Date: Oct 2, 2020
Source: موقع النهار العربي - لبنان
بعد سنوات من التعثّر... كيف أمكن تحقيق الاختراق التاريخي بين لبنان وإسرائيل؟
بعد عقد من الجهود الدبلوماسية المكثفة، نجحت الولايات المتحدة في التوسط في اتفاق بين إسرائيل ولبنان لبدء مفاوضات رسمية بشأن ترسيم الحدود البحرية بينهما. وبات متوقعاً  أن تبدأ المحادثات بعد انتهاء الأعياد اليهودية هذا الشهر. وبرعاية وفد أميركي، سيلتقي ممثلو الدولتين في مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" في الناقورة. كما سيحضر الجلسات مقرر للأمم المتحدة بناءً على إصرار لبنان، لكن ملاحظاته لن تُرفع إلى الأمم المتحدة بسبب اعتراض إسرائيل.

وأمكن تحقيق هذا الاختراق التاريخي بحسب وصف وزارة الخارجية الأميركية، بعد زيارة  مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر للقدس وبيروت في وقت سابق من هذا الشهر. 
 
وكتب إيهود يعار، وهو زميل ليفر الدولي، في "معهد واشنطن" ومعلق محنك في التلفزيون الإسرائيلي، وسايمون هندرسون هو زميل بيكر في المعهد ومدير برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة وحنين غدار هي زميلة فريدمان، في برنامج "غيدولد" للسياسة العربية أنه لتذليل الخلافات المستمرة بين الجانبين بشأن الأساس القانوني وشكل المفاوضات، أرسلت الحكومة الأميركية خطابات جانبية قدّمت فيها ضمانات لكلا البلدين. 
 
وأوضح الباحثون أن إحدى المشكلات العالقة كانت تتعلق بإمكانية ربط بين القرارات البحرية والترسيم النهائي للحدود البرية، خاصة في ما يتعلق بالمنطقة الصغيرة التي تسميها إسرائيل جبل دوف، بالقرب من مزارع شبعا على سفوح جبل الشيخ.
 
وكان قد تم أساساً تفويض وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس بإبلاغ لبنان أن حكومته مستعدة لتقسيم 860 كيلومتراً مربعاً من الأراضي البحرية المتنازع عليها بنسبة 58-42 لمصلحة بيروت. ويتطلع اللبنانيون إلى شركة "توتال" الفرنسية لبدء عمليات الحفر في "البلوك الرقم 9" المجاور للمنطقة المتنازع عليها، بينما تُعدّ إسرائيل مناقصات دولية في بلوك "ألون د" المجاور. 

وتولى رئيس مجلس النواب نبيه بري التفاوض عن الجانب اللبناني  بموافقة الرئيس ميشال عون، وموافقة  ضمنية ضمنية مفترضة لـ"حزب الله". 
 
ورجح الباحثون أن الانهيار المالي الذي يشهده لبنان أدى إلى تسريع الجهود التحضيرية لوزارة الخارجية الأميركية. ومن ناحية أخرى، يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أنه بمجرد الموافقة على خط ترسيم الحدود وبدء لبنان في التنقيب عن الغاز الطبيعي، سيتضاءل الخطر على منصات الغاز البحرية الإسرائيلية كثيراً.
 
وبينما تتعاون مصر والأردن مع إسرائيل في مشاريع الغاز منذ بعض الوقت، شكّل التعامل مع لبنان معضلة. فتحديات الحدود البحرية هي ذات طبيعة قانونية وجيولوجية على السواء. ويتمثل الشرط الاعتيادي الأول في الاتفاق على الحدود البرية من أجل تحديد مكان التقائها بالبحر. 

لكن في هذه الحالة، لا تزال النقطة الحدودية (الفاصلة) ذات الصلة - "روش هنيكرا"/"رأس الناقورة" - منطقة متنازعاً عليها من الناحية الفنية وتنتهي بجرف أبيض شاهق من دون شاطئ.
 
ومع أن قبرص المجاورة لها حدود بحرية متفق عليها مع إسرائيل، يقول الباحثون إن محاولاتها للوصول إلى اتفاق مشابه مع لبنان تعثرت بسبب الضغوط التركية على بيروت. ورداً على ذلك، قررت نيقوسيا المستاءة رسم حدودها مع إسرائيل من الجهة الجنوبية للخط الذي كانت تأمل رسمه مع لبنان. ومن وجهة نظر بيروت، فإن ما يسمى بـ"النقطة الثلاثية" التي تلتقي فيها المناطق الاقتصادية الخالصة للدول الثلاث تقع أبعد من ذلك جنوباً. وبالتالي، ستتم مناقشة هذا الجزء المتنازع عليه من الأرض خلال المحادثات المقبلة.
 
ولم تقم إسرائيل بعد بالتنقيب في المنطقة المتنازع عليها، لكن الاستكشافات القريبة في الجنوب أثارت تفاؤلاً باحتمال وجود مكامن موارد هيدروكربونية بكميات تجارية في أعماق قاع البحر. وعلى الرغم من أنه قد ينتهي الأمر بمثل هذه المكامن بتجاوز أي حدود بحرية قد يتمّ التوصل إليها خلال الأسابيع المقبلة، إلا أن هذه التعقيدات تنشأ في العديد من الأماكن حول العالم، وهناك نماذج قانونية للاستغلال المشترك.
 
ونظراً إلى الوضع المالي السيئ في لبنان، يقول الباحثون إن المحادثات تعتبر بمثابة خبر سارّ للبلاد، لأن الحدود المتفق عليها يمكن أن تعود بالفائدة على الاقتصاد على المدى الطويل. ومع ذلك، يحذر الباحثون من إمكان إبطال هذه الفوائد إذا  سُمح لـ"حزب الله" بالحفاظ على نفوذه الحالي في معظم الوزارات الرئيسية في لبنان، لأن الحزب وحلفاءه سيستفيدون من دون شك من أي عائدات من النفط والغاز. 

ويلفت الباحثون الى أن الدافع نحو توقيع اتفاق بحري محتمل لا يندرج ضمن عملية التطبيع الأخيرة بين إسرائيل ودول عربية أخرى. ومن وجهة نظر "حزب الله" والحكومة اللبنانية الحالية، لن يعكس ترسيم الحدود البحرية أي تغيير في موقفهما تجاه إسرائيل أو الحدود البرية لـ"الخط الأزرق" الذي رسمته الأمم المتحدة في أعقاب حرب تموز (يوليو) عام 2006. ومع ذلك، قد يزيل خطراً واحداً على الأقل، وهو: أن أي مواجهة مستقبلية مع "حزب الله" ستطال بالضرورة حقول الغاز البحرية لإسرائيل.