MON 18 - 8 - 2025
 
Date: Jan 9, 2011
 
الاستخدام الفصائلي لمصطلح "الجمعيات الأهلية" و"هيئات المجتمع المدني"

الاحد 9 كانون الثاني 2011

أنيس محسن


في 22 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، دعت "منظمة ثابت لحق العودة"، وهي من التشكيلات "الأهلية" لحركة "حماس"، منظمات المجتمع المدني الفلسطيني وممثلين عن الفصائل ومهتمين واكاديميين.. الخ، لجلسة نقاش بمناسبة مرور 4 سنوات على تأسيس "ثابت" تحت عنوان: "الجمعيات الأهلية الفلسطينية في لبنان ودورها في دعم القضايا المدنية للاجئين وتحصين حق العودة".
استغرق الأمر قرابة نصف ساعة، هو الوقت المخصص للجلسة الإفتتاحية التي القى كلمات خلالها كل من مدير عام "ثابت" علي هويدي والمدير العام للأونروا في لبنان سلفاتوري لومباردو ورئيسة لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني مايا مجذوب وراعي حلقة النقاش الوزير وائل أبو فاعور. وقد تبيّن للمدعوين أن لا جلسة نقاش، إنما عرض إنجازات لـ"ثابت" و"واجب" و"مجلس العلاقات الفلسطينية الأوروبية"، وكلها تابعة لـ"حماس"، التي سعت إلى إظهار أن كل ما سبق العام 2006، أي تاريخ تأسيس الهيئات الثلاث، كان صفرا وأن تاريخ العمل الشعبي الفلسطيني بدأ مع "حماس" وتشكيلاتها "الأهلية"، الأمر الذي أوجد امتعاضا بين المشاركين وتوترا في أجواء الجلسة النقاشية.


بكل الأحوال، وفي نقاش عنوان حلقة النقاش: "الجمعيات الأهلية الفلسطينية في لبنان ودورها في دعم القضايا المدنية للاجئين وتحصين حق العودة"، يبدو واضحا الزج النفعي الذاتي لمصطلحين، هما أداتان وليستا مفهومين: "المجتمع الأهلي" من جهة و"المجتمع المدني" من جهة أخرى.
فمصطلحات هيئات "مجتمع مدني" أم "هيئات مجتمع أهلي" له علاقة بالبعد الأيديولوجي السياسي، على الطريقة الفلسطينية.


وللخروج من عملية تطويع المصطلحات على أساس استخدامي مصلحي حزبي ضيق، يضع تلك التشكيلات في صدام تناحري، يتوجب القيام بنقاش أكاديمي للمصطلحين، وبالتالي تفكيكهما تسهيلا للوصول الى اعادة الصهر في إطار التناقض ضمن الوحدة، والسماح للطاقات المجتمعية الكامنة بالانطلاق خدمة لمشروع وطني واحد جامع، هو المشروع الوطني الفلسطيني:
1 "المجتمع الأهلي": من العنوان يستقى المضمون: الروابط تعتمد على العلاقات العائلية والعشائرية والجهوية. وسائل الإنتاج ريفية صغيرة، بالتالي هو تعبير ما قبل حداثي، وسياسيا يرتبط "المجتمع الأهلي" بالنسق السياسي السلطوي التقليدي من حيث المفاهيم.


2 "المجتمع المدني": تعبير عصري مرتبط بتطور المجتمعات في الغرب الصناعي وينزع نحو الانفصال عن السلطة السياسية المباشرة. لا تعتمد هيئات المجتمع المدني (الـNGOs)، أو المفروض أن لا تعتمد، على الانتماءات العائلية والعشائرية والجهوية، بل على تقاطع المصالح داخل المجتمعات الصناعية وما بعد الصناعية، وهي وحدة متكاملة، كما يرى المفكر الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي، وهو أول من استخدم مصطلح "المجتمع المدني": وتشكيلات المجتمع المدني كما يراها غرامشي هي الحزب السياسي والنقابة والجمعيات الخيرية وذات المنفعة العامة كلها تمثل المجتمع المدني، ولكل دوره في العملية السياسية الاجتماعية الاقتصادية العامة.


أساسا الحديث، أو النقاش، أو الخلاف يدور هنا حول "المجتمع المدني"، كأداة تعزز استخدامها فلسطينيا خصوصا بعد العام 1982، نتيجة لغياب او ضعف السلطة السياسية الفصائلية وتاليا تلاشي الهيئات النقابية المرتبطة بها كما يقول البعض، أو جراء محاولة استغلال الدول الغربية الفراغ في الوضع الفلسطيني الشعبي مع ضعف تأثير الفصائل كما يرى بعض آخر.
يجب الإعتراف، نظريا، بأننا اقرب الى "المجتمع الأهلي" كوننا لا نزال مفهوميا، في السياق الاجتماعي، محكومين بالعلاقات الأبوية المعتمدة اساسا على النسق العائلي العشائري الجهوي.
لكن الإعتراف هذا الذي قد يرضي البعض ولا يرضي البعض الآخر، يبقى مبتسرا ما لم نتابع الاعترافات:


ان علاقات ما قبل الحداثة تصطدم بعنف، وداخل مجتمعاتنا في الشرق العربي، وخصوصا فلسطينيا، مع التطور العالمي الحاصل. ان علاقاتنا الإجتماعية، المبني على اساسها مصطلح الهيئات الأهلية، تتواجه وتتصارع داخل كل فرد وكل جماعة ومجتمع، مع التقدم العلمي والتكنولوجي والإجتماعي المنقول اكثر واكثر عبر ثورة العولمة، ومع الأشكال الإجتماعية المتوالدة في الدول المتقدمة عن هذا التقدم، وهي ما يعبر عنها المفكر الأميركي ألفين توفلر بفكرة تصادم موجات التطور، وهي ثلاث الى الآن، طبعا وفق توفلر: الموجة الأولى المتأتية عن الانتقال من مجتمع الرعي الى الزراعي والثانية من المجتمع الزراعي الى الصناعي، والآن من المجتمع الصناعي الى "مجتمع الإعلام والمعلوماتية"، وما يتأتى منها من متغيرات مجتمعية. والصدام هذا ليس فقط صداما لحظيا، انما قد يستمر في كل المراحل ويتداخل، وفي حالتنا، فإننا نعيش حالة تصادم بين تداعيات الموجات الثلاث في آن واحد.


في التجربة الفلسطينية، وعودة الى النقاش حول "الأهلي" و"المدني"، فإن الأول مرتبط بالفصائل، التي تعتمد اساسا على البعد البترياركي او ما قبل الحداثي في العملية السياسية على المستوى القيادي، اي الشكل الأبوي، ولذلك فإن الأسهل لها التعامل مع هيئات "أهلية" ضمن هذا النسق المستقر على التعامل مع هيئات "مدنية" يجب الا تكون معتمدة على النسقية تلك المرتبطة بالعائلية والعشائرية والجهوية.


إن خلق صراع افقي فلسطيني: "هيئات أهلية" و"هيئات مدنية"، يعزز التناحر العمودي السياسي بين الفصائل بعضها مع بعض، فيما المطلوب توحيد كل الجهود في اطار المشروع الوطني الفلسطيني العام، عبر تعزيز ثقافة المقاومة، وعندما نتحدث عن ثقافة هنا، لا بد من التأكيد ان الجمود لا يولد ثقافة، انما تتولد الثقافة من دينامية مجتمعية تكون طاقات المجتمع فيها متحررة من التحكم والسيطرة بالمفهوم الأيديولوجي او الفصائلي الضيق، الى رحاب المجتمع المدني الديناميكي بكل أدواته: السياسية كفصائل والمدنية كهيئات أهلية او NGOs.


[المقالة جزء من مداخلة كانت أعدت لمصلحة "المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان" (حقوق) لتقديمها خلال جلسة نقاش "منظمة ثابت"، لكن تحول جلسة النقاش عن عنوانها حال دون تقديمها.


The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Inside:
Why Algeria will not go Egypt's way
When revolutionary euphoria subsides: Lessons from Ukraine
A letter from the Cedar Revolution to the Nile Revolution
Mubarak, save Egypt and leave
Barack Obama sees Egypt, but remembers Indonesia
Just changing generals is not freedom
Egypt’s Youth are Responsible for Defending their Revolution from Those who Would Climb upon It
Can Lebanon kill its own tribunal?
Egypt's future in Egyptian hands
Social media are connecting Arab youths and politicians
The Mediterranean between sunny skies and clouds of pessimism
For the West, act of contrition time
Why Arabs have airbrushed Lebanon out
The Tunisian experience is likely to mean evolution in Morocco
Can Egypt's military become platform for political change?
Lost generations haunt Arab rulers
Democracy: not just for Americans
For better or worse, Arab history is on the move
The Middle East's freedom train has just left the station
Mubarak's only option is to go
Ben Ali's ouster was the start, and Mubarak will follow
Is this a Gdansk moment for the Arabs?
Tunisia may be a democratic beacon, but Islamists will profit
The Arabs' future is young and restless
Egypt's battle requires focus
Arab rulers' only option is reform
Exhilarating Arab revolts, but what comes afterward?
Hezbollah enters uncharted territory
Resisting change fans the flames
To participate or not to participate?
choice decisive for Lebanon
Lebanon typifies Arab political poverty
Between Tunisia’s Uprising and Lebanon’s Tribunal
Lebanon, Between Partnership and Unilateralism
What might Hezbollah face once the trial begins?
In Lebanon, echoes of the Iraq crisis
Is Hezbollah's eye mainly on Syria?
Egypt's Copt crisis is one of democracy
The thrill and consequences of Tunisia for the Arab region
Three Arab models are worth watching
Tunisia riots offer warning to Arab governments
Tunisia has a lesson to teach
Time for Lebanese to re-think stances
Amid stalemate, let negotiations begin!
North Africa at a tipping point
The Options Available When Faced with the Failure of Arab Governments
Latifa and Others
Troubling trends in this Arab new year
The past Lebanese decade
Beyond the STL
Yet another Arab president for life
An independent Egyptian Web site gives women a voice
Fight the roots of extremism
Fractures prevail as Arabs cap 2010
Truth about injustice will help reduce Muslim radicalization
Christian flight would spell the end for the Arab world
Defining success in the Lebanon tribunal
60% of the Lebanese and 40% of Shiites Support the Choice of Justice
Without remedy, Lebanon faces abyss
The Saudi succession will affect a broad circle of countries
The Arab world faces a silent feminist revolution
The canard of regime change in Syria
Egypt faces a legitimacy crisis following flawed elections
Lebanon: Reform starts with politicians
Human Rights: Three priorities for Lebanon
What's changed?
Monitoring in the dark
Myths about America
Lessons from the fringes
On campus, not all get to vote
'Your credit is due to expire'!
Blood for democracy
Lebanon can solve its own problems
The Janus-like nature of Arab elections
Social Structural Limitations for Democratization in the Arab World
Jordan’s Public Forums Initiative
Islamic Historic Roots of the Term
Copyright 2025 . All rights reserved