TUE 26 - 11 - 2024
 
Date: Dec 7, 2018
Source: جريدة الشرق الأوسط
أنفاق «حزب الله» و«حماس» - نبيل عمرو
الجنوبان... هما المنطقتان الأشهر في عالمنا العربي، جنوب فلسطين الذي يديم حرباً غريبة على إسرائيل، قوامها ما تيسر من جنود يؤسرون أو رفات لجنود خلفتها الاجتياحات الإسرائيلية، وما تيسر من طائرات ورقية مشتعلة، بعضها يقع في حقول القمح والشعير في إسرائيل، وبعضها لم يكمل طريقه فيقع حول السياج الفاصل بين القطاع والمستوطنات الإسرائيلية.

يضاف إلى ذلك صواريخ تم تركيبها بطرق بدائية، مع بعض صواريخ نجحت في التسلل إلى القطاع من خلال تجار السلاح من إسرائيليين وعرب وغيرهم.

عنوان هذه الجبهة العجيبة الغريبة، وأهم ما فيها هي الأنفاق، التي تبدو كعشب النجيل، ما أن تقتلع قبضة منه حتى ينطلق من جديد.

ولمرات عدة أعلنت إسرائيل أن قدراتها الحربية والاستخبارية والتكنولوجية المتفوقة، أنهت ظاهرة الأنفاق إلى غير رجعة، إلا أننا نلاحظ بعد أيام قليلة أنهم أعلنوا عن اكتشاف نفق جديد يلامس حدود ما يسمونه بمستوطنات غلاف غزة.

وفق الحسابات المنطقية فجبهة الجنوب الفلسطيني ذات أثر عسكري لا يمكن وصفه بالتهديد الاستراتيجي لأكبر وأقوى دولة عسكرية في المنطقة، إلا أنها على تواضعها جرّت اهتماماً وتدخلاً إقليمياً ودولياً لوقفها أو تخفيف حدتها قدر الإمكان، رغم ذلك كله أو بفعله تتأهب هذه الجبهة لدخول موسوعة غينيس تحت عنوان حرب ذات مضاعفات فادحة ولكنها بلا سلاح، نفهم ذلك إذا ما سردنا عناوين ترسانة السلاح الإسرائيلية التي تفوق قدرة وحجماً وإمكانات وتحالفات جميع جيوش الشرق الأوسط.

الحاجات التكتيكية لإسرائيل تفرض على جيشها حركة تشبه بندول ساعة الحائط بين اليمين واليسار، تنقل الاهتمام إلى اليمين إذا ما تطلب الأمر ذلك، وتعيد نقله إلى الشمال وفق ذات المعادلة.

وفي هذه الأيام وعلى نحو يبدو سريعاً ومفاجئاً، تركز الاهتمام على جنوب لبنان، واسمه الإسرائيلي الجبهة الشمالية.

هذه الجبهة التي صمتت صمت القبور مدة طويلة بلغت هذه الأيام الاثنتي عشرة سنة، وهي أطول مدة نعم فيها شمال إسرائيل بهدوء لا تشوبه شائبة، اللهم إلا إذا اعتبرنا تهديدات السيد حسن نصر الله التي يذكر فيها إسرائيل بأن صواريخه تملك قدرة على إصابة أي هدف بما في ذلك مجمع البتروكيماويات والمفاعل النووي في ديمونا، ووفق هذا المقياس فإن مطار بن غوريون ليس بمنأى عن هذه الصواريخ.

أما إسرائيل فمن جانبها وعلى مدى اثنتي عشرة سنة، لم تتوقف عن تذكير «حزب الله» بأن قوتها التدميرية ربما تحيل لبنان كله إلى كومة من ركام، وبين التهديدات المتبادلة نام جنوب لبنان وشمال إسرائيل على هدوء غير مسبوق.

هنالك تفسير أخشى أن أقول ساذجاً، بأن ما يجري الآن من حملة إسرائيلية هندسية على حدود جنوب لبنان، هو مجرد مناورة يقوم بها نتنياهو لتخليص نفسه من ملاحقات الفساد التي تطبق على مستقبله السياسي.

ربما يكون صحيحاً أن يستفيد نتنياهو من تطورات معينة للتباهي بقدراته المتفوقة على المعالجة، ولكن إذا ما نظرنا لمعادلة الخروج إلى الحرب في إسرائيل أو الامتناع عنها، فليس رئيس الوزراء حتى لو كان وزيراً للدفاع كذلك من يقرر أمراً كهذا.

وينبغي عدم الإصغاء لتحليلات المعارضة في إسرائيل، التي نسبت الأمر برمته إلى حاجة نتنياهو للإفلات من مقصلة المساءلة، فهم كذلك يستغلون أي تطور لزعزعة مكانة خصمهم وتطوير فرص الإطاحة به.

الاستيقاظ الإسرائيلي المتأخر على جبهة جنوب لبنان ليس بفعل نفق ينطلق من كفار كِلا ليلامس المطلة، وحتى عشرات الأنفاق على هذا المستوى لا تستحق لقاءً عاجلاً بين نتنياهو وبومبيو، ولا إثارة الأمر في الأمم المتحدة، ولا دعوة العالم لإعلان حرب سياسية على «حزب الله» كونه الجبهة المكملة للموضوع الأكبر وهو إيران. إذن فإن احتمالات أن تكون عملية الأنفاق على الجبهة الشمالية مقدمة لأمر أوسع وأشد حرارة، ينبغي أن يظل وارداً خصوصاً بعد أن قيدت يد إسرائيل ولو نسبياً في سوريا، حيث دائماً هي طليقة في الجنوبين اللبناني والفلسطيني.

هنالك جملة تقال كثيراً حال التوتر الذي ينشأ على جبهتي الجنوب اللبناني وتوأمه الجنوب الفلسطيني «لا مصلحة لأحد بالحرب»، جملة مضللة كانت تقال قبل أي حرب واسعة، وها هي تقال الآن، كما لو أن الحروب تقوم أو لا تقوم بتحديد من الناطقين الإعلاميين.

كاتب وسياسي فلسطيني

The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
Fatah, Hamas say deal reached on Palestinian elections
U.S. says would recognize Israel annexation of West Bank
Architect of U.S. peace plan blames Palestinians for violence
UN agency fears U.S. peace plan will spark violence
Trump plan leaves Arabs in dilemma
Related Articles
The EU must recognize Palestine
A two-state solution is off the table
Money can’t buy Palestinians’ love
No democracy in Israel without peace with the Palestinians
Israel gets ready to vote, but still no country for Palestinians
Copyright 2024 . All rights reserved