| | Date: Aug 29, 2020 | Source: جريدة الشرق الأوسط | | خلاف بين رأسَي السلطة في تونس حول بعض الوزراء | تونس: المنجي السعيداني
كشفت قائمة أعضاء الحكومة التونسية المقترحة عن خلافات بين رأسَي السلطة التنفيذية، تضاف لها دعوة عدة قيادات سياسية لتعديل تركيبة الحكومة، نتيجة وجود شكوك حول استقلالية البعض منهم، وذلك قبل تمريرها إلى البرلمان لنيل الثقة. ففي يوم واحد، أعلن هشام المشيشي رئيس الحكومة المكلف صباحاً عن تخليه عن وليد الزيدي الوزير الكفيف المقترح لحقيبة وزارة الثقافة، بينما كان في المساء بقصر الرئاسة يتحادث مع قيس سعيد الذي أعرب عن دعمه لهذا الترشح، وأنه جدير بثقته لتولي هذه المسؤولية. وأكد سعيد أنها تجربة أولى في تونس ستؤكد أن وليد الزيدي (الوزير الكفيف) عنوان المثابرة والتحدي والجدارة لهذا المنصب.
وفي هذا الشأن، قال عبد اللطيف الحناشي المحلل السياسي التونسي، إن استقبال رئيس الدولة للزيدي يعد «ضرباً لهيبة الدولة ولمصداقية رئيس الحكومة»، في إشارة إلى إعلان المشيشي التخلي عن وليد الزيدي لتعففه عن تحمل المسؤولية، وتردده في خدمة تونس وتلبية نداء الواجب، واستقباله في اليوم نفسه من قبل الرئيس التونسي.
وفي السياق ذاته، قال سيد الفرجاني القيادي في حركة «النهضة»، إن الرئيس التونسي قيس سعيد «افترس الدولة مستغلاً غياب تركيز المحكمة الدستورية»، ودعا إلى دعم رئيس الحكومة المكلف، وحثه على تشكيل حكومة تضمن التوازن بين السلطات الثلاث، على حد تعبيره. وانتقد الفرجاني المبادرة السياسية التي قدمتها حركة «الشعب» بشأن الهدنة السياسية والتوافق على منح الحكومة الثقة، قائلاً إن المبادرة تهدف إلى إخراج حزبه من العزلة السياسية، والظهور في وضع من يسدي خدمة لرئيس الحكومة، مع الإبقاء على قيس سعيد متحكماً في الحكومة.
في غضون ذلك، واستعداداً لعقد جلسة منح الثقة لحكومة المشيشي في الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل، التقى راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي برئيس الحكومة المكلف، وتطرق اللقاء إلى الاضطراب الحاصل على مستوى قائمة أعضاء الحكومة المقترحة، بعد تسجيل عدم تطابق بين اسم وزير التجهيز المعلن من قبل المشيشي والاسم المرسل من قبل رئاسة الجمهورية.
كما تم التطرق خلال اللقاء إلى تراتيب جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة، وإلى الوضع العام بالبلاد، وأبرز المشاغل والأولويات المتصلة بالمرحلة المقبلة. وفي السياق ذاته، لوحت عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر» بعدم تزكية حكومة هشام المشيشي، نتيجة وجود اتهامات بعدم استقلالية بعض الوزراء، وانتمائهم لأطراف سياسية بعينها. وفي هذا الشأن، قالت في مؤتمر صحافي إن المكلف تشكيل الحكومة خيب الآمال، من خلال تشكيلة الحكومة التي أعلنها، داعية إياه إلى الإسراع بتغيير وزيري الداخلية والعدل المقترحين.
وأضافت أن المشيشي لم يكن وفياً للعهود التي قدمها لحزبها إثر لقاءين عقدهما معه. كما أبدت موسي ملاحظات بشأن تعيين الوزراء أحمد عظوم (وزير الشؤون الدينية) وعثمان الجرندي (وزير الخارجية) ومحمد الفاضل كريم (وزير تكنولوجيات الاتصال) بسبب مشاركتهمم من وزراء سابقين لحركة «النهضة».
وأكدت أن لحزبها اعتراضاً على وزير الداخلية المقترح توفيق شرف الدين، بسبب قرابة عائلية مع أحد المتهمين بالإرهاب، وضد وزير العدل القاضي محمد بوستة، الذي قالت إنه «ليس من الكفاءات القضائية»؛ متسائلة عن سبب إبعاد وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال. وذكَّرت بفحوى لقاءاتها مع المشيشي، ومطالبتها بتكوين أقطاب وزارية وإبعاد أي مرشح قريب من حزب «النهضة» وكتلة «ائتلاف الكرامة» في البرلمان، كشرط لمنح الثقة للحكومة.
تشكيك في استقلالية بعض أعضاء حكومة المشيشي
الخميس 27 أغسطس 2020
في انتظار الجلسة البرلمانية التي ستعقد في الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل لمنح الثقة لحكومة هشام المشيشي، شكك عدد من عناصر الأحزاب السياسية التونسية في استقلالية بعض أعضاء الحكومة الجديدة، وأشاروا إلى أن بعضهم كان منتمياً لقوى سياسية بعينها.
وأشار هؤلاء إلى أن علي الكعلي الذي عُين وزيراً للاقتصاد والمالية الذي عمل في مؤسسات مالية بكل من اليابان وسنغافورة وفرنسا والأردن، استقال في السابق من حزب «آفاق تونس» الليبرالي الذي يتزعمه ياسين إبراهيم، كما أن علي الحفصي الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع مجلس النواب قد استقال بدوره من حركة «نداء تونس» التي أسسها الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي، أما توفيق شرف الدين المرشح لوزارة الداخلية التونسية، فقد تردد أنه شارك في الحملة الانتخابية للرئيس التونسي قيس سعيد، وكلف بإدارة الحملة في ولاية سوسة (وسط شرقي تونس).
كما أثار بعض السياسيين عدم استقلالية محمد الطرابلسي وزير الشؤون الاجتماعية الذي عاد إلى الحقيبة الوزارية نفسها، وأكدوا أنه من القيادات النقابية السابقة في الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) غير أن نور الدين الطبوبي رئيس الاتحاد قال إن رئيس الحكومة المكلف هو الذي اختار فريقه الحكومي، وهو من سيتحمل مسؤولية اختياراته على حد تعبيره.
وفي السياق، أشارت مصادر قضائية وحقوقية إلى أن وزير العدل المعين، محمد بوستة، قريب من حركة «النهضة». وفي هذا الشأن، كشف عدد من قيادات حركة «النهضة» عن آرائهم حول التركيبة الحكومية الجديدة، بالقول إنها «ضعيفة ودون تجربة سياسية، وإنها تتضمن أعضاء غير مستقلين».
ومن المنتظر أن يحسم مجلس شورى الحركة الموقف النهائي للحزب، في ظل تباين التصريحات بينهم. فالقيادي أسامة الصغير قال إن الموقف الحالي داخل هياكل «النهضة» هو أن هذه الحكومة لن تمر، وأن نواب «النهضة» سيصوتون ضدها، بينما اعتبر نور الدين البحيري رئيس الكتلة البرلمانية لحركة «النهضة» أن الكلمة النهائية لمجلس الشورى، وأن الحزب بصدد تكوين تحالف برلماني لا يقل عدده عن 120 نائباً، (من 217 نائباً في البرلمان)، ما يعني عملياً رفض البرلمان لحكومة هشام المشيشي التي تحتاج لـ109 أصوات، لتنال الثقة.
وفي قراءة لحكومة هشام المشيشي المعلن عنها ليل الثلاثاء الماضي، قال ناجي العباسي المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة حافظت على أربعة أسماء من حكومة إلياس الفخفاخ، وهم: أحمد عظوم وزير الشؤون الدينية، ومحمد الفاضل كريم وزير تكنولوجيات الاتصال، وعلي الحفصي الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع مجلس النواب، وثريا الجريبي التي انتقلت من وزارة العدل إلى وزيرة لدى رئيس الحكومة، مكلفة بالعلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني.
وكشف العباسي أن الحكومة تتضمن 10 أسماء مختصة في مجالي الحقوق والقضاء، مقترحة لوزارات السيادة (الداخلية والدفاع والعدل)، وهو تقريباً اختصاص الرئيس التونسي نفسه (مختص في القانون الدستوري).
وتبقى حكومة المشيشي مطالبة بترتيب أولوياتها، من خلال تنفيذ عدد من الإصلاحات الاقتصادية الكبرى واتخاذ كل الإجراءات الضرورية الكفيلة بدفع التنمية في الجهات المختلفة، ومساندة كل القطاعات الاقتصادية، خصوصاً الهشة منها، وإصلاح قانون الصرف، والتصدي للاقتصاد الموازي، وإدماج ما يمكن إدماجه منه في القطاع المنظم، ومعالجة معضلة اختلال المالية العمومية، وتفاقم المديونية، وعجز الصناديق الاجتماعية والمؤسسات العمومية. | |
|