|
|
Date: Oct 19, 2020 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
تونس: انقسام في «النهضة» بفعل «فتنة الغنوشي» |
الحكومة تخوض مفاوضات جديدة مع النقابات لفض الاحتجاجات |
تونس: المنجي السعيداني
أعلنت مجموعة من شباب «حركة النهضة» التونسية عن دعمها لرئيس الحزب راشد الغنوشي في معركة التمديد المنتظرة خلال المؤتمر الحادي عشر للحزب المزمع تنظيمه نهاية السنة الحالية، ما عكس عمق الانقسام الداخلي في الحركة حول الغنوشي الذي يسعى قياديون إلى إنهاء مسيرته وطموحه برئاسة البلاد.
وعبرت المجموعة في بيان وجهته إلى قيادات الحركة وحمل توقيع 113 عضواً، عن «استهجان محاولات بث الفتنة من داخل الحركة، واستنكار هذه المحاولات على من تورطوا في مثل هذه الأعمال»، في إشارة إلى مجموعة من قيادات «النهضة» تضم مائة شخص يعارضون فكرة التمديد للغنوشي بالمخالفة للنظام الداخلي للحزب الذي يمنح الرئيس إمكانية الترشح لدورتين فحسب.
واعتبرت المجموعة الجديدة التي تعارض «مجموعة المائة» أن الخلاف الحالي بين قيادات «النهضة» يأتي في إطار «تصفية الحسابات والصراع على المواقع، وهو ما لم تتعود عليه القيادات». ورأت أن «هذا المنهج البعيد عن أدبيات الحركة وتاريخها، يستهدف مؤسسات الحركة ويمثل خروجاً على قراراتها الرسمية ويضرب صورتها ويزعزع مكانتها بين الخصوم ويحول وجهة المنخرطين، ويصادر آراءهم ويفرض عليهم معارك ذاتية خاصة».
ويرى مراقبون أن هذه المراسلة الجديدة قد تكشف عن عمق الأزمة الداخلية التي تعيشها «حركة النهضة»، وتنبه إلى وجود خلافات بين قيادات تاريخية تود مواصلة السيطرة على الحركة، وقيادات من الجيل الثاني والثالث ما زالت تبحث لها عن مواقع في ظل هيمنة تلك القيادات على القرارين السياسي والحزبي.
يذكر أن «مجموعة المائة» الرافضة للتمديد لراشد الغنوشي على رأس «النهضة»، قد وجهت قبل أيام رسالة ثانية إلى الغنوشي كشفت من خلالها للمرة الأولى عن رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 2024. واعتبرت أن الرسالة الأولى وجهت إلى الغنوشي شخصياً «لما وقفت عليه من سعيه إلى التمديد وتغيير القانون الأساسي والتمطیط وتأخير البدء في الإعداد للمؤتمر الحادي عشر إلى أن أدركنا الموعد وتجاوزناه بكثير بسبب الدحرجة التي اعتمدها رئيس الحركة، بل إنه أعلن رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية».
وأكد عضو لجنة الإعداد لمؤتمر «النهضة» سامي الطريقي وجود توجه للاحتكام إلى آلية الاستفتاء الداخلي لحسم الخلاف حول التمديد للغنوشي على رأس الحزب. وقال إن الفصل الـ133 من النظام الأساسي للحركة يمكّن رئيس الحزب أو أغلبية أعضاء مجلس الشورى (الثلث المقدر بـ50 عضواً) من الدعوة إلى استفتاء لتجاوز هذا الخلاف في حال تواصله.
واعتبر أن الخلاف حول هذه النقطة «يتعلق بضرورة تطبيق القانون والالتزام به، ولا يتركز حول التمديد لرئيس الحركة»، مشيراً إلى أن جميع قيادات «النهضة»، بمن فيهم رئيس الحزب نفسه «لا يتبنون فكرة التمديد للغنوشي ولا يدافعون عنها، بل يدافعون عن مبدأ أن يكون التداول عبر صندوق الاقتراع».
وفي السياق ذاته، كشف عضو المكتب التنفيذي لـ«النهضة» بلقاسم حسن عن تواصل الاستعدادات للمؤتمر المزمع عقده نهاية السنة الحالية. وقال إن الخلاف حول بقاء الغنوشي على رأس الحركة من عدمه «بسيط وسيعرف الحل في إطار هياكل الحزب، وهو ليس خلافاً معقداً كما يصوره الإعلام المحلي، وتروج له الأحزاب المعارضة»، معتبراً أن الحل «يكمن في تنفيذ ما جاء به النظام الداخلي للحزب لأنه أعطى سلطة تقدير الخلافات وحلها للمؤتمرين».
على صعيد آخر، أفاد نائب وكيل الجمهورية محسن الدالي، بأن النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب تعهدت التحقيق في تدوينة منشورة على مواقع التواصل ومنسوبة إلى النائب المستقبل راشد الخياري حول واقعة جريمة قطع رأس أستاذ فرنسي مساء الجمعة قرب باريس.
الحكومة تخوض مفاوضات جديدة مع النقابات لفض الاحتجاجات
الأحد 18 أكتوبر 2020
بعدما أعلنت الحكومة التونسية، برئاسة هشام المشيشي، عن تعثر المفاوضات مع ممثلي «اعتصام الكامور» في تطاوين (جنوب شرقي)، وعدم توصلها إلى فض الاعتصام الذي عطل تدفق النفط، تستعد الحكومة مجددا لعقد جلسة تفاوضية مع اتحاد الشغل (نقابة العمال) حول تسوية وضعية حوالي 44 ألف من عمال الحضائر، وهو الملف الذي ظل معلقا ودون حل من قبل حكومات ما بعد 2011.
ورغم الخطاب المطمئن لرئيس الوزراء، وإعلان الطرفين الحكومي والنقابي التوصل إلى حل قريب لملف الكامور، والتأكيد على ضرورة التوصل إلى تسوية نهائية للملفات الاجتماعية العالقة، التي تشمل أيضا عمال الحضائر ومعتصمي منطقة الحوض المنجمي (جنوب غربي)، فإن تعثر الملف الأول وعدم التوصل إلى حل يقبل به الطرفان، قد ينطبق على بقية الملفات، نظرا لوجود تباين كبير في مواقف الطرفين.
وقبل أسبوعين توجه وفد حكومي إلى منطقة تطاوين، وتم تجاوز بعض الإشكاليات الخاصة بشركة البيئة من خلال الاتفاق على الزيادات في الأجور، وصرف أجرة شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، وتصنيف شركة الجنوب للخدمات. كما تم الاتفاق على تعيين مدير عام للشركة قبل 28 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أما فيما يتعلق بصندوق التنمية، وتوفير 80 مليون دينار تونسي لتمويله، فقد أكد الوفد الحكومي الاتفاق على إدراجه ضمن برنامج المسؤولية الاجتماعية للدولة، وأنه سيكون تحت التصرف الجهوي، ومرتبطا أساسا بتطور الإنتاج في الشركات البترولية الموجودة في الجهة.
وبخصوص بملف التشغيل، اقترح الطرف الحكومي توفير 992 منصب شغل بالشركات الموجودة في الجهة، موزعة بين حوالي 200 وظيفة بشكل فوري، و600 وظيفة في يناير (كانون الثاني) المقبل، فيما تتم بقية التعيينات مع نهاية 2022 بعد أن كانت الشركات قد انتدبت منذ سنة 2017 ما لا يقل عن 236 عاملا في إطار اتفاق الكامور، وهو مقترح لم يرض الأطراف الاجتماعية والنقابية المفاوضة، التي طالبت بـ1500 منصب شغل قار دفعة واحدة. وأكد الطرف الحكومي مواصلة بقائه في مدينة تطاوين، معربا عن استعداده للعودة إلى طاولة الحوار عند توفر مبادرة جديدة من أحد الطرفين.
وبالنسبة لملف عمال الحضائر، الذين تزايدت أعدادهم وتراكمت بمرور السنوات، ضمن أشكال التشغيل الحومي الهش، اقترحت الحكومة مواصلة العمل بالنسبة لمن تجاوز سنهم 55 عاما، ثم تمتيعهم بمنحة العائلات المعوزة (170 دينارا تونسيا) والعلاج الصحي المجاني. أما من تتراوح أعمارهم ما بين 45 و55 وسنة، فقد مكنتهم من إمكانية المغادرة مع الحصول على منحة مالية في حدود 20 ألف دينار تونسي (نحو 7 آلاف دولار)، واقترحت بالنسبة لمن تقل أعمارهم عن 45 سنة المغادرة ما بين 2022 و2026.
ويقدر عدد عمال الحضائر بحوالي 44 ألف عامل، وتعتزم الدولة إدماج نحو 10 آلاف عامل فقط منهم بصفة عاجلة، فيما تبحث عن صيغ أخرى لتجاوز المشكل الذي سيسببه البقية. وفي هذا الشأن، نبه هيكل العيوني، عضو مجمع تنسيقيات عمال الحضائر في الجهات، إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق يلبي الحد الأدنى من انتظاراتهم، خاصة بعد تهديدهم بإسقاط الاتفاق بكل الوسائل السلمية في حال اعتمد «سياسة التسويف مقابل عدالة مطالبهم. وطالب بجبر الضرر عن 10 سنوات من العمل دون تغطية اجتماعية أو أجور عادلة».
في غضون ذلك، قال رياض النويوي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بالقصرين (وسط غربي)، إن قاضي التحقيق المكلف ملف مقتل مواطن تونسي بعد هدم متجره بمدينة سبيطلة، وجه تهمة القتل العمد لسائق الجرافة، والمشاركة في القتل لثلاثة متهمين، وهم رئيس شرطة البلدية ورئيس بلدية سبيطلة ورئيس مركز الأمن بالجهة.
محامو تونس يضربون احتجاجاً على «عنف أجهزة الأمن»
دعوة القضاء إلى تحمل المسؤولية في الدفاع عن استقلاليته
السبت 17 أكتوبر 2020
نفذ محامو تونس إضراباً عاماً أمس بمختلف محاكم الجمهورية، كما نظموا وقفة احتجاجية أمام قصر العدالة بالعاصمة التونسية أعقبتها مسيرة رمزية انطلقت من أمام قصر العدالة لتصل إلى قصر الحكومة بالقصبة، وذلك على خلفية تطورات قضية «الاعتداء على المحامية التونسية نسرين قرناح» من قبل رئيس مركز أمن بمنطقة بن عروس القريبة من العاصمة. ورفع المحامون عدة شعارات من بينها «لا للضغط على القضاء... لا للإفلات من العقاب» و«الضغوطات الأمنية انتهاك واضح لاستقلالية القضاء».
من جانبها قادت جمعية المحامين الشبان حملة «حصانة المحامي وكرامته خط أحمر»، ومن المنتظر أن تنظم اجتماعات وتحركات على مستوى الجهات انتصارا لقضية الأستاذة نسرين قرناح كما ورد في بلاغ لها. وأمام المئات من المحامين الغاضبين، قال إبراهيم بودربالة إن مهنة المحاماة ستكون صامدة وفي مستوى مسؤوليتها في الدفاع عن رسالتها، واعتبر أن مهنة المحاماة في تونس تحترم المؤسسة الأمنية وفي احترامها لهذا الدور، فإن المحاماة تطلب منها أن تحسن هذه الصورة.
وكان قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية ببن عروس قد قرر الإبقاء على رئيس مركز الأمن المتهم بالعنف بحال سراح، وهو قرار أغضب المحامين بعد اتهام الأمن بمحاولة احتجاز زميلتهم وغلق الباب ضدها ودفعها، ووجهت المحكمة له تهم «احتجاز شخص دون موجب قانوني، والاعتداء بالعنف». ودعا بودربالة المؤسسة القضائية إلى تحمل مسؤوليتها في الدفاع عن استقلالية القضاء وتأمين المحاكمات العادلة، مشيرا إلى أنه أصبح من الواجب إعادة النظر في كل ما يتعلق بالمؤسسات القضائية والعمل على أن يكون دور المؤسسة القضائية هو بعث الطمأنينة في نفس كل المواطنين دون استثناء.
وأكد أن المحامين الذين حضروا يوم 9 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بالمحكمة الابتدائية ببن عروس، كانت لهم نيابة في ملف القضية، ولم يحضر غيرهم من المحامين حتى لا يتم التأثير على قاضي التحقيق، في إشارة إلى حضور أعداد من الأمنيين بالمحكمة نفسها واتهامهم بمحاولة التأثير على سير القضاء التونسي.
وبشأن ما حصل بمقر محكمة الابتدائية ببن عروس، قالت أميرة العمري رئيسة نقابة القضاة إن قاضي التحقيق ذكر في تقريره «أن المحامين قد حضروا بكثافة داخل قاعة الجلسات وكانوا في حالة هيجان وقاموا باقتحام مكتبه عنوة، دون استئذان ووصل بهم الأمر إلى التهديد والهرسلة والتطاول على القضاء وشتمه بأبشع النعوت»، ذلك إضافة إلى الاعتداء لفظيا على الملحقة القضائية التي كانت موجودة في مكتب قاضي التحقيق المتعهد، وهي رواية مختلفة عما رواه المحامون. وقالت العمري «يريدون عدالة على المقاس ولسنا اليوم في صراع بين القضاة والمحامين، كما يريدون التسويق له، بل نحن شركاء في العدالة وهي شراكة تستوجب الاحترام».
وكان محمد بوستة وزير العدل التونسي قد دعا جميع الأطراف المتدخلة في منظومة العدالة خلال اجتماع عقده مع عميد المحامين قبل يوم من الإضراب، إلى ضمان حسن سير هذه المنظومة، وقال إن ذلك يقتضي «تضافر جميع مكوناتها حتى يتسنى لها الاضطلاع بدورها على أكمل وجه مثمنا الدور المهم الذي تقوم به المحاماة في المنظومة القضائية».
وفي السياق ذاته، قالت رئيسة نقابة القضاة إن الأوضاع المتردية التي يعمل فيها القضاة والضغوط التي تمارس عليهم والتطاول والتهميش الذي يعيشونه، كلها عوامل جعلتهم في حالة استياء كبير. وأكدت أن هذا الاستياء قد يصل إلى حد اتخاذ قرار بالدخول في إضراب وتعليق العمل وحتى إلى استقالة جماعية، حتى تستفيق الدولة وتتحمل مسؤوليتها في دعم الاستقلال الفعلي للسلطة القضائية. وأكدت العمري أن استقلال القضاء لا يمكن أن يتحقق متى تم انتهاك كرامة القضاة والتطاول عليهم، على خلفية قراراتهم وأحكامهم القضائية التي تبقى محل طعن من خلال الوسائل المتاحة قانونا، مشيرة إلى أن الضغط على القضاء ومحاولة توجيهه وتطويعه طبقا للمصالح الخاصة ووفقا للنزعات القطاعية، لا يمس فقط اعتبار القضاة واستقلاليتهم، بل ينال أيضا من حقوق الدفاع المتعلقة بطرف دون آخر.
وكان عميد المحامين التونسيين قد وجه مراسلات إلى كل من رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي لإحاطتهم علما بكل تفاصيل ملف الاعتداء على المحامية نسرين قرناح. كما قرر توجيه مراسلات إلى كل من وزير العدل محمد بوستة ووزير الداخلية توفيق شرف الدين ورئيس المجلس الأعلى للقضاء مع طلب لقائهم. وأعلن عن إعداد مراسلة إلى اتحاد المحامين العرب والاتحاد الدولي للمحامين وممثل الأمم المتحدة المكلف باستقلال القضاء والمحاماة. |
|