيء والأكيد للدولة". وإذ نبه إلى حالات الاستقطاب والارباك التي تعيشها الطوائف، طالب بإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية من دون انتظار تدخل خارجي. ومما جاء فيه:

"أخفقت الأطراف التي تخشى انهيار التوازن السياسي الهش في انتخاب رئيس أو تمكين رئيس الوزراء من الحكم، وفضّلت الشلل على أي خيار تعتقد أن من شأنه إحداث تغيير عميق في الوضع. يفرز الصراع في سوريا كل أنواع المشاكل، القديمة منها والجديدة والتي، على المدى البعيد، ستحمل كل احتمالات زعزعة الاستقرار. وعلى رغم أن هذا الوضع يتطلب التصدّي له على نحو عاجل، الا انه من غير الواقعي توقُّع اتخاذ تدابير جريئة. غير أنه يمكن السياسيين - بل يجب عليهم- أن يتّخذوا خطوات ملموسة من شأنها أن تخفّف حدة التوترات في انتظار الاعوام التي قد تستغرقها تسوية الصراع في سوريا.

يستمر لبنان في "أداء وظائفه" في احتواء أزمة تتوالى فصولها ببطء، وإجراءات أمنية ينتج منها استقطاب متزايد وترتيبات غير رسمية بين الخصوم يتوقَّع منها التعويض عن غياب رئيس الجمهورية، وسلطة تنفيذية فاعلة، وجهاز قضائي مستقل، ورؤية اقتصادية، وسياسة لمعالجة شؤون اللاجئين. وفي حين يستمر في الصمود أمام التهديد والضغوط الخارجية، فإنه منغمس في هذا التحدّي المرهق الى درجة يسمح فيها لنفسه بالتردّي والانحلال على نحو بطيء لكن أكيد.

ثمة عوامل تعمل لمصلحة لبنان، فقد توقف عن كونه حلبة رئيسية لمحاولات تغيير موازين القوى الإقليمية. حلّ محلّه كل من سوريا، والعراق، واليمن وليبيا (إضافة إلى فلسطين). القوة العسكرية والتنظيمية الكبيرة التي يتمتع بها "حزب الله" منعت أي محاولة لتحدّيه. ولا تزال الذكريات المريرة للحرب الأهلية تشكّل تحصيناً للدولة والمجتمع ضد الانخراط مرة أخرى في صراع داخلي جدّي.

إلاّ أن الديناميكيات التي تشهدها البلاد تشبه على نحو غريب تلك التي سبقت الحرب الأهلية. فقد عادت ثقافة الميليشيات، التي سادت في الماضي (...) إلى الظهور. والفوارق الاجتماعية والاقتصادية القديمة باتت أكثر عمقاً. وتدفُّق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين يعيد إلى الأذهان الموجة السابقة من اللاجئين الفلسطينيين، الذين أدى رفضهم من شرائح واسعة من المجتمع وما تلا ذلك من تسييس لقضيتهم، إلى تحوّل ما كان في البداية مبعث قلق تهديدا رئيسيا للأمن. انخراط "حزب الله" في دور إقليمي أدى إلى تعميق الانقسام الطائفي (...) ويشهد الجيش المؤسسة العابرة للطوائف والتي تعتبر العمود الفقري لما تبقّى من الدولة، حالة استقطاب متزايد.

وثمة مصدر آخر للقلق يتمثل في الإرباك غير المسبوق الذي تشهده الطائفة السنيّة، إلى جانب الشيعة والمسيحيين. يعكس خطاب قيادتها المفترَضة والمتمثلة في "تيار المستقبل"، الإحباطات المتنامية لقواعدها، بينما تخفق في مخاطبة هذه القواعد في شكل فاعل. ونظراً الى تراجع اهتمامها وانخراطها في مخاوف القواعد ومشكلاتها، بات المجال متاحا امام تيارات متنافسة، بعضها متطرّف أو حتى عنيف، لتمثيل هذه الطائفة التائهة، والمنقسمة والغاضبة، والمصابة بالذهول من قوة عزيمة "حزب الله"، وتطور الموقف الأميركي حيال إيران والعنف المستمر ضد السنّة على أيدي النظامين في سوريا والعراق. في المقابل، فإن تحوّل الطائفة التدريجي نحو مواقف أكثر راديكالية، الأمر الذي يثير مخاوف وجودية من الأصولية السنية لدى الجماعات الأخرى، يساهم في تنامي الدعم الذي يحظى به "حزب الله"، بصرف النظر عن كلفة الصراع المتصاعد. كما أن إحجام الجيش عن التصدّي للنشاط الشيعي العسكري، وقت يقوم بقمع مثيله السني، كونه يشكّل خطراً أكثر إلحاحاً، يساهم في تعميق الانقسام.

الطبقة السياسية، التي نمت وتغذّت على الصراعات، عازمة على الاكتفاء باحتواء الأزمة، وتفضّل تحاشي حدوث مواجهة دموية تعرف تماماً أنه لا يمكن الانتصار فيها وأنها ستكون مكلفة للجميع. وفي حين تشكل الاتفاقات المحلية غير الرسمية التي عقدتها بدائل موقتة فاعلة، فهي تساعد في المحافظة على الوضع الراهن وفي الوقت ذاته، في تآكله تدريجاً (...).

من المرجح أن يفاقم سوء الإدارة، مصحوباً بالسياسات غير الديموقراطية وغير الدستورية، المشكلات الى درجة يصبح فيها التغيير الجذري الوسيلة الوحيدة لمعالجة هذه المشكلات.

من مصلحة الطبقة السياسية الانتهازية تأجيل تلك اللحظة، لكن المفارقة هي أن ذلك يمكن أن يشكل أيضاً دافعاً يمكن تحويله لمصلحة البلاد، إذا سمح الوقت والظروف الإقليمية بذلك (...) تشمل الخطوات الصغيرة لكن البناءة التي يمكن اتخاذها إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية التي تأخر إجراؤها كثيراً، من دون انتظار تدخل خارجي لتحديد نتائجها، كما كانت الحال تاريخياً أو كذريعة تستخدم للتأجيل، وتبنّي سياسة حيال اللاجئين السوريين تقلّص التهديدات الأمنية وتطبيق محاكمات قضائية عادلة للسجناء الإسلاميين وإخضاع عناصر الأمن للمساءلة عن الانتهاكات التي تتم ممارستها ضد السجناء، واللاجئين والمجموعات الضعيفة الأخرى. إذا أخفقت الطبقة السياسية والآخرون الذين يمكنهم التأثير في المسار في اتخاذ خطوات مماثلة فإن البلاد لن تنجح إلاّ في تجاوز الحالات الطارئة التي تواجهها في الوقت الحاضر على حساب رهنها لمستقبلها".


أقرأ التقرير بالكامل باللغة الانكليزية


 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
Long-term recovery for Beirut hampered by lack of govt involvement
Lebanon to hold parliamentary by-elections by end of March
ISG urges Lebanese leaders to form govt, implement reforms
Lebanon: Sectarian tensions rise over forensic audit, election law proposals
Lebanon: Adib faces Christian representation problem in Cabinet bid
Related Articles
The smart mini-revolution to reopen Lebanon’s schools
Breaking the cycle: Proposing a new 'model'
The boat of death and the ‘Hunger Games’
Toward women-centered response to Beirut blast
Lebanon access to clean drinking water: A missing agenda
Copyright 2024 . All rights reserved