Date: Oct 9, 2012
Source: جريدة النهار اللبنانية
النظام يحاول الحسم في حمص والقصير وبان يحذّر من "التداعيات" على لبنان وتركيا

تحول التوتر القائم على الحدود بين سوريا وتركيا تبادلاً شبه يومي للقصف المدفعي مع موجة جديدة من القصف والقصف المضاد الذي ينذر بانفجار شامل. ونبه الرئيس التركي عبدالله غول العالم الى ان "اسوأ السيناريوات تتحقق الان في سوريا" وحض المجتمع الدولي على التحرك لمواجهة الوضع السوري، واكد ان بلاده تتخذ "كل الاجراءات اللازمة" على الحدود. 


ومع تصاعد التوتر على الحدود السورية - التركية، قال مسؤول عسكري مصري إن القوات البحرية المصرية والتركية بدأت الأحد مناورات مشتركة لمدة أسبوع في شرق البحر المتوسط يطلق عليها "بحر الصداقة" وهي من مناورات عسكرية مشتركة عدة بين مصر وتركيا. ومعلوم ان تركيا من أولى الدول التي أيدت الانتفاضة المصرية التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك وأدت إلى تولي "الإخوان المسلمين" السلطة.  وتؤيد الدولتان المعارضة السورية وتدعوان الى تنحي الرئيس بشار الاسد.


ونظراً الى المخاطر المترتبة على التوتر التركي - السوري، حذر الامين العام للامم المتحدة بان كي- مون من خطورة الوضع على الحدود بين البلدين. كما حذر وزير الدفاع الروسي أناتولي سيرديوكوف الذي يزور برلين من ان التدخل الخارجي في سوريا سيؤدي الى كارثة في الشرق الاوسط.


وفي موازاة المكاسب التي تحققها المعارضة السورية على طول الشريط المحاذي للحدود التركية - السورية والتي توجت بزيارة هي الاولى من نوعها لرئيس "المجلس الوطني السوري" عبد الباسط سيدا لمنطقة تل الهوى، سجل تصاعد كبير في حدة المعارك والقصف في مدينة حمص وريفها حول مدينة القصير القريبة من الحدود مع لبنان، في ما يبدو انه محاولة من قوات النظام للسيطرة على المدينة والمناطق المحيطة بها.


وفيما نقلت "رويترز" عن مقاتلين معارضين ان الجيش النظامي اقتحم حي الخالدية في حمص بعد تدمير المباني التي كان يتمركز فيها المقاتلون، أورد "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له ان حصيلة الضحايا في مجمل الاراضي السورية بلغت امس 132 قتيلا بينهم 48 مدنيا و31 مقاتلا او منشقا و53 عسكريا نظاميا، غالبيتهم في محافظتي درعا وحلب. واعلن ان مجموع عدد القتلى في سوريا منذ بدء الازمة في 15 آذار 2011 وصل الى ما لا يقل عن 32 الف قتيل، غالبيتهم من المدنيين. 


وغداة اقتراح وزير الخارجية التركي احمد دواد اوغلو ان يتولى نائب الرئيس السوري فاروق الشرع قيادة المرحلة الانتقالية في سوريا، اعلن سيدا ان المجلس لن يعارض اضطلاع اعضاء من حزب البعث في المستقبل السياسي لسوريا اذا لم يكونوا قد شاركوا في عمليات القتل خلال الانتفاضة المستمرة منذ 19 شهراً.  
  


بان كي - مون

وحذر بان كي - مون لدى افتتاح اول "منتدى عالمي للديموقراطية" في ستراسبور من الوضع "البالغ الخطورة" على الحدود السورية - التركية.  وقال امام مجلس اوروبا "ان الوضع في سوريا تفاقم بشكل مأسوي. انه يطرح مشاكل خطيرة بالنسبة الى استقرار جيران سوريا وكل المنطقة". واضاف ان "تصعيد النزاع على الحدود السورية - التركية وتداعيات الازمة على لبنان أمران بالغا الخطورة". ولفت الى أنه "مع اقتراب فصل الشتاء نحن في حاجة الى ان يلبي المانحون بمزيد من السخاء حاجات السكان في داخل سوريا واللاجئين الذين يزيد عددهم عن 300 الف لاجئ في الدول المجاورة".
وبعدما أبدى  قلقه الشديد من التدفق المستمر للاسلحة الى الحكومة السورية وكذلك الى قوات المعارضة"، دعا الامين العام للامم المتحدة كل الاطراف، وسط تصفيق حاد من الحاضرين، الى "وقف استخدام العنف والتوجه نحو حل سياسي. انه السبيل الوحيد للخروج من الازمة". واضاف: "أطلب بشكل عاجل من الدول التي تقدم أسلحة ان تتوقف عن ذلك. ان عسكرة النزاع لا تؤدي الا الى تفاقم الوضع". 
 

سيدا على الحدود 

وفي خطوة رمزية، زار عبد الباسط سيدا منطقة سورية على مقربة من الحدود مع تركيا في رفقة عدد من اعضاء المجلس وقادة من "الجيش السوري الحر".
وقال مسؤولان في "الجيش السوري الحر" ان سيدا زار بلدة باب الهوى المحاذية لتركيا في محافظة ادلب حيث التقى عدداً من قادة هذا الجيش المتمرد.
وهي الزيارة الاولى لسيدا للاراضي السورية منذ تسلمه رئاسة "المجلس الوطني السوري" في حزيران الماضي. 
  

الوضع الميداني 

ميدانياً، قال مصدر أمني سوري إن انتحارياً يقود سيارة مفخخة فجر نفسه ليلاً في محيط مركز عسكري في حرستا قرب دمشق من غير ان يوقع اصابات في صفوف العسكريين.
من جهة أخرى، أرجأ مقاتلون سوريون معارضون البدء باعدام ايرانيين يحتجزونهم منذ آب الماضي.  وصرح ناطق باسم المجلس العسكري لـ"الجيش السوري الحر" في دمشق وريفها أحمد الخطيب عبر "سكايب": "جرى التواصل مع السلطات التركية كجزء من مفاوضات غير مباشرة بين الجيش السوري الحر والنظام الايراني".
واضاف الخطيب الذي لا علاقة مباشرة له بعملية الخطف، لكنه على صلة بعدد من المجموعات المقاتلة: "اذا لم يطلق النظام السوري في الساعات المقبلة الفتيات الثلاث والعائلتين من الغوطة الشرقية (بريف دمشق) اللواتي يحتجزهن، قد تبدأ المجموعة التي تحتجز الايرانيين بتنفيذ تهديدها".

 

افاد "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له ان 20 شخصا قتلوا "بينهم خمسة على الاقل من مقاتلي الكتائب الثائرة المقاتلة" في بلدة الكرك الشرقي بمحافظة درعا. واوضح ان البلدة تشهد "عملية عسكرية وقصفا عنيفا ومحاولات اقتحام منذ ثلاثة ايام وسط حصار خانق واوضاع طبية وانسانية سيئة"، مشيرا الى ان القصف طاول ايضا "مركبات كانت تنقل جرحى".


وفي حلب، اعلن المرصد ان شخصين قتلا نتيجة القصف الذي تتعرض له احياء في المدينة منها طريق الباب وهنانو والصاخور شرقا، وبستان القصر والانصاري والفردوس والكلاسة والسكري.
وفي دمشق، تحدث عن تنفيذ القوات النظامية "حملة هدم وتجريف للمنازل" في حي القابون بجنوب العاصمة، ومنطقة برزة في شمالها التي تشهد "حال نزوح كبيرة للسكان"، وذلك غداة مقتل احد أفراد قوى الامن بتفجير عبوة ناسفة استهدفت مقرا للشرطة في حي خالد بن الوليد بمنطقة الفحامة في العاصمة.


وفي محافظة حمص بوسط البلاد، يتعرض حي الخالدية لقصف عنيف "من القوات النظامية السورية التي تستخدم الطائرات الحوامة وقذائف الدبابات والهاون وتحاول اقتحام الحي من محاور عدة"، في مواجهة "مقاومة شرسة" من المقاتلين المعارضين.


وقال مقاتلون من المعارضة السورية إن القوات الحكومية تقدمت للمرة الأولى منذ أشهر في حي الخالدية.
وأبلغ مقاتل "رويترز" عبر موقع "سكايب": "دخل جيش الأسد مناطق في الخالدية للمرة الأولى منذ أشهر. احتلوا مباني كنا متمركزين فيها واضطررنا الى اخلائها".


وقال مصدر عسكري ان "الجيش هو في خضم محاولة تطهير الاحياء التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون في حمص". واضاف ان القوات النظامية سيطرت على القرى المحيطة بمدينة القصير وهي "تحاول الآن استرجاع المدينة نفسها".


وقال الناشط في "الهيئة العامة للثورة السورية" هادي العبد الله في القصير عبر "سكايب"، ان القوات النظامية تحاول "اقتحام (القصير) من ثلاثة محاور"، وان الاشتباكات "عنيفة جداً جداً" وتتزامن مع قصف تتعرض له المدينة المحاصرة منذ نهاية عام 2011. وبثت قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية ان اشتباكات تدور بين "الجيش السوري الحر" والجيش النظامي للسيطرة على بلدة معرة النعمان بريف إدلب.


ونقلت عن ناشطين سوريين انه عثر على 11 جثة لأشخاص أعدموا ميدانيا فى بلدة جوسية بريف حمص.


من جهة أخرى، تنشط الجرافات والمتطوعون في بلدة قاح بشمال غرب سوريا لبناء مخيم من المفترض ان يستقبل اعتبارا من هذا الاسبوع آلاف السوريين الهاربين من المعارك في مشروع هو الاول من نوعه داخل سوريا.  


وتبعد المواقع الاولى للجيش 30 كيلومتراً وتالياً لا خطر من التعرض لقصف مدفعي. كما ان احتمال الغارات الجوية ضعيف نسبياً نظراً الى قرب الموقع من الحدود التركية، على مسافة 2,5 كيلومترين. ولكن من باب الاحتياط، نصبت رشاشات ثقيلة على المرتفعات حول المخيم.

 

رد تركي جديد 

ولليوم السادس أعلن مسؤول تركي ان الجيش التركي رد مجددا بقصف مواقع عسكرية سورية على سقوط قذيفة اطلقت من الجانب السوري في الاراضي التركية.
وقال ان القذيفة سقطت الساعة 15:00 بالتوقيت المحلي (12:00 بتوقيت غرينيتش) في منطقة ألتينوزو باقليم هاتاي في جنوب شرق تركيا، وان "الجيش التركي رد فورا بعد كل قذيفة سورية وبطارياتنا المضادة للطائرات تقصف المواقع السورية".
وقال محافظ هاتاي جلال الدين ليكسيز ان ست قذائف سورية سقطت على الجانب التركي من الحدود ، الا انها لم توقع اصابات. واوضح ان "جميع القذائف سقطت في مناطق ريفية". 


واعتبر الرئيس التركي عبد الله غول أن "أسوأ السيناريوات" تتحقق في سوريا، وحض المجتمع الدولي على التحرك قائلاً إن تركيا ستواصل اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لحماية حدودها. وأضاف ان "حكومتنا تتشاور بشكل دائم مع الجيش التركي. كل الاجراءات اللازمة تتخذ على الفور كما ترون وسيستمر هذا من الآن فصاعدا أيضا". ولاحظ انه ينبغي ألا تستمر الأحداث في سوريا على النهج نفسه، وأن ما يحدث يؤشر لكون التغيير آتياً، إلا أن رغبة تركيا تتلخص في عدم إراقة مزيد من الدماء السورية، وتدمير المدن وتحول سوريا دولة مدمرة. واكد أن بلاده ترغب في انتقال السلطة في سوريا لتجاوز مزيد من الدماء والدمار، داعياً المجتمع الدولي إلى مزيد من الاهتمام بالقضية السورية، والتصرّف بمسؤولية وتأثير أكبر.  


موقف دمشق
وفي دمشق رد وزير الاعلام السوري عمران الزعبي على اقتراح وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو تسلم نائب الرئيس السوري فاروق الشرع رئاسة حكومة انتقالية في سوريا بأنه يعكس "تخبطا وارتباكا" سياسيا وديبلوماسيا. وقال ان "تركيا ليست السلطة العثمانية والخارجية التركية لا تسمي ولاتها في دمشق ومكة والقاهرة والقدس".
ونصح الحكومة التركية "بالتخلي عن مهماتها لمصلحة شخصيات يقبلها الشعب التركي"، لأن في ذلك "مصلحة تركية حقيقية". وطالب الحكومة التركية "بالتوقف عن تدمير مستقبل الشعب التركي الشقيق وعن سياستها التي ادت الى الانخفاض الكبير لوزن تركيا النوعي".  


في غضون ذلك، بدأ تحالف احزاب الجبهة والقوى الوطنية التقدمية المتحالف مع حزب البعث الحاكم في سوريا مؤتمراً يستمر يومين في دمشق تحت شعار "الحوار السياسي والمصالحة الوطنية ومكافحة الارهاب سبيلنا الى استعادة الامن والاستقرار". وقد استرعى الانتباه ضعف المشاركة من حزب البعث الذي ينتمي اليه الرئيس بشار الاسد.  وحضر المؤتمر ديبلوماسيون من ايران وروسيا والصين.


العاهل الاردني 

في عمان، دعا العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدات لبلاده لتتمكن من القيام بواجباتها حيال اللاجئين السوريين الموجودين على أراضي المملكة.
وجاء في بيان صادر عن الديوان الملكي أن الملك عبدالله الثاني دعا لدى استقباله المدير التنفيذي لصندوق الامم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسيف" أنطوني ليك "المجتمع الدولي إلى الإستمرار في تقديم الدعم للأردن ليتمكن من تقديم الخدمات اللازمة للاجئين السوريين الموجودين على أراضيه، بمن فيهم الأطفال الذين هم موضع اهتمام خاص".

 


المعارضة السورية لا تعارض دوراً لحزب البعث
وتناقش احتمال تكليف الشرع المرحلة الانتقالية


أعلن رئيس "المجلس الوطني السوري" عبد الباسط سيدا أنه لن يعارض اضطلاع أعضاء من حزب البعث في المستقبل السياسي لسوريا إذا لم يكونوا قد شاركوا في عمليات القتل خلال الانتفاضة المستمرة منذ أكثر من 18 شهراً، في تصريحات تعكس تخفيفاً لموقف المعارضة السورية التي كانت تؤكد أنها لن تقبل بأقل من استتصال تام لنظام الرئيس بشار الاسد ودائرة المقربين منه.
وكان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو صرح السبت بأن الشرع شخص "لم تتلطخ يداه بالدم"، وتاليا يمكن أن تقبل به المعارضة السورية.


وأبلغ سيدا "الاسوشيتد برس" أن "المجلس الوطني السوري" سيلتقي الاسبوع المقبل في قطر وسيناقش أموراً عدة، بما فيها احتمال تكليف الشرع ادارة المرحلة الانتقالية إذا تنحى الاسد. وقال: "نحن نؤيد أي حل يوقف القتل في سوريا ويحترم تطلعات الشعب السوري الى ما يضمن الا تكون هناك عودة الى الديكتاتورية والاستبداد في سوريا".وعندما سئل عن الشرع، أجاب: "ليست لدينا معلومات عن أنه شارك في أعمال القتل أو أنه أعطى أوامر، الا أنه ينتمي الى القيادة السياسية". وشدد على أن المعارضة السورية لن تكرر سياسة نفذت في العراق قبل سنوات، عندما أقصي أعضاء حزب البعث العراقي عن وظائفهم بعد اطاحة نظام الرئيس الراحل صدام حسين، قائلا: "لن تكرر تجربة اجتثاث البعث الفاشلة... سننهي الامتيازات غير الشرعية للحزب، والاعضاء الذين ارتكبوا جرائم سيحالون على المحاكمة...سيمارس حزب البعث كل نشاطاته وفقا للالية الديموقراطية...لن نعتمد سياسة انتقام وسنحافظ على مؤسسات الدولة".

 

اجتماع الدوحة

الى ذلك، أفاد العضو في "المجلس الوطني السوري" لؤي الصافي إن الاجتماع المقبل للمجلس في الدوحة سيخصص لاعادة الهيكلة والتوسيع من أجل توحيد المعارضة، موضحاً ان "اجتماعات الامانة العامة التحضيرية تبدأ يوم 15 و16 تشرين الاول، ويوم الخميس 17 يعقد اجتماع للهيئة العامة" للمجلس، و"اهم نقطة" في الاجتماع ستكون "اعادة الهيكلة والتوسعة والقصد منها خطوة اخرى في اتجاه توحيد المعارضة السورية في اطار اوسع". وأشار الى أن "قوى سياسية جديدة وقوى من المجتمع المدني ستنضم الى المجلس" خلال اجتماع الدوحة، وهي "كتلة التركمان والاشتراكيين والناصريين وعدد من الكتل السياسية، غالبيتها من القوى الثورية في الداخل"، الى 25 منظمة اهلية جديدة.


وكان سيدا صرح الجمعة بأن "اعادة هيكلة" للمجلس تشمل خصوصاً توسيع مشاركة القوى الميدانية الموجودة في الداخل وزيادة عدد أعضائه من 300 الى 600 عضو.
ويعتبر "المجلس الوطني السوري" اوسع هيئة تمثيلية للمعارضة السورية، وأجريت في اشراف جامعة  الدول العربية محاولات عدة لتوحيد قوى المعارضة كافة في هيكلية واحدة لم تلق نجاحا.