Date: Sep 1, 2020
Source: جريدة الشرق الأوسط
وفد تركي في موسكو لبحث الملف السوري
قدري جميل: خيارات لدمج «مسد» في العملية السياسية
أنقرة: سعيد عبد الرازق
توجه وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال إلى موسكو، أمس، لإجراء محادثات حول الملف السوري. وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان: «يزور وفدنا المشترك بين الوزارات برئاسة سادات أونال موسكو في الفترة من 31 أغسطس (آب) إلى 1 سبتمبر (أيلول) لمناقشة الوضع في المنطقة، وبخاصة في سوريا وليبيا».

وبحسب مصادر تركية، يضم الوفد ممثلين عن وزارتي الخارجية والدفاع وجهاز المخابرات. وسبق أن أكد وزيرا خارجية روسيا وتركيا، سيرغي لافروف ومولود جاويش أوغلو، استعداد بلديهما لدعم عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف. من ناحية أخرى، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بتجمع عشرات النساء عند دوار بلدة أطمة في شمال إدلب على الحدود مع محافظة هطاي التركية، للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم من منتسبي حزب «التحرير الإسلامي»، الذين جرى اعتقالهم، أول من أمس، من قِبل القوى الأمنية التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» التي أطلقت حملة واسعة ضد منتسبي الحزب في بلدة أطمة الواقعة، حيث اعتقلت العشرات من منتسبي الحزب بعد مداهمة منازلهم وأماكن وجودهم.

واقتحمت عناصر من «تحرير الشام» مظاهرة نسائية أخرى تطالب بالإفراج عن المعتقلين في سجون الهيئة، وسط إطلاق رصاص عشوائي لتفريق المتظاهرات. وحزب التحرير الإسلامي، هو تكتل سياسي يعمل في مجال «الدعوة لإقامة دولة الخلافة الإسلامية»، على حد زعمه، بالإضافة لنشاطاته المتصاعدة في الآونة الأخيرة ضمن مناطق سيطرة تحرير الشام. كما أنه من أبرز الرافضين للاتفاقات التركية الروسية.

عسكرياً، واصلت تركيا التمدد في إدلب في إطار اتفاق منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا الذي توصلت إليه مع روسيا وإيران ضمن إطار آستانة. واستحدثت أمس (الاثنين) نقطة عسكرية جديدة في قرية بليون الواقعة في جبل الزاوية في الريف الجنوبي لإدلب. وعقب إنشاء النقطة الجديدة، ارتفع عدد النقاط التركية في منطقة خفض التصعيد إلى 68 نقطة موزعة في أنحاء إدلب.

ويكثف النظام السوري في الأسابيع الأخيرة قصفه في جبل الزاوية، كما قام الطيران الحربي الروسي بقصف المنطقة أكثر من مرة. في الوقت ذاته، واصل الجيش التركي الدفع بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى نقاط المراقبة المنتشرة في المنطقة، ودخل فجر أمس رتل جديد محمل بالمعدات اللوجيستية والذخائر، توجه نحو نقطة المسطومة التي أنشأتها القوات التركية على طريق إدلب - أريحا. ومنذ مطلع فبراير (شباط) الماضي أدخلت القوات التركية أكثر من 7975 شاحنة وآلية عسكرية إلى الأراضي السورية، تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات وكبائن حراسة متنقلة مضادة للرصاص ورادارات عسكرية. وبلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال تلك الفترة نحو 12 ألف جندي.

في الوقت ذاته، سيرت القوات التركية والروسية، أمس، دورية مشتركة في ريف الحسكة، حيث انطلقت 4 عربات تركية ومثلها روسية من معبر شيريك بريف الدرباسية الغربي، وجابت العديد من القرى قبل العودة إلى نقطة انطلاقها مجددا، وسط تحليق لمروحيتين روسيتين في الأجواء.

قدري جميل: خيارات لدمج «مسد» في العملية السياسية
«اتفاق موسكو» يضمن الدعم الروسي ويختبر العلاقات مع أنقرة وواشنطن


موسكو: رائد جبر
أطلق التوقيع على مذكرة تفاهم في موسكو، أمس، بين حزب «الإرادة الشعبية» الذي يقوده رئيس «منصة موسكو»، قدري جميل، و«مجلس سوريا الديمقراطي»، سجالات عدة حول تأثير الخطوة على التطورات الجارية في مناطق شرق سوريا، على خلفية الاحتكاكات الروسية الأميركية، وانتقادات موسكو المتكررة لواشنطن بدعم «النزعات الانفصالية» في المنطقة.

وحمل الاتفاق الذي تعمد واضعوه أن يتم توقيعه في العاصمة الروسية، وحصلوا على دعم واضح من جانب وزير الخارجية سيرغي لافروف، اختباراً جديداً للتنسيق الروسي مع تركيا التي سارعت إلى التنبيه من «أي خطوات تشكل دعماً لـ(حزب العمال الكردستاني) الإرهابي».

ونص الاتفاق على ضرورة «أن تتحرك جميع القوى الوطنية الديمقراطية للعمل المشترك على وقف المأساة (السورية) والتدمير المتواصل». وأكد الطرفان في الوثيقة التي وقعتها، إلى جانب جميل، الرئيسة المشتركة لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» إلهام أحمد، أن «سوريا الجديدة هي سوريا موحدة، أرضاً وشعباً. وهي دولة ديمقراطية تحقق المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية، وتفتخر بكل مكوناتها (العرب، والكرد السريان الآشوريين، والتركمان الأرمن، والشركس)، وترى في تعددها الهوياتي عامل غنى يعزز وحدتها ونسيجها الاجتماعي. ودستورها ديمقراطي يحقق صيغة متطورة للعلاقة بين اللامركزية التي تضمن ممارسة الشعب لسلطته المباشرة في المناطق، وتحقق الاكتفاء الذاتي والتوزيع العادل للثروات والتنمية في عموم البلاد، والمركزية في الشؤون الأساسية (الخارجية، والدفاع، والاقتصاد)».

وشدد الاتفاق على أن «الحل السياسي هو المخرج الوحيد من الأزمة السورية (...) وفي هذا الإطار، فإن الطرفين يدعمان ويعملان لتنفيذ القرار (2254) كاملاً، بما في ذلك تنفيذ بيان جنيف، وضم منصات المعارضة الأخرى إلى العملية السياسية السورية، بما فيها (مجلس سوريا الديمقراطية)، بصفة هذا القرار أداة لإنفاذ حق الشعب السوري في استعادة السيادة السورية غير المنقوصة، والعمل على إنهاء كل العقوبات، وأشكال الحصار المفروضة على الشعب السوري وتسييس المساعدات الإنسانية كافة، وإنهاء كل الاحتلالات وكل أشكال التدخل الخارجي وحواملها المختلفة، وصولاً إلى خروج القوات الأجنبية كافة من الأرض السورية».

والتزم الطرفان بأن «دولة المواطنة المتساوية المأمولة في سوريا تؤكد على التنوع المجتمعي السوري، والالتزام بإيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا، وفق العهود والمواثيق الدولية والإقرار الدستوري بحقوقهم، وبالحقوق القومية للسريان الآشوريين، وجميع المكونات السورية، ضمن وحدة سوريا وسيادتها الإقليمية».

وشددت الوثيقة كذلك على أن «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ضرورة موضوعية وحاجة مجتمعية متعلقة بظروف البلد وحاجات المنطقة التي أنتجتها الأزمة الراهنة. ومن المهم الاستفادة من تجربة الإدارة الذاتية، إيجاباً وسلباً، بصفتها شكلاً من أشكال سلطة الشعب في المناطق ينبغي تطويره على المستوى الوطني العام، وفي إطار التوافق بين السوريين، وبما يعزز وحدة الأراضي السورية، وسيادة دولتها ونظامها الإداري العام». وكان وفد من «مجلس سوريا الديمقراطي» «مسد»، يضم، فضلاً عن إلهام أحمد، نائبها حكمت الحبيب، ورئيس الاتحاد السرياني سنحريب برصوم، إضافة إلى سيهانوك ديبو العضو في «مسد»، قد زار روسيا لتوقيع هذه المذكرة، مع حزب «الإرادة الشعبية».

والتقى الطرفان، أمس، لافروف بعد التوقيع على الوثيقة، وأطلعاه على التطور، فيما تعهد لافروف بدعم تنفيذ الاتفاق. وكان ديبو قد وصف سابقاً هذه المذكرة بأنها «تصلح لأن تكون خريطة طريق أو نصاً لمبادئ أساسية لعقد اجتماعي سوري جديد يقطع الطريق أمام أي محاولة تنال من سوريا، إن كان باحتلالها وتقسيمها أو إعادة إنتاج أي نظام استبدادي مركزي».

وأبلغ رئيس منصة موسكو عضو هيئة رئاسة حزب «الإرادة الشعبية»، قدري جميل، «الشرق الأوسط» بأن الاتفاق يشكل نقلة نوعية، مشيراً إلى أهمية توقيته لجهة أن «الظروف نضجت لتعزيز مسار حل للأزمة السورية، والقوى المخلصة تدرك أنه لا بديل لها غير إيجاد تفاهمات مشتركة تقوم على الأقل على الحدود الدنيا التي تجمع بينها». وزاد أن هذا الاتفاق هو «توافق يأتي في وقت تقلصت فيه مساحة الخلافات بسبب الظروف الموضوعية التي مرت بها سوريا»، مشدداً على أهمية أنه «تم التوصل إلى الاتفاق من دون وساطة من أي طرف»، موضحاً أنه تم إبلاغ الجانب الروسي بالنتائج خلال اللقاء الذي جمع الطرفين مع الوزير سيرغي لافروف.

ولفت جميل إلى أن «توقيع الاتفاق أملته الظروف الموضوعية جغرافياً لجهة أن العاصمة الروسية مناسبة للطرفين، فضلاً عن الإرادة السياسية التي تعكس تفضيل إنجاز اتفاق من هذا النوع في روسيا، وليس في بلد آخر». وقال إن الجانب الروسي «أعرب عن تأييد وارتياح للاتفاق، ووعد بدعمه»، موضحاً أن هذا الدعم مهم خصوصاً لأن بعض بنود الاتفاق يتطلب إدماج «مسد» في العملية السياسية.

وحول آليات تمثيل «مسد» في العمليات السياسية، وفي اللجنة الدستورية، قال جميل إن «الإدارة الذاتية ممثلة أصلاً في منصة القاهرة، وكانت هناك محاولات لإعادة ترتيب هذه المنصة عبر اجتماع القاهرة 3، لكنها لم تنجح»، مضيفاً أن «مسد» كانت ممثلة أيضاً في اجتماعات «موسكو 1» و«موسكو 2» اللذين أنتجا منصة موسكو، ما يعني أن الخيارات متعددة لتمثيل «مسد» في هيئة التفاوض، وفي اللجنة الدستورية، التزاماً بالقرار (2254) الذي أقر حضور المنصات في العملية السياسية.

وقلل جميل من أهمية الاعتراضات التركية على تمثيل المكون الكردي، وقال إن «موسكو والقاهرة ملتزمتان بحضور المنصات المختلفة، ولن يكون بمقدور أنقرة عرقلة ذلك». في المقابل، أشار إلى العلاقة مع واشنطن، وقال إن «الأميركيين وضعوا المكون الكردي في حالة من الإرباك والقلق بسبب سلوكهم المتخبط لجهة قرار الانسحاب الذي يترافق مع تحركات غير متسقة. كما أن العلاقة الأميركية التركية تضفي مزيداً من التعقيد والإرباك، لذلك فمن الطبيعي أن تكون الإدارة الذاتية في وضع البحث عن خيارات متنوعة».

هذا وقد سارعت أنقرة إلى توجيه انتقاد لموسكو بسبب استقبال وفد «مجلس سوريا الديمقراطية» على مستوى بارز، وأكدت أن هذا الموضوع سيكون حاضراً خلال محادثات وفد تركي يزور موسكو.