MON 18 - 8 - 2025
 
Date: Jan 8, 2011
 
مسالك النقاش وعنف التأويل ...صورة المرأة من الخطاب إلى الحجاب

السبت, 08 يناير 2011
هيثم سرحان *


تسعى هذه المقالة إلى مقاربة رؤيتين متابينتين من جهة ومركزيتين من جهة أخرى هما: السفور والحجاب. فأما تباينهما فيكمن في أن كل رؤية منهما تعارض الأخرى في الموقف الثقافي من جهة سفور المرأة المفضي إلى حضورها وفعاليتها وخطابها، ومن جهة حجابها المفضي إلى الإقصاء والعزل. وأما مركزيتهما فتتمثل في أنهما رؤيتان تشكلان جدلاً عميقاً وخصومة كبرى بين اتجاهين معرفيين أسهما في إنتاج ركام تأويلي أدى إلى تأطير المرأة بتخييلات وإحاطتها بعلامات ثقافية عاظمت من تلقي حضورها الثقافي وبالغت في إخضاعها للرقابة.


ويمثل رؤية السفور موقف الجاحظ العقلاني (ت 255 هـ) في كتاب القيان خاصة، ويقوم هذا الموقف على الدفاع عن حضور المرأة في النظام الثقافي العام واختلاطها بالرجال ومحادثتهم ومجالستهم من دون تأثيم أو تحريم. ويمثل رؤية الحجب موقف السيوطي النقلي (ت 911 هـ) الوارد في كتابه الموسوم بـ «إسبال الكساء على النساء»، وهو موقف يستند الى متن فقهي وأخباري يشدد على حجاب المرأة وعزلها عن الفضاءات التي يهيمن عليها الرجال صيانة لها وحفظاً لعفتها وطهارتها. وضمن هذا السياق فإن السيوطي يسوغ الحجاب بمماهاة الأنوثة والرق إذ يرى «أن الرق يزول بالموت، وأما الأنوثة المقتضية للستر فمستمرة». وهذا يعني أن استبعاد المرأة من خطاب رؤية الله يندرج في إطار تنزيه الله وتعظيمه عن أن يرى من قبل النساء، ذلك أن الأنوثة تقترن بالحجاب.

رؤية السفور


يرى الجاحظ أن المنطلق الرئيسي في الحكم على المسائل نصوص القرآن والسنة النبوية وليس التحسين والتقبيح الخاضعين إلى الأقيسة إلا إذا تعززت الأدلة العقلية في التحسين والتقبيح. ويقول: «وكل شيءٍ لم يوجد محرماً في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمباح مطلق. وليس على استقباح الناس واستحسانهم قياس ما لم نخرج من التحريم دليلاً على حسنه، وداعياً إلى حلاله».
وبموجب هذا المبدأ فإن حضور المرأة واختلاطها بالرجال ليس من المحرمات الدينية، ويستدل الجاحظ على موقفه بأن العرب أقرت بتواصل الرجال والنساء من دون حجاب ولم تنتج خطاباً مانعاً يحول من تحقيق ذلك. يقول الجاحظ: «فلم يكن بين رجال العرب ونسائها حجاب، ولا كانوا يرضون مع سقوط الحجاب بنظرة الفلتة ولا لحظة الخلسة، دون أن يجتمعوا على الحديث والمسامرة، ويزدوجوا في المناسمة والمثافنة (المجالسة والمحادثة)، ويسمى المولع بذلك من الرجال الزير، المشتق من الزيارة. وكل ذلك بأعين الأولياء وحضور الأزواج، لا ينكرون ما ليس بمنكر إذا أمنوا المنكر».


ويتضمن هذا الحكم موقفاً معرفياً مفاده أن التحقق من وقوع المنكر هو المانع الوحيد من اختلاط النساء بالرجال من دون أن يعني ذلك تسويغ حجب النساء، ذلك أن الاستثناء لا يبطل الأصل ويلغي الحكم الأساسي المتمثل في التواصل الإنساني الذي حظي بموافقة النظام الأبوي ورقابته على أشكال التواصل المباحة.


أما خطاب الحجاب فيرى الجاحظ أن المخصوص به أزواج النبي دون سائر النساء تكريماً للنبي محمد وتمييزاً لنسائه عن النساء الأخريات اللواتي لم يشملهن النص القرآني بخطاب الحجاب، يقول الجاحظ: «فلم يزل الرجال يتحدثون مع النساء، في الجاهلية والإسلام، حتى ضرب الحجاب على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة».


لقد عرفت الثقافة العربية وأقرت بالمحادثة والنظر بين الرجال والنساء ونزهت هذا التواصل عن العار والخزي والمنكر. ويسوق الجاحظ أدلة حجاجيةً معروفة فيقول إن «تلك المحادثة كانت سبب الوصلة بين جميلٍ وبثينة، وعفراء وعروة، وكثير وعزة، وقيسٍ ولبنى، وأسماء ومرقش، وعبد الله بن عجلان وهند»، وإن «الشرائف من النساء يقعدن للرجال للحديث، ولم يكن النظر من بعضهم إلى بعض عاراً في الجاهلية، ولا حراماً في الإسلام». ولم يقتصر أمر سفور المرأة وظهورها على عامة النساء بل شمل الخواص. يقول الجاحظ: «ثم إن النساء إلى اليوم من بنات الخلفاء وأمهاتهن، فمن دونهن يطفن بالبيت مكشفات الوجوه، ونحو ذلك لا يكمل حج إلا به».


ويعرض الجاحظ، في خطابه، سلسلة من الشواهد التي تجسد هذه التصورات وهي شواهد وأخبار دالة على هامش الحرية ومساحة العقلانية اللتين أحاطتا في موضوع محادثة النساء والنظر إليهن وتدوالهن وانتقالهن عند أكثر من زوج. ومن أبرز الحكايات التي يوردها الجاحظ حكاية الحسن بن علي عليهما السلام عندما تزوج حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وأنه قام بتطليقها عندما علم أن المنذر بن الزبير يهواها، وأنها أبت أن تتزوجه، بعد أن طلقها الحسن، لأنه «شهرها»، ثم خطبها عاصم بن عمر بن الخطاب وتزوجها لكنه سرعان ما طلقها بعد أن سمع كلاماً على لسان المنذر بن الزبير ثم عادت وتزوجت المنذر بن الزبير. وكانت حفصة تجتمع بالحسن وعاصم في بيتها بحضور زوجها المنذر بن الزبير الذي كان يستشير أخاه عبد الله بن الزبير في شأن هذا الاجتماع من دون أن يشكل الأمر حرجاً لأي واحدٍ منهم. ويعلق الجاحظ على ذلك قائلاً: «وكان الحسن في ذلك العصر أفضل أهل دهره. فلو كان محادثة النساء والنظر إليهن حراماً وعاراً لم يفعله ولم يأذن فيه المنذر بن الزبير، ولم يشر به عبد الله بن الزبير. وهذا الحديث وما قبله يبطلان ما روت الحشوية من أن النظر الأول حرام والثاني حرام؛ لأنه لا تكون محادثة إلا ومعها ما لا يحصى عدده من النظر. إلا أن يكون عني بالنظرة المحرمة النظر إلى الشعر والمجاسد، وما تخفيه الجلابيب مما يحل للزوج والولي ويحرم على غيرهما». وتسند المرويات التي يوردها الجاحظ إلى هشام بن المغيرة المخزومي وعبد الله بن جدعان وعمر بن الخطاب وأبي بكر والحسن بن علي بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان وصولاً إلى خلفاء بني العباس. ويبدو أن الجاحظ يهدف بذلك إلى إضفاء الشرعية الثقافية على سلوك نساء بني العباس وجواريهم؛ لأنه يورد بعد هذا الاستقراء أحوال نساء بني العباس إذ يقول: «ثم لم يزل للملوك والأشراف إماء يختلفن في الحوائج، ويدخلن في الدواوين، ونساء يجلسن للناس، مثل خالصة جارية الخيزران، وعتبة جارية ريطة ابنة أبي العباس، وسكر وتركية جاريتي أم جعفر، ودقاق جارية العباسة، وظلوم وقسطنطينة جاريتي أم حبيب، وامرأة هارون بن جعبويه، وحمدونة أمة نصر بن السندي بن شاهك ثم كن يبرزن للناس أحسن ما كن وأشبه ما يتزين به، فما أنكر ذلك منكر ولا عابه عائب».

رؤية الحجاب


يعرض الإمام جلال الدين السيوطي موقف أهل السنة الذين يشددون على حجب المرأة وعزل مستندين في ذلك على فقه يقوم على مبدأ المقايسة ومفاده أن المرأة المسلمة من الفئات المستبعدة من رؤية الله يوم القيامة.
وتتسع دائرة الخلاف بين علماء أهل السنة على الفئات المستبعدة من رؤية الله، يقول السيوطي: «ووراء ذلك أربع فرقٍ جرى فيها الخلاف، وهم الملائكة عليهم السلام، والمؤمنون من الجن، والمؤمنات من نساء هذه الأمة، والمؤمنون من رجال الأمم السابقة». إن إقامة نساء الأمة المحمدية خارج توافقات أهل السنة التأويلية يعني حكماً إقامتهن في دائرة الكفر؛ ذلك أن حجبهن وعدم رؤيتهن الله لا يتضمن تذكير عوالم الجنة فحسب وإنما إدراجهن في حكم الكفار.


ويروي السيوطي أن دافعه في تأليف كتاب «إسبال الكساء على النساء» أنه كان قد وقف على آراء بعض أهل السنة ومفادها أن النساء من المؤمنات من الأمة المحمدية «لا يرين ربهن ولا يحضرن الزيارة ستراً لهن في الآخرة كما أمرن بالستر في الدنيا». بيد أن السيوطي يستبعد هذا الرأي مستنداً إلى ظاهر الآيات القرآنية الذي ينص على أنهن يرين ربهن.


وقد قاد الرأي الذي يرى بعدم رؤية نساء الأمة المحمدية ربهن السيوطي إلى معاودة استقراء الأحاديث النبوية المرتبطة بالرؤية ودفعه استقراؤه إلى تأليف كتاب «البعث» فكانت خلاصة استقرائه أنه لم يجد «تصريحاً بأنهن يرين ربهن» بل وجد أنهن غير حاضرات في الرؤية. يقول السيوطي: «ووجدت أحاديث الزيارة يوم الجمعة التي تقع فيها الرؤية دالة على أنهن لا يحضرن مجلس الزيارة ولا يرين ربهن مع من يرى يرى في ذلك المجلس، فقوي عندي رجحان تلك المقالة».


أما تفصيل مقالة الزيارة فيستحضر السيوطي لبيانه سلسلة من الأحاديث المرتبطة بيوم الجمعة الذي تعقد فيه زيارة الله وهي زيارة دورية يتجلى الله فيها على كرسيه وتحيط به منابر من نورٍ يجلس عليها الأنبياء الذين تحفهم كراسي من ذهب يجلس عليها الصديقون والشهداء. ويتحقق هذا الطقس في كل يوم جمعة في فضاء مكاني معدٍ لهذه الغاية وهو «وادٍ أفيح» أي واد فسيح من مسك أبيض. وفي هذا اليوم ينادي منادٍ: «يا أهل الجنة اخرجوا إلى دار المزيد. فيخرجون في كثبانٍ من مسكٍ، فتخرج غلمان الأنبياء على منابر من نور، وتخرج غلمان المؤمنين على كراس من ياقوت. فإذا قعدوا وأخذ القوم مجالسهم يقول الله تبارك وتعالى: «أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب، وصدقوا رسولي؟ فهذا يوم المزيد فاسألوني». فيجتمعون على كلمة واحدةٍ: «أرنا وجهك الكريم ننظر إليه». فيكشف الله تعالى عنهم الحجب ويتجلى لهم، فيغشاهم من نوره، ثم يقال لهم: (ارجعوا إلى منازلكم)، فيرجعون وقد خفوا على أزواجهم. فيقول لهم أزواجهم: «لقد خرجتم من عندنا بصورةٍ ورجعتم إلينا بغيرها! فيقولون: «تجلى لنا ربنا عز وجل فنظرنا إلى ما خفينا به عليكن». فهم يتقلبون في نعيم مسك الجنة ونعيمها في كل سبعة أيامٍ».


ويشير السيوطي إلى إشكالية لسانية تتعلق بخطاب الرؤية في الأحاديث النبوية ترتبط بضمائر الخطاب التي تحيل إلى جماعة الذكور، وهو خطاب تخرج منه النساء إلا إذا كان هناك دليل يتضمن إدراجهن في الخطاب. يقول السيوطي معلقاً على ذلك: «فهذا الحديث ظاهر في اختصاص ذلك بالرجال كما ترى، وبقية الأحاديث الواردة في الرؤية كلها خطاب للرجال كقوله (ص): (إنكم سترون ربكم). فهذه صيغة خطاب الذكور، وإنما دخلن في خطابات الصلاة والزكاة ونحو ذلك لدليلٍ من خارجٍ دل على الشمول». كما يرى السيوطي «أن الرؤية في يوم الجمعة جعلت كالجزاء لصلاة الجمعة بدليل ... أن الناس في القرب من الله عز وجل على مقدار سبقهم إلى الجمعة». وبموجب هذا التصور تستبعد النساء، ذلك أنه «قد تقرر أن النساء لا جمعة عليهن فلا يبعد أن لا يكون لهن نصيب في الرؤية».


ويوظف السيوطي خبراته النحوية في حل الإشكالية اللسانية المرتبطة بالضمير الدال على الجماعة (الواو)، ويرى السيوطي أن الضمير، في هذا السياق، يقتصر على جماعة الذكور دون الإناث خلافاً لكثير من الآيات التي خوطبت فيها النساء بضمائر جماعة الذكور مثل: «وأقيموا الصلاة...»، إذ إن النساء مندرجات في الخطاب على التغليب والعموم. بيد أن سياق رؤية الله لا يقاس على السياقات الأخرى المرتبطة بالعبادات والفروض، ويرى السيوطي أنه لا يمكن إعمال مبدأ التغليب، في سياق خطاب الرؤية، ذلك «أنه مجاز وخلاف للأصل ويحتاج إلى دليل عليه».


ويشدد السيوطي على مبدأ ذكورية الضمير في خطاب رؤية الله يوم الآخرة وقد أفضى به التشديد إلى إجراء مراجعة لقواعد اللسان التي أقرت في مباحث الأصوليين وعلم أصول الفقه تلك التي قامت باستثمار قواعد اللسان في سبيل إنتاج معرفة علمية أفاد منها علم الفقه في إنتاج خطاباته. يقول السيوطي مقرراً موقف السنة: «لم يقع في القرآن العظيم كلم تتعلق بصيغ الذكور وأريد اشتراك النساء معهم إلا صرح في آية ما أو حديث بذلك الاشتراك. وكذلك ما وقع من الوعد بالمغفرة ودخول الجنة كقوله تعالى: «ومن يعمل من الصالحات من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن». وقوله تعالى: «إن المسلمين والمسلمات...». فهذه الآية ونحوها صرحت بإلحاق النساء بالرجال فيما خوطب به الرجال، ولما ذكرت آية النظر إلى وجه الله تعالى الكريم وهي قوله تعالى للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ذكرت بصيغة جمع الذكور ولم يقع في آية أخرى ما ضم الإناث إليهم ولا صرح في شيءٍ من الأحاديث بذلك فكان ذلك دليلاً على عدم دخولهن فيها».

رؤية الصديقات ربهن


على رغم عنف التأويل الذي أنجزه السيوطي في إثبات عدم رؤية النساء ربهن يوم الآخرة إلا أنه عاد ليستحضر سياقاً معرفياً آخر يدفعه إلى مراجعة فرضيته ليستثني طائفة من النسوة. ويفتتح السيوطي الباب بمناظرة مفترضة تتم بينه وبين سائل ينكر عليها استبعاد النساء الصديقات من خطاب الرؤية.


يقول السيوطي على لسان السائل: «فإن قلت كيف تسمح نفس بأن مثل مريم، وفاطمة الزهراء عليهما السلام وأزواج النبي (ص) رضي عنهن لا يكون لهن في الرؤية نصيب؟!».
فيرد السيوطي مجيباً: «يا مسكين ذلك من غباوتك. أونسيت ما ثبت لهؤلاء المذكورات وما جرى مجراهن من بنات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأزواجهم من الخصائص؟ أفما كان عندك من الفقه ما يرشدك إلى أن تقول هؤلاء ونحوهن لا يبعد اختصاصهن بالرؤية خصوصية لهن من دون سائر النساء؟!».


إن السيوطي يمارس قراءة تمحيصية تمنح نساء النبي تفضيلاً على عامة نساء، وبمعنى آخر فإن نساء النبي سيرين الله يوم الآخرة، دون سائر النساء، تقديراً للنبي محمد وما حظين به من قرابته.

تسويغ الحجاب


يعرض السيوطي استدراك من يحاجج بأن القول بعدم رؤية النساء ربهن يوم الآخرة يتضمن مساواة المرأة بالكافرين استناداً إلى قوله تعالى في حق الكافرين: «كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون». وللإجابة على هذه المسألة يسوق السيوطي دليلين رئيسيين:


¬الأول: أن الملائكة الذي هم أشرف من النساء المؤمنات لا يرون ربهم فكيف للنساء المؤمنات أن يرين ربهن علماً أن الملائكة أشرف منهن وأفضل وأجل وأعلا مقاماً وأطوع لله عز وجل وأعبد. ويتضمن هذا الدليل إحالة إلى قصة الخلق وسجود الملائكة لآدم، وهي إحالة تؤثم المرأة وتقرنها بالغواية. كما أن إخراج الملائكة من خطاب الرؤية يتضمن توكيداً على مركزية آدم وتفضيله على سائر العالمين.


¬الثاني: أن هناك تفرقة بين حجب الكفار وحجب النساء المؤمنات؛ «فإن حجب الكفار حجب حرمانٍ، وحجب النساء حجب سترٍ وصيانةٍ».
ويندرج في خطاب الرؤية رد السيوطي على حديثين نبويين أحدهما موقوف والآخر مقطوع يتضمنان توكيداً على أن رؤية الله سينالها كل من يدخل الجنة. إذ يرى السيوطي أن إسناد الحديثين لعالمين واحد من المتكلمين وواحد من المعتزلة يجعل من الأحاديث عرضة للرد؛ لأن المتكلمين والمعتزلة غير مرضيين عند أهل الحديث.


ويفرق السيوطي بين زمنين في خطاب الرؤية؛ زمن الموقف الواقع قبل دخول الجنة، والزمن الواقع في الجنة كل جمعة بكرةً وعشياً، وهوى يرى أن النساء المؤمنات يرين الله في زمن الموقف، كما يراه كل الخلق مؤمنهم وكافرهم، في حين أن رؤية الله يوم الجمعة تقتصر على الرجال من الأمة المحمدية.


بيد أن انحياز السيوطي إلى فقه أهل السنة وعقائدهم وتبنيه أنظارهم لم يمنعه من إظهار التردد في ما ذهب إليه من آراء. لذلك يقول: «جميع هذا التقرير الذي قررته هو مقتضى النظر وما دلت عليه الأدلة، وقد قررته وأنا غير منشرح الصدر بذلك، فإن الذي كان يتبادر إلى الأذهان إنما هو خلافه وكنت أود لو وجدت حديثاً مصرحاً برؤية النساء ربهن فكنت أسارع إلى القول به ولو كان ضعيف الإسناد فكنت أستأنس به، ولكن لم أقف إلى الآن على حديث مصرحٍ بذلك والمقام مقام توقفٍ والإقدام فيه ليس بالهين والسكوت لا يكتفى به في مثل ذلك إثباتاً».


إن محنة التأويل التي يندرج فيها اعتراف السيوطي لم تمنعه من إنتاج رؤىً تقول بحجب المرأة المؤمنة وعدم رؤيتها الله، فهو يعرف أن خطابه الحجاجي لا يستند إلى أدلة كافية لكنه رغم ذلك انساق في إجماع أهل السنة وجير خطابه لإنتاج خطاب يؤثم المرأة ويحجبها.
* باحث في السيميائيات وتحليل الخطابات - جامعة فيلادلفيا - الأردن.

 


The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Inside:
Why Algeria will not go Egypt's way
When revolutionary euphoria subsides: Lessons from Ukraine
A letter from the Cedar Revolution to the Nile Revolution
Mubarak, save Egypt and leave
Barack Obama sees Egypt, but remembers Indonesia
Just changing generals is not freedom
Egypt’s Youth are Responsible for Defending their Revolution from Those who Would Climb upon It
Can Lebanon kill its own tribunal?
Egypt's future in Egyptian hands
Social media are connecting Arab youths and politicians
The Mediterranean between sunny skies and clouds of pessimism
For the West, act of contrition time
Why Arabs have airbrushed Lebanon out
The Tunisian experience is likely to mean evolution in Morocco
Can Egypt's military become platform for political change?
Lost generations haunt Arab rulers
Democracy: not just for Americans
For better or worse, Arab history is on the move
The Middle East's freedom train has just left the station
Mubarak's only option is to go
Ben Ali's ouster was the start, and Mubarak will follow
Is this a Gdansk moment for the Arabs?
Tunisia may be a democratic beacon, but Islamists will profit
The Arabs' future is young and restless
Egypt's battle requires focus
Arab rulers' only option is reform
Exhilarating Arab revolts, but what comes afterward?
Hezbollah enters uncharted territory
Resisting change fans the flames
To participate or not to participate?
choice decisive for Lebanon
Lebanon typifies Arab political poverty
Between Tunisia’s Uprising and Lebanon’s Tribunal
Lebanon, Between Partnership and Unilateralism
What might Hezbollah face once the trial begins?
In Lebanon, echoes of the Iraq crisis
Is Hezbollah's eye mainly on Syria?
Egypt's Copt crisis is one of democracy
The thrill and consequences of Tunisia for the Arab region
Three Arab models are worth watching
Tunisia riots offer warning to Arab governments
Tunisia has a lesson to teach
Time for Lebanese to re-think stances
Amid stalemate, let negotiations begin!
North Africa at a tipping point
The Options Available When Faced with the Failure of Arab Governments
Latifa and Others
Troubling trends in this Arab new year
The past Lebanese decade
Beyond the STL
Yet another Arab president for life
An independent Egyptian Web site gives women a voice
Fight the roots of extremism
Fractures prevail as Arabs cap 2010
Truth about injustice will help reduce Muslim radicalization
Christian flight would spell the end for the Arab world
Defining success in the Lebanon tribunal
60% of the Lebanese and 40% of Shiites Support the Choice of Justice
Without remedy, Lebanon faces abyss
The Saudi succession will affect a broad circle of countries
The Arab world faces a silent feminist revolution
The canard of regime change in Syria
Egypt faces a legitimacy crisis following flawed elections
Lebanon: Reform starts with politicians
Human Rights: Three priorities for Lebanon
What's changed?
Monitoring in the dark
Myths about America
Lessons from the fringes
On campus, not all get to vote
'Your credit is due to expire'!
Blood for democracy
Lebanon can solve its own problems
The Janus-like nature of Arab elections
Social Structural Limitations for Democratization in the Arab World
Jordan’s Public Forums Initiative
Islamic Historic Roots of the Term
Copyright 2025 . All rights reserved