FRI 25 - 10 - 2024
 
Date: May 14, 2011
Source: جريدة الحياة
المسألة الإسرائيلية - حازم صاغية

أعفانا السيد رامي مخلوف، وقبله العقيد معمر القذافي، مِن جَهدٍ إقناعيٍّ بأن مسألة إسرائيل، كما يطرحها البعض، لعبٌ على عقولنا، لعبٌ يَستغِل صغرَها ثم يمعن في تصغيرها.
ففي أيام «الاستقرار»، تمثِّل إسرائيل التهديدَ الوجودي الذي ينبغي أن يحملنا على الوقوف خلف أنظمتنا، وفي أيام الخطر، تُناشَد إسرائيل نفسها لكي تقدِّم الإنقاذ لتلك الأنظمة إياها في مواجهاتها مع شعوبها.
وحين تكون المسألة الإسرائيلية هذا كلَّه، مصدرَ الألم الأوحد ومصدرَ الأمل الأبرز، فإنّها لا تكون شيئاً.
في مصر وحدها تُطرح مسألة إسرائيل بقدر من الجدّ، فالقاهرة إذا كانت ستغدو - بعد انتفاضتها - «وطنيّةً» أكثر و «ديموقراطيةً» أكثر، فإنها ستكون مضطرة لأن تتعامل مع هذه المسألة كمهمة مركَّبة، مهمةٍ ذات مظهر متناقض وذات مضمون متكامل،
ذاك أن «وطنية» مصر تتضمن - تعريفاً - استعادتَها النفوذ والمكانة الإقليميَّيْن اللذين تراجع عنهما حسني مبارك وعهده المديد، فاستحوذت عليهما عواصم المنطقة الأخرى. ولا بد تالياً، من أن تطوِّر القاهرة سياسة مختلفة حيال إسرائيل، سياسةً مآلها الأخير الضغط في سبيل إقامة الدولة الفلسطينية الموعودة، التي إذ تُحقُّ الحقَّ تشرط الاستقرار في الشرق الأوسط.


على الطريق إلى هدف كهذا أُنجزت خطوات بارزة، كوقف العمل بصفقة الغاز، وفتح معبر رفح، واحتضان المصالحة الفلسطينية. وهي وجهة لا بد من أن تؤول إلى معارك سياسية، إحداها مع «حماس»، لحملها على فك ارتباطها بحطام جبهة الممانعة، وللدخول الصريح، ومن دون لبس، في العملية التسوويّة. وغني عن القول، أن الاعتراف بإسرائيل مقدمة بديهية لدخول كهذا.
غير أن معركة سياسية لا تقل شراسة هي التي تهيمن على أفق العلاقة مع الدولة العبرية في ظل قيادتها الراهنة، ذاك أن الأخيرة تتصرف كما لو أن التغيير الشامل الذي يحصل الآن في النظام الإقليمي لا يعنيها، هي العصيّة وحدها على التغيُّر، أو أنه يعنيها في حدود مطالبة العبيد بالتكيّف مع الوضع النموذجي كما يشتهيه السيّد. ومن ثم، فإن لكل واحد من الشعوب العربية مهمة ينبغي أن تؤدّى بما يلائم السلطان الإقليمي الجائر.


إن مصر الوطنية لا تحتمل ذلك، ولا يجوز أن تحتمله. أما إسرائيل الليكودية، فلن تفعل بهذا سوى إضعاف القوى والسياسات المؤيِّدة للسلام، فلسطينيةً كانت أم مصرية.
في المقابل، لا تحتمل مصر الديموقراطية انهيار السلام مع الدولة العبرية، أي إلغاء كامب ديفيد، فالتاريخ كله يعلّمنا أن كل خطوةِ تقدُّمٍ على طريق الحرب خطوةُ ارتدادٍ عن الديموقراطية، التي تتجاوز الإجراء الانتخابي إلى إحداث الاستقرار العميق في الحياة المدنية والعامة. وبعيداً عن الخطابيات النضالية، لا يوجد مَثََل واحد يقول بإمكان الدمج بين الحرب والديموقراطية، وهو ما يصح حتى في الديموقراطيات العريقة، التي جعلتها الحروب تعلّق ديموقراطياتها.


وإذا كان الوضع الاقتصادي لمصر يدفع في اتجاه التمسك بالسلام، فهذا أيضاً ما تقضي به استحالة العزلة عن العالم في يومنا هذا. فما فعلته الناصرية في الخمسينات والستينات لم تعد مصر، ولا العالم، يحتملانه ويستسيغانه، فكيف وأن محور الممانعة الذي كان يهوِّل على الآخرين ويبتزّهم، متصدِّع متهاوٍ، بحيث لا تهدأ مدينة سورية حتّى تنفجر أخرى، ولا يُسكَّن خلاف بين خامنئي ونجاد حتى يتفجر آخر بين نجاد ولاريجاني؟
كيف ستعالِج مصر الجديدة المسألةَ الاسرائيلية، جامعةً بين الاستقلال والدور والديموقراطية والسلام، وكيف تنقل مفهوم الصراع إلى الحيّزين السياسي والديبلوماسي بعيداً من دجل أصحاب المصالح الكبيرة الذي يتحوّل دماً على أيدي أصحاب المصالح الصغيرة أو العقول الصغيرة؟
هذه قد تكون أهم أسئلة المرحلة المقبلة، والمقبلة سريعاً.


The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
Syrian army says Israel attacks areas around southern Damascus
Biden says US airstrikes in Syria told Iran: 'Be careful'
Israel and Syria swap prisoners in Russia-mediated deal
Israeli strikes in Syria kill 8 pro-Iran fighters
US to provide additional $720 million for Syria crisis response
Related Articles
Assad losing battle for food security
Seeking justice for Assad’s victims
Betrayal of Kurds sickens U.S. soldiers
Trump on Syria: Knowledge-free foreign policy
Betrayal of Kurds sickens U.S. soldiers
Copyright 2024 . All rights reserved