Date: Aug 29, 2020
Source: جريدة النهار اللبنانية
"جماعة بلا رأس"... كيف يؤثر اعتقال محمود عزت في مستقبل "الإخوان"؟
القاهرة-ياسر خليل
أعلنت وزارة الداخلية المصرية القبض على محمود عزت (76 سنة) القائم بأعمال المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين" في مصر، بعد قرابة 7 أعوام من إطاحة الجماعة من سدة الحكم، والقبض على معظم قيادات الصف الأول في التنظيم الذي تصنفه القاهرة جماعة إرهابية، ومحاكمتهم، وكذلك بعد تردد إشاعات عن هروبه إلى قطاع غزة أو إلى تركيا.

وبينما تتباين التفسيرات حول توقيت وأسباب اعتقاله، تبرز تساؤلات منطقية حول تأثير القبض على الرجل الذي يصفه محللون بأنه "المرشد الحقيقي" للجماعة و"صقر التنظيم"؟ وكذلك تطرح علامات استفهام حول الشخصية المرشحة لتحل مكان شخص كان يمسك بكافة خيوط التنظيم بين أنامله، ويعلم كافة أسراره ويتحكم في أمواله.

وفيما يرجع بعض المتخصصين في حركات الإسلام السياسي، بقاء عزت لما يناهز 7 أعوام خارج أسوار السجن، إلى كونه محترفاً للعمل السري منذ انضمامه لـ"الإخوان"، يرى البعض الآخر أن أجهزة الأمن المصرية أبقته طليقاً، بهدف التحكم الكامل في التنظيم، والاطلاع على كافة تحركاته وخططه محلياً ودولياً.

"تنظيم بلا رأس"

ويقول الخبير في حركات الإسلام السياسي والإرهاب الدولي منير أديب لـ"النهار العربي": "هناك تأثير كبير على التنظيم، نتيجة غياب عزت، فالجماعة الآن باتت من دون قيادة حقيقية، ولا يوجد فيها من يستطيع اتخاذ قرارات مصيرية، خصوصاً أن التنظيم يعاني انشقاقات كبيرة على كافة المستويات".

وأضاف أديب: "أن الجماعة تعاني ضغوطاً شديدة من قبل بعض قيادات الجماعة الموجودين في السجون المصرية، لأن ينزعوا نحو فكرة المصالحة مع النظام الحاكم، أو الهروب من المشهد السياسي حتى يخففوا من وطأة ما يحدث للتنظيم".

"من كان يفصل في كل تلك النزاعات والقرارات، هو القائم بأعمال المرشد" يقول الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، وأضاف: "مع اختفاء عزت فجأة عن المشهد، لا توجد صفة تنظيمية أخرى ولا يوجد شخص داخل أو خارج مصر، يستطيع حسم كل تلك الخلافات أو القرارات".

ويرى أديب "أن إبراهيم منير (نائب المرشد)، قد يقوم بتسيير أعمال التنظيم، لكن رغم ذلك لن يكون في مقدوره أن يحل مكانه بشكل عملي، أو يتخذ قرارات بالقوة نفسها التي كان يتخذها محمود عزت، وتالياً هذا سوف يحدث هزة تنظيمية قد تقود في نهاية المطاف إلى انهيار التنظيم بصورة كبيرة".

"شلل تام"

ويقول الباحث الأكاديمي المتخصص في الحركات الإسلامية عمرو عبدالمنعم لـ"النهار العربي": "إن غياب محمود عزت عن قيادة الإخوان سوف يحدث تأثيراً كبيراً جداً، قد يصل إلى شل حركة التنظيم، والخلايا النوعية، والتنظيم الخاص بشكل تام".

ويؤكد: "أن محمود عزت كان وراء معظم العمليات المسلحة التي تمت خلال الفترة الأخيرة، وهو الأب الروحي للتنظيم، إنهم يلقبونه داخل الجماعة بـ(بابا محمود)، لنا أن نتصور ماذا يحدث إذا سقط شخص كهذا".

وتوقع عبدالمنعم "أن عملية نقل الأوامر والقرارات واختيار الشخصيات القيادية داخل الجماعة سوف تنهار بصورة كبيرة أو كاملة، لأن عزت كان يمسك بيديه بالشخصيات المؤثرة في التنظيم، ومن ثم لا يمكن أن يتم ترشيح شخص لمنصب قيادي أو مهمة ذات تأثير، من دون أن تتم تزكيته من قبل محمود عزت بصورة مباشرة، أو من خلال إحدى الشخصيات الموجودة في الدائرة المقربة منه، ومن ثم أن خطوط الاتصال داخل الجماعة قطعت، وهذا أخطر ما في الأمر".

وأشار الى أن "الحركة المالية بكافة تفاصيلتها كانت بيد عزت ورجاله الموثوق بهم، والذين يتواصل معهم برسائل مشفرة، لذا من المتوقع أن يحدث خلل كبير في تمويل الجماعة. أضف إلى هذا أن التيار العالمي، والذي يقوده إبراهيم منير، سوف يتأثر بصورة كبيرة".

وإلى جانب تلك التأثيرات، يرى عبدالمنعم "أن قيادات التنظيم وقواعده سوف يحدث لها ضعف في الروح المعنوية، بعد القبض على هذا القيادي المهم، كما أن الجماعة في الخارج تعاني من انقسامات كبيرة للغاية، مما أدى إلى تكوين تيار جديد مناهض لكافة التيارات الحالية".

وفي شأن انتقال القيادة إلى شخصية أخرى في الجماعة، قال عبدالمنعم: "ليس من الوارد أن يتم نقل القيادة لأي من شباب الإخوان. جيل السبعينات حدثت له ضربات كبرى، ومن آثر السكوت منهم، عمل في صمت، حتى لا يوصم بأنه منشق أو موالٍ للنظام السياسي في مصر. ولنكن عمليين: هل تم اختيار مرشد جديد بعد سجن المرشد العام للجماعة محمد بديع؟ لا، ولكن من تولى القيادة هو محمود عزت، الذي كان هو المرشد الحقيقي وليس بديع".