Date: Oct 5, 2012
Source: جريدة النهار اللبنانية
النواب اللبنانيون يقرّون بالتشاور الخارجي لتحديد النظام الانتخابي وأسبوع لبتّ اللجنة
علّقوا المادتين الأولى والثانية واختلفوا على أسماء اللجنة المصغّرة واقتراع المغتربين

منال شعيا 
علّق النواب المادتين الاولى والثانية الخلافيتين في مشروع قانون الانتخابات ليفتحوا الابواب امام مزيد من المناقشة، فكانت النتيجة ان اختلفوا على تشكيل لجنة مصغرة، وتباينت آراؤهم في تحديد عددها واختيار الاسماء، فقرروا رفع الجلسة واعطاء مهلة اسبوع لاقرار بت تشكيل اللجنة او عدمه.


وانتقلوا الى المادة الثالثة المتعلقة بمبدأ حق الاقتراع والتمييز بين اللبنانيين المقيمين وغير المقيمين، "فقفزوا" الى التفاصيل و"ابتكار" آليات لاقتراع المغتربين، علما بان المادة تناقش المبدأ فحسب، بينما تلحظ المواد الاخرى تحديد آلية اقتراع المغتربين، فكانت النتيجة ان ضاعت البوصلة، ولم يفقد النصاب فقط، انما لم يبق نواب داخل القاعة العامة.


نتيجتان افضتا اليها جلسة اللجان النيابية المشتركة امس، مما دلّ على فراغ المناقشات من مضمونها الحقيقي، وما عكس مؤشرا غير جيد في تعاطي مجلس النواب وقانون الانتخابات. ولعل ابرز ما كرّسه النواب امس ان التشاور الخارجي هو الذي سيحدّد سير المناقشات في مسألة قانون الانتخابات، وباقرار منهم، حين انبروا للتوضيح ان الغاية من اللجنة المصغّرة هو توفير التواصل بين القيادات لبت اي نظام انتخابي نريد: نسبي ام اكثري، وحتى حين انتقلوا الى المواد الاصلاحية التي يفترض ان يكون حولها توافق، انقسموا أيضاً.


في مسألة اللجنة، عارض النائب سامي الجميل تشكيلها، قائلا: "لماذا على اللجنة ان تبت اي نظام نريد؟ ماذا يفعل النواب داخل المجلس؟ ان تشكيل  لجنة هو مضيعة للوقت ولا بد ان يظهر المجلس انه سيّد نفسه ومعني بانتاج القانون".


ولاقاه النائب ابرهيم كنعان بالقول: "نحن ضد اللجنة اذا كانت مضيعة للوقت، ولسنا ضد اللجنة بالمطلق".


وبرز تباين بين النائبين الجميل وجورج عدوان الذي لم يعارض تشكيل اللجنة، واصر على انها لجنة اتصال، في حين رحب بها نواب "حزب الله" ولا سيما النائب علي فياض، معتبرا ان لا داعي لإرجاء تشكيلها.


هنا، توسعت المناقشة فكان احد المخارج انه يمكن تحديد مهلة زمنية للجنة مع تحديد برنامج لها، فترفع تقريرها الى اللجان المشتركة ومن ثم الى الهيئة العامة، منعاً لكسب المزيد من الوقت.
في المحصّلة، سار النواب في المبدأ، متفقين على ان اللجنة لا تكون تقريرية، اي انها تكوّن الرأي لكنها لا تتخذ رأيا، لانها في النهاية ستعود الى اللجان المشتركة، وانها لجنة اتصال وليست لجنة صياغة.


بعد المبدأ، دخل النواب في لعبة التسميات، فاختلفوا مجددا. اولا كان العدد المقترح لأعضاء اللجنة كالآتي: ستة نواب من 14 آذار، اربعة نواب من 8 آذار، فاعترضت الموالاة، ولا سيما النائب غازي زعيتر الذي قال: "هناك مستقلون ينبغي تمثيلهم ايضا، وهناك احزاب يجب ان تكون حاضرة كحزبي السوري القومي الاجتماعي والبعث".


بعد ذلك، تراوح العدد بين اربعة نواب لـ14 آذار واربعة نواب لـ8 آذار ونائب لـ"اللقاء الديموقراطي" و"جبهة النضال الوطني"، على ان يرأسها رئيس اللجان المشتركة نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري.


وتردد ايضا ان اللجنة قد تكون من ثمانية، اي ثلاثة نواب من 8 آذار وثلاثة نواب من 14 آذار، ونائب لفريق النائب وليد جنبلاط، الى نائب الرئيس مكاري، وان الاسماء يمكن أن تكون كالآتي: الجميل، عدوان، احمد فتفت او سمير الجسر، كنعان، فياض، علي بزي، اكرم شهيب.


وفي ضوء عدم الاتفاق على اي من الترشيحات، قرّر مكاري اعطاء مهلة اسبوع لبت موضوع تشكيل اللجنة او عدمها. وعلمت " النهار" ان الجسر وكنعان كلّفا جمع الاسماء، كنعان عن الموالاة، والجسر عن المعارضة. وقد يحسم اليومين المقبلين مصير اللجنة، نجاحاً أو اخفاقاً في تشكيلها.

 

آليات لم تطلب!

 

في مسألة اقتراع المغتربين، لم يطلب من النواب ان يناقشوا آليات اقتراع المغتربين، فالمادة الثالثة تتحدث عن المبدأ وليس التفصيل، وعلى رغم ذلك، بانت آليات بالكاد تحصى، منها اعتماد البطاقة الممغنطة، الاكتفاء باعتماد بطاقة الهوية، واللافت ان بعض النواب تحدث عن ان اقتراع المغتربين يعوّقه عدم الانتهاء من التشكيلات الديبلوماسية وان وزارة المغتربين غير جاهزة لبت الموضوع، فأكد المدير العام للمغتربين هيثم جمعة ان الوزارة جاهزة، وردّ نواب بان ليبيا رغم دخولها عالم الديموقراطية حديثاً، تستطيع توفير اقتراع المغتربين، فيما دولة صغيرة كلبنان لا تزال عاجزة.


وبرز موقف لنواب "حزب الله"، يطلبون فيه "مساواة اللبنانيين في الحقوق والواجبات، لان ثمة بلداناً تصنّف اللبنانيين سياسيا وتمنع قوى لبنانية تمثيلية من ممارسة حقها الانتخابي، وبالتالي يجب أن نتخذ إجراءات في حق العملية الانتخابية في هذه البلدان، لأن هناك تمييزا وعدم تكافؤ فرص بين اللبنانيين، فلا يمكن أن تكون انتخابات بطريقة تتناقض مع الدستور وتعرّض الانتخابات للطعن".
هذا الموقف اثار امتعاضا من نواب 14 آذار، ودفع بالنائب بطرس حرب الى التساؤل "هل يعني ان ثمة من لا يريد اقتراع المغتربين في الخارج؟"، متحدثا عن " ضرورة الانتهاء من التشكيلات الديبلوماسية"، وعن "دور الحكومة ووزارة المغتربين في هذا المجال".


هنا، اقترح كنعان ان تزوّد وزارتا الداخلية والمغتربين المجلس انجازات ما توصلت اليها، وذكّر انه عام 2008، قدّم اقتراح قانون مع النائبين نعمة الله ابي نصر وبهيج طبارة يتعلق باقتراع المغتربين وصوّت عليه المجلس،  وبالتالي على الوزارتين المعنيتين ان تطلعا المجلس على ما آلت اليه الامور. وتبنّى المجلس هذا الطلب، وغادر النواب فرفعت الجلسة الى الخميس المقبل.


وعكس تصريح مكاري الاجواء بقوله: "حيال عدم التوصل الى اتفاق في اسماء اللجنة المصغرة، علقت اللجان المشتركة المادتين الأولى والثانية لتتابع المناقشة في بقية المواد، وبعد مناقشة مستفيضة للمادة الثالثة، اتفق على الطلب من وزارتي الداخلية والخارجية تزويد اللجان تقريرا عما انجز في العملية الانتخابية، والاسماء التي سيتفق عليها الأفرقاء السياسيون لبت اللجنة الفرعية".


وردا على سؤال، قال: "لم نكن نصوّت على اقتراع المغتربين ولم نصل الى التصويت".   


وبعد الجلسة، "غازل" فياض "التيار الوطني الحر" بالقول: "تحسين اختيار المسيحيين لنوابهم هو أحد المعايير الأساسية التي نؤكد حرصنا عليها. ما يختاره حلفاؤنا في التيار الوطني الحر نحن نتبناه، وما يفصّله التيار  سنرتديه".


واعتبر ان "رفض النسبية له علاقة بالمخاوف من انكشاف الحجم الشعبي والسياسي لقوى 14 آذار واركان تيار المستقبل".


اما عدوان فاقترح ان "نفصل المواد المتعلقة في شكل قانون الانتخابات اذا كان نسبياً وأكثرياً لنبدأ بدرس الاصلاحات. اما اذا لم نتوصل الى اتفاق في اللجنة، فعلينا ان ننقل الموضوع الى الهيئة لنبدأ التصويت على المواد".   


وتمنّى الجميل ان "يقترح اللبنانيون من يمثلهم عبر قانون انتخابي جديد يضعونه بأيديهم، لذلك نأمل في ان تبقى المناقشات في إطار اللجان المشتركة، لا أن نعود الى منطق الطبخات بحسب التوجهات الإقليمية او الدولية لتركّب لنا قانوناً معلباً".


واعتبر كنعان انه " بدل ان ندخل في سجال في موضوع اقتراع المغتربين، نطالب وزارتي الداخلية والخارجية بأن تقدم تقريراً مفصلاً. هناك مناقشة جدية تحصل، وليست ثرثرة. وعمل اللجنة المصغرة ينبغي ان  يتحدّد في مهلة زمنية، ونحن ننتظر نضوج التوافق السياسي خارج اطار اللجان المشتركة، انما لا يجوز ان نضيّع فرصة تاريخية تعيد التمثيل الصحيح للبنانيين".


وكان حرب اصدر بيانا جاء فيه: "ثمة توجه لدى القسم الفاعل من قوى 8 آذار إلى حرمان المغتربين اللبنانيين المقيمين في الخارج حقهم في الانتخاب، كما ان مداولات حزب الله وبعض حلفائه مثل وزير الخارجية دلت على أن هذه القوى ليست متحمسة لانتخاب اللبنانيين المقيمين خارج لبنان لأنهم يعتبرون أن بعض دول الانتشار لا تسمح لهم بالقيام بالحملة الإعلامية الانتخابية".


وسأل "حلفاء هؤلاء الذين يعلنون انهم مع حق اقتراع اللبنانيين المنتشرين في الخارج، عن رأيهم في موقف حلفائهم المتحفظين والرافضين لعملية انتخاب اللبنانيين في أماكن انتشارهم، كما ان الامر يستدعي ايضا مساءلة الحكومة عن الاجراءات التي اتخذتها لمواكبة الاستحقاق المقبل، ولا سيما ملء الشغور في السفارات واجراء التشكيلات الديبلوماسية".