| | Date: May 28, 2018 | Source: جريدة الحياة | | «حماس» إذ تتجاهل المأساة السورية وتتواطأ مع التوحش - موسى برهومة | يتكشف، يوماً بعد يوم، موقف حركة المقاومة الإسلامية «حماس» من الحرب في سورية، وهو موقف يعكس بلا ريب انحياز «حركة المقاومة!» لجزار دمشق، وتغاضيها عن جرائم إيران وحزب الله وميليشيات المرتزقة الذين جرى شراؤهم من أجل قتل الشعب السوري وتشريده وتحويل بلاده إلى غابة من الحطام والخسارات.
ومن كان يظن خيراً بمواقف «حماس» باعتبارها اختارت النأي بنفسها عن مجريات الحرب في سورية، ستجبره تصريحات القائد العام لحركة حماس في غزة يحيى السنوار، على الاعتقاد بأنّ ظنّه الخيّر لم يكن في مكانه، وأنّ «حماس» تلعب بورقة المصالح، وتتوسل بحسابات الربح والخسارة في علاقتها مع نظام بشار الأسد الذي حطّم الأرقام القياسية في التوحش والهمجية وإنكار الواقع.
القائد الحمساوي الأبرز، السنوار، جدّد ولاءه لـ «الجمهورية الإسلامية الإيرانية (التي) لم تقصّر في دعم المقاومة بعد 2014 بالمال والعتاد والخبرات». وقال في حوار مع قناة «الميادين» أخيراً، إنّ علاقة حماس بإيران «ممتازة». وحظيت بتقدير «ممتازة» أيضاً علاقة «حماس» مع «الإخوة في حزب الله. وهناك تنسيق وعمل مشترك واتصالات شبه يومية بيننا وبينهم». وأكد كذلك أنّ العلاقات بين الطرفين «في أوجها وأحسن مراحلها».
السنوار أشاد بقائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ووصف علاقة «حماس» معه» بأنها «في غاية القوة والمتانة والحرارة والدفء»، معرباً عن أمله بأن تساهم هذه الشبكة من علاقات «حماس» مع الأطراف الوالغة في الدم السوري في عودة محور «المقاومة والممانعة» مؤكداً «نحن نثق بأنّ (هذا المحور) قد عاد والتمّ شمله».
وكانت «حماس» سبقت هذه التصريحات التي تحتفي بالقتَلة، بإرسال موفد رفيع من قادتها في أيلول (سبتمبر) الماضي، بوساطة من حزب الله، للقاء قادة دمشق، والبحث في عودة العلاقات بين النظام السوري والحركة التي عقدت اجتماعها على مقربة كيلو مترات قليلة من مخيم اليرموك في دمشق الذي كان يقطن فيه زهاء 160 ألف فلسطيني، لم يبق منهم سوى ثلاثة آلاف، بعدما سامهم نظام «المقاومة والممانعة» سوء العذاب والمهانة، وحاصرهم ودمر بيوتهم المتهالكة، وتركهم يموتون ببطء تحت الأنقاض، بذريعة تحصّن مقاتلي تنظيم «داعش» الإرهابي في المخيم، وهي ذريعة زائفة يسوّقها النظام وشبيحته كيلا يفصحوا عن النية الحقيقية وراء حصار المخيم، والمتمثلة في انحيازه للثورة السورية التي رفعت منذ البداية شعار الحرية والكرامة والعدالة.
لم تكترث «حماس» قبل هذا الاجتماع الاسترضائي الاعتذاري التوسّلي وبعده، بأنّات أطفال مخيم اليرموك الذي جرى طحن أبنائه بين مطرقة النظام وسندان التنظيمات الإرهابية، في وقت ملأ الزبد أفواه قادة المقاومة الإسلامية الفلسطينية وهم يشيدون بالتنسيق اليومي مع قتلة أبناء شعبهم، وأبناء الشعب السوري الذي ما زال يدفع ضريبة تواطؤ محور «المقاومة والممانعة» الذي حلم السنوار في عودته، ليكتمل نصاب القتلة والمجرمين، وتفوح رائحة الجثث المتحللة التي جرّب نظام بشار الأسد وحلفاؤه كل الأسلحة المدمرة والكيماوية والمحظورة في سبيل إخماد صوت الثورة السورية التي مثلت حلم الكثيرين في انبثاق فجر شرق أوسطي بلا طغاة.
إغماضة العين الحمساوية عن المحرقة السورية، وفخرها الموصول بمن ارتكبوا أفظع المجازر في سورية، ينمّ عن انتهازية قميئة تصدّع شعارات الحركة التي صدّعت رؤوسنا بخطاباتها النارية، فإذا بنا أمام حقائق صادمة، ما زالت تتوالى فصولها، تعكس التحلل الأخلاقي لـ «حركة المقاومة»، واصطفافها المفضوح مع الجلادين، ومقاومتها الضحايا وصرخاتهم التي تمزق شغاف السماء، وممانعتها حق السوريين وأحرار العرب في التخلص من حقبة الاستبداد التي يمثّلها من تغزّل بهم السنوار الذي تخيّلتُ أن حماسته بلغت حدّ أن يقبّل السكين التي تقتل الأبرياء والمقاومين الحقيقيين الذين حلموا بنهار لا يلوثه دخان الدمار وحرائق الأجساد المتفحّمة!
* كاتب وأكاديمي أردني | |
|