Date: Jul 14, 2020
Source: جريدة الشرق الأوسط
تبون يستبعد البقاء رئيساً للجزائر فترة ثانية
سخط إعلامي بعد التلويح بإغلاق صحيفة كبيرة
الجزائر: بوعلام غمراسة
أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أنه لا يخطط للبقاء في السلطة، مشيراً إلى أنه يتعين توفر شروط أخرى حتى يفكر في الترشح لعهدة ثانية.

وانتخب تبون رئيساً للجزائر في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لولاية رئاسية مدتها خمس سنوات، خلفاً لعبد العزيز بوتفليقة الذي استقال مطلع أبريل (نيسان) 2019 تحت ضغط حراك الشارع وقيادة الجيش.

وقال تبون، في حوار لصحيفة «لوبينيون» الفرنسية نشرته (أمس الاثنين): «أنا أعارض الخطة الكلاسيكية، وتعهدت بعدم إنشاء حزب سياسي. ومع ذلك، أحتاج إلى قاعدة شعبية لأتمكن من تطبيق برنامجي الرئاسي». وتابع: «من حيث المبدأ، تم انتخابي لفترة واحدة، وبحلول نهاية هذه الولاية، آمل أن أحصل على وضع سلمي يتم فيه حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية جزئياً. إنه انتقال دون تسميته. يجب أن تكون هناك شروط أخرى لكي أفكر في ترشح جديد».

ورجّح تبون اتخاذ مزيد من إجراءات التهدئة والإفراج عن معتقلي الحراك الشعبي المسجونين، كما لفت إلى أهمية المعارضة والمجتمع المدني، غير أنه شدد على أن المعارضة يجب ألا تتم عن طريق الشتم والإهانة والدعوة إلى الانتفاضة. وأشار تبون إلى أنه يطمح إلى تحقيق دستور توافقي ودائم يحدد سلطات رئيس الدولة، ولا يسمح بالتلاعب بالنصوص من أجل الخلود في السلطة أو خدمة أغراض شخصية. ونوّه بأن الدستور الجديد سيضع حداً لانحرافات الماضي من خلال الحد من دور الرئيس وتعزيز الدور الرقابي للبرلمان على السلطة التنفيذية. كما سيتم تعزيز الحريات العامة.

في سياق متصل، بدأ جنرال متقاعد ومسؤول سابق بوزارة الدفاع الجزائرية، أمس، إضراباً عن الطعام داخل سجنه، احتجاجاً على تصنيف تهمة ضده «جناية»، يقول إنه بريء منها، في حين يطالب دفاعه بمعاملته على غرار عديد من النشطاء السياسيين ممن وجهت لهم التهمة نفسها.

وقال خالد بورايو، محامي اللواء علي غديري مدير الموظفين سابقاً بوزارة الدفاع سابقاً، لـ«الشرق الأوسط»، إن موكله «مضطر لخوض معركة الأمعاء الخاوية لإسماع صوته إلى السلطات العليا، فهو بريء من تهمة إضعاف معنويات الجيش التي ألصقت به، كما أنه يتوفر على جميع شروط الاستفادة من إفراج مؤقت، غير أن غرفة الاتهام بمجلس قضاء الجزائر العاصمة (محكمة الاستئناف) رفضت طلبنا بهذا الخصوص، للمرة الثالثة». ويوجد غديري (65 سنة) في الحبس الاحتياطي منذ يونيو (حزيران) 2019، وقد اعتقل لأسباب غامضة. ويقول محاموه إن رئيس أركان الجيش سابقاً الفريق أحمد قايد صالح، المتوفى نهاية العام الماضي، هو من يقف وراء اعتقاله بحجة أنه «بلغه أنه هاجمه في مجالس خاصة». واتهمته النيابة بـ«الخيانة والجوسسة لفائدة قوى أجنبية» و«محاولة إضعاف معنويات الجيش». وأوضح أحد محامي غديري، أن التهمة الأولى مرتبطة بلقاء جمعه بدبلوماسيين غربيين يشتغلون بالجزائر، عشية انتخابات الرئاسة التي كانت مقررة في 18 أبريل 2019 وألغيت، وجرى في الاجتماع حديث عن الاستثمارات الأجنبية في الجزائر، والمشكلات المالية التي تواجه البلاد بعد تراجع أسعار النفط وانخفاض الإنتاج، بحسب المحامي نفسه. يشار إلى أن غديري ترشح لهذه الانتخابات التي شهدت أيضاً ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. وكان قايد صالح قد عارض بشدة ترشح غديري، بدافع ولائه السياسي لبوتفليقة؛ لكن بعد أن انتفض الشارع ضده، انقلب موقفه وطالبه بالتنحي في اجتماع شهير للقيادة العليا للجيش، عقد في 2 أبريل من العام الماضي، وأعلن بوتفليقة استقالته في اليوم نفسه.

وأكد بورايو أن غرفة الاتهام أزالت يوم العاشر من الشهر الماضي، تهمة «الخيانة والجوسسة» من ملف غديري؛ لكنها أبقت على التهمة الثانية.

وأضاف المحامي مستغرباً: «السيد غديري مقتنع بأن سبب سجنه هو إصراره على خوض المعترك الانتخابي، بينما جهات في السلطة كانت رفضت ذلك بشدة. ثم هل يعقل أن يسيء للمؤسسة العسكرية التي يربطه بها ولاء شديد؟ هل من المنطقي أن يعمل ضابط كبير ومسؤول بارز سابق في وزارة الدفاع، على إحباط معنويات الأفراد العسكريين؟ هذا غير معقول، ولا يمكن للجهة التي تتهمه أن تثبته بالدليل». وأضاف: «على عكس عديد ممن يشتركون مع غديري في التهمة، وحاكمهم القضاء في مادة الجنح، قررت غرفة الاتهام عرض الملف على محكمة الجنايات!».

وكان غديري، قد أشاد في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، نشرت في 4 أبريل 2019، بموقف المؤسسة العسكرية من رفض الشارع استمرار بوتفليقة في الحكم، فقال: «لا يجب الخلط بين الدولة والنظام. الدولة لديها مؤسسات، ومنها الجيش الوطني الشعبي. الجيش ليس ميليشيا، وهو في خدمة الأمة والشعب والدولة. لا أقول هذا مجاملة؛ بل هذا هو الواقع. لو لم يكن الجيش كذلك لتركوهم (المحيطون ببوتفليقة) يفعلون بالبلد ما يشاءون، ويذهبون إلى عهدة خامسة، وربما عهدة أبدية».

وأعادت مؤسسة الجيش، بمناسبة احتفالات الاستقلال (5 يوليو «تموز»)، الاعتبار للجنرال حسين بن حديد الذي سجنه قايد صالح، حسب محاميه، وذلك لمدة سنة تقريباً، بسبب مقال نشره في صحيفة محلية، يدعوه فيه إلى «التوقف عن دعم بوتفليقة». وألغى قائد الجيش الحالي اللواء سعيد شنقريحة التهم ضده، وشوهد وهو يستقبله في منشأة عسكرية تابعة لوزارة الدفاع.

سخط إعلامي بعد التلويح بإغلاق صحيفة كبيرة
الأحد 12 يوليو 2020 
استنكر عشرات الصحافيين الجزائريين «مضايقات تمارسها السلطة ضد الإعلام»، تجلت في حجب مواقع إلكترونية إخبارية وسجن ومتابعة صحافيين قضائياً وأمنياً بسبب نشاطهم المهني. وكان وزير الإعلام عمار بلحيمر، هدد أول من أمس، صحيفة «ليبرتيه» الخاصة بإغلاقها بعد أن اتهمها بـ«التهويل» بخصوص مواد إعلامية حول أزمة كورونا.

وأعد صحافيون ينتمون لغالبية المؤسسات الإعلامية الخاصة، لائحة أمس، ضمت عدداً كبيراً من الأسماء، موجهة لسلطات البلاد، جاء فيها أن «التهديد بمعاقبة صحيفة ليبرتيه (مملوكة لرجل أعمال كبير علاقته متوترة بالسلطة)، يعد استمراراً لسياسة إغلاق محكمة لقطاع الإعلام في البلاد، تنتهجها وزارة الإعلام منذ عدة أشهر، وتتمثل في حظر كل الأصوات المخالفة للسلطة، وذلك في وسائل الإعلام الحكومية، فضلاً عن الضغوط ضد وسائل الإعلام المستقلة عن الحكومة، وسجن وملاحقة صحافيين قضائياً».

وذكرت اللائحة اسم الصحفي السجين خالد درارني مراقب منظمة «مراسلون بلا حدود»، الموجود بالحبس الاحتياطي منذ 4 أشهر بتهمة «المس بالوحدة الوطنية»، وقد اعتقل عندما كان بصدد تغطية مظاهرة معارضة للسلطة بالعاصمة. كما ذكرت ثلاثة صحافيين من جريدة «الصوت الآخر»، وضعهم القضاء تحت الرقابة القضائية بسبب نشر مادة حول «كورونا»، عدت من طرف النيابة «تهويلاً وتشويهاً للحقيقة». وضمت الوثيقة صحفاً إلكترونية، كلها ناطقة بالفرنسية، تم حجبها من طرف السلطات على أساس أنها «تنشر أخباراً كاذبة». وقال قاضي إحسان مدير موقع «ماغراب إيمارجان» (المغرب الكبير الناشئ)، الذي تعرض للحجب، إن سبب التضييق عليه، مقال كتبه تناول بالنقد 100 يوم من حكم الرئيس عبد المجيد تبَون، وكان ذلك بنهاية مارس (آذار) الماضي.

ودعا أصحاب اللائحة، الحكومة إلى «مراجعة سياستها القمعية التي تطال حرية الصحافة»، وإلى «إطلاق حوار مع مهنيي القطاع». وشددوا على أن «الرقابة والحجب والإقصاء، لن يُخيفنا بل يزيدنا عزماً وإصراراً على فكّ القيود التي تعيق مهنتنا وإعطاء الصحافة الجزائرية المركز الذي يليق بها، كفاعل أساسي في التغيير من خلال ضمان حقّ المواطن في المعلومة».

وأصدر وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة، عمار بلحيمر وهو من قدامى الصحافيين، بياناً أول من أمس، حذر فيه من «التضليل الإعلامي وخطاب التهويل لبعض وسائل الإعلام، في إطار معالجة المعلومات المتعلقة بوباء فيروس كورونا». وخص البيان «ليبرتيه» بالذكر، بعد أن نشرت في اليوم نفسه، ثلاث صفحات حول كورونا، تناولت فيها أوضاع المستشفيات الكارثية وارتفاع عدد الموتى جراء الإصابة بكورونا. وعنونت صفحتها الأولى بـ«الاعتراف بالفشل»، وفهم منه أن الحكومة تعترف بعجزها عن مواجهة الأزمة، وهو ما أثار حفيظة بلحيمر الذي هدد بمتابعة الصحيفة قضائياً، بموجب قانون يتعلق بتسيير الأزمات، يتضمن عقوبة السجن بتهمة «التهويل بغرض زرع الفوضى».

وكتب أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر العاصمة، رضوان بوجمعة أن تهديدات بلحيمر «تبين استمرار سياسة التسيير الإداري والأمني للإعلام، وهي سياسة ستزيد من تدمير مصداقية أجهزة الإعلام الجزائرية التي غرقت في الدعاية والتضليل، والتي تعتبر أحد أهم عوامل تهديد الأمن القومي، لأن مواجهة وباء كورونا وكل تهديد يمس كيان الأمة يتم بشفافية، وبوجود منظومة إعلامية مهنية وقوية تكون لها مصداقية لدى الجمهور، وبنخب سياسية تحترم الأخلاقيات السياسية ولا تمارس الكذب والتضليل ولا تحتقر الشعب، ومنظومة إعلامية تبحث عن الأخبار وتنشرها دون رقيب ولا رقابة». وأضاف: «الشفافية هي القطيعة مع الضبابية ومع التسيير الإداري والأمني للقضايا، الذي أنتج فساداً شاملاً تورطت كل رموز السلطة فيه وكثير منهم في السجون، وبعضهم الآخر يريد استمرار سياسة التكتم والضبابية بممارسة التخويف والتخوين والتضليل، بأجهزة إعلامية يملكها المال الفاسد والأوليغارشيا منذ تسعينات القرن إلى اليوم».