WED 27 - 11 - 2024
 
Date: Jan 29, 2019
Source: جريدة الحياة
العراق «تحت» عمامة السيستاني - فارس بن حزام
بعد أن نجح العراق في تنظيم أول انتخابات برلمانية، ظهرت في شباط (فبراير) ٢٠٠٥ صورة المرجع الديني علي السيستاني على غلاف مجلة «نيوز ويك» تحت عنوان: «وجه العراق الجديد»، وفي أسفل الغلاف سؤال جوهري: هل سيستخدم آية الله علي السيستاني نفوذه ليشكل دولة ديموقراطية أم دينية؟

الإجابة واضحة بعد كل هذه السنين، فبقصد أو من دون قصد، أشرف السيستاني على صياغة الشكل الجديد لعراق ما بعد صدام؛ عراق متديّن. ولولا شجاعة شرائح واسعة من العراقيين، لصار نسخة جديدة من شكل إيران؛ دولة متطرفة بغطاء ديموقراطي، إذ طوّق غطاء السيستاني العملية السياسية بأفكار دينية، وطوال تلك الأسابيع تصدر شخصياً المشهد السياسي للبلاد، ولم يمضِ القانون المنظم لشكل الدولة الانتقالية من دون مباركته، بل أشرف شخصياً على تدوين دور الدين في الدولة، ما جعل من متطرفي الشيعة حكاماً وقادة أحزاب تسيّر العراق ١٥ عاماً.

وخلاصة ذلك، نظام حكم ببرلمان فرضه المتطرفون على الشعب، وحكومة عاجزة عن اكتمال التشكيل، وهذه نتيجة لنقل النماذج الفاشلة من لبنان إلى العراق.

في 100 عام، جرّب العراق كل النماذج العربية؛ نظام ملكي، شيوعية عبدالكريم قاسم، قومية عبدالسلام عارف، بعثية البكر وصدام، احتلال، إسلام شيعي متطرف. وكل أنموذج نال قسطاً من «مئوية» العراق بعد نهاية العثمانيين؛ ٣٧ عاماً للملكية، ومثلها للبعث، خمسة أعوام للشيوعية، ومثلها للقومية.

وفي شأننا المعاصر، لم يكن جل معارضة البعث طوال عقود من المتدينين، بل إن حجمهم كان ضئيلاً مقابل التيارات الأخرى المعارضة في «عالم صدام حسين»، غير أن تكاتفهم، مع الدعم الإيراني وغطاء السيستاني، انتهى إلى هذا الأنموذج البائس في الحكم، وإدارة شعب غني بحضارته وثرواته، فمع كل حكم كان النسيج الاجتماعي الداخلي في الأرياف يتشكل وينسجم مع اتجاه الحاكم، وتبقى المدن حاضرة المعارضة. ولذا، عندما أتى الحكم الحالي خاض معركة التوجيه خارج بغداد، وأعاد ضبط مسارها إلى اتجاهه، وبلغنا هذه النتيجة: العاصمة للحكومة، والمدن والأرياف للأحزاب المتطرفة.

واليوم، لا شيء يوحي بالتغيير الجوهري، سيمضي العراق في هيئته الحالية تحت رحمة الأحزاب الدينية سنوات طويلة مقبلة، وهي سُنة الحياة السياسية في بلاد الرافدين، فشعبه لا يسعى للإصلاح والتغيير من تلقاء نفسه، بل يتكيف مع الموجود، وهو ما أنتجته اتفاقات سلام دولية قبل قرن، وانقلابات عسكرية فكرية، واحتلال فشل في تركيب نظام صالح.

The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
'Not a good idea:' Experts concerned about pope trip to Iraq
In sign of frustration, US shortens sanctions waiver to Iraq
US plans further troop reductions in Iraq by November
Trump to meet Iraqi PM as ties rebound
US general sees Iraq troop drawdown as Daesh threat dims
Related Articles
The Iraqi people cry out for unity
The stalled effort to expel United States troops from Iraq
Could Turkey Moderate Iran's Influence Over Iraq?
Iraqi Kurdistan’s saga of executive offices in transition
A fractured Iraqi Cabinet: Abdel-Mahdi facing uphill battle
Copyright 2024 . All rights reserved