|
|
Date: Sep 4, 2020 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
الكاظمي يحذّر من «السلاح المنفلت» ويتحدث عن «تركة ثقيلة» ورثتها حكومته |
مبادرة فرنسية ـ أممية «لحماية سيادة العراق» |
بغداد - لندن: «الشرق الأوسط»
شدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أمس (الخميس)، على ضرورة «فرض هيبة الدولة»، معتبراً أن حكومته «ورثت تركة ثقيلة» تتعلق بـ«السلاح المنفلت». وتزامن موقفه مع إعلان القضاء العراقي استدعاء وزيري الدفاع والداخلية في الحكومة السابقة على خلفية التحقيق في سقوط قتلى خلال التظاهرات التي شهدها البلد منذ أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي.
وأفاد مكتب الكاظمي بأنه زار أمس مقر قيادة العمليات المشتركة في بغداد، حيث كان في استقباله رئيس أركان الجيش، ونائب قائد العمليات المشتركة، ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب. وأوضح المكتب في بيان أن الكاظمي «أكد أن الحكومة ورثت تركة ثقيلة من السلاح المنفلت والنزاعات العشائرية التي باتت تشكل خطراً حقيقياً على المجتمع وتهدد أفراده، كما تعمل على عرقلة جهود الإعمار والتنمية في البلاد». وتابع البيان أن رئيس الوزراء «وجه قادة الأجهزة الأمنية بمتابعة هذا الملف والتنسيق المشترك بين القوات الأمنية للعمل بكل الجهود المتاحة لإنهائه، وفرض هيبة الدولة، ومواجهة كل ما يهدد أمن واستقرار البلد».
في غضون ذلك، سقط صاروخ كاتيوشا على شركة أمنية في العاصمة العراقية بغداد فجر أمس الخميس.
ونقلت وكالة «السومرية نيوز» للأنباء عن مصدر أمني أن «شركة أمنية في منطقة القادسية ببغداد، تم استهدافها فجر اليوم (أمس) بصاروخ كاتيوشا». وأضاف المصدر أن ذلك «أدى إلى إلحاق أضرار مادية دون تسجيل أي خسائر بشرية»، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وجاء ذلك غداة إجراء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء محادثات مع المسؤولين العراقيين في أول زيارة رسمية إلى بغداد بهدف مساعدة هذا البلد على تأكيد «سيادته».
إلى ذلك، أعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق القاضي فائق زيدان، أمس (الخميس)، أن هيئة التحقيق بقضايا «أحداث التظاهرات» التي شهدتها البلاد على مدى الشهور الماضية، استدعت وزيري الداخلية (ياسين الياسري) والدفاع (حازم الشمري) في حكومة عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء السابق.
وأفاد بيان لمجلس القضاء الأعلى بأن زيدان استقبل كلاً من مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي ورئيس جهاز الأمن الوطني عبد الغني الأسدي ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق أول ركن عبد الوهاب الساعدي»، موضحاً أن «المجتمعين ناقشوا الإجراءات القضائية بخصوص حوادث استشهاد وإصابة المتظاهرين ومنتسبي القوات الأمنية» خلال التظاهرات الكبرى التي اندلعت في العراق في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019.
وأكد البيان أن «الهيئات التحقيقية المختصة بتلك القضايا أصدرت عدداً من مذكرات القبض بحق عدد من منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية، إلا أنه وبموجب قانون التبليغات العسكري وقانون تبليغات قوى الأمن الداخلي يجب استحصال موافقة القائد العام للقوات المسلحة ووزيري الداخلية والدفاع لتنفيذ تلك المذكرات».
وأشار إلى أن «الهيئة التحقيقية القضائية في الرصافة (بغداد) استدعت كلاً من وزيري الدفاع والداخلية في الحكومة السابقة للاستيضاح منهما عن معلومات تتعلق بالتحقيق في تلك القضايا»، مبيناً أن «هناك عدداً من الموقوفين من الضباط على ذمة التحقيق في تلك القضايا وآخرين صدرت بحقهم أحكام من المحاكم المختصة تخضع حالياً للتدقيق من قبل محكمة التمييز».
وفي هذا السياق، قال الدكتور فاضل الغراوي عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق لـ«الشرق الأوسط» إن مفوضية الانتخابات ولفترة طويلة من الزمن خلال فترة التظاهرات «عملت على توثيق كل ما يتعلق بالتظاهرات» بما في ذلك التحقق من حصول انتهاكات لحقوق الإنسان وأصدرت خمسة تقارير رسمية «وثقت كل التفاصيل التي حصلت ورافقت التظاهرات بكل ما لها وعليها من قضايا سلبية وإيجابية». وتابع أن هناك عدداً كبيراً من الإحصاءات والتوصيات رفعتها المفوضية إلى البرلمان والقضاء ومجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية وإلى بعثة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان في جنيف. وأضاف الغراوي أن «هذه العملية تعد عملية توثيقية كاملة، وعقدنا العديد من الاجتماعات مع الجهات الأمنية وقدمنا كل ما لدينا من ملاحظات، ومن جانبهم وعدونا بأخذ كل ما قدمناه من ملاحظات».
وأوضح الغراوي: «في الفترة الأخيرة قدمت الحكومة رسالة رسمية للمفوضية وطالبت من خلالها بكل الوثائق والمعلومات المتوفرة لديها، وعقدنا بالفعل اجتماعات عدة مع الطاقم الخاص بمكتب رئيس الوزراء، وقدمت الوثائق بشكل رسمي، وتم اعتمادها عبر الإعلان الرسمي الذي أصدره مكتب رئيس الوزراء بالإحصائيات والأرقام». وأشار إلى أنه «لغاية الآن، وهذا مثبت بشكل رسمي، هناك 561 شهيداً من المتظاهرين والقوات الأمنية، مع كل الإثباتات التي تخص كل شخص وقع (ضحية) في تلك التظاهرات. أما عدد الجرحى من القوات الأمنية والمتظاهرين فقد بلغ 24 ألفاً بإصابات مختلفة بين خفيفة وبليغة». ولفت إلى أن «المفوضية طلبت من رئاسة الوزراء تكثيف إجراءاتها بشأن التحقيق في كل ما جرى، ووعدنا رئيس الوزراء بأنه سيشكل لجنة عالية المستوى، كما سيتحدث مع القضاء بهذا الشأن وإجراء التحقيقات الأصولية وإعلانها للرأي العام بكل شفافية».
من جهته، أبدى الناشط والإعلامي منتظر ناصر رئيس تحرير جريدة «العالم الجديد» الإلكترونية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، شكوكه حيال لجان التحقيق في العراق. وقال ناصر إنه «دائماً ما تلتحق الكثير من المسائل الحساسة بالعديد من القضايا السابقة التي تم إهمالها ونسيانها، وبات الحديث عنها ضرباً من الترف أو سبباً للاستثمار السياسي من قبل الأطراف المتصارعة، من قبيل ما يعرف بملفات المغيبين والمفقودين وضحايا سبايكر، وقد يكون من بينها ملف قتلة المتظاهرين والتسبب بإصابة وجرح الآلاف منهم على مدار عام كامل». وأضاف أن «المعطيات لا تشجع، فمجلس القضاء كمفصل مهم من مفاصل البلاد المهمة خضع منذ فترة طويلة، للأسف الشديد، إلى التسييس، وأصبح التدخل السياسي واضحاً فيه من خلال التسويات القضائية التي شاهدناها ونشاهدها باستمرار». لكنه استدرك قائلاً: «مع ذلك، نتمنى أن تكون خطوته هذه المرة جادة وحقيقية، خصوصا أن هناك قضاة مهنيين ووطنيين، لا سيما في ظل تغير المزاج السياسي الذي قد ينعكس إيجاباً على ملاحقة مثل تلك القضايا».
مبادرة فرنسية ـ أممية «لحماية سيادة العراق»
تتضمن مرحلة انتقالية... وماكرون ناقشها مع صالح والكاظمي
الخميس 03 سبتمبر 2020
بغداد: «الشرق الأوسط»
حمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بغداد التي زارها لأربع ساعات، أمس، مبادرة بالتعاون مع الأمم المتحدة «لحماية سيادة العراق»، ناقشها مع القيادات العراقية، وعلى رأسها رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. واعتبر أن أبرز تحديين يواجههما العراق هما التدخلات الخارجية و«تنظيم داعش».
وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي، أمس، إن «العراق يمر بمرحلة مفصلية والحرب على (داعش) لم تنته، لأن (داعش) والتدخلات الخارجية العديدة تحديات تهدد العراق». وأضاف أن «على زعماء العراق قيادة مرحلة انتقالية وبناء سيادة عراقية تحمي بلدهم وتعزز أمن المنطقة».
وأشار إلى أنه قدم لمضيفيه «مشروعاً يحمي سيادة العراق، وننتظر موافقة قادته ووضع لمساتهم الأخيرة عليه، قبل دعم بلادهم من المجتمع الدولي»، مؤكداً أن «فرنسا ستكون إلى جانب العراق لتتأكد أن كل المجتمع الدولي سيدعمه».
ولم يفصح ماكرون ولا القيادة العراقية عن مضمون المبادرة الفرنسية. وقال صالح خلال المؤتمر الصحافي إن «العراق يتطلع لشراكة استراتيجية مع فرنسا»، لافتاً إلى أنه سيتم إعلان مشاريع وعقود بين العراق وفرنسا. وأضاف «نتطلع لزيارة طويلة للرئيس ماكرون إلى العراق في العام المقبل»، في إشارة إلى قصر هذه الزيارة.
وأكد صالح أن «العراق يتطلع إلى لعب دور محوري في المنطقة بما يحقق استقرارها، ولا نريد أن نكون ساحة صراع للآخرين»، مشدداً على أن «تحديات الإرهاب مستمرة ويتطلب ذلك تعاوناً دولياً وتجفيف منابع الإرهاب».
وبالإضافة إلى صالح، التقى ماكرون رئيس الوزراء العراقي، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني الذي جاء من أربيل إلى بغداد للقاء ماكرون، بعد أن تعذر ذهاب الأخير إلى أربيل.
وأعرب الكاظمي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفرنسي، عن أمله بأن تساعد فرنسا وأوروبا ككل على «استعادة الاستقرار» في المنطقة. وقال: «لا نريد أن نكون ساحة مواجهات، بل منطقة استقرار واعتدال... فرنسا والعراق سيوقعان اتفاقيات في مجال الطاقة في المستقبل، إضافة لتعميق التعاون العسكري».
واعتبر عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي الدكتور ظافر العاني أن «فرنسا تحاول أن تستغل الفراغ الذي تركته أميركا في الشرق الأوسط بسبب انشغالها بالانتخابات، بهدف تأكيد حضورها في عدد من الدول، خصوصاً تلك التي لديها مشاكل مع إيران». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «فرنسا تنظر إلى العراق من زاوية علاقتها مع طهران».
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين الدكتور ياسين البكري فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أهمية الزيارة تأتي ضمن رؤية العراق في سياسته الخارجية تأكيداً لمبدأ الباب المفتوح على الجميع مع حفظ استقلال العراق وعدم انجراره إلى المحاور». وأضاف أن «هناك نقطة مهمة وهي أنه لم تكن لماكرون زيارة إلى أربيل مع خصوصية العلاقة بين باريس وأربيل، بل إن رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني هو من جاء إلى بغداد، وهي رسالة فرنسية أن الحلول في المركز وعبر الحوار».
وأشار إلى أن «الدور الفرنسي لم يكن غائباً عن العراق قبل وبعد 2003 وهو ما يعني أن ما يقوم به ماكرون إنما هو استمرار لهذا الدور في مختلف المراحل». وتابع أن «هذه الزيارة تأتي في سياق دور فرنسي لترتيب أوراق المنطقة وتحديدا العلاقة الأوروبية - الإيرانية - الأميركية، وهنا قد تصبح بغداد ملتقى لحوار إقليمي دولي وفك عقد الصراع أو بعضها».
وكان الكاظمي استقبل قبيل اللقاء مع ماكرون، رئيس إقليم كردستان العراق، وناقشا عدداً من الملفات المشتركة بين بغداد وأربيل. وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء إن اللقاء «بحث الملفات المهمة التي من شأنها أن تعزز التكامل والتعاون بين مؤسسات الدولة في كل من الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، ضمن إطار المبادئ والعمل الذي رسمه الدستور».
وأشار إلى التطرّق إلى الجهود الوطنية لمكافحة جائحة «كورونا»، وكذلك الجهود المستمرة والتنسيق لمكافحة خلايا «داعش» النائمة، وملاحقة فلول الإرهاب الذي لا مكان له على أرض العراق، إذ جرى التأكيد على أهمية الدور الذي تؤديه قوات حرس الإقليم البيشمركة كجزء متكامل من المنظومة الأمنية العراقية.
وأعرب نيجرفان بارزاني، بحسب البيان، عن «تفاؤله بالخطوات المتخذة من أجل تعزيز آليات العمل المشترك بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية». كما شدد على أن «الكرد يعتزون بعراقيتهم، وهم عازمون على إدامة العمل من أجل استقرار العراق وأمنه وسيادته». وأشار إلى «اعتزاز إقليم كردستان بالدور الذي بدأ العراق بتمثيله على الصعد الإقليمية والدولية، وفي ضوء الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات بين العراق والدول الصديقة والتفاهمات الأساسية لما فيه مصلحة العراق والأمن والاستقرار الإقليمي».
ولفت مسعود حيدر، المستشار الخاص لزعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، إلى أن أجندة زيارة نيجرفان بارزاني إلى بغداد حملت «مجموعة من المسائل المهمة مثل إيجاد آلية للتنسيق بين بغداد وأربيل لإيقاف التجاوزات التركية على العراق من حدود كردستان، فضلاً عن التعاون الأمني والعسكري ومحاربة فلول (داعش)».
وأضاف حيدر لـ«الشرق الأوسط» أن «الزيارة تتضمن التعاون في المجال الاقتصادي، خصوصاً في مجالي النفط والغاز، إضافة إلى معالجة الإشكاليات بين الإقليم وبغداد ضمن الأطر الدستورية». وأوضح أن «معالجة الملف الاقتصادي والبيشمركة بين أربيل وبغداد من الأولويات، لدوره الكبير في إذابة الجليد بين الجانبين وتوطيد الثقة بينهما لمعالجة القضايا الأخرى». |
|