Date: Oct 8, 2012
Source: جريدة النهار اللبنانية
المعارضة تتقدّم حدودياً وصعوبات في حلب وتركيا تقتـرح الشـرع لتولّي المرحلة الانتقالية

وسع مقاتلو المعارضة السورية رقعة سيطرتهم على اراض محاذية للحدود السورية - التركية باستيلائهم على موقع عسكري سوري وقرية خربة الجوز قبالة اقليم هاتاي التركي وعلى معبر باب الهوى في محافظة ادلب. ولليوم الخامس ردت المدفعية التركية بقصف مواقع سورية على سقوط قذيفة هاون مصدرها الاراضي السورية في قرية اكجاكالي التي كان قتل فيها الخميس الماضي خمسة أشخاص في سقوط قذيفة على منزل بالقرية، الأمر الذي سلط الضوء على مخاطر تحول الازمة السورية المستمرة منذ 19 شهراً صراعاً اقليمياً. وفي دمشق انفجرت سيارة مفخخة قرب مقر قيادة الشرطة في شارع خالد بن الوليد بمنطقة الفحامة في وسط العاصمة، مما اسفر عن مقتل رجل استناداً الى الرواية الرسمية.


وتواصلت اعمال العنف في بقية المناطق السورية وأوقعت، بناء على معلومات "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له ، 107 قتلى هم 53 مدنيا بينهم 11 امرأة وطفلا، و25 مقاتلا معارضا و29 جنديا نظامياً. وقال انه عثر في بلدة الحمة بمحافظة دمشق على 21 جثة لاشخاص يعتقد انهم قتلوا على ايدي الجنود السوريين.


وفي حلب قال المرصد ان "اشتباكات عنيفة تدور بين القوات النظامية والكتائب الثائرة المقاتلة التي تحاول اقتحام مقر فرع الدهم في حي الميدان، بينما تعرض حيا الحيدرية والصاخور للقصف من القوات النظامية، مما ادى الى سقوط عدد من الشهداء والجرحى".


أما الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" فنقلت عن القوات النظامية ان المقاتلين المعارضين "هربوا" من شرق حلب.
ونسبت "وكالة الصحافة الفرنسية" الى قادة ميدانيين للمعارضة ان المقاتلين في حلب يواجهون صعوبات في التقدم نحو الاحياء التي يسيطر عليها الجيش النظامي نتيجة النقص في السلاح.
وتحدثت قناة "الميادين" الفضائية التي تتخذ بيروت مقراً لها عن هجوم واسع للجيش النظامي على معاقل مقاتلي المعارضة في ريف القصير قرب الحدود مع لبنان.


ومع تكرار الحوداث الحدودية بين سوريا وتركيا، صرح وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا بأن هذا التطور يثير مزيداً من القلق من احتمال تصعيد النزاع وامتداده الى الدول المجاورة. وقال ان الولايات المتحدة تستخدم القنوات الديبلوماسية لنقل القلق الاميركي املاً في منع اتساع النزاع.

 

داود أوغلو

سياسياً، صرح وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو في مقابلة مع شبكة "تي ار تي" التركية للتلفزيون في وقت متقدم السبت، بأن نائب الرئيس السوري فاروق الشرع "رجل عقلاني" ويمكن ان يحل محل بشار الاسد على رأس حكومة انتقالية في سوريا لوقف الحرب الاهلية في البلاد.
وقال: "فاروق الشرع رجل عقل وضمير ولم يشارك في المجازر في سوريا. لا احد سواه يعرف بشكل افضل النظام في سوريا". وأضاف ان المعارضة السورية "تميل الى قبول الشرع" لقيادة الادارة السورية في المستقبل.
وأعرب عن اقتناعه بأن نائب الرئيس السوري لا يزال في سوريا، قائلاً: "وصلتنا معلومات استخبارية عن محاولات عدة أجراها فاروق الشرع للهروب من سوريا".
 

صالحي

وفي المقابل، أبلغ وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي مجلة "در شبيغل" الألمانية أن الأسد لا يزال واثقاً من تحقيق النصر على رغم الانتكاسات التي تعرض لها الجيش السوري وانهيار الاقتصاد ومقتل اربعة من كبار مسؤولي الامن في هجوم لمقاتلي المعارضة  منتصف تموز.
وقال صالحي الذي أجرى محادثات مع الأسد قبل اسبوعين: "التقيت في دمشق رئيساً يعي جيداً خطورة الموقف. لم يبد منفصلاً (عن الواقع)، لكنه واثق من نفسه ومستعد للقتال". واكد ان "الرئيس بدا مقتنعا بامكان تحقيق النصر في الصراع في سوريا بالوسائل العسكرية". وأشار الى أن الأسد "مستعد لأي حل يأتي من داخل سوريا"، لكنه يرفض اي ضغوط اجنبية تمارس عليه. وشدد على انه لا يسعى في أي حال من الاحوال للجوء إلى اي دولة.
 

الجامعة العربية

في القاهرة، أعلن نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد بن حلي أن الجامعة ستشارك بوفد رفيع المستوى في اعمال مؤتمر المعارضة السورية الذي تستضيفه الدوحة في 17 تشرين الاول الجاري .
وأبرز اهمية هذا المؤتمر من أجل توحيد رؤى المعارضة السورية حول المرحلة الانتقالية للبلاد وتحقيق الديموقراطية المنشودة، لافتا الى أن هذا المؤتمر يأتي استكمالا لمؤتمر القاهرة الجامع للمعارضة السورية والذي انعقد في رعاية الامين العام للجامعة العربية في تموز الماضي، معربا عن امله في الخروج بنتائج مثمرة خلال المؤتمر المرتقب لتقريب وجهات النظر بين كل اطياف المعارضة السورية وانهاء حال الانقسام بينها.
وأفاد ان الجامعة العربية تركز في الوقت الحاضر من خلال الممثل الخاص المشترك للامين العام للامم المتحدة وجامعة الدول العربية الاخضر الابرهيمي في سوريا على تحقيق ثلاث نقاط اساسية هي: وقف النار والبدء بعملية حوار سياسي تمهيداً للمرحلة الانتقالية وتحقيق الانتقال السلمي للسلطة بما يحفظ لسوريا وحدتها واستقرارها وسلامتها الاقليمية .
 

"النيويورك تايمس"

في واشنطن، أوردت صحيفة "النيويورك تايمس" السبت ان السعودية وقطر اوقفتا تسليح المعارضين السوريين بالاسلحة الثقيلة التي يمكن ان ترجح كفة النزاع لمصلحتهم، في غياب دعم كاف من الولايات المتحدة.
ونسبت الى مسؤولين سعوديين وقطريين انهم يأملون في اقناع الولايات المتحدة التي تخشى ان تصل صواريخ محمولة على الكتف واسلحة ثقيلة اخرى الى ايدي ارهابيين، بانه يمكن معالجة المسائل التي تثير مخاوفها.
وقال مسؤول عربي: "نبحث عن طرق لتطبيق تدابير لمنع وصول هذا النوع من الاسلحة الى ايد خاطئة".

 

دمشق

بعد ساعات من اعلان القوات السورية النظامية "تطهير" بلدتي  قدسيا والهامة في ريف دمشق من المعارضة المسلحة، انفجرت سيارة مفخخة قرب مقر قيادة الشرطة في شارع خالد بن الوليد بوسط دمشق. واستمرت الاشتباكات في حلب وردت المدفعية التركية على سقوط قذيفتين مصدرهما الاراضي السورية على قرية اكجاكالي الحدودية التي أوقع سقوط قذيفة فيها الاسبوع الماضي  خمسة قتلى.
     
أفاد "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له انه: "سمع دوي انفجار شديد بدمشق تبين انه في شارع خالد بن الوليد قرب قيادة الشرطة، تبعه صوت اطلاق رصاص كثيف"، بينما اكد سكان في المنطقة حصول الانفجار واطلاق الرصاص، مشيرين الى ان قوى الامن اقفلت الطرق المؤدية الى المكان الذي هرعت اليه سيارات اطفاء واسعاف.      
وبث التلفزيون السوري الرسمي ان الانفجار نجم عن "تفجير ارهابي بسيارة مفخخة".  

   
وفي ريف دمشق، حيث شددت القوات النظامية حملتها في الايام الاخيرة على اماكن عزز المقاتلون المعارضون وجودهم فيها، تحدث المرصد عن العثور على "جثامين عشرة رجال احدهم مقاتل قضوا برصاص القوات النظامية، بحسب ناشطين من في بلدة الحمة التي شهدت عملية عسكرية واسعة خلال الايام الاخيرة انتهت بسيطرة القوات النظامية عليها". وأورد التلفزيون الرسمي ان "وحدات من قواتنا المسلحة تطهر منطقتي الهامة وقدسيا في ريف دمشق من المجموعات الارهابية المسلحة وتعلنهما منطقتين آمنتين".
كذلك تعرضت مناطق في حمص للقصف، وخصوصاً حي الخالدية ومدينة جوسية في ريف حمص.  وبثت قناة "الميادين" الفضائية التي تتخذ بيروت مقراً لها ان القوات السورية النظامية تنفذ عملية عسكرية واسعة في ريف القصير القريب من الحدود اللبنانية.

 

حلب

وفي حلب، اعلن المرصد ان اشتباكات عنيفة دارت في احياء الصاخور ومساكن هنانو والميدان بشرق المدينة، رافقها قصف  لحيي الصاخور والكلاسة.  
وجاء في تحقيق لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" أن المقاتلين المعارضين الذين يعانون نقصاً في الاسلحة الثقيلة ووسائل الدفاع الجوي، يجدون صعوبة في السيطرة على مواقع قوة الجيش النظامي في حلب: القلعة الكبيرة التي تشرف على المدينة القديمة، جامع الامويين والوسط الاداري لكبرى مدن شمال سوريا.


وقال ابو ماهر الرائد السابق في القوات الجوية السورية الذي انشق قبل شهر والذي يقود الان مجموعة من 50 رجلا تابعة لـ"لواء التوحيد"، ان الامر لا يتعلق باستراتيجية كبيرة، بمعارك من منزل الى آخر. واضاف: "نتقدم في اتجاه منزل جديد او مبنى، ونهاجمه". واوضح ان "الامر يتطلب وقتا طويلا احيانا".


ولاحظ صحافي في "وكالة الصحافة الفرنسية" ان المقاتلين المعارضين يواجهون صعوبة في التقدم وسط أزقة المدينة.  وقال ابو ماهر: "نحاول السيطرة على الجامع (الاموي)، لكن جنود الاسد الموجودين في القلعة يحددون اماكننا بشكل جيد". وقد عرفت القلعة تاريخيا بتحصيناتها ذات القدرة الدفاعية، ويبدو انها لم تفقد هذه الصفات حتى اليوم.


ولفت"الحاج" القائد الميداني الذي يأتمر بأمره 1270 رجلاً، الى انه يضاف الى كل هذه العوامل،  النقص في السلاح والذخيرة وكلفتهما المرتفعة، اذ يبلغ سعر كل رشاش من نوع "اي كي 47" ألفي دولار، بينما تباع كل طلقة بدولارين. وقال: "كلما كان في حوزتنا الفا دولار، نستخدم 300 دولار منها لشراء الخبز، والباقي ننفقه على السلاح".
 وأكد هذا الخياط الذي صار زعيم حرب، ان كل المقاتلين يبتاعون اسلحتهم بأنفسهم، مبديا اسفه لغياب المساعدة من الدول الغربية، اكان من الولايات المتحدة ام اوروبا، وخصوصا فرنسا. واضاف "يقول البعض اننا على علاقة بالقاعدة لاننا نرفع العلم الاسود، لكن هذا هو علم الاسلام".


وفي غياب هذا النوع من الاسلحة، يواجه المقاتلون المعارضون صعوبة في التفوق على القوات النظامية التي استقدمت تعزيزات اضافية الى حلب. وعلى خط التماس الذي يجمع حيي صلاح الدين وسيف الدولة، للمقاتلين مهمة واحدة: الحفاظ على المواقع.
وقال الملازم المنشق محمد المعضل ان "الاسد استقدم تعزيزات الى حلب. احضروا اربعة آلاف جندي اضافي في الايام الخمسة الاخيرة. منذ يومين، يسببون لنا الاذى".

 

الحدود التركية

وفي تطور ميداني آخر، قال شاهد من "رويترز" وقرويون ان مقاتلين من المعارضة السورية سيطروا على موقع عسكري سوري قرب اقليم هاتاي الحدودي التركي وان علم "الجيش السوري الحر" المعارض يرفرف فوق المبنى.
وروى قرويون أن مقاتلي المعارضة سيطروا على المبنى المؤلف من ثلاث طبقات والواقع على مسافة نحو كيلومتر من الحدود على تلة مطلة على قرية جويتشي التركية السبت ورفعوا علم "الجيش السوري الحر" عليه.
وقال المرصد السوري ان قوات المعارضة انتزعت السيطرة على خربة الجوز والاراضي المحيطة بها في وقت متقدم من ليل السبت بعد معركة دامت 12 سنة. ولليوم الخامس، سقطت قذيفة اطلقت من سوريا على قرية أكجاكالي في جنوب شرق تركيا حيث قتل الاربعاء خمسة مدنيين في قصف مصدره سوريا، من غير ان توقع ضحايا، فرد الجيش التركي على مصادر النار بحسب ما افاد رئيس بلديتها عبد الحكيم ايهان. ونقلت عنه وكالة "الاناضول" التركية شبه الرسمية: "الحمد لله لم يسجل سقوط ضحايا. المدفعية (التركية) ردت فورا على مصادر النيران من سوريا". وبثت شبكة "ان تي في" التركية للتلفزيون ان قذيفة مدفعية سقطت في حديقة مبنى عام اخلته السلطات سابقا.

 

في عمان، جدد العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين لدى استقباله رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل دوراو باروزو موقف بلاده الداعي الى ايجاد حل سياسي للوضع المتفاقم في سوريا.
وكان باروزو قد وصل في وقت سابق الى الاردن، في زيارة تستمر يوما واحداً، تفقد خلالها مخيم الزعتري للاجئين السوريين في صحراء محافظة المفرق.