Date: Aug 29, 2020
Source: جريدة الشرق الأوسط
اشتباكات بين قوات النظام وفصائل المعارضة بريف إدلب
موسكو تستعد لإرسال منظومات جديدة للدفاع الجوي إلى سوريا
أنقرة: سعيد عبد الرازق
نفذت قوات النظام السوري قصفاً صاروخياً مكثفاً، أمس، على مناطق بجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، في وقت جددت تركيا عزمها الحفاظ على وقف إطلاق النار في إدلب ومنطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا على رغم ما تصفه بـ«انتهاكات» النظام السوري للهدنة.

وبحث المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، خلال لقائهما في إسطنبول أمس (الجمعة)، تطورات الأزمة السورية والقضايا الإقليمية.

وتناول المسؤولان التركي والأميركي الأزمة السورية من مختلف جوانبها، في المقدمة الوضع الراهن في إدلب والعملية السياسية وأعمال اللجنة الدستورية ومكافحة الإرهاب وقضية اللاجئين. وأفيد بأنه تم الاتفاق في الاجتماع على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة لتسريع عمل اللجنة الدستورية، وتأسيس بيئة لانتخابات حرة وعادلة، وضمان العودة الطوعية والآمنة للاجئين، في مواجهة محاولات النظام «تقويض» العملية السياسية.

كما تم التأكيد على عدم قبول جميع أشكال الدعم «للمنظمات الإرهابية»، حسب ما قالت أنقرة. وأكد كالين، في هذا الإطار، ضرورة العمل المشترك بين الجانبين التركي والأميركي ضد «كل التنظيمات الإرهابية»، بما في ذلك «داعش» و«حزب العمال الكردستاني»، إضافة إلى «الحزب الديمقراطي الكردستاني» في سوريا وذراعه العسكرية «وحدات حماية الشعب». وتعتبر تركيا هذين التنظيمين «إرهابيين»، على خلاف الولايات المتحدة.

ووصل جيفري إلى أنقرة، الأربعاء، لإجراء مباحثات مع عدد من المسؤولين الأتراك حول الملف السوري.

وأكدت الأمم المتحدة أن اتفاق وقف النار الأخير في إدلب السورية، الذي تم التوصل إليه بين تركيا وروسيا في موسكو في 5 مارس (آذار) الماضي، «صامد إلى حد كبير»، لكنه لن يبدو كذلك بالنسبة للمدنيين.

وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية راميش راجا سينغهام، خلال جلسة مجلس الأمن عبر «الفيديو كونفرنس»، مساء أول من أمس، حول الأوضاع الإنسانية في سوريا، إن «وقف إطلاق النار في شمال غربي سوريا صامد إلى حد كبير، لكنه لن يبدو كذلك بالنسبة للمدنيين في مناطق الخطوط الأمامية». وأضاف أن «الأعمال القتالية تصاعدت في يوليو (تموز) الماضي وأغسطس (آب) الحالي، مع زيادة مستويات القصف التي أفادت عنها مصادر محلية بمناطق الخط الأمامي في جنوب إدلب وشمال اللاذقية وشمال حماة وغرب حلب».

وطالب سينغهام، جميع أطراف النزاع المسلح في شمال غربي سوريا، بتوخي الحذر المستمر لتجنب استهداف المدنيين، مشيراً إلى عوائق الوصول الإنساني إلى المنطقة. ورأى أن قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2533 أسفر عن «استجابة إنسانية أكثر تكلفة وأعلى خطورة وأقل توقيتاً وفعالية».

والقرار 2533 الذي تبناه مجلس الأمن، الشهر الماضي، جعل آلية المساعدات الأممية الواصلة إلى سوريا مقتصرة على معبر واحد فقط بين تركيا وسوريا هو باب الهوى بدلاً من اثنين.

وأشار إلى إرسال أول قافلة إنسانية إلى ريف حلب الشمالي عبر المعبر في 28 يوليو الماضي، إلا أن إيصالها استغرق 11 يوماً، نتيجة التأخير وعدم السماح بمرورها وسوء حالة الطرق.

ميدانياً، نفذت قوات النظام قصفاً صاروخياً مكثفاً، أمس، على كنصفرة والفطيرة ومناطق أُخرى في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، تزامناً مع تحليق مكثف لطيران الاستطلاع الروسي في أجواء المنطقة.

كانت فصائل «الجبهة الوطنية» استهدفت براجمات الصواريخ تمركز قوات النظام والمسلحين الموالين لها في قرية معردبسة بريف إدلب الشرقي، أول من أمس.

كما دارت، أمس، اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة على محاور الرويحة وبينين وحرش بينين في ريف معرة النعمان. واستهدفت فصائل المعارضة تمركزات قوات النظام في محاور جبل الأكراد شمال اللاذقية.

على صعيد آخر، انفجرت، أمس، عبوة ناسفة وُضعت في سيارة فان، قرب «مسجد فاطمة» في مدينة الباب الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة السورية الموالية لها، فيما يعرف بمناطق عملية «درع الفرات»، ما تسبب في إصابة اثنين من المارة.

مساعٍ لتنشيط آليات التنسيق الروسية ـ الأميركية لمنع الاحتكاك
موسكو تستعد لإرسال منظومات جديدة للدفاع الجوي إلى سوريا

موسكو: رائد جبر
نشَّطت القنوات العسكرية الروسية والأميركية اتصالاتها، بعد مرور أيام على وقوع أسوأ احتكاك بين قوات الطرفين في أقصى شمال شرقي سوريا، ما أسفر عن إصابة عدد من الجنود الأميركيين بجروح.

وكانت مدرعات تابعة للشرطة العسكرية الروسية ترافقها مروحيات، قد أحبطت محاولة عربات مصفحة أميركية إعاقة حركة دورية روسية، في ريف مدينة المالكية، وقامت إحدى المدرعات بصدم سيارة أميركية مصفحة اعترضت طريق الدورية، ما أدى إلى إصابة عدد من العسكريين الأميركيين، ودفع واشنطن إلى توجيه اتهامات ضد موسكو بانتهاك آليات التنسيق المتفق عليها منذ عام 2015، لتجنب الاحتكاكات أثناء تحركات العسكريين من البلدين في سوريا.

وبدا أن الطرفين اتفقا خلال اتصال هاتفي لرئيسي الأركان مباشرة بعد الحادث على محاصرة الأزمة. وعلى الرغم من تواصل لهجة البيانات التصعيدية التي حملت اتهامات متبادلة، فإن مصدراً روسياً أبلغ «الشرق الأوسط» بأن الطرفين نشَّطا الاتصالات على مستوى القنوات العسكرية، بهدف «العودة إلى الالتزام الدقيق بالبروتوكولات المبرمة لمنع الاحتكاكات».

وأشار المصدر إلى أن موسكو ستواصل تسيير دورياتها في المناطق المتفق عليها، وأنها أبلغت الجانب الأميركي بخط سير دوريتها، مضيفاً أن هدف الاتصالات الجارية تجنب التصعيد وتعزيز التنسيق في المستقبل.

اللافت أنه في مقابل هذا التوجه، والتأكيد على أن «الحادث لم يكن مقصوداً، ولن يسفر عن تداعيات جدية»، ركزت وسائل الإعلام الحكومية الروسية على أن القوات الروسية «نجحت في إيصال رسالة واضحة للجانب الأميركي، لتجنب المحاولات المتكررة لاعتراض الدوريات الروسية».

وأشارت وسائل إعلام إلى أن العام الأخير شهد وقوع حوادث مشابهة بين العسكريين الروس والأميركيين، وإلى أن موسكو حذرت في وقت سابق من أنها لن تسمح بعرقلة عمل دورياتها في المناطق التي تشهد تسييراً للدوريات الروسية أو للدوريات الروسية - التركية المشتركة، وفقاً للاتفاقات الموقعة بين موسكو وأنقرة.

وفي بداية العام، ظهر على شبكة الإنترنت مقطع فيديو لحادث طريق بين عسكريين روس وأميركيين في سوريا. كما نُشر مقطع فيديو من محافظة الحسكة السورية، تظهر فيه وحدة من القوات المسلحة الأميركية، عندما قطعت طريق رتل عسكري روسي متجه إلى بلدة عامودا. كما سبق أن منع الأميركيون جنرالاً روسياً من دخول منبج.

ورأى خبراء روس أن تكرار الحوادث دل على أن واشنطن تتعمد القيام باستفزازات «لا تتعارض مع القانون الدولي فحسب؛ بل وتتعارض أيضاً مع النيات المعلنة للرئيس دونالد ترمب بتقليص وجود القوات المسلحة الأميركية في الشرق الأوسط».

ولفت الخبير أليكسي ليونكوف إلى أن «تحركات واشنطن باتت تهدف بشكل واضح إلى عرقلة جهود موسكو في تعزيز نظام وقف النار، كما تعرقل جدياً مساعي موسكو لتنشيط عمليات المصالحات المحلية في عدد من المدن، وفتح قنوات الحوار بين الأطراف السورية في المناطق الخاضعة لسيطرة واشنطن والحكومة السورية». وأشار ليونكوف إلى أن العسكريين الروس، خلال الحادث الذي وقع شمال شرقي سوريا: «لم يقطعوا الطريق على القوة الأميركية، كما زعمت واشنطن، إنما فتحوا الطريق والمسار الذي كان الأميركيون يحاولون إعاقة الحركة فيه». وزاد أن موسكو «لقنت الأميركيين درساً حتى لا يتدخلوا في حركة دورياتنا بعد الآن».

وكانت موسكو قد أكدت أن «الحركة على طول الطرق في سوريا يتم الاتفاق عليها مسبقاً بين جميع الأطراف المعنية؛ لأن أي تغيير أو انحراف عن المسار يمكن أن يؤدي إلى وقوع حوادث. لذلك، تصرف العسكريون الروس بما يتفق بدقة مع التعليمات الواردة، بينما يقوم الأميركيون باستفزازات صريحة».

في غضون ذلك، بات معلوماً، أمس، أن وفداً من «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) وصل إلى موسكو لإجراء محادثات حول تطورات الوضع في مناطق شرق سوريا. وترأست الوفد إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة لـ«مسد»، وينتظر أن يجري يوم الاثنين جولة محادثات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف. ولم تعلن الخارجية الروسية بشكل مسبق أي معطيات عن هذه الزيارة؛ لكن موسكو كانت قد أشارت أكثر من مرة أخيراً إلى أنها تراقب تحركات واشنطن الهادفة إلى «قطع الطريق على فتح قنوات الحوار مع السلطات السورية، وإنشاء هياكل بديلة للدولة في المناطق التي تسيطر عليها الولايات المتحدة».

على صعيد آخر، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أن بلاده تجهز لإرسال منظومات جديدة للدفاع الجوي، متخصصة في تعقب حركة الطائرات المسيرة من دون طيار إلى سوريا. وقال خلال زيارة أمس إلى المنتدى العسكري الفني الدولي «الجيش - 2020»، إنه سيتم تزويد القوات الجوية في قاعدة حميميم بنظام «سابسان كونفوي» المتنقل الجديد الخاص بالتصدي للطائرات من دون طيار، إلى سوريا، بعد نجاح اختباره خلال مناورات «قوقاز - 2020».

وأوعز شويغو، خلال تجوله في معرض جرى تنظيمه على هامش المنتدى، باختبار عينات من المعدات والأسلحة في الظروف القتالية في سوريا.

وقال الوزير، خلال مروره أمام نظام «سابسان كونفوي»: «هناك ضرورة لتطوير مثل هذه الوسائل. إذا كان هذا المجمع جاهزاً للاختبار، فلنختبره خلال تمرينات القيادة والأركان الاستراتيجية (قوقاز – 2020)، وإذا أظهر نتائج إيجابية، فسنرسله إلى سوريا».

وتكمن مهمة النظام الجديد في مواجهة الطائرات من دون طيار، من خلال الكشف عن قنوات استقبال إشارات الأقمار الصناعية والتشويش عليها. علماً بأن مناورات «قوقاز - 2020» ستجري خلال الشهر المقبل.