|
|
Date: Oct 23, 2020 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
استمرار استقالات قيادات «النهضة» يفضح حجم أزماتها الداخلية |
المعارضة تتهم رئيس الحكومة بـ«الانحياز» لائتلاف «النهضة» |
تونس: المنجي السعيداني
كشفت استقالة آمنة الدريدي، عضو مجلس شورى «حركة النهضة التونسية»، (إسلامية)، التي يتزعمها راشد الغنوشي، عن عمق الأزمة الداخلية التي يعرفها هذا الحزب منذ إعلان الغنوشي نيته التمديد على رأس الحركة، وذلك في تجاهل تام لمقتضيات النظام الداخلي للحزب، الذي لا يسمح له بالترشح لرئاسة الحزب للمرة الثالثة على التوالي.
ولئن لم تذكر الدريدي الأسباب الفعلية التي تقف وراء قرار استقالتها، فإن مصادر عدة مقربة من «حركة النهضة» تؤكد أن مغادرة الدريدي تأتي في مناخ يطغى عليه ازدياد أعداد «النهضويين» الغاضبين من عدم احترام مبدأ تداول رئاسة الحزب، خصوصاً من بين قيادات الجيلين الثاني والثالث.
وكانت الدريدي قد ترشحت السنة الماضية ضمن قائمة «حركة النهضة» في دائرة تونس الثانية، وهي عضو في مكتب المرأة والأسرة داخل الحركة.
وعرفت «النهضة» خلال السنوات الماضية استقالات عدة؛ أبرزها استقالة حمادي الجبالي رئيس الحكومة السابق، احتجاجاً على طريقة إدارة الحركة أزمة 2013 التي أدت إلى خروجها من السلطة، واستقالة عبد الحميد الجلاصي، أحد أبرز القيادات التاريخية للحركة، الذي قال إن «النهضة تعاملت مع الدولة بمنطق الغنيمة طيلة وجودها في الحكم».
كما عرفت الحركة استقالة زياد العذاري، الأمين العام للحركة، بسبب اختلافه مع بقية القيادات، ومن بينهم الغنوشي، حول خطها السياسي وطريقة تشكيل القائمات الانتخابية خلال انتخابات 2019، ومسار اختيار رئيس الحكومة، ومنهجية تشكيلها.
وفي هذا السياق، قال خالد البارودي، المحلل السياسي التونسي، إن الخلافات داخل «حركة النهضة» «برزت للعيان خلال المؤتمر العاشر للحزب، حيث ظهرت أكثر من رؤية سياسية، وفريقان اثنان: الأول يطالب بمزيد من الديمقراطية في إدارة الشؤون الداخلية للحركة، فيما تمسك الفريق الثاني بضرورة الإبقاء على وضع خاص لمنصب رئاسة الحركة، بوصفه يتطلب كاريزما خاصة، لا تتوفر حالياً إلا لدى الغنوشي، في إشارة إلى علاقات الغنوشي الخارجية المتشعبة والمتطورة، مما يعود بالنفع على الحزب ككل».
أما على مستوى المشهد السياسي الحالي، فيرى بعض المراقبين أن «حركة النهضة» قد تعرف «أياماً صعبة» تنذر بانقسام حتمي، خصوصاً في ظل وجود دعوات للخروج عن الحركة، وتأسيس حزب سياسي آخر يعتمد المبادئ نفسها، ولا يعيد الأخطاء الكثيرة التي مرت بها تجربة حكم «النهضة».
والملاحظ أنه بعد تولي الغنوشي رئاسة البرلمان واجهت «النهضة» صعوبات جمة من قبل أحزاب المعارضة، ممثلة خصوصاً في «الحزب الدستوري الحر»، الذي تتزعمه عبير موسي، وبرزت خلافات داخلية ترجمتها «مجموعة المائة»، التي عارضت التمديد للغنوشي، وطالبت باحترام النظام الداخلي للحزب. وكانت مجموعة من «شباب النهضة» قد انتقدت القيادات المعارضة للغنوشي، وهو ما عدّ دعماً غير مباشر للتمديد لرئيس الحركة، وتمسكاً ببقائه رئيساً لها لدورة ثالثة.
وأكد سامي الطريقي، عضو لجنة الإعداد لمؤتمر «النهضة»، المزمع عقده نهاية السنة الحالية، وجود توجه للاحتكام إلى آلية الاستفتاء الداخلي لحسم الخلاف حول التمديد للغنوشي على رأس الحزب. وقال إن الفصل الـ«133» من النظام الأساسي للحركة يمكن رئيس الحزب، أو أغلبية أعضاء مجلس الشورى، من الدعوة إلى استفتاء لتجاوز هذا الخلاف في حال تواصله، مشيراً إلى أن جميع قيادات «النهضة»؛ بمن فيهم رئيس الحزب نفسه، «لا يتبنون فكرة التمديد للغنوشي ولا يدافعون عنها، بل يدافعون عن مبدأ أن يكون التداول عبر صندوق الاقتراع».
في المقابل، كشف بلقاسم حسن، عضو المكتب التنفيذي لـ«النهضة»، عن تواصل الاستعدادات لعقد مؤتمر الحزب، دون الانتباه كثيراً إلى الخلافات الداخلية. وقال إن الخلاف حول بقاء الغنوشي على رأس الحركة من عدمه «بسيط وسيعرف الحل في إطار هياكل الحزب، وهو ليس خلافاً معقداً كما يصوره الإعلام المحلي، وتروج له الأحزاب المعارضة»، عادّاً أن الحل «يكمن في تنفيذ ما جاء به النظام الداخلي للحزب، لأنه أعطى سلطة تقدير الخلافات وحلها للمؤتمرين».
المعارضة تتهم رئيس الحكومة بـ«الانحياز» لائتلاف «النهضة»
المشيشي يعلن زيادات في أجور موظفي القطاع العام
الثلاثاء 20 أكتوبر 2020
لم يخفِ هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية، خلال حوار تلفزيوني أجري معه الليلة قبل الماضية، تقاربه مع الائتلاف البرلماني المكون من أحزاب «النهضة» و«قلب تونس»، و«ائتلاف الكرامة»، مؤكداً التمسك بالاستقلالية كعنوان بارز لطبيعة حكومته التي نالت ثقة ممثلي هذا الائتلاف في البرلمان، وهو ما جعل عدداً من الأحزاب المعارضة تتهم حكومته بعدم الاستقلالية، والانحياز إلى طرف سياسي دون غيره. وفي معرض الدفاع عن رأيه، أبدى المشيشي اقتناعه بضرورة التعامل مع الائتلاف، الذي يملك أغلبية الأصوات في البرلمان ليكون حزاماً سياسياً داعماً لحكومته، دون البقاء على المسافة نفسها من الأحزاب الممثلة في المشهد السياسي، ودون الخضوع إلى خيارات رئيس الجمهورية قيس سعيد، التي تتعارض في توجهاتها السياسية مع خيارات «النهضة» وحزب قلب تونس.
في غضون ذلك، قالت الكتلة البرلمانية للحزب الدستوري الحر المعارض، إنها تقدمت إلى رئاسة البرلمان بمشروع للتنديد بتبييض الإرهاب، ودعت الحكومة إلى العمل على «تجفيف منابع الإرهاب، وتفكيك منظومة تمويله، وحل التنظيمات السياسية، والجمعيات الداعمة للعنف والفكر الظلامي المتطرف».
وأكدت عبير موسي، رئيسة هذه الكتلة البرلمانية، أنها طالبت راشد الغنوشي، رئيس المجلس البرلماني، بعرض هذه اللائحة على الجلسة العامة لمناقشتها، والمصادقة عليها وفق ما ينص عليه الفصل 141 من النظام الداخلي للبرلمان.
وتأتي هذه اللائحة بعد يوم واحد من إعلان محسن الدالي، نائب وكيل الجمهورية، بأن النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب تعهدت بالتحقيق في تدوينة منسوبة إلى النائب المستقل راشد الخياري حول جريمة قطع رأس أستاذ فرنسي مساء الجمعة قرب باريس.
وفي السياق ذاته، دعت «حركة مشروع تونس» إلى تطبيق قانون مكافحة الإرهاب ضد النائب راشد الخياري، كما دعت وسائل الإعلام المحلية إلى مقاطعة الأنشطة، التي تقوم بها بعض الشخصيات المتطرفة والداعمة للإرهاب، وحمّلت الأطراف السياسية والبرلمانية، التي صمتت أمام حوادث «تمجيد الإرهاب» المسؤولية كاملة، واعتبرت صمتها «تشجيعاً للإرهاب والتطرف».
على صعيد متصل، أعلنت الحكومة التونسية دعمها للمبادرة التشريعية، التي تقدم بها «ائتلاف الكرامة»، بخصوص تعديل المرسوم المتعلق بتنظيم القطاع السمعي والبصري، رغم ما تثيره هذه المبادرة من جدل، ورغم علم رئيس الحكومة المسبق بأن رئيس الجمهورية وعد بعدم توقيع المرسوم في حال المصادقة على تعديله في البرلمان، الذي اقترح التصويت عليه عن بعد.
وكانت عدة أحزاب سياسية قد أكدت رفضها لهذا التعديل، وفي مقدمتها كتلة «الإصلاح الوطني»، و«الكتلة الديمقراطية»، وكتلة «تحيا تونس»، فيما لوحت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر بإقرار تحركات احتجاجية غير مسبوقة في حال التشبث باعتماد التصويت عن بعد للمصادقة على مقترح القانون المثير للجدل، الذي سيعرض اليوم (الثلاثاء) على أنظار النواب.
وتطالب الكتل البرلمانية المعارضة بعدم عرض هذا المقترح على التصويت الإلكتروني، وتتمسك بتأجيل مشروع القانون وعرضه خلال جلسة عامة تنعقد وفق التدابير العادية للبرلمان، والاعتماد على التصويت الحضوري للنواب، سواء تعلق الأمر بتنقيح هذا المرسوم، أو غيره من مقترحات ومشاريع القوانين الخلافية.
من جهة ثانية، قال رئيس الوزراء ليلة أول من أمس إن الحكومة ستضخ 1.5 مليار دولار في الشركات الحكومية في إطار محاولة لإصلاح القطاع المتعثر، وإنها ستقدم دفعة جديدة من زيادات الأجور لموظفي الدولة، فيما يتوقع أن يصل عجز الميزانية إلى 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، وهو أعلى مستوى خلال نحو أربعة عقود.
وأوضح المشيشي أن حكومته خصصت 4 مليارات دينار للشركات العامة ضمن خطوات أولى لإصلاحها ومنحها «جرعة أكسجين». وقال إنه قرر أيضاً تقديم الدفعة الثالثة من زيادات الأجور لموظفي القطاع العام، احتراماً لالتزام الحكومة أمام الاتحاد العام التونسي للشغل. |
|