Date: Oct 11, 2020
Source: جريدة الشرق الأوسط
​​​​​​​سخط وسط سياسيي الجزائر بسبب كثافة الاعتقالات
أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس، أن تزكية الشعب للتعديل الدستوري، الذي سيعرض على الاستفتاء في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، «ستمكن من وضع أسس الجزائر الجديدة».

وقال الرئيس تبون، في كلمة ألقاها خلال زيارته إلى مقر وزارة الدفاع الوطني، أمس، إن الجزائر تستعد لـ«حدثين هامين يتكاملان في رؤية تجسيد بناء الجزائر الجديدة بكل ديمقراطية وحرية»؛ في إشارة إلى الذكرى الـ66 لاندلاع الثورة التحريرية المباركة، والاستفتاء الشعبي على مشروع تعديل الدستور. وأضاف الرئيس الجزائري موضحاً أن «استفتاء (الفاتح من نوفمبر) هو عودة للشعب ليعبر بصوته بكل حرية وسيادة عن قناعته، تجاه التعديلات الدستورية المطروحة، التي نتمنى أن تنال تزكية الشعب الجزائري، لنضع معا أسس جزائر جديدة، عمادها السيادة الوطنية، والتجسيد الحقيقي للعدالة الاجتماعية، تطبيقاً لمبادئ بيان أول نوفمبر ووصية الشهداء».

كما تحدث الرئيس تبون عما سماه «بعض المنزعجين» من دسترة بيان أول نوفمبر والمجتمع المدني، مبرزا أن «الطريق التي سلكناها هي الطريق الصحيحة، لأننا إذا ابتعدنا عن بيان أول نوفمبر ذهبت ريحنا».

وتابع الرئيس الجزائري ليؤكد على أن رسالة الشهداء «ينبغي أن تحترم لأنهم ضحوا بالنفس والنفيس لحياة هذا الوطن، وينبغي الوفاء لرسالتهم». مبرزاً أهمية ذكرى اندلاع الثورة التحريرية المباركة، التي «نستلهم منها روح الاستقلال، وقوة الدولة بمؤسساتها الدستورية، وعلى رأسها الجيش الوطني الشعبي»، ومشيرا إلى أن «جيشنا باحترافيته وانضباطه المشهودين، وهو فخرنا، ينبغي الاقتداء بنجاعته وانتصاراته في المجالات، التي يشرف فيها بلادنا باستمرار، عسكرياً وتكنولوجيا واقتصاديا وإنسانيا وحتى مهنيا».

وأضاف الرئيس الجزائري أن الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، «يملك من التجارب والخبرات، التي اكتسبها في صراعه المرير مع الإرهاب والظروف القاسية، التي مر بها، وتكيفه الإيجابي مع مستجدات العصر العلمية والتكنولوجية، القادر على أن يؤدي الأمانة ويصون الوديعة، في مستوى الثقة التي وشحه بها شعبنا العظيم».

كما التزم الرئيس تبون بمواصلة «تحقيق نماء شامل، شرعنا فيه بتحرير المبادرات الاقتصادية على الأصعدة كافة، وتقديم الشباب كحجر زاوية في اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة، وهو يتحين الفرصة لإثبات الذات وتفجير قدراته، التي أبان عليها شبابنا خلال الجائحة (كورونا)». وخلال حراك العام الماضي، تعاملت السلطات مع رافضي الانتخابات على أنهم «مسيّرون من طرف جهات خارجية معادية للجزائر، تريد لها الفراغ المؤسساتي لتقع فريسة للاضطرابات، وانعدام الاستقرار في دول الجوار، وخاصة ليبيا ومالي». وقد تزعم هذه النظرة وروّج لها بقوة رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، الذي توفي بعد الانتخابات بأسبوع.

ويقترح مشروع الدستور «تغييراً جذرياً في أسلوب الحكم» من أجل التحضير لبناء «جزائر جديدة». لكن الغالبية العظمى من الجزائريين، الذين بالكاد يهتمون في الوقت الحالي بالموضوع، لا يزالون غير قادرين على الاطلاع على النص، الذي صادق عليه البرلمان دون مناقشة، في أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي.

وبحسب المتحدث باسم حزب جبهة القوى الاشتراكية جمال بهلول، فإن السلطة «تواصل صياغة الدساتير من خلال اللجان الفنية أو الخبراء مع تجاهل الشعب»، مندّداً بما يقول إنه «انقلاب آخر على السيادة الشعبية».

سخط وسط سياسيي الجزائر بسبب كثافة الاعتقالات
الجزائر: بوعلام غمراسة
في حين عدّ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون استفتاء الدستور، المقرر في أول من الشهر المقبل، «عودة إلى الشعب ليعبر بصوته وبكل حرية وسيادة، عن قناعته تجاه التعديلات الدستورية المطروحة»، طالب ناشطون سياسيون ومناضلون في مجال حقوق الإنسان، سلطات البلاد بوقف حملة الاعتقالات، التي طالت منذ أسبوع عشرات الأشخاص في عدد من الولايات.

والتقى قادة «حزب العمال» و«الحركة الديمقراطية والاجتماعية»، اليساريين، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (لائكي)، أمس بالعاصمة للتنديد بـ«القمع» و«الاعتقالات التعسفية»، التي شهدتها مناطق كثيرة منذ الاثنين الماضي، الذي صادف مرور 32 سنة على «انتفاضة الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) 1988»، التي يطلق عليها قطاع من الإعلام «الربيع الجزائري».

ويتعرض قادة الأحزاب الثلاثة، أنفسهم، لمضايقات شديدة، تتمثل في الاعتقال والمتابعة القضائية بسبب نشاطاهم السياسي، وكتاباتهم المعادية للسلطة على شبكات التواصل الاجتماعي. وقد رفضت الحكومة الترخيص لهم بتنظيم اجتماعهم أمس في مكان عام، فاضطروا لنقله إلى مقر «الحركة الديمقراطية».

وحضر الاجتماع «أيقونة الحراك»، المحامي الشهير مصطفى بوشاشي، الذي انتقد «توظيف السلطة جهاز القضاء وقوات الأمن لضرب إرادة الشعب في التغيير»، وتحدث عن «قمع غير مسبوق تمارسه الحكومة ضد الناشطين».

من جهته، انتقد الناشط والأستاذ الجامعي المتخصص في علم الاجتماع السياسي، ناصر جابي، «الإفراط في استعمال العنف ضد الأحزاب السياسية التي تحولت إلى ديكور بفعل قمع الحريات».

وأكد المشاركون في الاجتماع أن الدستور، الذي سيعرض على الاستفتاء، «أمر واقع فرضته السلطة على الجزائريين، الذين لم يشاركوا في صياغته. كما أنه يفتقد لحد أدنى من التوافق بين الأحزاب والنقابات والتنظيمات».

واختلف الموقف من الدستور بين أحزاب المعارضة، فهناك من يدعو للتصويت عليه بـ«لا»، بينما يرى آخرون أن مقاطعة الاستفتاء «هو الردّ المناسب على مشروع السلطة».

وكتب المحامي وعضو «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، نور الدين أحمين، في حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي، أمس، أن «الدور الذي يؤديه القضاء بخصوص محاكمات نشطاء الحراك، يرمي إلى تكسير الثورة الشعبية السلمية، وذلك استجابة لرغبات السلطة، بدليل تكييف أغلب التهم بأنها مسّ بالوحدة الوطنية، مع العلم أن الشعب الجزائري خرج في 22 من فبراير (شباط) عام 2019 من أجل وضع حد للخطر المحدق بالوطن، بفعل سياسات النظام القائم». مشيرا في هذا السياق إلى أن الدستور المرتقب «بعيد عن مطالب الشعب».

وعلى عكس هذا الرأي، ترى الحكومة وعدد من مؤيدي سياستها، أن التعديل الدستوري «يستجيب لأغلب مطالب الحراك الشعبي، وخاصة ما تعلق باستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية».

وذكر يسعد مبروك، رئيس «النقابة الوطنية للقضاة»، خلال اجتماع لكوادرها أول من أمس، أن «مشروع تعديل الدستور تضمن أحكاما غير مسبوقة في باب السلطة القضائية، ستساهم في تجسيد استقلالية حقيقية للقضاء، خاصة ما تعلق بالتشكيلة الجديدة للمجلس الأعلى للقضاء».