Date: Sep 4, 2020
Source: جريدة الشرق الأوسط
الشرطة السودانية تفرّق تجمعات لأنصار البشير في الخرطوم
الخرطوم: محمد أمين ياسين
فضت قوات الشرطة السودانية بالغاز المسيل للدموع، أمس، تجمعاً محدودا لأنصار النظام المعزول، بعد أن استبقه الجيش بإغلاق عدد من الشوارع الرئيسية المؤدية إلى وسط العاصمة الخرطوم، كإجراء احترازي لمنع وصول المتظاهرين إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، الذي يقع وسط المدينة.

وتجمع عشرات المتظاهرين أمس في ساحة بضاحية (بري) شرق مركز قيادة الجيش، مرددين هتافات وشعارات تنادي بتفويض الجيش لتسلم السلطة، قبل أن يحاصرها المئات من شبان لجان المقاومة بالمنطقة، التي كانت على وشك الاصطدام بهم لولا تدخل الشرطة في الوقت المناسب.

ورصدت «الشرق الأوسط» فرار أنصار النظام المعزول عبر أزقة ضاحية «بري» الشهيرة، التي عرفت بصمودها أمام بطش الأجهزة الأمنية إبان الحراك الشعبي ضد الرئيس المعزول عمر البشير، وحتى سقوطه في أبريل (نيسان) 2019.
وأغلق شباب المقاومة الشوارع المحيطة بالساحة، وأشعلوا النيران في إطارات السيارات، مرددين هتافات مناوئة للعسكريين في السلطة الانتقالية، وأخرى مؤيدة للحكومة المدنية، التي يرأسها عبد الله حمدوك.

وشهدت حركة المرور بالخرطوم أمس ازدحاماً شديداً بسب إغلاق الجيش عددا من المداخل والطرق الرئيسية بالحواجز الإسمنتية، وسيارات الدفع الرباعي، ما خلق حالة استياء لدى المواطنين الذين عبروا عن غضبهم لإغلاق شبه كامل ومتكرر للعاصمة يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع، فيما لم يصدر أي بيان من الجيش أو اللجنة الأمنية لحكومة الولاية يوضح سبب الإغلاق.

ويرجح أن تكون التدابير الأمنية بإغلاق الشوارع التي تمر بمحيط قيادة الجيش لمنع وصول أنصار النظام المعزول، الذين دعوا لمظاهرة مناوئة للحكومة، تخرج من المساجد عقب صلاة الجمعة، لتفويض الجيش بتسلم الحكم.

وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، قد وجه لدى مخاطبته وحدات عسكرية في أغسطس (آب) الماضي انتقادات حادة للحكومة المدنية، وصلت إلى حد وصف أعضائها بالفاشلين، وطلب تفويضا من الشارع للجيش، وهو ما اعتبره كثيرون نيات مبيتة للانقلاب على الأوضاع الحالية التي أقرتها الوثيقة الدستورية.

وعبر عدد من مواطني ضاحية بري عن غضبهم من تساهل السلطات في حسم مؤيدي حزب المؤتمر الوطني (المنحل)، والسماح لهم بممارسة العمل السياسي والتظاهر، وذلك في خرق واضح للقانون.

وقال علي أحمد (53 عاما) إن السماح لـ(الزواحف)، وهو اسم يطلق على مناصري النظام المعزول، بعد سقوط حكمه الذي امتد 30 عاما، «أمر غير مقبول، وقد يؤدي إلى الانفلات الأمني بسبب السخط الشعبي تجاههم، وقد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه». مبديا استغرابه من السماح لهم بالتجمعات، إذا لم تكن هنالك جهات داخل السلطة تقوم بدعمهم.

وشهد محيط قيادة بالخرطوم في الثالث من يونيو (حزيران) 2019 أحداث فض الاعتصام الدامية، التي خلفت عشرات القتلى ومئات الجرحى والمفقودين، ولا تزال اللجنة الخاصة بالتحقيق في الأحداث تجري تحرياتها لتحديد المسؤولين عن فض الاعتصام. وبحسب تصريحات سابقة لرئيس اللجنة المحامي، نبيل أديب، فإن اللجنة استجوبت عددا من العسكريين والمدنيين في قيادة السلطة الانتقالية حول الأحداث.

ويشكل فض الاعتصام إحدى أكبر قضايا الرأي العام، حيث يطالب الشارع السوداني بالوصول إلى المسؤولين عن اغتيال المعتصمين أمام القيادة العامة وتقديمهم للمحاكمة.

محكمة البشير ترفض تعليق مقاضاته
رفع الجلسة إلى 15 سبتمبر

الثلاثاء  01 سبتمبر 2020 
الخرطوم: محمد أمين ياسين

رفض قاضي المحكمة الخاصة بمحاكمة الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير و34 من رموز الإسلاميين، المتهمين في قضية الانقلاب العسكري عام 1989، تعليق إجراءات المحاكمة، ووعد بالنظر في تدبير قاعة بديلة، توفر الشروط الصحية اللازمة للوقاية من جائحة كورونا.

وقرّر رئيس المحكمة القاضي عصام الدين محمد إبراهيم الاستمرار في المحاكمة، ورفع الجلسة على أن تنعقد في 15 سبتمبر (أيلول) الحالي. وتقدم محامو الدفاع عن المتهمين في الجلسة السابقة بطلبات لتعليق المحاكمة بسبب ضيق قاعة المحكمة، وعدم تطبيق الاشتراطات الصحية لجائحة كورونا، علاوة على انعقاد الجلسات في غياب تشكيل المحكمة الدستورية، وعدم ملائمة الأوضاع السياسية في البلاد التي يمكن أن تؤثر على استقلالية المحكمة. واستمع القاضي إلى بيانات 26 من المتهمين، وقال الرئيس المعزول عمر البشير، المتهم رقم 3 حسب محاضر التحقيق، إن وظيفته رئيس جمهورية سابق، ويسكن ضاحية «كوبر» بالخرطوم بحري. فيما كشف على الحاج محمد، الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، الذي أسسه زعيم «الإخوان»، حسن الترابي، أنه يحمل الجنسية الألمانية، وأنه من أصول سودانية.

ورفض القاضي طلب هيئة الدفاع بتعليق المحاكمة، بالقول إن المحكمة قررت البحث عن تدابير أفضل فيما يتعلق بتهيئة القاعة، وطلب من رئيس الجهاز القضائي المختص، ورئيس القضاء إيجاد قاعة بديلة، تتوفر فيها في المطلوبات اللازمة، وإنفاذ الشروط الصحية المتعلقة بجائحة كورونا.

وأضاف القاضي أن إجراءات المحاكمة ستستمر بهذه المحكمة إلى حين توفر قاعة أفضل يتم الانتقال إليها، مع الالتزام بتطبيق الإجراءات الوقائية الصحية للوباء. مؤكداً أنه لا سند قانوني ولا منطق يبرر طلب الدفاع بتعليق هذه المحاكمة، وقال إن هذه المحكمة «ليست من اختصاصها البحث في دستورية القوانين».

وحول تأثير الأوضاع السياسية في البلاد على إجراءات المحاكمة وحصول المتهمين على محاكمة عادلة، جدّد رئيس المحكمة التأكيد على موقف المحكمة منذ الجلسة الأولى بوقوفها على مسافة واحدة من كل الأطراف، وأنها لن تتأثر بالمناخ السياسي سلباً وإيجاباً، مبرزاً أنها تهتم فقط بتطبيق القانون، وفقاً للنصوص الواردة في الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية في البلاد.

وجدّد القاضي رفض المحكمة الطلبات المقدمة من أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين الـ35، واستمرار إجراءات المحاكمة، مؤكداً سعي الجهاز القضائي لإيجاد قاعة مناسبة لانعقادها.

وقال بارود صندل، محامي الدفاع عن المتهمين من قيادات المؤتمر الشعبي، إنه تقدم بطعن للمحكمة العليا في القرار الصادر من رئيس القضاء، نعمات عبد الله، بتشكيل هذه المحكمة الخاصة، وطلب بوقف إجراءات المحكمة لحين الفصل في طلب الطعن لمخالفته الوثيقة الدستورية. ورأى بارود أن المحكمة المنعقدة حالياً غير مختصة بالنظر في هذ الدعوة الجنائية، وردّ القاضي بأن المحكمة ستنظر في هذا الطلب. ومن أبرز المتهمين في قضية الانقلاب من قادة الجبهة الإسلامية، علي عثمان محمد طه، وبكري حسن صالح، ونافع علي نافع، والقياديان بحزب المؤتمر الشعبي، علي الحاج وإبراهيم السنوسي، وعدد من العسكريين والمدنيين الموالين للنظام المعزول. وكان رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، قد دعا الأسبوع الماضي إلى تسريع إجراءات محاكمة رموز النظام المعزول، في قضية الانقلاب على الحكم الديمقراطي عام 1989. وهو ما عدّته هيئة الدفاع تدخلاً سافراً من السلطة التنفيذية للتأثير على القضاء. وأدين البشير في محكمة خاصة بتهم الفساد المالي في ديسمبر (كانون الأول) 2019 بالسجن عامين، وإيداعه مؤسسة الإصلاح الاجتماعي بسجن كوبر المركزي. ويواجه البشير وقادة النظام المعزول تهماً أخرى بالاشتراك الجنائي، والإرهاب وقتل المتظاهرين إبان الحراك الشعبي، الذي أسقط حكمه في أبريل (نيسان) 2019.

واستولى البشير على السلطة بانقلاب عسكري عام 1989. خطط له زعيم الحركة الإسلامية، حسن الترابي، وشارك في تنفيذه العشرات من منسوبي الحركة الإسلامية السودانية من العسكريين والمدنيين.

وتضم هيئة الدفاع عن المتهمين محامين من قيادات النظام المعزول في حزبي المؤتمر الوطني (المنحل) وحزب المؤتمر الشعبي، من بينهم محمد الحسن الأمين، وكمال عمر عبد السلام، وبارود صندل، إلى جانب وزير العدل الأسبق، عبد الباسط سبدرات، الذي يترافع عن الرئيس المعزول، ونائبه الأسبق علي عثمان محمد طه.