| | Date: Sep 25, 2018 | Source: جريدة النهار اللبنانية | | هل يفرّ مُسلّحو إدلب إلى العراق وليبيا والسودان وأوروبا؟ - سركيس نعوم | يبدو أن إدلب عاصمة ومحافظة وجواراً هي التي ستضع نقطة النهاية للحرب التي نشبت في سوريا منذ سنوات. فرئيسها بشّار الأسد يستعدّ لاستعادة هذه المنطقة بعد نجاحه وإيران الإسلاميّة وحليفها "حزب الله" ثم روسيا في استعادة القسم الأكبر من أراضي بلاده من التنظيمات المسلّحة. إذ من شأن ذلك تثبيت وضعه وتعزيز موقعه عندما يبدأ البحث الجدّي عن تسوية سياسيّة لها. ولهذا السبب يحشد قوّاته البريّة والجويّة، وهذا ما تفعله أيضاً إيران و"حزب الله" والميليشيات الأخرى العاملة معهما. والأمر نفسه فعلته روسيا إذ حشدت أسطولاً بحريّاً مُهمّاً في المتوسّط وقوّة جويّة وأخرى بريّة مُهمّين على الأرض السوريّة. ورغم أن أحداً في دمشق وطهران وبيروت وموسكو لم يتحدّث حتّى الآن عن موعد بدء "التحرير" فإن المُتابعين للحرب السوريّة من موقع المؤيّد لـ"محور الممانعة" يعتقدون أنّه لم يعد بعيداً.
هل تقع حرب إدلب وهل تتحرّر بالحرب العسكريّة الطاحنة أم بمزيج من الحرب والتفاوض كما حصل في مناطق سوريّة أخرى كانت لـ"داعش" وأشباهه؟ وما هو دور تركيا المحاذية لإدلب التي تتمركز قوّات لها في نحو 12 نقطة مراقبة داخلها، كما التي بدأت أخيراً إرسال تعزيزات عسكريّة إلى المنطقة رافقتها تلميحات إلى عضويّتها في "حلف شمال الأطلسي" لإثارة حذر القيادات السوريّة والإيرانيّة والروسيّة؟ علماً أنّها كانت أوحت في الأشهر الماضية بابتعادها عنه وربّما باحتمال خروجها منه. وطبيعي أن يكون الهدف من ذلك تحذير هذه القيادات من حرب غير مُنسّقة معها، ودعوتها إلى تلافي تورّط "الحلف" المذكور في المعركة المُرتقبة أو الحرب. المُتابعون لإدلب بل لكل الحرب السوريّة من موقع التأييد لمواقف دمشق وطهران وبيروت وموسكو يُجيبون عن الأسئلة المطروحة أعلاه بسؤال هو: "هل تخوض سوريا معركة إدلب"؟ ويضيفون: "هي تنتظر وتستعدّ في آن. وروسيا تُهدّئ. والأتراك يقولون إن سوريا ستستعيد هذه المنطقة في شكل أو في آخر. وأميركا ترامب تريد سحب قوّاتها العسكريّة المرابطة في جزء منها وعلى تخومها. لكنّ ذلك يحتاج إلى وقت في ظلّ تمسّك وزير دفاعها ماتيس ومعه "البنتاغون" بالبقاء، علماً أن سيّد البيت الأبيض لا يبدو ثابتاً على رأي أو على موقف من هذا الموضوع رغم ميله الداخلي إلى الانسحاب"، لكن السؤال الذي يطرحه هؤلاء هو: "ماذا تفعل القوى الحليفة للأسد ومعه طبعاً بحوالى 70 ألف إلى 100 ألف مقاتل جهادي أو استشهادي أو متطرّف أو إرهابي موجودين في إدلب عاصمة ومحافظة وجواراً؟ فالمُنتمون منهم إلى "جبهة النصرة" غالبيّتهم سوريّة. لكنّ عشرات الآلاف من هؤلاء غرباء أتوا من روسيا (الشيشان) وأوزباكستان وتركستان وأوروبا وأفريقيا وآسيا والعالم الإسلامي كلّه (السُنّي طبعاً) بعربه وغير العرب. فهل يقتلهم المهاجمون المحرّرون؟ علماً أن الحرب سيسقط فيها قتلى وجرحى كثيرون. لكنّها لن تُبيد هؤلاء. فماذا يكون مصيرهم؟ هل يبقون في سوريا وتحت سيطرتها وحلفائها ولاحقاً تحت سيطرتها وحدها بعد التوصّل إلى تسوية سياسيّة؟ أليس ذلك خطراً عليها؟ والجواب عن كل ذلك هو أن على تركيا التي سيفرّ إلى أرضها بفعل الحرب مئات الآلاف من المدنيّين وعشرات الآلاف من المُسلّحين أن تستقبلهم وأن تُخصِّص أرضاً تركيّة حدوديّة مع سوريا لإقامتهم في مخيّمات، وأن تعمل مع المجتمع الدولي الخائف من الإرهاب وعودة تفشّيه بقوّة في العالم وتركيا منهم على التحقيق معهم لمعرفة من أين أتوا وماذا فعلوا وما هي خططهم للمستقبل، وأيضاً للتعاون مع المجتمع الدولي على إيجاد حلٍّ لوضعهم يشتمل على العقاب لمن يستحقّ (لكن أين؟) وعلى الترحيل وما إلى ذلك. ولا يُستبعد أن ينتهي قسم مُهمّ من هؤلاء إلى التوطّن في تركيا وقسم أقل في سوريا". وفي هذا المجال يُتابع المتابعون أنفسهم "أن الاحتمالات المتعلّقة بمصير هؤلاء متنوّعة ولكن صعبة جدّاً. فعودتهم أو عودة بعضهم إلى العراق مُحتملة وذلك يحيي "داعش" فيه و"القاعدة". وتوجّه قسم كبير منهم إلى ليبيا، حيث الحلّ مُستعصٍ والحرب مُشتعلة والعجز الدولي عن وقفها كبير، يخيف الكثيرين في شمال افريقيا وفي مصر كما في أوروبا المجاورة. فضلاً عن أن السودان قد يكون وجهة لبعضهم. لكن أسهل الاحتمالات قد يكون في رأي هؤلاء العودة إلى العراق".
ماذا حقّقت روسيا وتركيا وإيران في اجتماع رؤسائها في طهران؟ وهل كان اجتماع "سوتشي" الروسيّة بين رئيسي الأولى والثانية بوتين وأردوغان نتيجة لفشل الأوّل ومحاولة لإرضاء تركيا الخائفة أن "تخرج من المولد السوري بلا حمّص" كما يُقال؟
المُتابعون أنفسهم يعترفون بعدم امتلاكهم المعلومات الدقيقة عن اجتماع طهران. لكنّهم مُقتنعون بأن تركيا ستكون صاحبة المكاسب الأقل بعد انتهاء حرب سوريا. وهم يُشيرون إلى ثلاثة سيناريوات كانت مُتداولة قبل "سوتشي". الأوّل نشر تركيا شرطتها في إدلب بعد نجاحها في "ترئيس" "جبهة تحرير الشام" على "النصرة" وغيرها في إدلب على أن تتصدّى أمنيّاً مع حلفائها بعد ذلك لـ"النصرة". لكن الأسد رفض ذلك انطلاقاً من اقتناع بأن بقاء الأخيرة وغالبيّتها سوريّة أفضل من احتلال تركيا لها. والثاني القصف السوري – الروسي العنيف لإقناع المسلّحين بالتفاوض على حل أو "مصالحة" على الطريقة السورية، أو خوض معارك عدّة تعقبها مصالحات. والثالث إمساك روسيا أمنيّاً وعسكريّاً بإدلب وعدم دخول الجيش السوري إليها.
طبعاً إجتماع "سوتشي" بين أردوغان وبوتين توصّل إلى حل يعرفه الجميع. لكن السؤال: هل سيُطبّق وبنجاح؟ وهل يكون "أكراد" أميركا جزءاً منه؟ | |
|