Date: Apr 30, 2011
Author: AbdelAziz Karraky
Source: زوايا مغاربية
ضرورة تعزيز السلطة القضائية من أجل ضمان الديمقراطية

إن أي شخص فيه ذرة من الإنسانية لن يتمالك نفسه في لحظتين الأولى هي تلك التي يزج بها في السجن شخص بسبب مواقفه السياسية، والثانية تلك التي تفتح فيها أبوابه لتلفظ شخصا برئت ساحته من تهم ذات طبيعة سياسية.

لقد سبق للمغرب عبر مسلسل هيئة الإنصاف والمصالحة أن قارب ظاهرة الاعتقال السياسي الذي امتد منذ حصوله على الاستقلال وإلى حدود سنة 1999، واتضح أن الكثير من التجاوزات وقعت، وساد الاعتقاد أن ماحدث لن يعاد تكراره.

غير أن أحداث 16 ماي والهلع الذي أحدثته سمح بتنزيل تشريع استثنائي لمواجهة الإرهاب، بمقتضاه فقد الكثيرون حرياتهم وانتهكت الكثير من حقوقهم، بما فيها الحق في محاكمة عادلة، واتضح أن مسلسل العدالة الانتقالية لم يحل دون إعادة تكرار الماضي الأليم، فأخذ الشك يذب إلى النفوس، وصعب إقناع المجتمع و تبرير ماحدث.

فكانت حركة 20 فبراير التي نقلت عبر شعاراتها مطالب إصلاحية متعددة تتوزع بين السياسي والحقوقي ومن بينها إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وهو ما سرع وتيرة الإصلاحات لتشمل في ظرف وجيز الإصلاح المؤسساتي الذي شمل عددا من المؤسسات ذات الطبيعة الحقوقية، وفتح الورش الدستوري، ثم تلا ذلك إطلاق دفعة أولى من المعتقلين السياسيين على أن تليها دفعات أخرى.

لقد تأكد منذ زمن بعيد أن الديمقراطية عندما تعجز عن تدبير الاختلاف الموجود بين كافة مكونات المجتمع، وعند تأكد عدم قدرة القانون على ضمان المساواة، وحماية الحريات والحقوق فثمة خلل ما يعتري العمل المؤسساتي .

فإذا كان الكثيرون ممن سلطت عليهم تقارير المجلس الأعلى للحسابات النور وأوضحت كيف أنهم بددوا أموالا عامة الدولة في حاجة ماسة إليها من أجل مواصلة مجهود التنمية ومع ذلك ينعمون بالحرية، في الوقت الذي حوكم فيه آخرون بسبب تهم يصعب الإقناع بجرمها بمدد سجنية طويلة فإن الأمر يتحول إلى نوع من الاستفزاز الحقيقي.

لا أحد يجادل اليوم في أهمية إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ولكن الأهم هو ضرورة وضع آليات تمنع سجن أي شخص بسبب ممارسته لحقوقه وحرياته، أو مواقفه السياسية، ولا أمل في تحقيق ذلك إلا بإعادة الاعتبار إلى القضاء، وتمكينه من كافة الصلاحيات التي تجعل منه سلطة حقيقية همها الأول والأساسي حماية الحقوق والحريات، إن هذا لا يمكن تحقيقه إلا بتبني اختيار دولة القانون التي تقوم على المرتكزات التالية:

• الاحتكام المستمر للدستور كوثيقة تنظم العمل المؤسساتي وتضمن في نفس الوقت سمو الحقوق والحريات؛

• سعي كافة أجهزة الدولة لمساعدة الأفراد على التمتع بحقوقهم وحرياتهم وممارستها على أكمل وجه؛

• ممارسة السلطة من طرف الأغلبية المنبثقة من صناديق الاقتراع؛

• مأسسة المعارضة ومنحها إمكانية الوصول إلى السلطة بشكل سلمي؛

• اختيار الحكام عن طريق انتخابات حرة ونزيهة.