Date: Sep 4, 2020
Source: جريدة النهار اللبنانية
هل يستغلّ حفتر صراعات "الوفاق" الداخلية للهجوم على سرت؟
بينما تنشغل حكومة الوفاق الوطني بالصراعات الداخلية ، تتزايد المؤشرات على أن حفتر يستعد لعملية عسكرية من قواعد في سرت والجفرة.
 
ورأت صحيفة "واشنطن بوست" أنه بعد ثلاثة أشهر على هزيمة حفتر في طرابلس، فإن الاقتتال الداخلي داخل حكومة "الوفاق" يُهدّد الآن بتفكيكها وإغراق البلاد في فصل جديد من الفوضى، حيث بدأت القوات الموالية للحكومة بالاقتتال فيما بينها في "محاولة للاستيلاء على السلطة والثروة" في غرب ليبيا، وفقاً لمحللين.

وبعد البيان الذي أصدرته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا حول أن ليبيا "تشهد تحولا دراماتيكا في الأحداث، ما يؤكد الحاجة للعودة إلى العملية السياسية الشاملة"، وبعد أسابيع مرّت بدون قتال، بدأت التوترات بالظهور وكشفت عن الانقسام والتنافس بين الرموز السياسية.
 
ونقلت الصحبفة عن محللين أن "الاضطرابات في داخل الحكومة في طرابلس أعطى حفتر فرصة لإعادة حظوظه".
 
وقال تيم إيتون، الزميل في "تشاتام هاوس" في لندن: "مع تراجع تهديد حفتر لاحظنا ظهور العداء من جديد بين هذه الجماعات".
 
وجاءت التطورات الأخيرة بعد أقل من أسبوعين على اتفاق حكومة الوفاق الوطني مع منافستها في الشرق على هدنة، ودعت إلى منطقة منزوعة السلاح في سرت، واستئناف إنتاج النفط، وتنظيم انتخابات، وهي خطوة رحّبت بها الأمم المتحدة، وكذلك الدول الجارة والقوى الغربية التي حاولت حل النزاع المندلع في حديقتها الخلفية.
 
وفي الأسبوع الماضي، خرجت التظاهرات في مدينة الزاوية القريبة من العاصمة احتجاجاً على تفكّك الاقتصاد واستمرار انقطاع التيار الكهربائي والمياه، وعدم قدرة الحكومة على وقف انتشار فيروس "كورونا".
 
وعلى الاثر، أعلنت حكومة رئيس الوزراء فائز السراج عن منع التجوّل من أجل منع انتشار فيروس "كورونا". وعندما تحدّى المتظاهرون القرار، أطلقت مليشيا مجهولة الرصاص الحي واختطفت ستة من الأشخاص، بحسب منظمة "أمنستي" الدولية.
 
وفي بيانها، عبّرت الأمم المتحدة عن "قلقها من استخدام القوة المفرط ضد المتظاهرين وكذلك الاعتقالات التعسفية لعدد من المدنيين". وإزاء ذلك، أعلن وزير الداخلية فتحي باغاشا أن قواته ستحمي المتظاهرين الذين لديهم الحق بالتظاهر.
 
لكنّ السراج قام بتعليق عمل باشاغا، وفتح تحقيقاً في تصرفاته، وأعطى قوة موالية له المسؤولية لإدارة أمن العاصمة. ورحّب باشاغا بالتحقيق، لكنه طلب أن يكون متلفزاً للتأكد من الشفافية. وجاء تهميش باشاغا في وقت ازدادت فيه شعبيته في أثناء حصار حفتر الذي استمر 14 شهراً.
 
ويؤيد الداعمون الدوليون الأساسيون لحكومة "الوفاق" الوطني، وخاصّة تركيا والولايات المتحدة، جهود باشاغا الرامية لتفكيك القوات التي تُسيطر على العاصمة. لكنّ السراج " شعر بالتهديد من باشاغا الذي يراه يتصرّف كرئيس للوزراء" وفقاً لايتون الذي أضاف أن السراج "يحاول تأكيد نفوذه، وأداء دور قيادي، لذلك دفع باشاغا إلى الوراء".
 
وبعد تعليق عمل باشاغا، اندلعت التظاهرات في مصراتة دعماً له. وقال الخبير في الشؤون الليبية والزميل غير المقيم في معهد "اتلانتك كاونسل" إن باشاغا "أصبح وزيراً بسبب المصراتيين، وعزله الآن يعد إهانة لهم".
 
وتحاول القوى الإقليمية والغربية نزع فتيل المواجهة بين السراج وباشاغا. ولو تمّ عزل الأخير رسمياً فسيزداد التوتر بين قوات مصراتة وطرابلس، وحتى لو احتفظ بمنصبه ، فإن انعدام الثقة المتبادل سيبقى داخل حكومة الوفاق الوطني" وفقاً لمحللين.
 
ويزداد التوتر في أماكن أخرى من البلاد، وقالت الأمم المتحدة إنها لاحظت ارتفاعاً في انتهاكات حقوق الإنسان، بما فيها الاعتقال التعسّفي، خاصة في سرت وأماكن أخرى تخضع لحفتر، مضيفة أن التحريض الالكتروني يتزايد في محاولة "لمزيد من الانقسام بين الليبيين وزيادة الاستقطاب وتمزيق النسيج الاجتماعي للبلاد على حساب حل ليبي-ليبي".
 
 و"منذ 8 تموز (يوليو)، وصلت 70 طائرة وثلاث سفن شحن تحمل إمدادات لحفتر، فيما وصلت 30 طائرة و9 سفن لدعم حكومة الوفاق" وفقاً لما قالته رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (بالإنابة) ستيفاني ويليامز لمجلس الأمن الدولي الاربعاء. 
 
وقالت ويليامز: "يقوم الداعمون الأجانب بتقوية أرصدتهم في القواعد العسكرية الجوية الرئيسية الليبية في الشرق والغرب".

While the GNA is busy with internal struggles, signs are increasing that Haftar is preparing for an offensive operation from bases in Sirte and Jufra.

This is logical, as political & ceasefire talks are not in his interest. But it‘s also risky: could he afford another defeat?

— Wolfram Lacher (@W_Lacher) August 30, 2020
 
بدوره، قال الخبير في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية ولفرام لاتشر إنه "في الوقت الذي تنشغل فيه حكومة الوفاق الوطني بالصراع الداخلي، هناك إشارات متزايدة عن تحضير حفتر لهجوم على سرت والجفرة"، مضيفاً أن هاذ الأمر: "منطقي لأن المحادثات السياسية ووقف إطلاق النار لا تهمه، ولكن فيها مخاطرة، فهل يستطيع تحمل هزيمة جديدة؟".