|
|
Date: Sep 1, 2020 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
أديب أمام تحدي تشكيل حكومة لبنانية إصلاحية سريعاً بعد تسميته بأغلبية 90 نائباً |
أسبوع لاختبار نيات القوى السياسية اللبنانية في تشكيل الحكومة الجديدة |
بيروت: «الشرق الأوسط»
كلف الرئيس اللبناني ميشال عون أمس (الاثنين)، السفير مصطفى أديب بتشكيل الحكومة العتيدة بعد أن نال 90 صوتا من أصوات النواب في الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها عون أمس، وسط تحدي تأليف الحكومة بسرعة، تحاكي مطالب المجتمع الدولي وتنفذ الإصلاحات المطلوبة من لبنان لإنقاذ البلاد من أزماتها.
ووصل أديب إلى القصر الجمهوري في ختام استشارات نيابية ملزمة أجراها الرئيس اللبناني ميشال عون لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، وبعد أن أبلغ عون رئيس مجلس النواب نبيه بري بحصيلة الاستشارات، تم استدعاء أديب إلى القصر، وفق ما يفرضه الدستور.
وفيما اكتفى بري بالقول: «عقبال الحكومة في أسرع وقت»، وهو يغادر القصر الجمهوري، أكد الرئيس المكلف أديب أن «لا وقت للكلام والوعود والتمنيات، بل للعمل بكل قوة بتعاون الجميع من أجل تعافي وطننا واستعادة شعبنا الأمل بغد أفضل، لأن القلق كبير لدى جميع اللبنانيين على الحاضر والمستقبل». كما أكد «العمل لاختيار فريق عمل وزاري متجانس من أصحاب الكفاءة والاختصاص وننطلق سريعا بالتعاون مع المجلس النيابي الكريم، في إجراء الإصلاحات الأساسية وبسرعة».
وحاز أديب على أغلبية الـ90 صوتا من أصل 121 نائبا في البرلمان (بعد استقالة 7 نواب إثر انفجار مرفأ بيروت)، وذلك بموجب تسوية سياسية بين الأفرقاء، دفع باتجاهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي وصل إلى بيروت مساء أمس للمشاركة في احتفالات مئوية إعلان لبنان الكبير في العاصمة اللبنانية. وقالت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» أن التسوية لا تقتصر على تكليف رئيس للحكومة، بل تشمل إسراعا في تأليفها وتنفيذ الإصلاحات.
وفي مؤشر على الإسراع في تشكيل الحكومة، بدأ أديب أمس الجولة البروتوكولية على رؤساء الحكومات السابقين، واستهلها بالرئيس الأسبق نجيب ميقاتي، ثم زار رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، تلتها زيارة الرئيس تمام سلام، قبل أن ينتقل عصرا إلى منزل الرئيس الأسبق سليم الحص، على أن يزور الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس حسان دياب.
وتبدأ غدا الأربعاء استشارات التأليف في مقر رئاسة مجلس النواب «عين التينة»، بسبب الأضرار التي لحقت بمجلس النواب جراء انفجار مرفأ بيروت، ويلتقي خلالها الرؤساء بري وميقاتي والحريري وسلام ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، تليها لقاءات مع الكتل النيابية والنواب المستقلين.
وانطلقت الاستشارات النيابية صباح أمس، قبل أن تنتهي ظهرا. وصوّت رؤساء الحكومات السابقون وكتلتا «المستقبل» و«الوسط المستقل» لصالح أديب، كما سماه نواب «تكتل لبنان القوي» (التيار الوطني الحر) و«التنمية والتحرير» (حركة أمل) «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) و«اللقاء الديمقراطي» (الحزب التقدمي الاشتراكي) و«القومي الاجتماعي» و«التكتل الوطني» (تيار المردة) ونواب آخرون، فيما حاز السفير نواف سلام على 15 صوتا بعد تسميته من قبل كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية)، بينما كسبت الوزيرة السابقة ريا الحسن صوتا، وأعطي صوت للفضل شلق بموازاة خروج 8 نواب من دون تسمية أحد.
وخلال الاستشارات، دعا ميقاتي إلى «أن نكون يدا واحدة وقد اخترت مصطفى أديب لكي يكون جزءا من عملية الإنقاذ»، فيما شدد الحريري على أنه «يجب أن يكون هدفنا جميعا إعادة إعمار بيروت وتحقيق الإصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد لنكسب دعم المجتمع الدولي ونسيطر على الانهيار». ولفت إلى أنه «لتحقيق هذه الأهداف على الحكومة أن تتشكل من أشخاص معروفين بالكفاءة والنزاهة والاختصاص، ويجب أن تتشكل بسرعة مع صياغة البيان الوزاري بسرعة». وقال: «يجب القيام بالإصلاحات لاستعادة ثقة الخارج، وكلنا نعلم الظروف التي أوصلت البلد إلى هذا الوضع».
ورأى النائب تمام سلام أن «حمل الرئيس المكلف سيكون ثقيلا وسندعمه وعلى المسؤولين أن يدركوا أنها الفرصة الأخيرة للبنان واللبنانيين أن ينقذوا وطنهم انطلاقا من تفاهمهم وبدعم دولي وعربي».
وأعلن نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أنه «تريّث وتحفّظ ووضع ورقة بيضاء في يد رئيس الجمهورية فيما خصّ تسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة». وأضاف من قصر بعبدا «لا أستطيع في أيّام المحنة التي نعيشها أن أرى مِن طرح اسم مصطفى أديب أمرا إيجابيا مع احترامي الشديد له، وكلّ هذه التسميات هدفها الدوران حول حكومة سياسية أو تكنو - سياسية»، معتبرا أنه لا يستطيع أن يركن لأمر غير معروف وأن يراهن على مستقبل عمل شخص لا يعرفه ليكسب الثقة المرجوّة من قِبله.
ودعا رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد «الجميع إلى تعاون إيجابي لما فيه مصلحة لبنان وخدمة الأولويات وفي طليعتها تحقيق الإصلاحات وإعمار بيروت والنهوض الاقتصادي».
في غضون ذلك، قال رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط: «نحن كلقاء ديمقراطي وكحزب تقدمي اشتراكي، مطالبنا كبيرة وطموحاتنا كبيرة. أولا الانتخابات النيابية المبكرة، وقانون انتخابات غير طائفي، ونطالب ونحلم بدولة مدنية، وحتى تحقيق ذلك نطلب من الحكومة أن تحافظ على ما تبقى من اتفاق الطائف، ونتمنى منها أن تركز على الإصلاحات، لأن الشعب اللبناني يموت جوعا، ومن أجل الشباب اللبناني الذي يهاجر لتأمين مستقبله في الخارج». وأعلن عدم المشاركة بالحكومة، نافيا حصول أي ضغوط بشأن التسمية.
وأكدت كتلة «الجمهورية القوية» التي سمت نواف سلام «أننا لن نقبل بتسويات لا داخلية ولا خارجية على حساب لبنان»، فيما قال النائب شامل روكز إن «تأليف الحكومة يجب أن يقوم على أشخاص مستقلّين لأنّ ليس لدينا ترف الوقت ولدى مصطفى أديب فرصة كبيرة ليكون رئيس حكومة لأنّه نال ثقة سياسيّة ولكنّ الأهم هي الثقة الشعبية».
وتحدث النائب جبران باسيل باسم تكتل لبنان القوي، فقال: «سمينا مصطفى أديب نزولا عند خيار القوة السياسية الأكثر تمثيلا لموقع رئاسة الحكومة، وثانيا هو من أصحاب الاختصاص والخبرة بالعمل الحكومي، وثالثا أنه لديه القدرة على التواصل مع المجتمع الدولي واللبنانيين». وجدد المطالبة بتشكيل «حكومة منتجة وفاعلة وإصلاحية». وتابع: «علينا تقديم التزام للمجتمع الدولي الذي نطلب مساعدته، ولو كان توقيعا، ونحن نلتزم تسهيل تشكيل الحكومة بسرعة وسنبدي المرونة اللازمة لذلك ويبقى الأهم أن تكتلنا سيكون الجهة الدافئة لتسهيل تشكيل الحكومة وأول مهامها إعادة إعمار بيروت ومواكبة المنكوبين في بيروت».
أسبوع لاختبار نيات القوى السياسية اللبنانية في تشكيل الحكومة الجديدة
بيروت: محمد شقير
قالت مصادر سياسية لبنانية واسعة الاطلاع، إنه من السابق لأوانه إصدار الأحكام المسبقة أكانت سلبية أو إيجابية، على تكليف الدكتور مصطفى أديب تشكيل الحكومة الجديدة، وإن هناك ضرورة للتريّث إلى حين تشكيلها، ومن ثم التأكّد من ردود الفعل العربية والدولية للوقوف على مدى استعدادها لتوفير الدعم لها وما إذا كانت تسميته مشغولة من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (وصل مساء أمس الاثنين إلى بيروت) الذي أشرف شخصيا وقبل أيام من وصوله ليل أمس إلى بيروت على تأمين التأييد له، خصوصا أن تكليفه يسبق مجيء مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر غدا الأربعاء في زيارة هي الثانية له للبنان.
ولفتت المصادر السياسية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن حصول أديب على ما يشبه الإجماع في تسميته من النواب يفترض الانتظار للتأكد ما إذا كانت ولادة الحكومة ستتم بسرعة، وفي غضون نحو أسبوع أم أنها ستخضع إلى ابتزاز مرده إلى الخلاف على توزيع الحقائب، مع أن التوجّه لدى معظم الذين رشّحوه لتولي رئاسة الحكومة يضغط باتجاه تشكيل حكومة من اختصاصيين تكون على قياس التحدّيات التي ترمي بثقلها على كاهل البلد وأبرزها إعادة إعمار بيروت ووقف الانهيار المالي والاقتصادي.
ورأت أن النواب سيخضعون لاختبار للنيّات فور فتح ملف تشكيل الحكومة للتأكد مما إذا كان ترشيحهم لأديب ينمّ عن قناعة، أم أنهم رأوا بأن هناك ضرورة للاستجابة لرغبة ماكرون، وبالتالي لا مفر أمامهم سوى القيام بواجباتهم مراعاة له. واعتبرت أن التزامن بين زيارة ماكرون لبيروت ومجيء شينكر سيكون بمثابة مؤشر لاختبار مدى التطابق بين باريس وواشنطن لوضع حد لكل ما تردد بأن الأخيرة أعطت لماكرون نصف ضوء أخضر لاختبار مدى قدرته على وقف تدحرج لبنان إلى الهاوية، خصوصا أنه يتعامل مع عامل الوقت على أنه هدر للفرص سيؤدي إلى زوال لبنان. ورأت هذه المصادر أن تسمية أديب بدعم من رؤساء الحكومات السابقين وبتدخّل مباشر من ماكرون سيضع هؤلاء الرؤساء أمام مسؤوليتهم في توفير الدعم لها ولم يعد في مقدورهم كما في السابق التذرّع بأن تسمية رئيس الحكومة من «صلاحية» «حزب الله» وحليفه «التيار الوطني الحر».
وبكلام آخر، فإن دعم الرؤساء لأديب وفّر له أوسع تمثيل للطائفة السنّية بخلاف سلفه الرئيس حسان دياب الذي أُقيل في شارعه قبل أن يستقيل دستوريا، وبالتالي فإن مجرد تعثّره سيرتدّ سلبا عليهم. لذلك، فإن أديب لن يكون - كما يقول أحد رؤساء الحكومات السابقين لـ«الشرق الأوسط» - حسان دياب آخر وهو يرفض تشكيل حكومة تكنوقراط تؤتي بوزراء يكونون بمثابة نسخة طبق الأصل عن أسلافهم بل سيتم اختيارهم من أهل الاختصاص ولديهم خبرة في الحقلين العام والخاص.
ويضيف أن مشكلة دياب في اختيار الوزراء تكمن في أنه استعان بوزراء من التكنوقراط اضطر معظمهم للاستعانة بخبراء وهذا ما أفقدهم القدرة على إدارة شؤون وزاراتهم التي أصبحت في عهدة الخبراء الذين تصرّفوا على أنهم وزراء أصيلون، ويؤكد أن الوزراء في الحكومة الجديدة لن يكونوا من الأطقم السياسية بل من طينة رئيسهم.
- المهمة الأولى
وعليه، فإن المهمة الأولى للحكومة الجديدة تكمن في وقف التدهور المالي والاقتصادي وفي إعداد برنامج إصلاحي يُفترض أن يتم التفاهم عليه بالتلازم مع اختيار الوزراء وأن تُعطى الأولوية لإعادة إعمار بيروت وإنجاح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات مالية لدعم خطة التعافي المالي.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن السرعة مطلوبة للعبور بالتشكيلة الوزارية وفي غضون أسبوع أو ما يزيد إلى بر الأمان وهذا يعني أنه لا مجال لابتزاز الرئيس المكلّف أو إقحامه في بازار التوزير وسيكون له الرد المناسب في حال أنه اكتشف بالملموس بأن هناك من يعيق ولادة الحكومة. وعزت السبب إلى أن هناك ضرورة لمعاودة المفاوضات مع صندوق النقد بعد أن أوصلتها حكومة دياب إلى حائط مسدود على أن يتم التفاهم على الورقة الإصلاحية التي ستُدرج في صلب البيان الوزاري، وقالت إن مجرد تجاوب الصندوق مع طلبات الحكومة يقود حتما إلى اكتشاف الموقف الأميركي على حقيقته والتدقيق فيه.
كما أن المصادر تدعو لمراقبة رد فعل الدول العربية، خصوصا تلك القادرة على مساعدة لبنان للتأكد من مدى استعدادها للتعامل إيجابا مع الحكومة بعد أن أحجمت عن التواصل مع حكومة دياب التي أمعنت في توتير العلاقات اللبنانية - العربية بدلا من أن تبادر إلى تصويبها على قاعدة التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس وانسحابه تدريجيا من محور الممانعة بقيادة إيران. |
|