|
|
Date: Nov 28, 2020 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
البرلمان اللبناني يعمّم التدقيق الجنائي على حسابات «المركزي» ومؤسسات الدولة |
حملة من القضاء على وزير الداخلية بعد اتهامه 95 % من القضاة بـ«الفساد» |
بيروت: كارولين عاكوم
حسم البرلمان اللبناني الجدل حول التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، بإقرار توصية قررت تعميم التدقيق على حسابات مؤسسات الدولة والمصرف المركزي. وذلك بعد رسالة وجهها رئيس الجمهورية ميشال عون حول هذا الموضوع بعد انسحاب شركة «آلفاريز آند مرسال» من مهمتها، متذرعة بعدم حصولها على كامل المستندات المطلوبة من مصرف لبنان.
وتحتاج توصية البرلمان إلى قرارات حكومية لوضعها موضع التنفيذ، فيما أشارت مصادر مواكبة إلى ضرورة اجتماع الحكومة المستقيلة لوضع مشاريع قوانين بهذا الشأن.
واعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أن قرار مجلس النواب هو «إنجاز للبنانيين الذين يريدون معرفة من هدر أموالهم واستباح أرزاقهم».
واستهل رئيس البرلمان نبيه بري، الجلسة بكلمة له، متمنياً أن يكون هناك إجماع على التدقيق الجنائي، ووصف الجلسة بالمصيرية، وأعلن في نهايتها عن توصية البرلمان بأن «تخضع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والمؤسسات المالية والبلديات والصناديق كافة بالتوازي للتدقيق الجنائي دون أي عائق أو تذرع بالسرية المصرفية أو بخلافه».
وأوضح وزير العدل السابق شكيب قرطباوي، أن هذه التوصية، وإن كانت ليست قانوناً، «إنما هي بمثابة القانون». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «بات الآن هناك التزام معنوي من الجميع بدعم هذا التدقيق من رئيس الجمهورية والبرلمان الذي يمثل كل الكتل النيابية، وتبقى الآن العين على التنفيذ»، مشيراً إلى أن الخطوة العملية بعد هذا القرار يجب أن تقوم كل جهة برفع السرية المصرفية عن حساباتها، بحيث إن على الدولة أن ترفع هذه السرية عن مؤسساتها ووزاراتها من قبل وزارة المالية، على غرار الجهات المسؤولة عن كل المؤسسات والصناديق والمجلس والبلديات وغيرها».
وخلال الجلسة ألقى عدد من النواب كلمات باسم الكتل التي يمثلونها، لم تخل من سجالات واتهامات متبادلة بالمسؤولية، فيما كان هناك شبه إجماع على دعم التدقيق المالي الجنائي، وعلى ألا يقتصر فقط على المصرف المركزي، إنما ليشمل أيضاً كل مؤسسات الدولة.
وتحدث رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، باسم «التيار الوطني الحر» الموالي لعون، قائلاً إن «حسابات الدولة المالية قابعة في ديوان المحاسبة، بحجة أن لا إمكانات، كما أن التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، الذي نريده في كل الوزارات والإدارات والمؤسسات، يتحول إلى المصير نفسه بحجة هذه السرية». ودعا النواب إلى «موقف استثنائي يؤمن للبنانيين حقهم في معرفة مصير ودائعهم من خلال توصية تدعو إلى الاستجابة لمضمون رسالة فخامة الرئيس بالدعوة إلى استكمال التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، تمهيداً لتعميمه على كل مؤسسات وإدارات الدولة».
وأيد «حزب الله»، على لسان النائب محمد رعد، التدقيق المالي الجنائي في المصرف المركزي بشكل حازم، وقال «نوافق أن تنسحب عملية التدقيق على كل الإدارات والوزارات»، معتبراً أنه إذا كانت السرية المصرفية عائقاً، فنقترح استثناءً مؤقتاً لرفعها». ودعا الحكومة المستقيلة إلى وضع التدقيق المحاسبي الجنائي لحسابات مصرف لبنان موضع التنفيذ والاستجابة لما يقرره مجلس النواب، مضيفاً: «البلاد منكوبة والأزمات كثيرة، والاحتياطي في المصرف المركزي يكاد ينفد، والأمل معقود على ما تقرره هذه الجلسة».
ولم يختلف موقف حزب «القوات اللبنانية»، حيث أيد النائب جورج عدوان، رسالة عون، «لأنها تتوافق مع القانون والدستور، ويجب أن نسير بالتدقيق الجنائي في مصرف لبنان كبداية، وبعدها نذهب إلى كامل مؤسسات الدولة».
في المقابل حمّل النائب في كتلة «المستقبل» (التي يرأسها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري) النائب سمير الجسر، وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، مسؤولية عدم تسليم المستندات للشركة، وقال «إن مصرف لبنان لم يمتنع عن تسليم المستندات لشركة (آلفاريز ومارسال» بل سلم بعض المستندات، ما عدا تلك المحكومة بالسرية المصرفية إلى وزير المال، وترك له أن يسلم المستندات الأخرى للشركة، لكنه لم يتخذ القرار بتسليمها كي لا يتحمل وحده مسؤولية ذلك».
وإثر كلام الجسر، طلب وزير المالية غازي وزني الكلام للرد، فرفض رئيس مجلس النواب نبيه بري، على اعتبار «أن جلسة المناقشة مخصصة للنواب، ولا كلام فيها للوزراء».
وكانت أيضاً كلمة لكتلة «الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي تحدث باسمه النائب هادي أبو الحسن، منتقداً بشكل غير مباشر «التيار الوطني الحر». وقال «نطالب بتدقيق كامل وشامل في كل الوزارات والإدارات والمؤسسات والمجالس والحسابات والصناديق من دون استثناء لإظهار الحقيقة»، وأضاف: «لم نرَ هذه النخوة بموضوع التدقيق المالي في ملف الكهرباء».
وجدّد النائب علي حسن خليل باسم حركة «أمل»، دعم التدقيق الجنائي، مدافعاً عن وزير المال. وأكد: «شعارنا لا غطاء على أحد، ولا سرية، ولا تغطية على من سرق أو أهدر المال العام، ولا يجب أن تكون هناك محظورات».
حملة من القضاء اللبناني على وزير الداخلية
بعد اتهامه 95 % من القضاة بـ«الفساد»
بيروت: «الشرق الأوسط»
أثار تصريح وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي حول فساد معظم القضاة في لبنان جدلا واسعا واستدعى ردود فعل مستنكرة ورافضة من الجسم القضائي.
وكان فهمي قد قال مساء أول من أمس، في حديث تلفزيوني «إن 95 في المائة من القضاة فاسدون»، لتتوالى عليه الردود من قبل مجلس القضاء الأعلى ونادي القضاة ومستشار رئيس الجمهورية، وزير العدل السابق سليم جريصاتي كما على ألسنة قضاة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ورأى مجلس القضاء الأعلى أن «ما صدر بحق القضاء والقضاة غير مقبول وغير مسموح به بتاتاً وغير صحيح، لا سيما ممن يفترض به العمل على بناء الدولة والمؤسسات، علماً أن القضاء يقوم بجزء كبير من المهام الملقاة على عاتقه في ظروف أكثر من صعبة، وينتظر مؤازرة من كافة السلطات والمؤسسات».
ورد نادي القضاة في بيان عالي السقف على مقدم برنامج «صار الوقت» الإعلامي مارسيل غانم وعلى فهمي مذكرا إياه باعترافه بقتل شخصين في الحرب اللبنانية عندما كان ضابطا في السلك العسكري، واصفا إياه بـ«وزير القتيلين، المقصر في حماية قصور العدل وحراستها». وتوجه بنداء إلى «مجلس القضاء الأعلى بمن فيه من رئاسة ونيابة عامة تمييزية ورئاسة تفتيش قضائي»، بالقول إن الوزير فهمي تحدث عن 520 قاضيا فاسداً من أصل 550، «إما أن تضعوا الـ520 قاضيا في السجن، وإما أن تضعوه هو ومن أيده من على منبر إعلامي سخر ليلة أمس لحفلة سخرية وتهكم على القضاء ومجلسه، وبسرعة، لم يعد الوضع يحتمل».
الرد على فهمي جاء أيضا من قبل مستشار رئيس الجمهورية وزير العدل السابق سليم جريصاتي. وقال في بيان له «هالني ما سمعت البارحة مساء على لسان السيد وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي في حوار تلفزيوني من أن قضاة لبنان فاسدون بنسبة 95 في المائة من عديدهم، ما يدفعني كمواطن وكمحام ووزير عدل سابق إلى التعبير عن استنكاري الشديد لا بل استهجاني لصدور مثل هذا الاتهام الخطير واللامسؤول والمتهور عن وزير أمني بحق القضاء اللبناني».
وأضاف جريصاتي «ظالم هو الاتهام ومزعزع الثقة في هذه السلطة، داخلياً وخارجياً، ما يرتد سلباً على مصلحة لبنان العليا في هذه الظروف الشديدة الدقة، في حين أن تحقير القضاء وترهيبه أو ترغيبه هو من الجرائم المدانة والمعاقب عليها قانوناً».
وأكد «أن السلطات الدستورية يسودها مبدأ الفصل والتعاون والتوازن بينها وليس طغيان سلطة على أخرى، والأمر يصح في كل اتجاه، إلا أنه يبقى أن الدستور خص القضاة والمتقاضين بضمانات تجعلهم بمنأى عن الاتهامات أو التجاوزات الباطلة، وأن القضاء ينقي ذاته بذاته عند الاقتضاء وفقاً للنصوص القانونية المرعية الإجراء».
وتوجه جريصاتي إلى فهمي بالقول «نصيحة واحدة أسديها له صدقاً: لا يكفي أن تكون نزيها، فهذا أقل الإيمان لمن يتولى شأنا عاما، إلا أنه عليك أن تزن كلمتك قبل أن تخرج من فمك، فتسجل عليك بالأذى الخطير الذي تلحق والجراح التي تسبب»
وفي وقت لاحق أعلن مجلس القضاء الأعلى انه اجتمع بصورة استثنائية (أمس) وقرّر، بالتوافق مع رئيس مجلس شورى الدولة ورئيس ديوان المحاسبة، الطلب من النائب العام التمييزي اتخاذ الإجراء القانوني الملائم بحق وزير الداخلية، بسبب ما صدر عنه في الحلقة التلفزيونية المذكورة، كما تقرّر الطلب من رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل تقديم كل مراجعة قضائية لازمة. |
|