FRI 25 - 10 - 2024
 
Date: May 12, 2011
Source: جريدة النهار اللبنانية
امبابة... ما العمل؟ - عمرو حمزاوي

مع الزملاء جورج إسحق وناصر أمين وضياء رشوان وحافظ أبوسعدة ذهبت إلى إمبابة في لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس القومي لحقوق الإنسان بعد أحداث كنيستي مار مينا والسيدة العذراء. وبعيدا عن التقرير العلني للجنة والذي أصرخ اليوم بأعلى صوت لدعوة مصر الدولة والمجتمع للاحتواء السريع للعنف الطائفي وإيقاف نزيف الدم المصري ـــــ المصري.
شائعة أطلقها مجهول، هكذا تحدث سكان شارع الأقصر، حيث تقع كنيسة مار مينا، بشأن «عبير»، ادعى احتجازها بداخل الكنيسة، حولت الشارع ساحة حرب أهلية. بقع دماء على أرضية الكنيسة التي عولج بداخلها بعض ممن أصيبوا وجرحوا في العنف المصري ـــــ المصري، بيوت ومحال محترقة، شظايا زجاج متناثرة ورصاصات فارغة منتشرة على امتداد الشارع. والأهم من كل هذا، رجال ونساء وأطفال في حالة فزع يعلم الله وحده كيف سيتحملون أعباءها نفسيا وإنسانيا.


مسيرة عنف لمجموعات مسلحة من شارع الأقصر إلى شارع الوحدة، وهو شارع رئيسي في إمبابة، أدت إلى إحراق كنيسة السيدة العذراء من أعلاها إلى أدناها وحولتها إلى كتلة سواد مرعبة. تفحمت الكنيسة بالكامل وغالبتني دموعي وأنا بداخلها على الوطن الذي باتت دور عبادته تحرق ويعتدي عليها بهمجية تذكر بما نطالعه في كتب التاريخ عن حروب الاضطهاد الديني في أوروبا والتعقب الدموي للطوائف الدينية. هناك ايضا رجال دين مصدومون، ومواطنون لا يشعرون إلا بالظلم والضعف والهوان وبغياب الحماية لهم ولأسرهم ولدور عبادتهم.
في إمبابة، أوضاع اقتصادية واجتماعية لا إنسانية بها وليس لها إلا أن تفرز بيئة حاضنة للعنف وقابلة لخطابات التحريض على الآخر الديني. في إمبابة، دولة غاب دورها التنموي طوال العقود الماضية وسياسة لم تكن حاضرة إلا بمعنى القمع الأمني. فلا حلول جذرية للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية ولا تعامل حقيقيا مع التوترات الطائفية التي كثيرا ما طفت على السطح وهددت استقرار الوطن، ولا تفاوض مع القوى الفاعلة في المجتمع لاحتواء الأزمات. في إمبابة اليوم، كما في مناطق كثيرة أخرى على امتداد الوطن، اكتمل غياب الدولة والسياسة بالغياب شبه الكامل للوجود الأمني. فلا حراسات على الكنائس لحمايتها ومنع الاعتداء عليها، ولا جهاز شرطة يحول دون العنف المصري ـــــ  المصري، ولا مساءلة ومحاسبة للمتورطين في العنف.
مشهد الوطن الذي تواجهنا به كنيسة مار مينا والسيدة العذراء وشارعا الأقصر والوحدة مرعب ومحبط.


لا بد من عودة سريعة وحازمة للدولة ولأدواتها الأمنية غير القمعية لإيقاف نزيف الدماء ومنع العنف. لا بد من عودة سريعة لجهاز الشرطة وتمكينه سياسيا ومجتمعيا من القيام بدوره. لابد من انتصار لسيادة القانون بمساءلة ومحاسبة سريعة ومنضبطة للمتورطين في العنف. لا بد من وقف فوري لخطابات التحريض على الآخر الديني، المسيحي والمسلم، وللترويج الإعلامي عبر قنوات فضائية ومواقع إلكترونية غير مسؤولة.
فأعتى المجتمعات ديموقراطية لا تسمح بالترويج العلني لخطابات التحريض والكراهية والعنف. لا بد من هبّة شعبية لمواطنات ومواطني مصر المؤمنين بقيم العيش المشترك والسلم الأهلي والتسامح وللقوى الوطنية وللمجتمع المدني للانتصار لحق الحياة في أمن وآمان لكل المصريين.
الحق في الحياة مقدس ودور العبادة مقدسة. دعونا لا ندنسهما ونصبغ مشهد الوطن بدموية تاريخنا ومجتمعنا منها براء.


استاذ في جامعة القاهرة     


The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
Egyptian celeb faces backlash over photo with Israeli singer
Three Egyptian policemen, four militants killed in prison break attempt
Acting leader of Egypt's Muslim Brotherhood arrested in Cairo
Egypt mulls law to protect women's identities as MeToo movement escalates
Egypt homeless, street children hit hard by pandemic scourge
Related Articles
Private-equity fund sparks entrepreneurial energy in Egypt
Young Egypt journalists know perils of seeking truth
What Sisi wants from Sudan: Behind his support for Bashir
Egypt’s lost academic freedom and research
Flour and metro tickets: Sisi’s futile solution to Egypt’s debt crisis
Copyright 2024 . All rights reserved