Date: Jul 22, 2015
Source: nowlebanon.com
بشّار وارثاً أباه - حازم صاغية
قبل 15 عاماً بالتمام حلّ بشّار الأسد محلّ أبيه حافظ. تلك كانت التجربة الثانية، بعد كوريا الشماليّة الكيميّة، في التوريث الجمهوريّ و"الإشتراكيّ".

يومذاك عُدّل الدستور المزعوم بما يجيز للوريث، ابن الـ34 عاماً في 2000، أن يغدو وريثاً. المحيطون بالرئيس الراحل كانوا، قبيل رحيله، قد خُلطوا وبُدّلوا بما يتيح للوافد الجديد إلى الرئاسة أن يحكم بيُسر: ذاك أنّ المبدأ يقول إنّ المرء لا يستطيع أن يحكم ويكون السيّد المطلق فيما هو محاط بأصدقاء أبيه الذين يشهدون عليه طفلاً.

غنيّ عن القول إنّ اختيار بشّار لم يستند إلى أيّ مقوّم سوى أنّه ابن أبيه، وأنّه شقيق أخيه باسل الذي رحل بحادث سير، وكان حتّى تلك اللحظة المستحقّ الوحيد لوراثة ملايين الشعب السوريّ.

هكذا آل الاستحقاق الحصريّ إلى بشّار. ولأنّه لا بدّ من "مبرّر" في نظام جمهوريّ و"اشتراكيّ"، بولغ في التوكيد على الجيل الجديد، وعلى العيش والدراسة في بريطانيا، فضلاً عن عصريّة الزوجة السيّدة أسماء التي ترعرت في بريطانيا وأحبّت الشعب السوريّ. 

وللأسف شارك كتّاب وصحافيّون غربيّون، وبالطبع ساسة وصحافيّون لبنانيّون، في ترويج هذه المخاتلات وتعميمها.

يومذاك، مع الوراثة، رُفع شعار "الاستمراريّة والتغيير"، فتساءل بعض النبهاء بيننا: ما دام حافظ الأسد خير حاكم أُخرج للناس، وما دامت الاستمراريّة معه ومع "سوريّا الأسد" خير ما يُرجى للشعب السوريّ وازدهاره، فلماذا التغيير إذن؟

كان التلفيق واستمرّ سيّداً للموقف. وباستثناء تعديلات تجميليّة في أحسن الأحوال، ما لبث أن تبدّى أنّ التغيير الوحيد الفعليّ هو المضيّ خطوات أبعدَ في إفقار السوريّين، وهو ما اضطلع بالدور الأساسيّ فيه الأقارب والمحاسيب، فضلاً عن المتقاعدين المرضيّ عليهم من حاشية الرئيس الأب. ووجهة النهب هذه تعاظمت بعد الاضطرار إلى الانسحاب من لبنان بعد جريمة اغتيال رفيق الحريري في 2005.

لكنْ ما إن لاح العام 2011، حتّى انفجر هذا الصرح كلّه، وانفجرت معه أكاذيبه عن الجيل الشابّ والدراسة في الخارج والاقتران بسيّدة عصريّة. بيد أنّ فرصة قُدّمت لوارث أبيه، الذي كان يصعب أن تُنسب إليه ميزة واحدة، كي يقتل أباه بالمعنى الفرويديّ: فقد تجاوزه في الجريمة والتهجير والإفقار وسائر المواصفات التي كان حافظ الأسد أبرز مؤسّسيها في التاريخ السوريّ الحديث.

ومع انقضاء هذه السنوات الـ 15، يُستحسن أن نراجع بداياتها من منظور ما عشناه وعرفناه خلالها، لكي نتأكّد من حجم الكذب المصنوع في حياتنا، فلا نتواطأ مع هذا الصنف من الأكاذيب. هذا في الحدّ الأدنى...