| | Date: Jul 6, 2018 | Source: جريدة الحياة | | الروس والأميركيون يتفاوضون والسوريون يضرسون - جورج مالبرونو | بعد إجلاء المعارضة من دمشق وضواحيها، شنّ الجيش السوري هجوماً على جنوب البلاد. والحليف الروسي يدعم نظام دمشق. وبدأ السلاح يخلف آثاره ويرجح كفة دمشق، على رغم أن فصول الاتصالات وراء الأبواب المغلقة تتواصل بين الأميركيين والروس لضبط آثار هذا الهجوم على درعا، البلدة والمحافظة. فدرعا كانت مهد الثورة على بشار الأسد في 2011. والعمليات العسكرية تصبّ في شرق درعا وشمال شرقها. وفي أيام قليلة، أفلحت القوات الموالية في التقدم، وسيطرت على بصر الحرير ومليحة العطش، وثلاث قرى الى شمال شرقي درعا. وهذه العملية تحاكي تلك التي أفضت الى سقوط معقل الثوار في الغوطة، على مقربة من دمشق، في الربيع. ويلخص صحافي في دمشق النهج المتبع في مثل هذه العمليات العسكرية: «نهاجم، ونقطع أوصال المنطقة الى جيوب، ونطوق المقاتلين والمدنيين، وبعدها نفاوض على نقاط خروج الى مناطق النظام إذا قبل المحاصرون ذلك، أو إلى شمال سورية إذا عارض الثوار والمدنيون العودة الى كنف دمشق. وفي الأيام الأخيرة، رفع آلاف الأشخاص، ومنهم مقاتلون، راية سلطة دمشق، في جوار درعا. ربما ما حملهم على الصدوع بسلطة الحكومة هو سيل النيران المنهمر عليهم. وعلى مقربة من الحدود الأردنية، قصف سلاح الجو السوري مستشفيات، وفق مرصد حقوق الإنسان السوري.
وسقط في القصف هذا عشرات الأطفال. والثوار يحاولون المقاومة، وسقط قبل أسبوع 12 جندياً سورياً في انفجار سيارة مفخخة في بلدة كانت دمشق حرّرتها للتو. واضطرت الأمم المتحدة الى تعليق عمل فرقها الإغاثية على الحدود مع الأردن. فأعمال العنف حملت الآلاف على النزوح. ومثل هذا النزوح لا نظير له في هذه المنطقة المنضوية في مناطق «التهدئة»، إثر إبرام اتفاق تموز (يوليو) 2017 بين روسيا وأميركا والأردن. ولا شك في أن الاتفاق هذا كانت عجلته تدور، ودام 10 أشهر قبل أن يتداعى. وإثر السيطرة على أكثر من نصف أراضي خصومه، الأسد عازم على بسط سلطته في الجنوب. وهو يستفيد من اتفاق مضمر بين الأردن والولايات المتحدة. فمن جهة، أعلنت عمان أنها لن تستقبل موجة جديدة من اللاجئين، ومن جهة أخرى، أعلنت واشنطن أنها لن تدعم ثوار الجبهة الجنوبية. ووجهت السفارة الأميركية في الأردن تحذيراً الى قادة الثوار يبلغهم أنهم متروكون لمصيرهم وأن الكلمة تعود إليهم في تقرير مصالحهم ومصالح عائلاتهم، على رغم أن وزارة الخارجية الأميركية، أنذرت دمشق قبل أسبوع بـ»إجراءات حازمة ومناسبة» إذا هي خرقت اتفاق التهدئة في جنوب سورية. وهذا الانقلاب رأساً على عقب في الموقف الأميركي هو ثمرة «اتفاق بين الروس والأميركيين»، يقول خبير في شؤون الشرق الأوسط. «فمقابل ترك الثوار الى مصيرهم، طلب الأميركيون من الروس عدم مشاركة الإيرانيين وحزب الله في عملية النظام في الجنوب. وهذا مطلب إسرائيلي يقضي بتراجع القوات الإيرانية وحلفائها الشيعة وابتعادهم عن الجنوب السوري. لكن، هل التزمت طهران هذا الشرط؟ الجواب يجمع بين الإيجاب والسلب. «لا يشارك الإيرانيون وحزب الله» رسمياً في الهجوم، لكنهم لم ينسحبوا من مواقعهم في ما يُعرف بـمثلث الموت، وهو منطقة استراتيجية بين جنوب القنيطرة، وغرب درعا وجنوب دمشق. والمثلث هذا هو جسر إيران وميليشياتها الى الامساك بمقاليد الطريق نحو دمشق. ويشارك مستشارو حزب الله وميليشيات «فاطميون» و»زينبيون» المقربون من إيران في هجوم دمشق، ويرتدون ثياب الجيش السوري. وعليه، التسوية الروسية – الاميركية متعثرة. ولكن الامتحان الفعلي لحلف الموالين هو في غرب درعا حيث يتمركز الايرانيون وحزب الله، على مقربة من اسرائيل. ومقابل إمساكها في شرق درعا عن أداء دور بارز، طلبت طهران من روسيا أن ينسحب الأميركيون من قاعدة التنف. والمسائل هذه ستبحث في لقاء فلاديمير بوتين ودونالد ترامب في منتصف الشهر الجاري. وفي الأثناء، يتكبد المدنيون ثمن المساومات وشد الحبال بين القوة الأميركية والقوة الروسية.
* مراسل، عن «لوفيغارو» الفرنسية، 29/6/2018، إعداد منال نحاس
اخر تحديث في 3 يوليو 2018
| |
|