بعد أشهر من تمدد الميليشيات الحوثية المدعومة من ايران في اليمن وصولاً الى مدينة عدن في جنوب البلاد المطلة على باب المندب الاستراتيجي، قادت المملكة العربية السعودية تحالفاً عسكرياً اقليمياً بمشاركة تسع دول من أجل "الدفاع عن الحكومة الشرعية ومنع حركة الحوثيين المتطرفة من السيطرة على البلاد". وشن التحالف اعتباراً من منتصف ليل الاربعاء - الخميس غارات جوية على مواقع عسكرية للحوثيين بينها مطارات في صنعاء وصعدة.

 

وتمكن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، من مغادرة عدن في حماية سعودية والوصول الى الرياض على ان يتوجه لاحقاً الى شرم الشيخ في مصر لحضور القمة العربية المقرر عقدها غداً. ونشرت وسائل اعلام سعودية حكومية صورا لهادي يبتسم وهو يمسك بيد وزير الدفاع السعودي الامير محمد بن سلمان الذي استقبله في مطار الرياض.

والى السعودية، تشارك في الغارات مصر والمغرب والاردن والسودان وباكستان والبحرين ودولة الامارات العربية المتحدة والكويت وقطر.

وصرح الناطق باسم "عاصفة الحزم" العميد احمد عسيري في مؤتمر صحافي بالرياض، بان العمليات "تستمر ما دامت هناك حاجة لاستمراراها حتى تحقق اهدافها". وأضاف: "حاليا لا تخطيط لعمليات برية ولكن ان استدعى الامر فان القوات البرية السعودية والدول الصديقة والشقيقة جاهزة وسترد على أي عدوان من أي نوع". وأوضح ان "الهدف الاساسي للعملية... تمكين الشرعية المتمثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة"، معربا عن امله في "تحقيق الاهداف سريعا".

وعن المواقع التي استهدفتها الغارات لدى انطلاق العملية، أشار الى "استهداف مواقع مضادات ارضية مختلفة، مدفعية، وصواريخ سام وتم تدميرها بالكامل... دمرت مرابض الطائرات والمدارج الرئيسية التي تستخدم للاقلاع". و"احد الاهداف قاعدة الديلمي الجوية التي تحوي طائرات، مخازن اسلحة، حظائر طائرات، مراكز صيانة، اسناداً فنياً للطائرات"، مؤكدا ان "الاهداف بدأت تتحقق مع اول 15 دقيقة وحصلت القوات الجوية السعودية على سيطرة جوية مطلقة".

ووسعت المقاتلات الخليجية غاراتها على المواقع العسكرية اليمنية الخاضعة لسلطة الحوثيين. وقصفت بالصواريخ ليلاً مواقع عسكرية في محافظة الضالع، مدمرة منظومة صواريخ تابعة للواء 33 ، وحلقت في سماء محافظة تعز التي اهتزت ليلا على وقع المضادات الأرضية لدى تصديها للطائرات المغيرة فوق منظومة الدفاع الجوي بالقاعدة العسكرية المجاورة لمطار تعز الدولي من غير ان تشن غارات، فيما دمرت غاراتها في صنعاء وصعدة ولحج منظومة الدفاع الجوي إلى تدميرها طائرات حربية وشلت حركة أكثر المطارات المدنية والعسكرية.

وطالب زعيم جماعة "أنصار الله" عبد الملك الحوثي في خطبة وجهها إلى الشعب ونقلتها قناة "المسيرة " في بث مباشر، الدول المشاركة في عملية" عاصفة الحزم" بـ"وقف العدوان"، متوعداً بـ"حرب طويلة على المعتدين وخيارات مفتوحة وعملية".

واتهم الولايات المتحدة بـ"التخطيط والتمويل والدعم لهذا العدوان"، واصفا منفذيه بأنهم "دمى تنفذ رغبات القوى الكبرى الساعية لتدمير اليمن واحتلاله" وأمل "أن لا يكرر النظام المصري تجربته الخاطئة في اليمن". وتعهد "الرد على العدوان"، قائلاً إن "الشعب اليمني لن يقبل بامتهانه وحصاره واحتلال ارضه ولن نقف مكتوفي الأيدي وستكتشف تلك القوى الاجرامية العميلة انها ارتكبت الخطأ بعدوانها هذا".

وقد استمرت المواجهات امس بين قوات الجيش واللجان الشعبية الموالية للحوثيين والقوات الموالية لهادي في مناطق متفرقة من محافظات الضالع وأبين ولحج، فيما فرضت القوات الموالية للحوثيين سيطرة كاملة على محافظة عدن.

 

وفي تطور على صلة بالاحداث الجارية في اليمن، اعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أن وزراء الخارجية العرب وافقوا في اجتماعات عقدت في منتجع شرم الشيخ على إنشاء قوة عسكرية لمواجهة التهديدات الأمنية التي تتعرض لها دول عربية.

وقال خلال مؤتمر صحافي في نهاية الاجتماعات إن المشاركة في القوة اختيارية من الدول العربية. وأضاف أن وزراء الخارجية وافقوا على "صيانة الأمن القومي العربي ومواجهة التهديدات بصورة شاملة... وزراء الخارجية وافقوا اليوم على مبدأ هام وهو إنشاء قوة لمواجهة هذه التهديدات". وأوضح أن مهمة القوة العسكرية ستكون التدخل السريع لمواجهة أي تهديدات تتعرض لها أي دولة عربية.

واعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي رأس الاجتماعات بعد تسلمه الرئاسة الدورية لمجلس وزراء الخارجية العرب أن قرار إنشاء القوة العربية سيرفع إلى القمة العربية التي ستعقد السبت والأحد في شرم الشيخ لمناقشته وإقراره.

وبث التلفزيون المصري أن وزراء الخارجية العرب طلبوا من العربي التنسيق مع رؤساء أركان الجيوش العربية في غضون شهر لانشاء القوة.

واسفرت غارات "عاصفة الحزم" عن تدمير مقاتلات يمنية عدة وأجزاء من المدرج الحربي لقاعدة الديلمي العسكرية وتعطيل جزئي لمنظومة الدفاع الجوي، إلى تدمير منصات في ألوية الصواريخ والدفاعات الجوية في القصر الجمهوري، فضلا عن تدمير الدفاعات الجوية في قاعدة العند ومطارها ومستودعات اسلحة في صعدة وصنعاء ومحيطها.

واستهدفت الغارات معظم مواقع قوات الدفاع الجوي ومواقع عسكرية ومستودعات اسلحة تابعة للجيش اليمني في العاصمة وضواحيها والقصر الجمهوري ومقر إقامة الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومواقع عسكرية وأخرى تابعة للجيش والحوثيين في محافظة حجة ، وكذلك مناطق في محافظة صعدة ومطارها الجوي إلى استهدافها بشكل مباشر مناطق ضحيان والنقعة والمنزالة والحزم وكتاف، وكذلك منطقة مران مسقط رأس زعيم جماعة "أنصار الله" عبد الملك الحوثي بصعدة.

وأرغمت الغارات سلطات مطار صنعاء الدولي على تعليق حركة الملاحة موقتاً. وقررت وزارة التربية والتعليم تعليق الدراسة في مدارس العاصمة وبعض المحافظات.

وفي الجنوب، افاد مصدر امني في مطار عدن ان مسلحي اللجان الشعبية الموالية للرئيس اليمني المعترف به دوليا عبدر به منصور هادي استعادت امس السيطرة على المطار، وذلك بعد انطلاق العملية العسكرية ضد الحوثيين. وقال ان "الكتيبة الموالية لعلي عبدالله صالح التي سيطرت على مطار عدن انسحبت خوفاً من القصف الجوي واستعادت اللجان الشعبية السيطرة على المطار".

وبثت قناة "الاخبارية" السعودية الحكومية أن هادي وصل الى الرياض وانه في طريقه الى شرم الشيخ لحضور القمة العربية غداً.

وعصراً احتشد عشرات الآلاف من الحوثيين في منطقة باب اليمن بعد معاودة الطائرات السعودية شن غاراتها على صنعاء، استجابة لدعوة اللجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين التي تتولى مهمات رئيس الجمهورية الانتقالي والتي دعت اليمنيين إلى تظاهرات "في العاصمة للرد على الاعتداءات وللتعبير عن تنديدهم واستنكارهم للعدوان الخليجي على اليمن".

 

واستناداً الى قناة "العربية" السعودية التي تتخذ دبي مقراً لها، فإن الامارات ارسلت 30 طائرة مقاتلة الى السعودية للمشاركة في العملية التي خصصت لها المملكة مئة مقاتلة و150 الف عسكري. واضافت ان مقاتلات من الاردن وقطر والبحرين والكويت تشارك في العملية ايضاً. وسلطنة عمان هي الدولة الوحيدة في مجلس التعاون الخليجي التي لم تشارك فيها.

وأصدرت الرئاسة المصرية بياناً جاء فيه انه "استجابة للنداء الذي أطلقته الجمهورية اليمنية الشقيقة، واتساقاً مع الموقف الذي اتخذته دول مجلس التعاون الخليجي بدعم الشرعية ... كان حتمياً على مصر تحمل مسؤوليتها وأن تلبي نداء الشعب اليمني من أجل عودة استقراره والحفاظ على هويته العربية، وذلك من خلال مشاركة عناصر من القوات المسلحة المصرية من القوات البحرية والجوية". واتجهت أربع سفن حربية لتأمين خليج عدن.

وفي اسلام اباد، قال مكتب رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف في بيان إن أي تهديد لسلامة السعودية "سيثير ردا قويا" من إسلام آباد. ورأس شريف "اجتماعا رفيع المستوى" شدد فيه على أن لباكستان روابط وثيقة وأخوية مع السعودية وبلدان مجلس التعاون الخليجي الأخرى. وجاء في البيان أن باكستان سترسل وفدا يضم مسؤولين عسكريين إلى السعودية اليوم. وسبق لوزارة الخارجية الباكستانية ان اعلنت أن اسلام اباد تدرس طلب السعودية إرسال قوات إلى اليمن. وفي اسطنبول، صرح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لتلفزيون "فرانس 24" بأن تركيا قد تنظر في تقديم دعم في مجال الامداد والتموين للعملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن . واضاف: "يجب ان تنسحب ايران والجماعات الارهابية".

 

في بروكسيل، صرحت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني بان "الاحداث الاخيرة في اليمن ادت الى تفاقم الوضع الهش اصلا على نحو خطير في البلاد وقد تكون لها تداعيات اقليمية خطيرة". وقالت: "انني مقتنعة بان العمل العسكري ليس حلا". ودعت كل "الجهات الفاعلة الاقليمية" الى "التحرك بطريقة مسؤولة وبناءة لتوفير الظروف للعودة الى المفاوضات".

 

في شرم الشيخ بمصر، قال وزير الخارجية العراقي ابرهيم الجعفري على هامش الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية، ان بلاده ترفض "التدخل العسكري الاجنبي" في اليمن وتؤيد "الحلول السلمية" للنزاع في هذا البلد. واضاف: "نحن متمسكون بمبدأ عدم التدخل في شؤون الدول أياً كان الثمن لان ذلك من شانه ان يعقد الموضوع".

 

في دمشق، اوردت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" أن سوريا عبرت عن قلق بالغ مما وصفته بأنه عدوان سافر في اليمن. ونقل التلفزيون السوري الرسمي عن مصدر في وزارة الخارجية أن دمشق تحض الأطراف اليمنيين على الحوار للتوصل إلى حل سياسي لخلافاتهم.

 

وقال البيت الأبيض في وقت متقدم الأربعاء إن الولايات المتحدة تدعم العملية العسكرية التي تقودها دول مجلس التعاون الخليجي وإن الرئيس الأميركي باراك أوباما أجاز تقديم مساعدة في مجال الامداد والتموين ومعلومات الاستخبارات .

وكشف مسؤولون اميركيون ان الولايات المتحدة تدرس تزويد السعودية طائرات رادار للانذار المبكر وتوفير عمليات تزويد للوقود في الجو للطائرات الحربية المشاركة في "عاصفة الحزم".

وقال مسؤول اميركي رفيع المستوى ان العملية العسكرية في اليمن "لن يكون لها تأثير" على مفاوضات البرنامج النووي الايراني.

وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جيف راتكي بأن الولايات المتحدة تفضل حلاً من عن طريق التفاوض للقتال في اليمن، لكنها تتفهم المخاوف السعودية التي أدت الى القيام بعمل عسكري هناك.

وقال الناطق باسم مجلس الامن القومي الاميركي اليستر باسكي: "نشعر بالقلق من نشاطات ايرانية في اليمن ومعلومات عن نقل ايران اسلحة تساهم في زعزعة وتهديد الحكومة الشرعية" في اليمن.

واتصل الرئيس الاميركي بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي رأى لاحقاً إن ايران تحاول الهيمنة على الشرق الأوسط وان جهودها بدأت تزعج تركيا والسعودية ودول الخليج العربية الأخرى. وقال: "يجب ان تفهم ايران انه ليس من الممكن فعلا التسامح مع ذلك". واضاف ان طهران يجب أن تسحب اي قوات لها في اليمن وايضا في سوريا والعراق وان تحترم سلامة اراضي تلك الدول.

وأفادت باكستان انها سترسل اليوم وفدا رفيع المستوى الى السعودية لتقويم مشاركة محتملة في العملية العسكرية في اليمن. ووعدت بـ"رد قوي" على اي عدوان على المملكة حليفها الاستراتيجي.

وفي المقابل، نقلت الرئاسة الايرانية عن الرئيس حسن روحاني تنديده خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بـ"العدوان العسكري" على اليمن.

وقال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان "أي تدخل عسكري من الخارج ضد وحدة اراضي اليمن وشعبها لن تكون له اي نتيجة سوى مزيد من القتلى واراقة الدماء". واضاف ان هذا التدخل من شأنه ان يخدم الاسلاميين المتطرفين.

وحذرت الناطقة باسم وزارة الخارجية الايرانية مرضية افخم من ان العملية العسكرية السعودية التي تشن في اطار تحالف "ستزيد تعقيد الوضع واتساع الازمة". ودعت الى وقف فوري للغارات الجوية على اليمن.

وقال رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الايراني علاء الدين بوروجردي "ان اقدام المملكة السعودية على تأجيج حرب جديدة في المنطقة يظهر انها متهورة".

وقال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا خلال مكالمة هاتفية مع روحاني الى وقف فوري للنشاطات العسكرية في اليمن.