Date: Feb 19, 2021
Source: جريدة الشرق الأوسط
دعوات لإطلاق «حوار عاجل» ينهي أزمة اليمين الدستورية في تونس
في سياق البحث عن حل للأزمة السياسية المتواصلة بين الرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي، دعا «الرباعي» الراعي للحوار السياسي لسنة 2013، إلى إطلاق جلسات حوار عاجلة بين رأسي السلطة التنفيذية، معتمدا في ذلك على رصيد الثقة الذي راكمه خلال تلك التجربة، بعد أن تمكن من حل أزمة الائتلاف الحاكم، الذي كانت تتزعمه حركة النهضة الإسلامية، والمعارضة التي تزعمتها آنذاك أحزاب يسارية، تحالفت مع بعض الأحزاب الليبرالية، وأدت في النهاية إلى إخراج «النهضة» من الحكم.

وأكدت بعض قيادات منظمات اتحاد الشغل (نقابة العمال)، واتحاد الصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال)، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وهيئة المحامين، أن نتائج الحوار السياسي لسنة 2013 لن تنطبق بالضرورة على الحوار الذي دعت له هذه المنظمات «لأن الظرف التاريخي مختلف». لكن عدة تصريحات أشارت في المقابل إلى «وجود إرادة مبطنة لإخراج حركة النهضة من المشهد السياسي مرة ثانية»، وهو ما أكدته دعوات المعارضة لسحب الثقة من راشد الغنوشي، رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة، ملمحة إلى أن هذا الحزب هو «المعطل للمشهد السياسي التونسي».

وتوقع مراقبون أن «الحوار السياسي الجديد» سيتجاوز حدود الرباعي الذي قاد مفاوضات سنة 2013، ليشمل منظمات أخرى لها ثقلها في المشهد السياسي الجديد، مثل «اتحاد الفلاحين» و«الاتحاد التونسي للمرأة». كما يبدو أن الدعوة، التي يتزعمها اتحاد الشغل، تحمل هذه المرة الكثير من شروط إنجاح هذه المبادرة، رغم تواصل صراع مؤسسات الحكم، مما يعنى ضرورة التقدم بتصور لحل الصراع بين الرئاسة والبرلمان أساسا.

وبشأن هذا «الحوار السياسي»، الرامي لحل خلافات رأسي السلطة التنفيذية، اقترح فاضل محفوظ، الرئيس السابق لهيئة المحامين التونسيين، تشكيل «هيئة تحكيمية»، تتكون من أربعة خبراء في القانون بالتساوي بين رئيسي الجمهورية والحكومة، تتوفر فيهم شروط الكفاءة العلمية والاستقلالية، فيما يتولى شخص خامس رئاسة هذه الهيئة، التي ستصدر حكمها النهائي في مسألة التعديل الوزاري، وأداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية أمام رئيس الدولة.

في السياق ذاته، انتقد سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل، بشدة إدخال البلاد في أزمة سياسية ترتبت عنها أزمات اجتماعية واقتصادية قائلا: «ما يحدث بين سعيد والمشيشي مهاترات صبيانية»، ودعا المنظمات الوطنية إلى توحيد الجهود للضغط من أجل إيجاد حل للأزمة الراهنة. محملا كل من سعيد والمششيشي النتائج السلبية للمناورات المتعددة التي تحدث الآن في المشهد السياسي.

على صعيد غير متصل، أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة القصرين (وسط غربي) أمرا بسجن 10 أشخاص إثر مواجهات مع قوات الأمن أثناء تنفيذهم وقفة احتجاجية أمام مقر ولاية (محافظة) القصرين للمطالبة بالتنمية والتشغيل. وتزامن ذلك مع تدخل مصالح حماية الغابات بمنطقة القصرين لإخماد حرائق نشبت على خلفية مناوشات وقعت بين معتصمي حقل الدولاب النفطي والوحدات الأمنية. ومن المرجح أن يكون الغاز المسيل للدموع، الذي استعملته قوات الأمن لتفريق المحتجين أحد أسباب اندلاع هذه الحرائق، التي أتت على حوالي 80 هكتارا من المساحات الغابية وأتلفت قرابة 3 آلاف شجرة. وقد تم فتح بحث قضائي لتحديد العوامل التي تسببت في نشوب هذا الحريق الهائل، على مقربة من مكان الاحتجاجات.