Date: Jul 14, 2020
Source: جريدة الشرق الأوسط
دعوة الراعي إلى «حياد لبنان» محور لقاء مرتقب مع رئيس الجمهورية
الراعي: أطلقت نداء حياد لبنان لخيره وخير مكوناته
بيروت: «الشرق الأوسط»
لا تزال مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الأخيرة تأخذ حيزاً من الاهتمام في لبنان، فيما يتوقع أن يعقد لقاء بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون في الساعات المقبلة، وذلك بعدما كان البطريرك قد وجه نداء مباشراً لعون داعياً إياه لفك الحصار عن الشرعية، ومطالباً الأمم المتحدة بإعلان «حياد لبنان».

وقالت مصادر رئاسة الجمهورية اللبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن الراعي سيزور رئيس الجمهورية غداً الأربعاء أو بعد غد الخميس لوضعه في خلفية وأسباب مواقفه «لا سيما تلك المتعلقة بـ(حياد لبنان)». وأشارت في الوقت عينه إلى أن اللقاء سيكون مناسبة «للتأكيد مرة جديدة على العلاقة المتينة بين الطرفين في وقت حاول فيه البعض اللعب على وتر الخلاف بينهما بالقول إن الراعي كان يستهدف الرئيس بكلامه وهو ما نفاه البطريرك».

وعن جدول أعمال اللقاء وعما إذا كان سيليه لقاء موسع، تقول المصادر: «لا جدول أعمال جاهزاً، ولا نعرف ما إذا كان لدى الراعي طرح عملي.

لكن لا شك أنه وعلى ضوء اللقاء ستقرر الخطوات اللاحقة».

وكان مقر البطريرك الصيفي في الديمان (شمال لبنان)، أمس، محطة لعدد من الشخصيات السياسية التي أثنت على مواقفه، في وقت قالت فيه مصادر مسيحية معارضة، لـ«الشرق الأوسط» إنه، ومع الترحيب الواسع بمواقف «بكركي»، لم يتم حتى الساعة البحث في لقاء مسيحي، عادّة في الوقت عينه أن أي طرح من هذا النوع يجب أن يكون وطنياً وألا يقتصر على طائفة دون أخرى، خصوصاً أن مواقف الراعي تلقى دعماً جامعاً وتأييداً من أطراف وشخصيات من مختلف الطوائف.

وزار الراعي أمس، وفد من «تكتل الجمهورية القوية»، موفداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ضم النائبين ماجد آدي أبي اللمع وعماد واكيم والوزيرة السابقة مي شدياق ورئيس مكتب التواصل مع المرجعيات الروحية أنطوان مراد.
وأكد الوفد «دعم (تكتل الجمهورية القوية) مواقف البطريرك الوطنية، لا سيما الأخيرة منها؛ والمتعلقة بضرورة تحرير الشرعية ومساعدة لبنان من الدول الصديقة وصولاً إلى حياده وبعده عن الصراعات والمحاور».

وقالت شدياق بعد اللقاء: «المواقف التي أطلقها البطريرك ليست جديدة عليه، ولكن في هذه المرحلة التي يمر بها لبنان شكلت مفصلاً نوعياً، لا سيما في مجال الحديث عن تحرير الشرعية وتوفير الدعم من الدول الصديقة وإعلان حياد لبنان ورفض رهن لبنان بمحاور خارجية». وفيما لفتت إلى أن الوفد نقل إلى الراعي «تأييد ومحبة جعجع»، أكدت أن هناك «حاجة استثنائية لإنقاذ استثنائي بهدف إنقاذ لبنان من هذه الدوامة المتمادية، لأنه تبين من خلال العلاجات الداخلية أنه ليس هناك من إرادات سليمة للالتزام بها».

وأضافت شدياق: «ربما كانت هناك في السابق مواقف لافتة لمجلس المطارنة في عام 2000، ولكننا نعتبر أن موقف البطريرك اليوم في عام 2020 سيكون نقطة تحول في المسيرة التي يشهدها لبنان حالياً».

أما النائب جان عبيد؛ فوصف مواقف الراعي بأنها «وطنية»، لا سيما لجهة الحياد والنأي بلبنان عن صراعات المحاور. وقال بعد زيارته البطريرك أمس: «كلام البطريرك الذي تحدث فيه عن حياد لبنان عن الصراعات والمحاور، هو عين الحكمة بذاتها. وهو دائماً السبّاق في حكمته، وهذا طبعاً لا يعني التساهل في قضية حقوق الشعب الفلسطيني ولبنان الحيادي هو لبنان الحضارة والانفتاح والرسالة والصيغة الميثاقية التي تميز بها لبنان منذ عام 1943 تخدم لبنان بإبعاده عن المحاور الإقليمية».

رسالة المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان: تلازم الإصلاحات والنأي بالنفس
الاثنين 13 يوليو 2020 
بيروت: محمد شقير

قالت مصادر دبلوماسية أوروبية وعربية إن مسؤولية تجاوز لبنان للحصار الذي أوقعه فيه «العهد القوي» وحكومة «مواجهة التحديات» برئاسة حسان دياب، تقع على عاتقهما، وباتت أمامهما فرصة لإعادته إلى الأسرة الدولية كعضو فاعل فيها لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يتدحرج بسرعة نحو الفوضى، وصولاً إلى المجهول، تتطلب منهما التقيّد بمضامين خريطة الطريق التي يطرح البطريرك الماروني بشارة الراعي تفاصيلها بدعم من الفاتيكان والمجتمع الدولي، ومن خلال الدول العربية القادرة على مساعدته للنهوض من أزماته.

ولفتت المصادر الدبلوماسية الأوروبية والعربية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن لبنان ليس متروكاً من الأسرة الدولية ليواجه منفرداً أزماته التي تطبق الحصار عليه، وقالت إن المشكلة تكمن في «العهد القوي» الذي يكاد يقترب سياسياً من نهايته ما لم يبادر إلى الأخذ بالنصائح الدولية والعربية التي أُسديت له، بدلاً من استمراره في اتباعه سياسة المكابرة من جهة، وفي تحامل دياب على عدد من الدول العربية في محاولة منه لتحميلها مسؤولية الحصار المفروض على الحكومة من جهة ثانية.

ورأت هذه المصادر أن النداء الذي وجّهه البطريرك الراعي يعبّر عن حصيلة الموقف السياسي ليس للفاتيكان فحسب، وإنما للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، وهذا ما سيسمعه رئيس الجمهورية ميشال عون ومعه رئيسا البرلمان نبيه بري والحكومة حسان دياب من وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان في زيارته المرتقبة هذا الأسبوع إلى بيروت. وقالت إن الراعي ينطق بلسان الأسرة الدولية والعدد الأكبر من الدول العربية.

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصدر بارز في السفارة المصرية في بيروت، بأن الرسالة التي حملها السفير ياسر علوي إلى الرئيس عون من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، جاءت رداً على رسالة تسلّمها الأخير منذ أسابيع من الرئيس اللبناني، مع أنه لم تُعرف الأسباب التي أملت على الرئاسة اللبنانية الإبقاء عليها طي الكتمان.

واللافت في رسالة الرئيس السيسي الجوابية إلى الرئيس عون، أنها تناولت أمرين أساسيين: الأول دعوة الأخير للإسراع في ترجمة رزمة من الإصلاحات المالية والإدارية المطلوبة إلى أفعال بدلاً من حصرها بالأقوال، باعتبار أنها الممر الإجباري للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي لوقف الانهيار المالي وتأمين تدفّق المخصّصات المنصوص عليها في مؤتمر «سيدر».

أما الأمر الثاني فيعود إلى أن هذه الإصلاحات في حاجة إلى إسناد من المجتمع الدولي لدعم المفاوضات الجارية بين الحكومة وصندوق النقد، وبالتالي فإن الإسناد الدولي لن يتحقق ما لم تبادر الحكومة إلى النأي بنفسها عن التجاذبات الإقليمية باعتبار أن انخراط لبنان وإقحامه في لعبة المحاور يشكّل العائق أمام تصحيح علاقاته العربية والدولية.

لذلك، تعتبر المصادر الدبلوماسية الأوروبية والعربية أن الحكومة باتت محشورة في الزاوية، وهذا ما ينسحب أيضاً على رئيس الجمهورية وأن تجاوز الخناق المفروض عليها يشترط منهما الإقرار بضرورة التلازم بين الإصلاحات المالية وبين العودة إلى اتباع سياسة النأي بالنفس التزاماً بما هو منصوص عليه في البيان الوزاري لأن تحييده عن الصراعات الدائرة في المنطقة يعتبر من بداية الإصلاحات السياسية المطلوبة منهما.

وتؤكد المصادر أن لا مفر من الالتزام بمبدأ التلازم بين مسار الإصلاحات وبين التقيُّد عملياً بمسار النأي بالنفس، وتقول إنه لم يعد في مقدور الحكومة القفز فوق الوصفة الدولية التي أُعطيت له والتي تُعتبر بمثابة دفتر شروط دولي وإقليمي ليس لعودة لبنان إلى الأسرة الدولية، وإنما للإفراج عن المساعدات التي لا تزال موضوعة في حجر سياسي بقرار دولي.

وتعتقد بأن الإصلاحات السياسية المطلوبة من لبنان تشمل انكفاء «حزب الله» إلى الداخل وعدم استخدام الساحة الداخلية منصة لتمرير رسائل التهديد الإيرانية إلى الدول العربية لزعزعة استقرارها والتدخّل في شؤونها، وتؤكد أنها تشمل أيضاً الالتفات إلى وضع استراتيجية دفاعية لضبط فلتان السلاح ووقف كل أشكال التهريب عبر الحدود إلى سورية وإقفال الممرات التي يستخدمها «حزب الله» لنقل السلاح والمقاتلين إلى الداخل السوري.

وعليه، فإن الكرة الآن في مرمى الحكومة و«العهد القوي» فهل يتجاوبان مع الشروط الدولية لإنقاذ لبنان ومنع انهياره أم أن لديهما بدائل أخرى ليست مرئية؟

الراعي: أطلقت نداء حياد لبنان لخيره وخير مكوناته
أكد أن اللبنانيين لا يريدون أن يعزلهم أي طرف

الاثنين 13 يوليو 2020 
بيروت: «الشرق الأوسط»

أوضح البطريرك الماروني بشارة الراعي أن نداءه الأسبوع الماضي إلى الأسرة الدولية لتأكيد حياد لبنان كان من أجل خير البلاد وخير جميع مكوناته، داعياً لتكون ذكرى مئوية إعلان الدولة نقطة انطلاق نحو هذا الحياد، مشيراً إلى أن اللبنانيين لا يريدون أن يتفرّد أي طرف بتقرير مصيرهم ويعزلهم وينقلهم من رقي إلى تخلف.


وفي عظة الأحد قال الراعي: «من أجل حماية لبنان ورسالته من أخطار التطورات السياسية والعسكرية المتسارعة في المنطقة، ومن أجل تجنب الانخراط في سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، والحؤول دون تدخل الخارج في شؤون لبنان، وحرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، وفتح آفاق واعدة لشبانه وشاباته، والتزاماً منه بقرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة، والمطالبة بانسحاب الجيش الإسرائيلي من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر، وبتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، أطلقت النداء، في عظة الأحد الماضي، إلى الأسرة الدولية لإعلان حياد لبنان، من أجل خيره وخير جميع مكوناته والأهداف التي ذكرت».


وأضاف: «لقد فعلت ذلك بالأمانة لرسالة هذا الصرح البطريركي، الذي يضع نصب عينيه كل اللبنانيين دونما تمييز أو إقصاء، وكان له دور ريادي في المحطتين السابقتين من حياة لبنان: الأولى، إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920، في عهد المكرم البطريرك إلياس الحويك، والثانية إعلان استقلاله الناجز في سنة 1943 في عهد البطريرك أنطون عريضة». وأكد أن «لا بد من البلوغ إلى المحطة الثالثة والنهائية، وهي حياده. فتكون الذكرى المئوية الأولى نقطة انطلاق نحو حياد لبنان ودوره الجديد الفاعل».

وأثنى الراعي على «التأييد الكبير لموضوع الحياد، من مرجعيات وقيادات وأحزاب وشخصيات وشعب، من مختلف الطوائف والمواقع»، مؤكداً أن «كل هذا يعني أن اللبنانيين يريدون الخروج من معاناة التفرد والجمود والإهمال. يريدون شركة ومحبة للعمل معاً من أجل إنقاذ لبنان وأجياله الطالعة. يريدون مواقف جريئة تخلص البلاد، لا تصفية حسابات صغيرة. يريدون دولة حرة تنطق باسم الشعب، وتعود إليه في القرارات المصيرية، لا دولة تتنازل عن قرارها وسيادتها أكان تجاه الداخل أم تجاه الخارج، لا يريدون أن يتفرد أي طرف بتقرير مصير لبنان، بشعبه وأرضه وحدوده وهويته وصيغته ونظامه واقتصاده وثقافته وحضارته، بعدما تجذرت في المائة سنة الأولى من عمره».

وأضاف: «كما يرفضون أن تعبث أي أكثرية شعبية أو نيابية بالدستور والميثاق والقانون، وبنموذج لبنان الحضاري، وأن تعزله عن أشقائه وأصدقائه من الدول والشعوب، وأن تنقله من وفرة إلى عوز، ومن ازدهار إلى تراجع ومن رقي إلى تخلف».