Date: Jul 31, 2020
Source: جريدة الشرق الأوسط
تونس: الغنوشي ينجو من «سحب الثقة»... والمعارضة تتعهد إطاحته
تونس: كمال بن يونس
نجا راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي وزعيم حزب «النهضة» الإسلامي، أمس، من تصويت لسحب الثقة منه، بعد أن فشل النواب المعارضون له في تجميع الأصوات الكافية لذلك؛ لكن فوزه بفارق ضئيل سيعزز الانقسامات السياسية في البلاد, فيما تعهدت المعارضة بمواصلة جهودها للاطاحة به.

وبينما كانت المعارضة تحتاج لـ109 أصوات لسحب الثقة، فقد حصلت على 97 صوتاً فقط. وشارك في التصويت 133 نائباً، وتغيب 84 نائباً عن الجلسة العامة، بينهم الغنوشي ونائبته الأولى سميرة الشواشي، القيادية في حزب «قلب تونس» الذي يتزعمه رجل الأعمال والإعلام نبيل القروي، منافس الرئيس قيس سعيد في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الماضية، والذي أصبح حليفاً لـ«النهضة» بعد أن تزعم حملة معارضتها.

وجرى التصويت بعد جلسة صاخبة، بثتها وسائل الإعلام التونسية مباشرة، وتبادل فيها نواب من مختلف الكتل السياسية اتهامات قوية، وحمَّل بعضهم مسؤولية تعثر السير العادي لعمل البرلمان ولجانه للغنوشي وحزب «النهضة»، والأطراف المتحالفة معه؛ خصوصاً «قلب تونس» وكتلتي ائتلاف «الكرامة والمستقبل».

بينما حمل البعض الآخر مسؤولية تعثر البرلمان لـ«الحزب الدستوري الحر» وزعيمته عبير موسي وحلفائها في معركة الإطاحة براشد الغنوشي، وخصوصاً أحزاب: «التيار الديمقراطي»، بزعامة الوزير محمد عبو، و«الشعب» بزعامة زهير المغزاوي، و«تحيا تونس» بزعامة رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد.

وترأس جلسة أمس النائب الثاني لرئيس البرلمان، طارق الفتيتي، الذي وقع على عريضة المطالبة بعقد جلسة عامة لسحب الثقة من الغنوشي، والذي أكد أن المنتصر في جلسة أمس «هي الديمقراطية التونسية، وخيار حسم الخلافات بين التونسيين بالطرق السياسية، وعبر صناديق الاقتراع، وليس العنف». وبإعلان نتيجة أمس، توقفت مؤقتاً المعركة التي بدأت منذ أشهر لإقالة الغنوشي، على اعتبار أن البرلمان سيدخل في عطلة لمدة شهرين، قد تتخللها جلسة عامة للمصادقة على الحكومة الجديدة التي كلف وزير الداخلية هشام المشيشي بتشكيلها من قبل الرئيس قيس سعيد، والتي يجب أن تفوز بمصادقة البرلمان قبل يوم 26 أغسطس (آب). وبعد الإعلان عن نتيجة التصويت على لائحة سحب الثقة من الغنوشي، اتهم ممثلون عن المعارضة بعض الأطراف السياسية والنواب بـ«الخيانة»؛ لأنهم تغيبوا عن الجلسة العامة، أو صوتوا ضدها، أو تعمدوا أن تكون ورقتهم «ملغاة»، مشيرين إلى أن بعض السياسيين، في إشارة إلى حزب «قلب تونس»: «خانوا النواب عندما لم يلتزموا بالتصويت بالسحب، أو تراجعوا عن ذلك في اللحظات الأخيرة».

واعتبر هشام العجبوني، رئيس «الكتلة الديمقراطية» في البرلمان (تضم 40 نائباً من حزبي «التيار» و«الشعب»)، أن الغنوشي «خسر شرعيته في رئاسة المجلس».

في المقابل، قال مصطفى بن أحمد، رئيس كتلة حزب «تحيا تونس»، إنه سبقت جلسة سحب الثقة من الغنوشي ادعاءات وصفها بالجائرة، مشدداً على أن النواب «عبَّروا عن مواقفهم بكل حرية، مشيراً إلى أن 97 نائباً أكدوا اليوم أن الغنوشي «لم يعد قادراً على تسيير البرلمان».

وأضاف بن أحمد مبيناً أن تصويت النواب أمس بيَّن أن «شرعية الغنوشي مُست بشكل كبير، وأنه فقد الصفات المطلوبة لتقلد هذا المنصب».

وأوضح بن أحمد في ندوة صحافية مشتركة مع بقية الكتل المساندة للائحة سحب الثقة، أن هناك 20 ورقة ملغاة، وأنه لولا ذلك لتم تمرير لائحة إسقاط الغنوشي؛ معتبراً أن «اللائحة سقطت؛ لكن الغنوشي فقد شرعيته بالنسبة لقطاع كبير من النواب والشعب».

«الدستوري الحر» يكشف عدد المؤيدين لسحب الثقة من رئيس البرلمان التونسي
الخميس30 يوليو 2020 
أكدت عبير موسي، رئيسة كتلة الحزب «الدستوري الحر» (معارض) في البرلمان التونسي، أمس، أنه تم تجميع 109 أصوات، لسحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب، راشد الغنوشي، موضحة أنهم يعملون من أجل جمع أكبر عدد ممكن من الأصوات، بحسب ما أورده موقع «الجمهورية» التونسي. وأقرت موسي خلال استضافتها أمس على إذاعة «شمس إف إم» أنه توجد حسبما يروج في الكواليس، 109 أصوات، لافتة النظر إلى أن أغلب النواب ملتزمون بالحضور، ومصرون على التصويت، وقالت بهذا الخصوص: «غداً (اليوم) سيكون يوم فرحة لكل التونسيين، وسيكون يوماً لتصحيح مسار المؤسسة الدستورية، والانطلاق في مرحلة جديدة»؛ مشددة على أن التغيير «واجب وطني بعد تأكد فشل المنظومة الحالية».

في المقابل، أفاد عبد اللطيف المكي، القيادي بحركة «النهضة» ووزير الصحة السابق، أمس، بأن لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي «لن تنجح خلال الجلسة البرلمانية التي ستنعقد الخميس». وقال المكي في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «ستُجرى غداً (اليوم) جلسة برلمانية، موضوعها لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان. والأكيد أن هذه اللائحة لن تنجح في سحب الثقة منه بإذن الله. ونحن لا نريد أن تنجح لأنها تغذي مناخات الصراع والتصادم،
وتجعل البلد هشاً أمام التدخلات الخارجية، في حين نسعى إلى خلق مناخات النقد النزيه، والتعاون والتقارب والاستفادة من الأخطاء، وتحصين البلاد ضد أي تدخل خارجي، وهي معانٍ تزيدها مناخات عيد الأضحى المبارك قوة وإلحاحاً».

وأضاف المكي متحدثاً عن دوافع الذين قدموا اللائحة لسحب الثقة من الغنوشي: «بعضهم ينطلق من تقييم أداء رئيس المجلس، وهذا من حقه؛ لكن من واجبه أن يبتعد بهذا الرأي عن الشبهات المختلفة التي تحوم الآن. ومنهم من ينطلق من ردة فعل على تطورات ملف الحكومة المستقيلة. وأعتقد بخصوص هذا الملف أن السياسة لا يجب أن تبنى على ردات الفعل وردود الفعل؛ بل على التعقل، والتقييم العميق لكل خطوة كشركاء في الوطن. وهؤلاء مطلوب منهم ألا يصوتوا غداً بسحب الثقة، تعبيراً منهم عن تمايزهم عن أولئك الذين يريدون إسقاط التجربة، وما الغنوشي إلا بداية بالنسبة لهم».

من جهة ثانية، أفادت وزارة حقوق الإنسان والعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، بأنها قامت باستصدار أذون قضائية لتعليق نشاط 29 حزباً تمادت في المخالفات، منها 12 حزباً تم رفع قضايا ضدها في الحل، ووجهت تنبيهاً إلى الأحزاب التي لم تقدم تقارير مراقبة حساباتها من سنة 2012 حتى سنة 2018، وفق ما يضبطه المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب.

وبينت الوزارة، في بلاغ لها أول من أمس، أن الأحزاب المعنية بهذا التنبيه لم تقدم كذلك تقارير سنوية إلى محكمة المحاسبات، يشمل وصفاً مفصلاً لمصادر تمويلها ونفقاتها بالنسبة لسنة 2018، وفقاً لأحكام الفصل 27 من المرسوم، مما يستوجب اتخاذ العقوبات المنصوص عليها بالفصل 28 من المرسوم ذاته، والذي ينص على التنبيه على الحزب في مرحلة أولى، ثم تعليق نشاط الحزب السياسي إذا لم تتم إزالة المخالفة لمدة لا تزيد عن 30 يوماً، وإذا لم يتدارك الحزب المخالفات التي ارتكبها يمكن المرور إلى «حل الحزب» عن طريق حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتونس، بطلب من الوزير الأول.