THU 24 - 10 - 2024
 
Date: May 9, 2011
Source: جريدة الحياة
كيف نثق بالمعارضة الأردنية بعد تأييدها النظام السوري؟ - إبراهيم غرايبه

موقف وسلوك المعارضات السياسية الأردنية، الإسلامية والقومية واليسارية والوطنية على السواء هو أبعد بكثير من مخزٍ ومقزز، ولكنه يبعث على القلق والرعب فيما إذا أتيح لهذه الأحزاب والقوى السياسية أن تحكم أو تشارك في الحكم، ويشجع على هذا الاستنتاج بأن فهمها للحريات والعدالة ونظرتها إليها لا يختلف عن الأنظمة السياسية الوحشية والبدائية الموغلة في العنف والإجرام بحق الإنسانية والحياة. فإذا كانت هذه الأحزاب والجماعات ترى مقاومة إسرائيل والولايات المتحدة (هل يقاوم النظام السياسي في سورية بالفعل إسرائيل والولايات المتحدة؟) مبرراً لإلغاء الحرية وارتكاب الجرائم بحق الإنسانية فهي تقول لنا بأنها ستفعل الشيء نفسه في الأردن إذا أتيح لها ذلك.


إذاً، ما معنى مطالبتها بالإصلاح في الأردن؟ وما معنى الإصلاح لدى هذه الجماعات؟ وإذا كان رفضنا الاحتلال والاستعمار مستمداً أساساً من تطلعنا إلى الحرية والعدالة أليس أفضل لنا أن نكون في ظل الهيمنة الأميركية وحتى الإسرائيلية إذا كانت هذه الهيمنة أقل وحشية وأكثر احتراماً للإنسان، وهو بالمناسبة ما يشعر به بالفعل الناس في العراق، ويعترف به بوضوح وبساطة حتى المعارضون للوجود الأميركي في العراق، وكيف سنثق بدعوات هذه الجماعات والأحزاب للتظاهر والخروج في مسيرات مطالبة بالإصلاح ومناوئة للفساد، وهي تؤكد إذا كانت تنظر إلى أنظمة سياسية مثل نظام سورية كمثال يحتذى، أنها أكثر فساداً وظلماً من الواقع القائم، وأن الثقة بها أو اللجوء إليها مثل المستجير من الرمضاء بالنار.


والأزمة التي يكشف عنها سلوك المعارضة هي أعمق بكثير من الازدواجية أو نقص الفهم والإدراك، ولكنها تؤشر على موقع الحريات في أولويات المجتمعات والأحزاب ومدى تقديرها أولوياتها واحتياجاتها، ومن ثم استعدادها للنضال والمواجهة، فهي إن كانت لا ترى حق الناس في ولايتهم على أنفسهم ومواردهم مسألة تستحق العمل والتضحية، وأنها قضية يمكن تأجيلها عقوداً طويلة لأجل دعاوى المقاومة، فلا يمكن الثقة بها بادعائها الإصلاح ولا يمكن الثقة أيضاً بدعواها في التحرير، فالرصاص الذي يقتل المئات في سورية بلا رحمة وبدم بارد ليس مختلفاً عن الرصاص الذي يقتل الناس في غزة.
فالقتل هو القتل، ولا يختلف القمع والاضطهاد في شيء إن كان الظالم عربياً أو مواطناً أو غير ذلك.


إننا في مواجهة حالة مرعبة تبعث على الخوف والقلق العميق! فإذا كان المواطنون في الأردن يؤيدون جماعات تدعي الإصلاح ولديها في الوقت نفسه، عندما يتاح لها المجال، الاستعداد أن تطلق النار على المواطنين أو تظلمهم أو تسلبهم حريتهم وحقوقهم الأساسية، أو على الأقل تؤيد أنظمة سياسية تقتل شعوبها وترتكب جرائم يندى لها الجبين بحق شعوبها، فكيف يأمن الأردنيون على أنفسهم عندما يؤيدون مثل هذه الجماعات؟ وكيف لا يشعرون بالقلق العميق على مستقبلهم وحرياتهم ومصائرهم إن أتيح لمثل هؤلاء أن يساهم في تقريرها.
وهكذا فإن الحراك الإصلاحي في الأردن يُطعن في الصدر على يد الحكومة وجماعاتها وبلطجيتها، ويُطعن أيضاً في الظهر على يد جماعات وأحزاب وشخصيات إسلامية ويسارية وقومية ووطنية تدعي الإصلاح وتخرج إلى الشارع مدعية المطالبة بالحرية والديموقراطية، ولكن من الواضح أنها لا تؤمن بما تطالب به وتدعو إليه، ويبدو واضحاً اليوم أنها جماعات وأحزاب وشخصيات لا تملك الحد الأدنى من الضمير الذي يؤهلها لأبسط عمل عام، ولا تملك أيضاً الحد الأدنى من الشعور بالمسؤولية الذي يؤهلها لثقة الناس وتأييدهم، ومن الخير للمواطنين، إن لم يتخلصوا من مثل هذه المجاميع البدائية التي لا تقل فساداً وفشلاً واستبداداً عن الأنظمة السياسية، ألا يجشموا أنفسهم عناء الاستماع إليها أو مشاركتها بشيء، فهي مشاركة مثل صحبة الدب الذي قتل صاحبه ليطرد الذبابة عن وجهه!


* كاتب أردني

 


The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
Rights groups call for release of Jordanian cartoonist
Jordan should free teachers held after protests: HRW
Jordan announces smoking crackdown in virus fight
Jordan to reopen hotels, cafes in further easing of COVID-19 lockdown
Jordan's civil servants return to work after two months break
Related Articles
How can U.K. best aid Jordan’s security?
Is renewable energy in Jordan victim of its success?
Policing and protection for Syrian refugees in Jordan
Jordan’s interest in seeing a stable Syria
Razzaz faces rough road ahead in Jordan
Copyright 2024 . All rights reserved